الأحد، 30 أغسطس 2020

عدد روايات سلسلة هيرشار؟

 ما هو عدد روايات سلسلة هيرشار؟ وهل السلسلة انتهت كتابتها أم ما زالت قيد الكتابة؟

السؤالان في الأعلى تكررا أكثر من مرة في رسائل الصفحة الخاصة بالسلسلة على الفيسبوك ( Detective Hersher Novels ) وفي الواقع لا مشكلة في إجابتهم. كنّا قد تحدثنا في بوست سابق عن انتصاف سلسلة هيرشار مع صدور رواية "جنون الانتقام"  وهذا يعني أنّ ما هو قادم من السلسلة يعادل ما تمّ صدوره حتى اللحظة (5 روايات) مما يجعل عدد الروايات حوالي عشرة. لكن حتى هذا الرقم في الواقع ليس دقيقا 100%، لماذا؟

فلنجب أولا عن سؤال هل السلسلة مكتملة من ناحية الكتابة؟ والإجابة هي نعم.

بالعودة إلى موضوع عدد الروايات فهو حتى تتم الإجابة عنه يجب الإشارة أنّه يعتمد على بعض الأمور. وهذه الأمور ليست سوى ما هو الطريق الذي سترسمه الروايات. سلسلة هيرشار كتبت بنهايتين اثنتين وليست نهاية واحدة. الكاتب لم يستقرّ بعد على أيّ نهاية هي التي سيتمّ نشرها.

لإجابة السؤال..عدد روايات السلسلة في الطريق الأول هو (عشرة متسلسلة) و (إحدى عشر في المجمل) وفي الطريق الثاني (إحدى عشر رواية متسلسلة) و (اثنا عشر في المجمل). لماذا هناك رقمان؟ لأنّ هناك رواية ستتحدث كليّا عن الماضي مما يجعلها غير متسلسلة مع الباقين.

ترقبوا القادم من سلسلة روايات هيرشار بإذن الله😎

الجمعة، 21 أغسطس 2020

انتصاف سلسلة روايات هيرشار

 بعد نشر رواية "جنون الانتقام" الرواية الخامسة من سلسلة روايات هيرشار، وصلت السلسلة إلى مرحلة منتصف طريقها وستكون على موعد مع ذروة الأحداث قريبا.

شهدت السلسلة في رواياتها الخمسة "السم الكلامي" و "قصر الدم وقضايا أخرى" و "أوراق الماضي وقضايا أخرى" و "الشيطان" ثم "جنون الانتقام" أحداثا متسارعة وظهور شخصيات مميزة في قضايا متنوعة ومميزة لكنّها ستكون على موعد مع أحداث متسارعة بشكل أكبر وقضايا مميزة ومعقدة أكثر مرتبطة بشكل مباشر بالشخصيات الرئيسية ليبدأ طريق النهاية للأحداث..الطريق الذي سيشهد ولن يخلو من خسائر وأحداث تراجيدية بشكل أو بآخر لبعض الشخصيات الرئيسية.

#سلسلة_روايات_هيرشار

الجمعة، 14 أغسطس 2020

صفحات من القضية الثالثة في رواية "جنون الانتقام" - الخيانة

 نضع في هذا البوست صفحات من القضية الثالثة والأخيرة من الرواية الخامسة من سلسلة روايات هيرشار "جنون الانتقام" وعنوان القضية هو (الخيانة).

في هذه القضية يسمع مايكل خبرا مميزا من كريس ولم يكد يفرح به لتظهر حبّه الأول في المكان الذي أراد التواجد فيه للاحتفال. مشاعر سابقة تتصاعد من جديد في داخله تجعله في صراع بين حبّه الحالي وزوجته وحبّه الأول ليحصل ما يزيد الطين بلّة بالنسبة له برسالة مريبة تركتها كريس واختفت على إثرها فيطلب المساعدة من هيرشار.

في جانب آخر، يقوم ليون دافيدسون بمواصلة الخطوة الأولى التي بدأها في القضية السابقة بينما يستطيع هو وفريقه الوصول إلى آثار حادث دفنت قبل بضعة أشهر في وادي وعجزوا عن الوصول إليه. هذا الوصول يقود ليون إلى حقيقة صادمة ليصبح هناك بالنسبة له هدفان يطاردهما بدلا من واحد!

من صفحات القضية:

جلس على سريره عاري الصدر، ببنطال أسود رياضي، ظهرت عضلات صدره القويّة مع عضلات يديه..بيد أمسك بكأس عصير، بينما مرّر بالأخرى يده على شعره الأحمر..كان غارقا في التفكير.

نعم، لقد عثر عليه وهرب..نعم، لكن..

وقف ومشى نحو النافذة.

"يجب ألّا يهرب في المرّة القادمة."

*******************


"ما الأمر كاتي؟."
وقفا متقابلين أمام سيّارته..كان مايكل مستندا إلى باب السائق وأمامه كاتي واقفة، واضعة يدها على قلبها وأصابعها مقبوضة للداخل.
"لماذا كان عليك أن تظهر اليوم؟ أنا.."
ورفعت رأسها وواجهته..رأى في عينيها دموعا..كاتي القويّة؟!.
"أحتاجك." أكملت..نظر إليها مايكل.
"تحتاجينني؟ كيف هذا؟ رجلك لديك كاتي..اذهبي إليه."
كان يشعر أنّ من يقول الكلمات شخص آخر..هو الآخر لعن مجيئه إلى هنا اليوم! لقد اشتعل من جديد..لهيب مشاعر الحبّ الأوّل!
"إنّني أحبّه فعلا لكن..افهمني، في الوقت الذي ظهرت فيه أنت أدركت..أنّني.." سكتت قليلا وسمع نشيجها، أغمض عينيه.
"أحببتك أكثر."
"كيف أحببتني أكثر وقد رفضتني منذ ستّة شهور وسافرت بعيدا؟."
"ك-كنت..أع-أعني.." أشاحت بوجهها عنه ثمّ نظرت مجدّدا إليه وقالت:
"كان الوضع معكوسا." واحمرّ خدّها
"معكوسا؟." فأومأت.
"كيف؟."
"في العادة يتهرّب الرجال من الارتباط بالزواج ويبقون في إطار العلاقة وهذا يريحهم بينما ترغب النساء في الزواج، في حالتنا.."
فهم مايكل..لكنّه كان يعلم أنّها تعلم أنّه كان قد سئم من العلاقات وقرّر الاستقرار.
"أردتك لي من دون زواج لذلك حين عرضته عليّ شعرت بشعور غريب فسافرت لأمحو هذا الشعور..التقيت به هناك وعلاقتنا من دون زواج."
كانت تتحدّث وعيناها في الأرض.
"ما دام الأمر هكذا إذن هو من تحتاجي-."
هجمت بسرعة ووضعت يدها على فمه كي لا يكمل.
قالت وهي تنظر في عينيه:
"أنت لا تفهم." ورفعت نفسها وقرّبت وجهها من وجهه، أجفل مايكل، شعر بانجذاب..شعر بضعف ثمّ فجأة..مدّ يده وأبعد وجهها بلطف.
"ل-لماذا؟." قالت
"لا أستطيع فعلها." وداعب شعرها بيده.
"ستكونين بخير..وداعا." وركب سيّارته سريعا..انطلق.
نظرت إليه وهو يبتعد.
"وأنا الذي لن أكون بخير." قال وهو يقود مبتعدا
"تبّا! أريد أن أصل بسرعة، كريس."
كان قلبه جمرة محترقة بين حبّ حاضر وحبّ ماضي.
كان مايكل يسمع سمعا فقط..الحبّ الأوّل لا ينسى أبدا
كان بالنسبة لمايكل الأمر أنّه نسيه..أو اعتقد هذا، فها قد اشتعل من جديد في قلبه.
احتاج إلى كريس لتطفئه، عليه أن يلقي نفسه في صدرها، لم يكن قادرا على الانتظار ليصل..كان يصارع بين قلبه وقلبه..شعر بقلبين في صدره، قلب يقول له اذهب إلى كريس بسرعة والآخر يقول له ارجع لكاتي بسرعة..سمع للقلب الأوّل وداس على دوّاسة البنزين مسرعا أكثر.
وصل إلى المنزل بعد ربع ساعة..دخله مسرعا ثمّ دخل غرفة نومهما، كانت كريس نائمة..أشارت الساعة إلى الثانية عشر وخمس وأربعين دقيقة..خلع ملابسه وارتدى ملابس النوم ودخل السرير بجانبها..حين رأى وجهها نظر إليها من أعلى فانعكس ظلّ على وجهها فأجفلت واستيقظت مرعوبة..انحنى وهمس بأذنها.
"هذا أنا."
"مايكل." تمتمت
"شش." قال لها.

*******************

"ليون.."
"قائد.."
"أيّها القائد ليون!."
استيقظ من نومه..كان في سيّارة على مقعد الراكب بجوار ويدي، امرأة في السادسة والعشرين، بشعر بنّي طويل وعينان عسليّتان..ارتدت لاتكس بنفسجيّ اللون. كانت تقود سيّارتها بقائدها ليون الذي كان يرتدي قميصا أبيضا وكنزة عارية الأكمام حمراء فوقه وبنطالا أسودا.
"ما بك؟ لم أعهدك تنام هكذا في السيّارة..هل أنت بخير؟."
عملت ويدي مع ليون سنتين..هو في الثامنة والعشرين من العمر.
"بخير، كنت أفكّر طول الليل فلم أنم..لا تقلقي."
نظر حوله.
"لقد اقتربنا." قال فأومأت
وصلا بعد خمس دقائق..كان المنظر أمامهم عبارة عن قمّة تنتهي ووادي سحيق أسفلها..الشجر كان حولها، شعر ليون بصوت مكابح السيّارة وعجلاتها الملتفّة يدور في رأسه..إنّه الحادث الذي طارد شينكاي من أجله ووصل إليه لكنّه هرب..لن يهرب مجدّدا.
كان عند الحافّة ثلاثة رجال..في الوسط كان ريكس معاون ليون، شاب ذكيّ لعوب بشعر أشقر وعينان زرقاوتان، نحيل لكن ببنية قويّة..وقف ينتظر قدوم ليون نحوه بعد أن ترجّل من السيّارة مع ويدي ومشيا معا..حين اقتربا منهم قال ريكس:
"جسدك يزداد إثارة يوما على يوم وخصوصا.." 
"اخرس ريكس." قالت ويدي فابتسم.
"هنالك احتمالان.." وأسند ذقنه إلى كفّه.
"إمّا أنّك تعتنين به من أجل حبيب لك أو.." واقترب منها وقرّب وجهه منها.
"أنت تشيخين بسرعة فهذان يكبران ويترهّلان."
ورفع رأسه مدّعيا البلاهة وأكمل:
"أيّهما الاحتمال الصحيح؟."
فكانت الإجابة ضربة بالكفّ على وجهه منها ووجهها محمرّ فحكّ مكان الضربة مبتسما بخبث.
تأفّفت ويدي بينما سار ليون للأمام وقال:
"ريكس."
قرّب ريكس وجهه من أذنها وهمس:
"أعلم من الحبيب الذي تسعين للفت انتباهه."
"اغرب عن وجهي أيّها الحقير."
"ريكس..تكلّم." قال ليون بصوت هادىء لكن حازم.
فالتفت ريكس ونظر إلى ظهر ليون.
حدّقت ويدي أيضا في ظهر ليون..كان من تحاول لفت انتباهه..قال ريكس:
"آآه، آسف يا قائد..لقد أخرجنا السيّارة بصعوبة البارحة..تعلم أنّنا اعتبرنا الأمر صعبا ومستحيلا وقت حدوث الحادث لكنّ انهيارا جزئيّا هنا ساعدنا هذه المرّة."
"وبعد؟." فمشى ريكس ولحقه ليون.
"وبعد، هذا ما عثرنا عليه.."
نظر ليون إلى السيّارة المتفحّمة المتكسّرة..في داخلها، كان هناك هيكل عظميّ وأجزاؤه مبعثرة.
"لقد مرّ ستّة شهور كما تعلم." قال ريكس موضّحا سبب وجود الهيكل العظمي متفلسفا لكنّ نظرة ليون جعلته ينخرس.
"أرى واحدا فقط." قال ليون
"نعم."
"أين الآخر؟." قال وهو ينظر في عيني ريكس.
"هذا ما عثرنا عليه فقط سيّدي."
"ماذا؟ أتعني أنّ الآخر لم تعثروا عليه؟."
"آ-آه."
"هل بحثت جيّدا حول السيّارة؟."
"ن-نعم."
"ولم تعثر على شيء؟."
"ن-نعم."
"وفي الغابة عند الأشجار؟."
"ن-نعم، لكن.."
"لكن ماذا؟."
"بحثنا ليلا..أشرقت الشمس منذ ساعة ونصف لذلك قد يكون البحث الآن أفضل للتأكيد."
"حسنا.." وحدّق ليون بالجثّة أو بالهيكل العظمي الذي كان جثة يوما ما ثم انحنى ونظر إليه مليّا.
"هذا رجل."
"لماذا تقول هذا؟." قالت ويدي التي اقتربت منهما
"عظام حوض المرأة أكبر من عظام حوض الرجل، حوض المرأة أكبر..هذا الحوض لرجل." واستقام مفكّرا.
"لقد أطلق ذلك الفأر اللعين رصاصة أصابت خزّان الوقود في السيّارة..كانت هناك في الداخل مع الخاطف..أين هيكلها العظمي إذن؟ هل هو في الغابة؟."
فكّر لنفسه ثمّ نظر إلى السيّارة..الهيكل العظمي موجود فيها..تفقّد السيّارة.
تقدّم أحد الاثنين اللذين كانا مع ريكس وقال:
"لقد مسحنا الغابة..لا شيء."
"شكرا لجهودكم." قال ريكس ساخرا وهو يبتسم
"لحظة! لم أرها قال شينكاي..ذلك الفأر دقيق الملاحظة وذكيّ، سيراها حتّى لو كانت مستلقية في المقعد الخلفي..عدم وجود آثار عن هيكل في الغابة وهذا الهيكل على الأرجح لرجل، لم يرها الفأر..إذن..أين كانت؟." فكّر لنفسه ثمّ حدّق في السيّارة..شيء وحيد..مشى نحو السيّارة وفتح الصندوق الخلفي الذي كان أصلا شبه مفتوح..حدّق بالداخل.
"هل فحصتم ما كان هنا؟."
"ليس بعد سيّدي." قال ريكس وتأمّل بقلق وجه ليون هو وويدي.
"هل..اغتصبها وقتلها في مكان آخر وكان يحمل من ملابسها شيئا علق به جهاز التتبّع؟ أم.."
حاول إبعاد الفكرة عن رأسه ثم التفت.
"ويدي.."
"نعم؟."
"تذكرين عنوان الفتى الوغد هذا الذي مات هنا؟."
"أذكره قائد."
"اذهبي إلى هناك ثمّ ابحثي عن أيّ مكان آخر كان يتردّد عليه..وابحثي عن.."
وتقدّم منها وأخرج صورة من جيبه..أجفلت حين أراها إيّاها لكنّها أومأت مع بقاء علامات الاستفهام على وجهها.
"افعلي هذا فقط."
"علم."
"ريكس."
"نعم قائد."
"اتّصل على ثومبسون واجعله يحضر سيّارتي إلى هنا."
"علم." عاد ليون وحدّق في صندوق السيّارة.
"أحضر مصباحا لي." 
"لا نملك مصابيح." قال ريكس
"وهل تملك عينا خفّاش أيّها الوغد أم تريد أن أطلق رصاصة في عينك؟." قال بهدوء لكن عيناه كانتا شرستان.
كانوا قد عملوا في الليل..من المؤكّد وجود مصابيح هنا.
"أمزح أمزح قائد..لا تكن مرعبا هكذا."
"أنت تتحدّث كالنساء..اذهب وأحضره."
"علم."
عاد بعد قليل وأعطى ليون المصباح..أشعله ليون ووجّهه نحو صندوق السيّارة..بدأ يوجّهه إلى الجوانب وفي كلّ جزء..عثر على شيء ما، شعرة..احترق أجزاء منها وبقي جزء سليم..شعرة ذهبيّة اللون.
أمسكها بمنديل.
"ريكس..افحص ال دي أن إيه من خلالها وقارنه.." وصمت.
"قارنه؟ بماذا؟." قال ريكس محدّقا إلى الوجه الشارد لقائده.
"مستحيل! هل يعقل؟." كان ليون يحدّث نفسه


الجمعة، 7 أغسطس 2020

صفحات من القضية الثانية في رواية "جنون الانتقام" - جنون الانتقام

 نضع في هذا البوست صفحات من القضية الثانية في الرواية الخامسة من سلسلة هيرشار "جنون الانتقام" وعنوانها أيضا (جنون الانتقام) فهذه القضية استحقت أن تأخذ ذات عنوان الرواية لأنّ ما حصل فيها كان انتقاما جنونيا من شخص خسر أغلى ما يملك بالنسبة له.
تبدأ أحداث القضية حين يجد هيرشار رسالة موضوعة على زجاج سيارته وحين يقوم بقراءتها يكتشف أنّها رسالة مجنونة تخيّره بين إنقاذ أم وابنها من حريق في المقابل ستموت فتاة عشرينية أو عدم إنقاذهما لكي تحيا الفتاة. معتقدا أنّها مزحة أو ما شابه هيرشار يعود إلى المنزل ليبدأ عقله بشكل لا إرادي بدفعه نحو أحد الخيارين وعندها..يجد هيرشار نفسه قد وقع في الفخ الذي أعدّه القاتل له.
في مسار موازي داخل القضية يظهر لأول مرة "ليون دافيدسون." وهو الشخصية الأذكى في السلسلة باحثا عن شخص ما بدافع انتقامي..بشكل أو بآخر يكون ظهوره أيضا في الوقت المناسب..لكن ما هو هدفه بالضبط؟ ومن الذي\اللذين يسعى خلفهم؟

من القضية:

"ماذا؟!!."
صرخت ماريّا في الشارع..كان الغروب يعلن نهاية الشمس المؤقّتة.
"ه-هل حلمت أنّك قبّلت هيرشار في منزلك؟!"
كانت ماريّا وآيرين قد خرجتا للتسوّق وشراء الملابس..وقفتا خارج السوق تتحدّثان.
ارتدت ماريّا فستانا ورديّا قصيرا نسبيّا بينما ارتدت آيرين كنزة حمراء صيفيّة وبنطالا أبيضا.
"أ-أخفضي صوتك ماريّا.." قالت آيرين وقد اصطبغ وجهها بالأحمر ككنزتها.
"وبعد؟ هل نمتما معا؟."
كانت تعابير السخرية والفضول على وجهها..أجفلت آيرين.
"م-ما هذا الهراء؟!! لا تنسي أنّه حلم!."
صرخت بصوت عالي وقد أصبح وجهها كالدم أكثر من ذي قبل.
"ح-حسنا..لقد حصل في الواقع." قالت لنفسها ووجهها محمرّ.
"ماذا تفعلان هنا؟."
التفتتا ورأتا هيرشار يسير نحوهما مرتديا قميص أبيض وبنطال أسود ويضع حقيبة رياضيّة على كتفه.
"ه-هيرشار!." قالت آيرين
"لقد كنت ألعب الكرة مع أصدقائي هنا في الملعب المجاور..أنتما ماذا تفعلان هنا؟."
تلعثمتا، خافتا أن يكون قد سمع شيئا لكنّهما تأكّدتا أنّه لم يفعل.
"حسنا..سأوصلكما." قال هيرشار
"لا داعي..سيأتي سائقي بعد قليل." قالت ماريّا
"لا عجب في هذا فتاة عائلة ميكيللي المدلّلة." سخر لنفسه.
"فلنذهب..آيرين."
"آه."
"وداعا ماريّا." قالت آيرين
"وداعا..لا تزعجها أيّها الفضوليّ."
"أغلقي فمك أيّتها الغبيّة." قال لنفسه
مشى أمام آيرين..فتح باب سيّارته اللانسر ودخل وركبت هي بجانبه..لقد استعاد السيارة بعد إصلاحها مع أنّ آثار الحرق منذ قضية أوكنان متواجدة.
نزل الليل..أشعل أضواء السيّارة وشغّل المحرّك وانطلق.
"ماذا؟ أرى أنّك تحملين أكياسا؟ هل هنالك محلّ لم تشتري منه؟." قال ساخرا
احمرّ وجهها..صرخت.
"هذا ليس من شأنك حضرة المهووس بالتحرّيات."
"غبيّة! لست مهووسا."
"بل مهووس فأنت تركض  خلف القضايا دائما أيّها الفضولي."
"تبّا! أنت مزعجة حين تتحدّثين هكذا."
"م-مزعجة؟!." وانتفض جسدها غضبا
"آ-آه..أعني.."
"هيرشار.." وقرّبت فمها من أذنه.
"أنت أحمق! أحمق!! أحمق!!!."
أجفل وشعر بارتعاش.
"غ-غبيّة!."
وصل إلى منزل سام بعد ربع ساعة..خلالها، لم يتحدّثا معا..أوقف السيّارة بجانب الرصيف مقابل المنزل مباشرة.
سعل هيرشار وقال:
"ها قد وصلنا..تصبحين على خير." فنظرت إليه ورأت وجهه محمرّ.
"تصبح على خير." ونزلت من السيّارة وكان وجهها أيضا أحمرا.
حين أرادت صعود الدرجات المؤدّية للمنزل توقفت.
"الغبيّة تدعو الأحمق لشرب الشاي قبل أن يغادر."
كانت تدير ظهرها له فلم يرى وجهها المحمرّ..ابتسم.
أطفأ السيّارة وترجّل منها..صعد معها إلى المنزل وجلس في الصالة بينما دخلت المطبخ وأعدّت الشاي..حين انتهت جلسا يتسامران ويضحكان..غادر بعد ساعة المنزل وقد صفت الأجواء تماما..ودّعها ونزل الدرج إلى سيّارته.
كانت مكانها بالطبع..لا شيء مختلف..سوى ورقة على الزجاج الأمامي..لم تكن موجودة قبل أن يغادر.

**************

أزال هيرشار الورقة عن زجاج السيّارة الأمامي..أمسكها ودخل بها السيّارة، كانت مطويّة وقد ثبّتت بالمسّاحات..أعاد فردها، كان مطبوعا عليها..

اليوم، عند منتصف الليل بالضبط، سيحترق منزل في الشارع الستّين. إذا لم تعر هذه الرسالة اهتماما، سيموت من في المنزل، وهم أمّ وابنها، وإذا ذهبت هناك وأنقذتهم..
ستموت فتاة عشرينيّة.
الخيار لك..

ارتعش هيرشار وأجفل..بلع ريقه ثلاث مرّات..نظر إلى ساعته..كانت التاسعة والنصف..ساعتين ونصف فقط.

***************

"مزحة سخيفة؟ أم رسالة جدّية؟ لكن، من؟."
كان العرق يتصبّب على وجهه..نظر إلى ساعته فأشارت إلى العاشرة..ساعتان! خفق قلبه بقوّة..أراد أن يركّز، يهدأ..تذكّر أنّه أمام منزل سام..إذا فتحت آيرين الستارة لسبب ما..فهو..
انطلق بسيّارته مسرعا.
"مزحة سخيفة! أحدهم يريد أن يلعب بي..ماذا يعني بهذا؟ منزل سيحترق في الشارع الستّين؟ كم منزلا هناك أصلا؟ إنّه يعبث..شخص يحاول العبث معي."
نظر إلى التاريخ في هاتفه.
"ليس 1-4.." وتوتّر من جديد
في لحظة هدوء مؤقّتة تالية..عاد إلى المنزل.
فتح باب منزله ورمى نفسه على الفرش، أغمض عينيه بينما أشارت الساعة إلى الحادية عشر تماما.
لن يحصل شيء، مزحة سخيفة..وقف وتوجّه إلى المطبخ ليشرب ماء..في منتصف الطريق إليه توقّف.
"الشارع الستّون! شارع رئيسي لكنّه أقصر شارع في العاصمة لذلك.." ارتعش من الفكرة.
"عدد المنازل سيكون ضئيلا..كما.." 
"لقد قال منزلا ولم يقل شقّة أو ما شابه..وهذا أيضا يقلّل العدد كثيرا."
نظر إلى الساعة وكانت الحادية عشر والربع.
سالت نقطة عرق على وجهه.

الخيار لك

أغمض عينيه..هل هذا حقيقي؟!!!
هزّ رأسه، أمّ وطفلها، هزّ رأسه مجددا!
 ثم ركض، فتح باب الشقّة وخرج..ركب سيّارته وانطلق نحو الشارع الستّين وقلبه يسمع نبضه من كيلومترات.

**************

عندما دخل الشارع الستّين كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة إلّا عشر دقائق.
ركن سيّارته وأطفأها ثم نظر إلى يمينه ويساره.
كان على يمينه في الشارع الأقصر في العاصمة عمارتان سكنيّتان ومنزل وفي الجانب الأيسر عمارة سكنيّة ومنزل.
أيّهما؟! تسائل هيرشار.
كان ركبتاه ترتعشان..أراد تهدئة نفسه، نزل من السيّارة ووقف ينظر إلى المنزل على الجانب الأيمن ثمّ الأيسر وقلبه يخفق بقوّة.
11:55...11:56...11:57...11:58...11:59.
مرّت الدقائق
وقف يحرّك رأسه بين المنزلين..شعر بدوار.
00:00
حدّق إلى المنزل على اليسار..ثمّ اليمين..لم يحصل شيء.
تحرّك فمه ليبتسم ويرتاح فبرز شعاع ضوئي من خلفه..اتّسعت عيناه، استدار ببطء.
رأى ألسنة النار تلتهم في المنزل الذي كان على اليسار.
"م-مس-مستحيل!!!."
شعر بعدم القدرة على الوقوف..لهث وتصبّب عرقا..ثم حسم أمره.
ركض بسرعة نحو المنزل المشتعل..هبّت ألسنة النار فأعادته للخلف..شتم في سرّه.
تلفّت يمنة ويسرة باحثا..رأى عجوزا يحمل دلوا كبيرا ويشعر بالتعب ففكّر ثم ركض نحوه.
"هل أساعدك أيّها العمّ؟."
"هاه؟."
بدا أنّ سمع العجوز ضعيف..رأى العجوز النار فأجفل، أخذ هيرشار دون أن ينتظر الدلو..كان مليئا بالماء وثقيلا..رفعه وأفرغ ما فيه من ماء على نفسه.
ارتعش من برودة الماء ثم ركض بسرعة نحو الوحش المفترس..بدت ألسنة النار كوحش مفترس يصرخ.
خلع الباب بكتفه..كان مهترئا أصلا والنار أضعفته.
كان المنزل يحترق..غرفة الجلوس في الداخل أكلت النيران أثاثها..رأى سلالم تصعد إلى الأعلى.
غرف النوم هناك!
ركض وصعد السلالم..أربع درجات بأربع في القفزة..النيران تحاول التهامه لكنّه يمتلك مضادّا قويّا، أحسّ بجروح وحروق.
وصل إلى الأعلى.
كان هناك غرف عن يمينه..انقضّ على الغرفة المباشرة أمامه..كان محظوظا فقد رأى الأمّ والابن الصغير في الغرفة.
الأم الثلاثينيّة ترتجف مرعوبة وتحضن صغيرها ذو الخمس سنين بكلّ قوّة.
"لا تقلقي..سأساعدك."
كان فكّاها يتلامسان من الرعب.
نظر حوله..بدأت النيران تدخل الغرفة.
"اللعنة!! ألم يتّصل أحد بالإطفاء؟." سخط في نفسه
فكّر..سيفعل كلّ ما وسعه.
خرج من الغرفة فعادت النيران تحاول التهامه..ركض في الممرّ العلوي وهو يرفع يده اتّقاء..هل زال مفعول الماء؟ وصل إلى نهايته..عثر على حبل هناك ووجده سليما فحمله وحماه من النار ثم عاد إلى الغرفة..ربط الحبل بدعامة السرير وأفلت طرفه الآخر من النافذة..تأكّد أنّه متماسك.
"ابقي ممسكة بصغيرك."
ثمّ ركض نحوها..قام بحملها مع صغيرها وكانا خفيفين..وقف عند إطار النافذة، تمسّكت به المرأة جيّدا..استدار وأمسك بالحبل بيد وانزلق للأسفل والمرأة متشبّثة به..انزلق..ثم اهترأ الحبل.
"لا!!." صرخ وهو ينزلق لينقطع الحبل فجأة.
هوى هيرشار والمرأة وابنها..بعد لحظات كان على ظهره على الرصيف..المرأة وابنها فوقه فشعر بألم شديد جدّا.
لكنّ ألمه كلّه اختفى حين فتح عينيه ورأى المرأة تشكره وبشدّة والدموع في عينيها وابنها يبكي.
"لا شكر على واجب."
"أين زوجك؟." قال حين نهض
أخفضت رأسها بينما وصلت فرق الإطفاء وبدأوا في إطفاء المنزل.
"لقد مات..منذ أربعة شهور."
"فهمت."
حيّاها وتوجّه نحو سيّارته..خفق قلبه براحة.
جلس في مقعد سيّارته..تنهّد.

وإذا أنقذتهما...سأقتل فتاة عشرينيّة

شهق هيرشار وخفق قلبه بقوّة مجدّدا.
شغّل سيّارته وانطلق نحو المنزل شاردا..كان عقله الباطن من يقود السيّارة.

************

وصل هيرشار إلى المنزل شاردا لا يرى أمامه وقلقا وخائفا..دخل غرفة نومه وجلس على سريره..دار في عقله الكثير من الكلمات والأمور والأحداث..بعد دقائق غفا وهو جالس على سريره.
أشرقت الشمس فلفحت وجهه فاستيقظ على إثرها..شعر أنّه نائم منذ سنين وليس منذ ساعات فقط..أشارت الساعة إلى التاسعة صباحا..كان لديه محاضرة عند الثامنة..لم يحضرها، ولديه واحدة عند العاشرة..نهض من سريره ومشى نحو المطبخ..وضع إبريقا فيه ماء على النار ليحضّر نسكافيه..فتح الثلاجة وأخرج رغيفا وقطعتي جبنة ودهنهما على الرغيف ومشى نحو الصالة..ما زال في ملابس خروجه البارحة وقد نام بها..أشعل التلفاز ومشى مباشرة نحو المطبخ..غلت الماء فقد كان قد وضعها على نار عالية جدّا..حمل كوب النسكافيه بيد والرغيف في يد..جلس على الفرش واستمع للتلفاز..كان مذيع بشعر بنّي وعينان عسليّتان يرتدي بدلة زرقاء وربطة عنق زرقاء يتحدّث.
نأتي الآن لأخبارنا المحليّة العاديّة..أطفأت كوادر رجال الإطفاء حريقا نشب في منزل في الشارع الستّين أمس..تمّ إنقاذ من في المنزل وقد كانا امرأة وابنها..لم يحدّدوا بعد إن كان حريقا عاديّا أم حادثا مفتعلا.

كان هيرشار قد انطلق قبل أن يتكلّم معه المسؤول من رجال الإطفاء..قضم قضمة من رغيفه وشرب شربة، تنهّد في سرّه..كلّ شيء على ما يرام إذن.
أنهى كأسه ورغيفه ونهض مرتاحا ومشى نحو المطبخ..ثمّ توقف.
نأتي الآن إلى خبر وصلنا للتو.
أجفل هيرشار
عثر رجال الشرطة صباح اليوم على فتاة عشرينيّة مقتولة في منزلها في الشارع الخمسين..تفيد التحقيقات الأوليّة أنّها توفّيت ليلة الأمس في الساعات القليلة الماضية و..

ضاع صوت المذيع مع صوت انكسار الكوب الذي سقط من يد هيرشار الذي ترنّح..تبعثر الكوب أجزاء في كلّ مكان..سقط على ركبتيه، واتّسعت عيناه تماما..لم يستطع الوقوف.

الخيار لك

"ل-لقد جعلني..." ارتعش تماما.
"أحكم بالموت بنفسي..جعلني.."
وسقط كاملا على الأرض..ضرب رأسه في الأرضيّة فسال الدم من رأسه.
"شريكا له اعتباريّا!!."

الأحد، 2 أغسطس 2020

صفحات من القضية الأولى في رواية "جنون الانتقام" - الخفي

نضع في هذا البوست صفحات من أولى قضايا الرواية الخامسة من سلسلة روايات هيرشار "جنون الانتقام." وعنوانها "الخفي" (باقي القضية والرواية سيكون عليكم قراءتها من الرواية 😁 فماذا تنتظرون؟😉😁). في هذه القضية يجد هيرشار نفسه أمام مجموعة من الجرائم المرعبة والتي تستهدف مجموعة من النساء. الجرائم كانت قاسية ومرعبة مما يجعل الشرطة في حيرة من أمرها حتى يظهر دليل أولي نوعا ما تساهم ليسّا في تسليط الضوء عليه ومن هناك يبدأ هيرشار والشرطة في مطاردة القاتل الذي لا تتوقف جرائمه. ليسّا في المقابل تتظر ردّ هيرشار على اعترافها له في ذات الوقت الذي لم يكن هيرشار مدركا أنّ القاتل كان يخطط لاستهداف أقرب الناس إليه.

من أجواء القضية:
ظلام..ظلام حالك..أين أنا؟ فتحت عينيها ببطء..ماذا حصل؟ كان نظرها لأعلى..هل كانت تتخيّل؟ لم هي قريبة جدّا من السقف؟ سمعت صوتا عذبا، موسيقى، نعم موسيقى..من أين؟ هذه النغمات..هذا الصوت، أصابع تداعب..أصابع تلعب، تحرّك مفاتيح البيانو..من؟ احتاجت دقائق لتدرك أنّها معلّقة في السقف..يداها مقيّدتان خلفها وقدماها كذلك وفمها مغلق بشريط لاصق..استطاعت النظر لأسفل، كان الحبل مثبّتا بشيء على الأرض..وحينها رأته من الأعلى، شخص جالس يعزف على البيانو..كم عزفه عذب..من؟ حاولت التذكّر..نعم صحيح..هو! لقد طرق باب المنزل وفتحته..رأت أمامها مقنّعا باغتها بمنديل مباشرة فدارت الدنيا بها ونامت..والآن..الآن..هو..لماذا؟.
توقّف العزف.
نهض الشخص..سار نحو المسمار المثبّت أرضا ونظر لأعلى للحظات ثم أخرج سكّينا فارتعبت وصرخت..والشريط اللاصق؟ من سيسمعها؟ مرّر السكّين على الحبل بتلذذ إلى أن قطع فسقطت بالجاذبية.
كان سقف البيانو مثبّت عليه لوحة تبرز منها سكاكين.
سقطت..واخترقت السكاكين جسدها تاركة مطرا من نوع آخر..بلون الدم.

************

عزف البيانو مقطوعتي الأولى..أمطر المنزل لوني المفضّل..وقفت أحدّق بها ضاحكا وللتالي سأكون جاهزا..أدندن نغماتي وأعزف ألحاني..أنا قادم..لن يوقفني أحد..لن يوقفني أحد.

****************

استيقظ هيرشار متثائبا..جلس على سريره واضعا وجهه على كفّه ثمّ نهض..دخل الحمّام ووقف تحت الدشّ الذي ينزل ماء ساخنا وبقي هكذا ربع ساعة ثمّ خرج..ارتدى كنزة خضراء صيفيّة وبنطال أسود من الكتّان ثمّ نظر إلى نفسه في المرآة..الأيّام الماضية كانت صعبة.
ما قاله شينكاي لم ينسه..آيرين، ثمّ أوكنان..لقد رحل إلى الأبد..وعلى يد من؟ يد والده..لقد كان عليه أن يدعم كلام كريس ومايكل..لم يروا مطلق الرصاصة على جيمس بالرغم من أنّ الأمر واضح، كانت البندقية ملتصقة بجبينه، ستترك حرقا ولا أثر لتحريك الجثة..كيف لم يروا ذلك إذن؟.
لكنّ الشرطة لم تفتّش خلف الأمر..كان يكفيها هذا، نعم! إلقاء القبض على المتورّطين..إيميليا وفورد وإدوارد وموت جيمس وأوكنان..لقد انتهت القضيّة..وسمع هيرشار بوجود تعديلات..أفراد تخرج وأفراد تأتي، غربلة لتطهير من لا يجب أن تكون فيه أيّ قذارة وإلّا..لم يبق من الأمر شيء ولانتهت الأمور.
لم يجرؤ على القول لآيرين حين عاد وقتها أنّه أخطأ، نعم من قالها؟.
"لا توجد خطّة كاملة."
لا يذكر..لقد كانت خطّته مع شينكاي مثاليّة لكن ليست كاملة، لاحظ جيمس بذكائه نقطة فاتت أوكنان ولاحظ شينكاي شيئا أنقذ به هيرشار من حسرة أبديّة، لكن..
"كيف عرف بأمر الحبّة؟ لقد التقى كريس كما قال قبل أن تأخذ الحبّة من أوكنان؟ هل يعقل أنّه كان يكذب؟ لماذا؟ هل أراد تبرير قتله للمفتّش..على حسابي؟."
لم يصدّق أنّ شينكاي يمكن أن يفعلها..وقف للحظات يتأمّل نفسه في المرآة ثمّ انطلق خارجا من الغرفة..ثمّ من المنزل.
إلى كريس..لمعرفة ما حصل بينها وبين مايكل، فلم يعرف ما الذي حصل بعد القضيّة فآخر ما تكلّم به معها كان حول صوفيا ذات الشعر الأزرق..ركب سيّارته المستأجرة وانطلق ليسألها.

وقف أمام باب منزل مايكل وطرق الباب.
انتظر لحظات قبل أن يفتح له فرأى كريس أمامه بقميص أحمر رائع وبنطال أبيض..لقد ربطت شعرها مثل ذيل الفرس وبدت فاتنة لدرجة أنّ هيرشار لم يشعر أنّ وجهه كان محمرّ.
ضحكت ورحّبت به بابتسامة وأدخلته..جلس في غرفة الجلوس ودخلت هي المطبخ..عادت بعد قليل بزجاجة عصير العنب وكأسين..صبّت له كأسا ولها كأس..نظر إليها هيرشار ثم شرب من كأسه وقال:
"أرى أنّك سعيدة اليوم." فعبست.
"أيزعجك هذا؟."
"إي-إيه! لماذا سيزعجني أيّتها الحمقاء؟! أقصد..هل؟."
"نعم، انتهى الأمر..ريح عاصفة هبّت على سفينتنا وحطّمت بعضا منها، لكنّها كانت سفينة قويّة فصمدت وعبرنا بسلام." وفتحت يديها ورفعتهما.
نظر إليها هيرشار فاغرا فمه.
"س-سفينتنا؟ يا له من تشبيه..يبدو مزاجها جيّدا." قال لنفسه ثمّ ابتسم..كان سعيدا لهما.
شرب من كأسه مجدّدا.
"ما الذي أتى بك إلى هنا هيرشار؟."
"جئت لأطمئنّ..لم أركما منذ ذلك اليوم."
ووضع كأسه وصمت..في الواقع، مرّ أسبوع لم ير فيها أحدا، حتّى آيرين..كان يتكلّم على الهاتف معها فقط..كان يحتاج لراحة نفسيّة.
"هل هذا كلّ شيء؟." قالت
نظر إليها..يبدو أنّها قرأت شيئا في وجهه..كيف سيبدأ؟ لا يريد جعل كريس تعلم.
"لديّ سؤال فضولي."
"وهو؟."
"هل رأى شينكاي الحبّة التي أعطاك إيّاها أوكنان لمهمّتك؟." فنظرت إليه متعجّبة.
"ما الذي يهمّك إن رآها أو لا؟."
"كان يتحدّث عن اسم منتج الحبّة وأنّه ميّزها مباشرة دون وجود اسم عليها، أخبرني بالاسم وفاجأني أنّه يعرف..كان قد قال أنّه جلس في سيّارتك والحبّة لم تكن معك."
"آه صحيح..لكن أوكنان أعطاني ثلاث حبّات، واحدة لآيرين وواحدة للمفتّش سام وواحدة احتياط..حين تلقّيت رصاصات وساعدني شينكاي رآها حينها في ملابسي."
"ممم." فنظرت إليه.
"هل هذا حقا ما جئت من أجله؟."
"قلت أنّني أردت الاطمئنان على علاقتكما." واستطاع إخفاء توتّره.
"هل ما زالت الحبّة معك؟."
"ن-نعم."
"أرني إيّاها." وأخفى قلقه
"ل-لماذا؟!."
"تحدّي بيني وبينه حول اسم المنتج."
"ه-هل حقا شينكاي يتحدّى حول هذا! لا أصدّق!."
"لماذا؟." قال وهو يعلم معنى ما تقصده.
"ل-لا يبدو رجلا صبيانيا إن صحّ التعبير."
"غالبا فإنّ الجدّيين شكلا يكونون بشخصيّة مرحة وتحبّ هذا النوع من الأمور." قال متفلسفا وهو يعلم أنّ شينكاي ليس هكذا.
"ح-حسنا.." ونهضت، توجّهت إلى خزانة وفتحتها وأخرجت منها منديلا مكوّرا..عادت نحو هيرشار ووضعت المنديل في يده فخفق قلبه وارتعب كمن يريد أن ينتحر وهو يتردّد في فعلها..فتح المنديل ونظر.
لقد كان شينكاي محقا، ليست حبّة منومة..ابتلع لعابه وحمد الله وشكر شينكاي سرّا..أعاد الحبّة لكريس.
"والآن؟."
"لقد ربحت عليه." قال مبتسما فضحكت ثم واصل:
"لماذا تحتفظين بها بالمناسبة؟."
"نسيت التخلص منها. لقد ذكّرتني بها لذلك سأفعل."
"بالمناسبة..أين مايكل؟."
"في العمل."
"هذا صحيح..لقد نسيت."
"بالمناسبة.."
وسمع هيرشار الكلمة بعيدة فنظر..لم ير كريس فافترض أنّها في المطبخ.
"ماذا؟." قال بصوت عال
"هل قرأت الصحف؟."
"لا."
فعادت بصينيّة فيها قطع شوكولا..وضعتها على الطاولة بينه وبينها.
أخذ واحدة..كانت لذيذة جدّا.
"ما بها الصحف؟."
"جريمة قتل بشعة."
"ماذا؟."
ومرّرت الصحيفة له..قرأ في الصفحة الأولى بخطّ كبير.
"سيّدة تقتل بطريقة بشعة..لا معلومات..الشرطة تحقّق في الأمر."
ونظر إلى الوصف وشهق..كان وصفا مرعبا يتحدث عن سقوط فوق سكاكين مثبّتة بسقف بيانو.
"ما رأيك؟." قالت كريس
"من المجرم الذي فعل هذا؟."
"جريمة غريبة."
"وحشيّة." فأومأت.
"هل من رأي؟." قالت
"رأي! لا أعلم جزءا من مليون عن معلومة في هذه القضيّة."
"أعلم..أعني، طريقة القتل..رجل؟ أم امرأة؟."
"رجل..غالبا."
"أوافقك." فنهض.
"سأذهب."
"إلى أين؟ سيأتي مايكل بعد قليل." فابتسم.
"سأراه لاحقا."
وأخذ ثلاث حبّات من الشوكولا وخرج..ابتسمت كريس
"ستذهب لتشبع فضولك."

*************

استيقظت..كانت تحدّق في العتمة فنظرت حولها..كانت خائفة..حينها أدركت أنّ شيئا يسدّ فمها..كرة، كرة معدنيّة..تذكّرت، لقد دخل إليها ذاك الشخص..بالتهديد وبكلام عادي أجبرها على أن تضع الكرة في فمها..كرة معدنيّة بثقب وسلك معدنيّ بارز..هل شعرت بشيء يسبح داخل الكرة؟ لا تعلم..كان ما تذكره هو صوت ضحكته الغريبة وتأكيده على أن لا تسحب السلك المعدني..لماذا؟ لم يخبرها..عقلها البسيط فكّر بشيء واحد، إذا سحبت السلك المعدني ستخرج الكرة من فمها وترتاح، نعم، فالحواف الدائريّة المعدنيّة تضايق فمها الآن وهي تشعر بهذا..نظرت حولها في الغرفة..إنّها معتمة.
بسرير واحد فقط..كان لديها شعور داخلي غريب، أنفاس..هل هو هنا؟ هل يتلذذ بمراقبتها؟ 
نهضت عن السرير وسارت قليلا..ضوء القمر هو الوحيد الذي يجعل مكانا لإنارة في الغرفة..مشت نحو الباب بغريزة الهرب..إنّه مقفل.
ارتكزت على الجدار وبكت..ضايقتها الكرة أكثر.
غريزة البقاء اشتعلت فقرّرت..مدّت يدها وسحبت السلك المعدني وهي تغمض عينيها..من ماذا؟ ربّما كان شيئا فطريّا بسبب التحذير الذي تلقّته.
كم من شيء ندم عليه البشر؟ وهي؟ الكثير..لكنّها كانت واثقة أنّها لم تندم على شيء أكثر من هذا.
بسحب السلك المعدني خرج من الثقب سائل..بمجرّد تذوّقها لطعمه أدركته..سمّ قاتل أرداها.