نضع اليوم أبرز مشاهد قضية مميزة جدا ومؤثرة عن شخص كان القدر قاسيا جدا معه فقرّر الانتقام من هيرشار لأنّه اعتقد أنّه كان السبب في جعل قسوة القدر تستمرّ.
القضية المميزة والتي بالمناسبة هي القضية المفضّلة لدى كاتب السلسلة استحقت حمل اسم الرواية نظرا لأحداثها المرعبة والمميزة بالإضافة للظهور الأول لأذكى شخصية في السلسلة (ليون دافيدسون).
ماذا يمكنك أن تفعل حين يخيّرك شخص بين إيذاء شخص وإيذاء آخر؟ قتل شخص وقتل آخر؟ كان هذا ما واجهه هيرشار في القضية!
أبرز المشاهد:
أزال هيرشار الورقة عن زجاج السيّارة الأمامي..أمسكها ودخل بها السيّارة، كانت مطويّة وقد ثبّتت بالمسّاحات..أعاد فردها، كان مطبوعا عليها..
اليوم، عند منتصف الليل بالضبط، سيحترق منزل في الشارع الستّين. إذا لم تعر هذه الرسالة اهتماما، سيموت من في المنزل، وهم أمّ وابنها، وإذا ذهبت هناك وأنقذتهم..
ستموت فتاة عشرينيّة.
الخيار لك..
ارتعش هيرشار وأجفل..بلع ريقه ثلاث مرّات..نظر إلى ساعته..كانت التاسعة والنصف..ساعتين ونصف فقط.
************
عندما دخل الشارع الستّين كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة إلّا عشر دقائق.
ركن سيّارته وأطفأها ثم نظر إلى يمينه ويساره.
كان على يمينه في الشارع الأقصر في العاصمة عمارتان سكنيّتان ومنزل وفي الجانب الأيسر عمارة سكنيّة ومنزل.
أيّهما؟! تسائل هيرشار.
كان ركبتاه ترتعشان..أراد تهدئة نفسه، نزل من السيّارة ووقف ينظر إلى المنزل على الجانب الأيمن ثمّ الأيسر وقلبه يخفق بقوّة.
11:55...11:56...11:57...11:58...11:59.
مرّت الدقائق
وقف يحرّك رأسه بين المنزلين..شعر بدوار.
00:00
حدّق إلى المنزل على اليسار..ثمّ اليمين..لم يحصل شيء.
تحرّك فمه ليبتسم ويرتاح فبرز شعاع ضوئي من خلفه..اتّسعت عيناه، استدار ببطء.
رأى ألسنة النار تلتهم في المنزل الذي كان على اليسار.
"م-مس-مستحيل!!!."
شعر بعدم القدرة على الوقوف..لهث وتصبّب عرقا..ثم حسم أمره.
ركض بسرعة نحو المنزل المشتعل..هبّت ألسنة النار فأعادته للخلف..شتم في سرّه.
تلفّت يمنة ويسرة باحثا..رأى عجوزا يحمل دلوا كبيرا ويشعر بالتعب ففكّر ثم ركض نحوه.
"هل أساعدك أيّها العمّ؟."
"هاه؟."
بدا أنّ سمع العجوز ضعيف..رأى العجوز النار فأجفل، أخذ هيرشار دون أن ينتظر الدلو..كان مليئا بالماء وثقيلا..رفعه وأفرغ ما فيه من ماء على نفسه.
ارتعش من برودة الماء ثم ركض بسرعة نحو الوحش المفترس..بدت ألسنة النار كوحش مفترس يصرخ.
خلع الباب بكتفه..كان مهترئا أصلا والنار أضعفته.
كان المنزل يحترق..غرفة الجلوس في الداخل أكلت النيران أثاثها..رأى سلالم تصعد إلى الأعلى.
غرف النوم هناك!
ركض وصعد السلالم..أربع درجات بأربع في القفزة..النيران تحاول التهامه لكنّه يمتلك مضادّا قويّا، أحسّ بجروح وحروق.
وصل إلى الأعلى.
كان هناك غرف عن يمينه..انقضّ على الغرفة المباشرة أمامه..كان محظوظا فقد رأى الأمّ والابن الصغير في الغرفة.
الأم الثلاثينيّة ترتجف مرعوبة وتحضن صغيرها ذو الخمس سنين بكلّ قوّة.
"لا تقلقي..سأساعدك."
كان فكّاها يتلامسان من الرعب.
نظر حوله..بدأت النيران تدخل الغرفة.
"اللعنة!! ألم يتّصل أحد بالإطفاء؟." سخط في نفسه
فكّر..سيفعل كلّ ما وسعه.
خرج من الغرفة فعادت النيران تحاول التهامه..ركض في الممرّ العلوي وهو يرفع يده اتّقاء..هل زال مفعول الماء؟ وصل إلى نهايته..عثر على حبل هناك ووجده سليما فحمله وحماه من النار ثم عاد إلى الغرفة..ربط الحبل بدعامة السرير وأفلت طرفه الآخر من النافذة..تأكّد أنّه متماسك.
"ابقي ممسكة بصغيرك."
ثمّ ركض نحوها..قام بحملها مع صغيرها وكانا خفيفين..وقف عند إطار النافذة، تمسّكت به المرأة جيّدا..استدار وأمسك بالحبل بيد وانزلق للأسفل والمرأة متشبّثة به..انزلق..ثم اهترأ الحبل.
"لا!!." صرخ وهو ينزلق لينقطع الحبل فجأة.
هوى هيرشار والمرأة وابنها..بعد لحظات كان على ظهره على الرصيف..المرأة وابنها فوقه فشعر بألم شديد جدّا.
لكنّ ألمه كلّه اختفى حين فتح عينيه ورأى المرأة تشكره وبشدّة والدموع في عينيها وابنها يبكي.
"لا شكر على واجب."
"أين زوجك؟." قال حين نهض
أخفضت رأسها بينما وصلت فرق الإطفاء وبدأوا في إطفاء المنزل.
"لقد مات..منذ أربعة شهور."
"فهمت."
حيّاها وتوجّه نحو سيّارته..خفق قلبه براحة.
جلس في مقعد سيّارته..تنهّد.
وإذا أنقذتهما...سأقتل فتاة عشرينيّة
شهق هيرشار وخفق قلبه بقوّة مجدّدا.
شغّل سيّارته وانطلق نحو المنزل شاردا..كان عقله الباطن من يقود السيّارة.
******************
نأتي الآن لأخبارنا المحليّة العاديّة..أطفأت كوادر رجال الإطفاء حريقا نشب في منزل في الشارع الستّين أمس..تمّ إنقاذ من في المنزل وقد كانا امرأة وابنها..لم يحدّدوا بعد إن كان حريقا عاديّا أم حادثا مفتعلا.
كان هيرشار قد انطلق قبل أن يتكلّم معه المسؤول من رجال الإطفاء..قضم قضمة من رغيفه وشرب شربة، تنهّد في سرّه..كلّ شيء على ما يرام إذن.
أنهى كأسه ورغيفه ونهض مرتاحا ومشى نحو المطبخ..ثمّ توقف.
نأتي الآن إلى خبر وصلنا للتو.
أجفل هيرشار
عثر رجال الشرطة صباح اليوم على فتاة عشرينيّة مقتولة في منزلها في الشارع الخمسين..تفيد التحقيقات الأوليّة أنّها توفّيت ليلة الأمس في الساعات القليلة الماضية و..
ضاع صوت المذيع مع صوت انكسار الكوب الذي سقط من يد هيرشار الذي ترنّح..تبعثر الكوب أجزاء في كلّ مكان..سقط على ركبتيه، واتّسعت عيناه تماما..لم يستطع الوقوف.
الخيار لك
"ل-لقد جعلني..." ارتعش تماما.
"أحكم بالموت بنفسي..جعلني.."
وسقط كاملا على الأرض..ضرب رأسه في الأرضيّة فسال الدم من رأسه.
"شريكا له اعتباريّا!!."
*************
جلس هيرشار خائفا مترقّبا ثمّ نهض ليمشي جيئة وذهابا في الصالة..لم يعتد هذا، لم يخف أبدا من قبل، في هذه الأمور لم يخف..لكن هذه المرّة..شيء ما..شعور ما كان طاغ عليه، شعور..لا يبشّر بخير.
بينما كان يدور رنّ هاتفه فخفق قلبه بقوّة.
أمسكه ورأى رقما خاصّا..أجفل، هل حان الوقت؟
فتح الخط وقلبه يرجف ثم انتظر.
"هل أعجبتك اللعبة؟."
"هو.." قال لنفسه " لكنّه يستعمل شيئا ليغيّر صوته..هيليوم؟."
"ماذا تريد منّي؟." لا إجابة
"آلو.." لا إجابة مجددا.
"أنت!!."
"هاتفك سيرنّ بعد قليل."
"ماذا؟." وأقفل الخط
أنزل هيرشار الهاتف عن أذنه ببطء وقلبه يرتعد.
بعد دقيقة واحدة رنّ هاتفه ونظر بسرعة..كانت كريس.
فتح الخط وقال:
"كريس..ما الأمر؟." فلم يسمع سوى بكاء
"كريس!."
"آيرين! آيرين!! الحق آيرين هيرشار."
"ماذا؟!!! ماذا حصل؟!!!."
ثمّ رنّت في رأسه..ظهرت أمام عينيه.
هل أنت مستعدّ...لجرح؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق