الخميس، 2 أبريل 2020

جزء من قضية "شارلوكيان"

نستعرض في هذا البوست صفحات من القضية الثانية من رواية "قصر الدم وقضايا أخرى" وعنوانها: شارلوكيّان.
القضية التي ظهرت فيها لأول مرة (كريس فينيارد) على خط الأحداث والتي شهدت مجموعة من الجرائم المرعبة للغاية في قرية جبلية. في تلك القضية تشارك هيرشار وكريس التحقيق بينما تبيّن له أنّ كريس تخفي بعض الأمور.
من القضية:
."
"لو-سمحتم..." قالت آيرين ببطء وخوف.
"هل-هل..هناك..شخص مغطى وجهه بالضمادات في الجوار؟."
نظروا لبعضهم البعض
قالت يارا:
"م-ماذا؟!..لا، لا أحد هنا هكذا."
"من هذا؟." قال ميخائيل
"لا نعلم..." قالت ماريا..."لقد رأيناه على الجسر عند قدومنا...ثم ركض باتجاه الغابة.."
كان الجميع يقفون في المدخل..على اليمين كان هناك درج يفضي للطوابق العليا..بينما وجدت طاولة إلى الأمام أشبه بالاستقبال..
"حسنا..يبدو أنه فندق فعلا." قال هيرشار لنفسه
" حسنا..لا وجود لشخص كهذا هنا..لكن توجد أسطورة متعلقة بالأمر." قال ميخائيل
"أسطورة؟." سألت ماريا بينما تقدم الجميع وجلسوا على الكنب المقابلة للاستقبال.
"نعم." ووضع ميخائيل ساقا على ساق..جلست لوريا بجواره..في حين جلست آيرين وماريا وكريس مقابلهما..بينما وقف هيرشار ويارا بجوار مجموعة آيرين وينظرون إلى ميخائيل...أما إسحق فوقف بجوار لوريا.
"إن كنتم لا تعلمون فهذا المكان كان ومازال قرية من قرى هذه الدولة..وكانت هذه القرية في السابق محافظة للغاية..وكانت الفتيات ممنوعات من الخروج من المنازل لوحدهن.." ووضع يده اليمنى على كتف لوريا التي جلست على يمينه..
"إلى أن جاء اليوم الذي حصلت فيه المأساة." وكان يتعمد جعل نبرة صوته مرعبة.
"مأساة؟." سأل هيرشار..وفجأة أبرق المكان ثم سمعوا صوت رعد..أتبع الأمر سقوط المطر..
"أوه..إنها تمطر." قالت آيرين
"لم يصل سيمون وكلوديا بعد!." قالت يارا ونظرت إلى الساعة التي أشارت إلى الخامسة.
"هل اتصلت بهما؟." سألت ماريا أختها
"نعم..لكن لم يجيبا."
"ربما يقومان بالمشي تحت المطر..فكلاهما رومانسي." قال ميخائيل ساخرا بينما تثائب إسحق.
"أوه..لم لا نخرج نحن أيضا؟." قالت لوريا ووضعت رأسها على صدره.
"في المساء يا حبيبتي."
"وبعد؟...لم تكمل عن المأساة." سأل هيرشار
"آ-آه..ما أعرفه هو..." ونظر إلى يارا
"لم لا تكملي أنت؟."
نظر هيرشار والجميع إليها
"آ-آه..حسنا.."
وأرعدت من جديد فصرخت آيرين وماريا متفاجئتين.
"إنّ الأمر مجرد أسطورة تناقلها الناس هنا منذ سنوات..لا أحد متأكد من مدى صحتها."
"على أي حال...يقولون أن رجلا من المدينة جاء إلى القرية..وكان عطشا..وكانت هناك فتاة جميلة تقوم بتعبئة الماء من بئر في القرية..فقامت بإعطائه الماء ليشرب..فشكرها ووقعا في حب بعضهما البعض..ولأنّ الحب لا تستطيع السيطرة عليه.." وسكتت بينما أرعدت من جديد.
"أصبحت الفتاة تخرج من المنزل كثيرا لرؤيته..وانتشرت الأقاويل حول الأمر..إلى أن جاء اليوم الذي عثر فيه على الفتاة جثة مقطعة إلى قطع في الغابة..وكان أمرا مفاجئا وصاعقا."
أجفل الجميع
"م-مقطعة؟!." قالت آيرين وماريا مرعوبتان
أومأت يارا بينما أبرقت من جديد..
"انتشرت الأقاويل بعدها أن شخصا يضع الضمادات على وجهه قام بفعلها انتقاما لشرف القرية المحافظ..لم يكن للفتاة أي أخ ووالدها كان متوفى..وهناك أقاويل أخرى تحدثت أنّ الشاب نفسه من قتلها لأنه لم يظهر بعدها."
"وما الذي جعل الأمر أسطورة؟." قال هيرشار
"حسنا..كبار السن في القرية كانوا يسردون الرواية دائما لمنع الفتيات من ارتكاب ما حصل مع الفتاة..كانوا يحذرون الفتيات أنه سواء أكان شخص يغار على شرف القرية أو الشاب نفسه..فعليهنّ عدم القيام بمثل هذه الأمور."
"هيه..أسطورة غبية." قال هيرشار لنفسه
سمعوا طرقا على الباب فتوجهت يارا لتقوم بفتحه وهي تقول:
"يبدو أن سيمون وكلوديا قد وصلا."
بينما قالت آيرين لكريس وهي تنظر إليها:
"ك-كريس..آسفة على التدخل، لكن لم أنت منشغلة كثيرا بهاتفك؟..لماذا لا تشاركينا؟."
"آ-آه..آسفة." وأزالت السماعات..بينما نظر هيرشار باتجاهها.."كنت أبحث عن شخ-..أعني شيء." وابتسمت
"هل أنا مخطىء؟...أم أنها كانت على وشك قول شخص؟." قال هيرشار لنفسه
انفتح الباب ودخل سيمون وكلوديا..
كان سيمون ببشرة بيضاء وشعر بني طويل..وسيم الملامح وبمعالم أنثوية، كان يرتدي كنزة زرقاء على بنطال جينز..في حين كلوديا ارتدت بدلة نسائية بيضاء بتنورة..كان من الواضح أنهما نالا حصتيهما من التبلل بالمطر.
"لماذا تأخرتما؟." قالت يارا
"آه، كنا نتمشى." قالت كلوديا وهي تمسك منشفة وتجفف نفسها..ثم دخلا إلى حيث جلس الجميع.
"حسنا..اكتمل الجميع..أجزم أنكم بحاجة لراحة، لم لا تتوجهوا إلى غرفكم؟." وصفقت يارا
"فكرة جيدة." قال ميخائيل
ونهض الجميع..
"حسنا..لدينا تسعة أشخاص..وهناك عدد كاف من الغرف..هناك غرفة بثلاثة أسرة إن أردتنّ ماريا." قالت يارا ونظرت إلى آيرين وماريا وكريس
"فكرة جيدة." قالت ماريا
"آ-آسفة..هل لي بغرفة منفصلة؟." قالت كريس فأجفلت ماريا وآيرين
"ل-لا بأس." قالت يارا
"إذن، في الطابق الثاني..غرفة بسريرين لماريا وآيرين..وغرفة بسرير لكريس."
"وغرفة بسريرين لكلوديا ولوريا؟..أم هناك مانع؟."
"لا." قالتا معا
"والطابق الثالث سيكون للرجال..هل تمانعون غرفا بسريرين؟."
"لا" قال ميخائيل
"وأنا لا أمانع، لكنني أفضل لوحدي." قال إسحق
"أفضل البقاء لوحدي." قال سيمون

**************

جلست آيرين وماريا كل منهما على سرير في الغرفة التي أخذتاها..كانت غرفة بسريرين ونافذة ومنضدتين وطاولة بمرآة.
"تلك ال كريس!..لماذا تحب الانعزال؟." قالت ماريا ساخطة
"لا بأس..إنها جديدة ولم تتعرف علينا بعد." ونظرت آيرين التي كان سريرها الأقرب للنافذة والأبعد عن الباب إلى النافذة...كان المطر مازال ينهمر.
"لكن!."
"أنت مخطئة بدعوتها باكرا."
"ر-ربما..لكنني أردت لفريقنا أن يكتمل." وضحكت ساخرة
"يكتمل؟!..وكيف سيكتمل بوجودها؟...وعن أي فريق تتحدثين؟."
"فريقنا!..أنا وأنت وهيرشار...لكن معك حق..ربما.." ونظرت ماريا إلى السقف..
"كان يجب أن يكون شابا."
"هاه؟..لا أفهمك."
فنظرت ماريا إليها ساخرة وقالت:
"لا داعي لأن تفهمي..انسي الأمر." وضحكت
بينما نظرت إليها آيرين رافعة حاجبيها
"شاب يكون معي فيكمل فريقك مع هيرشار." قالت ماريا لنفسها بينما كانت تنظر إلى الباب..

******************

وقف هيرشار أمام باب غرفة كريس..كان قد تردد لكنّه أراد الحديث معها..توتّر من حقيقة أنه ربما تسمع آيرين بالأمر فتفهم الأمر خاطئا..لكن فضوله كان أقوى.
طرق الباب منتظرا..بينما نظر حوله في الممر..كانت الغرفة رقمها ثلاثة وأربعون وعلى يمينها غرفة كلوديا والتي رقمها اثنان وأربعون..بينما كانت على يمين غرفة كلوديا الغرفة التي أخذتها ماريا وآيرين..
انفتح الباب وأجفل هيرشار واحمر وجهه بينما رأى كريس ترتدي حمالة صدر رياضية على بنطالها ذاته.
"أ-أوي!." هتف بها فأجفلت وأقفلت الباب ثم فتحته من جديد وهي ترتدي قميصها الأحمر من جديد..كانت وجنتاها متوردتين خجلا.
"آ-آسف." بادر هيرشار
"ل-لا بأس..كنت المخطئة بافتراض أن فتاة فقط من ستطرق الباب علي."
نظر هيرشار إليها وقد توتر..
"ه-هل لي أن أتحدث معك في موضوع؟."
نظرت إليه مليا
"أهو هام؟."
"ن-نوعا ما." وأحس أنها قد فهمت الأمر ربما خطأ
"إذن..تفضل بالدخول.." وعندما شاهدت تردده قالت مردفة:
"أم أنك تخشى أن تعرف فتاتك بالأمر؟."
"ف-فتاتي؟!." وتوردت وجنتاه
"أليس الأمر هكذا؟..مع تلك الفتاة التي اسمها آيرين؟."
تلعثم هيرشار واحمرّ وجهه كليا..
"لي-ليس كليا."
أفسحت له المجال وفي نفس الوقت سبقته إلى الداخل وجلست على السرير..الغرفة كانت نسخة طبق الأصل عن غرفة ماريا وآيرين مع اختلاف أن هنا يوجد سرير واحد فقط..
مشى هيرشار نحو النافذة تاركا ظهره لها..توقف أمام النافذة..مازالت السماء تمطر.
"لم كذبت علينا؟." قال من دون أن يستدير
"كذبت؟." ونظرت إلى يسارها إليه
"أنت قلت أنك عشت في أمريكا.." وسكت قليلا..
"لكن، أليست الحقيقة...بريطانيا؟." واستدار مستندا إلى النافذة
لم تعلق..اكتفت بالنظر إليه
"قبل قليل لاحظتها فقط..أنت حين صعدنا إلى الغرفة تحدثت عن طابقك قائلة.."
"فلنذهب إذن إلى الطابق الأول."
توقفت عن العبث بهاتفها..انتبهت إليه
ابتسم هيرشار..
"في الواقع، نحن هنا كالأمريكان..نقول عن الطوابق، الذي يقابل الشارع الأول ثم الثاني ثم الثالث..بينما في بريطانيا يسمون الطابق الذي على مستوى الشارع بالطابق الأرضي..لذلك اعتبرت نفسك في الطابق الأول."
وابتسم حين رأى نظرتها..
"هل أخطأت؟." وابتسم من جديد
"حسنا.." لم تنظر إليه، بل نظرت إلى هاتفها
"لم أكذب كليا..عشت في كلا الدولتين."
"أوه..حقا؟."
لكنها لم تجب
"هل هذا فقط ما أردت قوله؟." ونظرت إليه
هز هيرشار كتفيه..
"أنا فضولي ولم أحب أن يمرّ أمامي شيء غامض ولا أفهمه." ثم مشى باتجاه الباب.
"أعلم أنك فضولي..مثلي تماما."
توقف عن السير أمام الباب..أدار وجهه ونظر إليها:
"على ذكر الفضول..ربما لا شأن لي بهذا..لكن.."
رفعت رأسها ونظرت إليه
"أنت..هل هناك ما يقلقك أو ما تبحثين عنه؟."
أخفضت رأسها
"لماذا؟." كان صوتها رتيبا
"لا أعلم..تحدثت عن أنك تبحثين عن.." وسكت قليلا.."شيء." لم يرد قول ما اعتقد أنها قالته (شخص) "كما تستعملين هاتفك بكثرة."
ابتسمت
"لا شيء من هذا."
وحين مرّت دقيقة لم تضف فيها شيئا..فتح هيرشار الباب..
"أخبرني.."
توقف وأدار وجهه
"هل تعرف..." ورفعت هاتفها ثم ترددت..أخفضته من جديد..
"انس الأمر."
نظر هيرشار إليها مليا..ثم آثر عدم التدخل..فخرج مقفلا الباب خلفه.

*********************

كانا يجلسان معا..في غرفة لوحدهما..
"أوي..أنت..أيعقل أنك؟."
نظر الآخر إليه مبتسما
"آه..فعلتها."
"حقا؟..ولم إذن؟."
"لم يكن هناك خيار آخر." وغمز
"إذن..لو كانت هنا..أنت.."
"آه..للأسف..لم تكن قادرة على رؤية الأمر."
ثم صمتا..
بينما كان هناك..من سمع هذا الحوار..

*********************

خرجت من الحمام تضع منشفة حول جسدها..
"حسنا..إنني جاهزة." قالت بإغواء وتقدمت..
كان يحمل الكأس في يده..ابتسم..
انطفأت الأضواء فجأة..
"م-ماذا؟." قالت خائفة
ونظرت حولها..شعرت بالهواء البارد يتسرب في الغرفة فازداد خوفها..
"ل-لحظة..لم لا تقترب مني؟." قالت مرعوبة
نظرت حولها واعتادت عيناها الظلام..نظرت حولها وتهيّأ لها أنّه..متمدد؟..نائم؟.
شعرت بشعور غريب...شخص ما..شخص ما يوجد خلفها..
استدارت مرعوبة..
ولأنّ عيناها اعتادت الظلام..رأتها..
الضمادات التي تلف الوجه المرعب..كانت بيضاء كالشبح.
أرادت الصراخ..لكنها شعرت أنّ صوتها اختفى من الرعب..لسانها لم يعد قادرا على النطق بشيء..شعرت باليد على فمها..لتشعر بعدها بالشيء الحاد القاتل يخترق قلبها..
عجزت عن الحركة وعن الصراخ..فقط اتسعت عيناها رعبا..
وتمنت أمنية واحدة..لو أنها تستطيع إزالة الضمادات عن الوجه الذي أمامها..
سقطت أرضا على ظهرها..وأدركت أن حياتها..انتهت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق