السبت، 18 أبريل 2020

الهروب من رواية "الشيطان"

نستعرض في هذا البوست صفحات من الجزء الثالث والأخير من الرواية الرابعة "الشيطان" وعنوانه الهروب
بعد انتهاء الجزء الثاني كان الجميع بما فيهم هيرشار يتطلع نحو المستقبل لكن..كان اعتقادهم خاطئا وكانت القضية لم تنتهي بعد واكتشفوا هذا حين هرب رأس الأفعى من زنزانته وبينما كانوا يبحثون عنه ليعيدوه إلى السجن..تبيّن لهم أنّه ليس رأس الأفعى الحقيقي وأنّ هناك أمورا أخرى لم يتمّ اكتشافها في هذه القضية.

من صفحات هذا الجزء:
جلس هيرشار بملابس النوم من كنزة بيضاء وبنطال رياضي أسود على كرسيّ مكتبه...تنهّد وهو يتذكّر القضيّة السابقة..نعم، كان أمرا خطيرا..قضيّة صعبة، لكن بالرغم من كلّ شيء كان سعيدا.
النهاية كانت كما أراد..وتعرّف على أناس أكفياء رائعين مثل ليسّا وشينكاي والأهمّ..آيرين..لقد كان مهموما من أجلها..كان عليه أن يجعلها تواجه الصدمة بالرغم من أنّه موجود..هل كانت جملة شارلوك هولمز الشهيرة.. 
"المشاعر مناقضة للاستنتاج المنطقي."
هل كانت السبب؟ أم أنّه أراد أن يتأكّد من إلقاء القبض على أوكنان؟ لقد كان قرارا صعبا وما أكثر القرارات الصعبة في الحياة..نهض وذهب إلى المطبخ وشرب كأسين من الماء..كان عطشا..تنهّد..لقد انتهى الأمر.
أو هذا ما اعتقده على الأقل!.

************

الساعة الحادية عشر مساء..في ليلة شتويّة باردة من دون مطر..قادت سيّارتها البورش الزرقاء منطلقة، ضوء السيّارة الأمامي والخلفي هو من يشعل الطريق بالنور..زادت سرعة السيّارة إلى مئة كيلومتر في الساعة.
عند الحادية عشر والربع..كانت تقف أمام مبنى محاط بأسياج..أطفأت السيّارة وأنوارها..ثمّ ترجّلت منها ببطء ووقفت بجانبها، بطولها المئة وسبعين سنتمترا وعينيها الخضراوتين الواسعتين، وشعرها الأزرق اللون والقصير بحيث يصل إلى رقبتها..قوامها ممشوق وصدرها المكتنز، ارتدت لاتكس أسود ووضعت مسدّس عند خصرها الأيمن..نظرت إلى المبنى وقرّرت المضيّ قدما في ما جاءت من أجله.
مشت ببطء وهي ملتصقة بالجدار إلى أن وصلت إلى نهايته..وقفت قليلا ثمّ اختلست النظر من الزاوية إلى اليمين ورأته يتثاءب وهو يجلس في غرفته الصغيرة..كان حارس هذا المبنى.
مبنى يحوي زنازين لمساجين من شتّى الأنواع، والجنائية خاصة..ابتسمت مع نفسها حين رأته مرّة أخرى بوضوح أكبر..حارس نحيل ذو وجه متعب من الحراسة.
مشت في الظلمة بعدما انحنت يمينا وسارت باتّجاهه، لم يرها فالضوء كان يعكس الجهة البعيدة..مشت وتقدّمت ثمّ وقفت أمام باب غرفته..كان يصنع لنفسه فنجان قهوة من آلة حديثة ثم عاد وجلس على كرسيّه..لم ينتبه بعد..لحظات فقط وامتلأت غرفته بدخّان ففزع، نهض ونظر حوله فلم ير إلا دخانا..ليسقط بعد لحظات على الأرض مغشيّا عليه.
دخلت وقد وضعت كمّامة ونظرت حولها في الغرفة..رأت المفاتيح معلّقة فأخذتهم وخرجت منها ثمّ التفتت إليه ممدّدا على الأرض.
“ Good Night.”
تأكّدت من كلّ شيء..لم تسجّل الكاميرا شيئا.

********************

عاد هيرشار إلى كرسيّه وحدّق في الفراغ..إنّه لوحده في المنزل..منذ متى؟ والده ووالدته بعيدان.
تنهّد..وقطع عليه الأمر صوت الهاتف فرفع سمّاعة الهاتف.
"هيرشار." بصوت رقيق عذب يكشف مشاعرها.
"آيرين..ما الأمر؟." كان وقت المكالمة غريبا.
"أنت هنا؟." فصمت.
لقد كانت المرّة الرابعة في أربع أيّام تسأله هذا السؤال وفي كلّ مرّة يشعر بغصّة.
"أنا هنا..آيرين."
"لن تذهب."
"لن أذهب..لا تقلقي."
"تصبحين على خير."
"هيرشار."
"نعم؟."
"أحبّك..لا تتركني."
"وأنا كذلك..لن أتركك."
"تصبح على خير."
وانتظر صوت وضع السمّاعة ليضعها.
"آيرين.." قال لنفسه متألّما.

**********************

فتحت باب المبنى بأحد المفاتيح..دخلت وسارت بحذر..لقد استطاعت معرفة المكان الذي وضع فيه.
أخرجت من حقيبة صغيرة معلّقة على خصرها مصباحا يدويّا صغيرا وأشعلته وتحرّكت وهي توجّهه..لقد كان هناك..في التسوية الثانية.
نزلت الدرج بلا أيّ صوت لأقدام بينما الريح تلفح الأشجار في الخارج..وصلت إلى الأولى ثمّ نزلت مجدّدا ووصلت إلى الثانية فسمعت صوت شخصين يتكلّمان، إنّهما الحارسين هنا..عليها أن تكون حذرة..نظرت حولها..ماذا ستفعل؟ هذه المرّة اثنان هنا، حسنا..ليس بالنسبة لها.
أخرجت قطعة نقديّة ورمتها أرضا فأصدر تدحرجها صوتا خفيفا كان كفيلا بجعل أحد الاثنين يتحرّك نحو مصدر الصوت..كان يصرخ:
"من هنا؟."
سمعت وقع أقدامه ثمّ رأت ضوءا يوجّه إلى جهتها ورأت وجهه من الضوء بينما لم ير هو سوى وجها مزيّفا، فقد كانت قد أخرجت قناعا ووضعته..أدارت الدائرة التي في المصباح فخرج دخّان منه.
"م-ما هذا؟."
لكنّه استنشق وسقط أرضا فركض الآخر مسرعا نحوه وحين وصل تلقّى ضربة بالمسدّس على رأسه فسقط فوق زميله.
ابتسمت ومشت، قفزت من فوقهما برشاقة ومشت في الممرّ باحثة..لقد عرفت أنّها الزنزانة رقم تسعة وثلاثون.
حين وصلت إليها خفق قلبها..لم يبد أنّ من بالداخل قد سمع صوتا لكنّه سمع بالتأكيد صوت تجريب المفاتيح.
أخيرا فتح الباب..وجّهت المصباح ونظرت إلى وجهه الشاحب..وابتسمت.
"مكانك ليس هنا." قالت بابتسامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق