كما وعدناكم منذ أيام..نضع اليوم أحد القضايا التي ستتواجد داخل الرواية السادسة من سلسلة روايات هيرشار والتي سيتمّ نشرها خلال العالم 2021 بإذن الله. عنوان القضية هو "طلب من العالم الآخر" حيث يستقبل هيرشار امرأة تقول أنّها روح تلبّست جسد شقيقتها وتطلب من هيرشار حماية شقيقتها بإيجاد القاتل!
قراءة ممتعة 😎
الفصل الأول:
جلس هيرشار على كرسي مكتبه في غرفته وهو يرتدي كنزة بيضاء على بنطال رياضي أسود.
كان يقرأ من رواية بوليسية ومستمتع بينما سمع صوت الجرس يرنّ فنهض من مكانه وتوجّه إلى الباب وفتحه ليجد آيرين تقف أمامه مرتدية كنزة صفراء صيفية على بنطال كتّان أبيض.
"آيرين.." تمتم بينما ابتسمت له.
أشارت الساعة إلى الظهيرة وتحديدا الواحدة بعد منتصف الظهر.
"ما بك تقف هكذا؟ أفسح لي المجال."
"آ-آه." وفعل فدخلت المنزل بينما أقفل هيرشار الباب.
تبعها بينما كان ظهرها له حاليا. استدارت وقالت:
"ماذا هي خططك لليلة رأس السنة؟." فنظر إليها وقال:
"ما ترينه على الطاولة هناك." فنظرت إلى يمينها من مكان وقوفها لترى رواية موضوعة هناك وهي مفتوحة. كان قد أحضر الرواية معه من غرفته ووضعها على كنبة قبل فتح الباب.
"هاه؟ هل ستقضي الليلة في قراءة رواية بوليسية عن جرائم قتل؟."
"ولم لا؟." وسار نحو الرواية الموضوعة فقالت بينما كان ظهره لها.
"تبّا! ستصبح شخصا لا يوجد في عقله سوى التفكير بجرائم قتل!."
"غبيّة! أنا أحلّ جرائم قتل وأقرأ عنها لا أفكّر فيها." واستدار منزعجا.
"هه! هوسك توسّع إذن." سخرت مشيحة بوجهها بينما نظر هيرشار إليها ثم اقترب منها دون أن تنتبه وقال هامسا في أذنها:
"في الرواية هناك حديث عن شخصين قرّرا قضاء إجازة لهما وحيدين بالقيام بالتخييم. ما رأيك في أن نقوم بهذا أيضا؟." لتجفل ويحمرّ وجهها ثم نظرت نحوه خجلة.
"ل-لوحدنا؟." فأومأ بينما احمرّ وجهه ثم أشاح بوجهه وقال:
"مرّ وقت طويل على قضاء وقت لوحدنا." ليحمرّ وجهها أكثر.
"ماذا قلت؟." ونظر نحوها فأومأت بخجل أكبر.
في تلك الأثناء كان صوت جرس المنزل يدوّي بقوة مع ضرب على الباب مما أجفل هيرشار وآيرين معا.
******************************
جلس الظل في منزله متوترا ومتعرقا.
كان يمسك سكّينا بيده ويشحذها على الطاولة الخشبية في منزله وهو يفكّر متوترا والعرق يملأه.
"اللعنة! اللعنة! اللعنة! عليّ التصرّف سريعا."
وأمسك السكّين وغرزها بالطاولة بقوة.
**********************
توجّه هيرشار لفتح الباب بينما بقيت آيرين في مكانها وقلبها يخفق.
وقف هيرشار أمام الباب وصرخ:
"من هناك؟." قبل أن ينظر من عين الباب ويرى من في الخارج ويجفل تماما ليفتح الباب بقوة وبسرعة وسط تفاجؤ آيرين.
كان مايكل وكريس يقفان متجاورين أمامه.
مايكل يرتدي كنزة خضراء على بنطال جينز بينما كريس ترتدي كنزة حمراء على تنورة بيضاء قصيرة.
"ما بك ستخلع الباب من مكانه يا هذا؟." هتف هيرشار قبل أن ينظر إليهما مليّا ليجدهما شاردين ووجههما أزرق وشاحب تماما.
"م-ماذا هناك؟." قال وقد توتّر.
نظر الاثنان خلفهما لبعض الوقت ثم أعادا نظرهما نحو هيرشار الذي قال:
"ماذا هناك؟ هل أنتما مطاردان؟."
فتنهّد مايكل وأخذ نفسا طويلا قبل أن يقول:
"أدخلنا يا صاح."
"أخيرا نطقت؟ اعتقدت أنّ القط أكل لسانك."
وأفسح لهما المجال ليدخلا قبل أن يلاحظا آيرين فابتسمت لها كريس ثم جلسا على كنبة وجلس هيرشار وآيرين مقابلهما.
"أنتما لوحدكما في المنزل." قال مايكل بخبث فأجفلت آيرين واحمرّ وجهها بينما قال هيرشار ووجهه محمرّ.
"لا تحاول الالتفاف على شحوب وازرقاق وجهيكما فأنتما كما لو كنتما قد شاهدتما شبحا!."
"ك-كيف عرفت؟!!." هتف الاثنان معا فأجفل هيرشار وآيرين ونظرا لبعضهما البعض قبل أن يعيد هيرشار نظره نحوهما وهو يرفرف بعينيه وقال:
"ماذا تعنيان بكيف عرفت؟ هل تعنيان أنّكما فعلا رأيتما شبحا؟!."
"ن-نعم.." قالا معا فصرخت آيرين مرعوبة بينما قال هيرشار:
"هل فقدتما عقليكما؟ أنت مايكل هل جننت؟ هل ترى أنّ شخصا مفتول العضلات مثلك يقول أنّه رأى شبحا ويصدّق الأمر يبدو أمرا مضحكا؟ وأنت كريس، عميلة تتحدثين عن رؤية أشباح؟." وضحك.
"ا-اسمع منّا أولا." قال مايكل
"ماذا أسمع؟ هل جننت؟." ونهض من مكانه
"تبّا! يبدو بأنّك فقدت عقلك حقا."
"لا! لا! اسمعني واحكم بعدها." فنظر هيرشار إليه ثم تنهّد وجلس.
"هات ما لديك."
فبدأ مايكل في قصّ الأمر وهو وكريس يرتجفان.
الفصل الثاني:
كان الأمر قد حصل منذ بضع ساعات حين كان مايكل وكريس يقومان بجولة على قارب في البحر ضمن رحلة خاصة مدفوعة.
كان مايكل يرتدي قميصا مباشرة فوق جسده ومفتوحة أزراره على سروال قصير بينما ارتدت كريس كنزة بيضاء بلا أكمام على تنورة زرقاء قصيرة. كانا قد غيّرا ملابسهما لاحقا من التعرق والسباحة بعد الاستحمام.
حين انتهيا من القارب والسباحة توجّها إلى الاستراحة المقابلة للشاطىء مباشرة والتي حجزا فيها فقالت كريس أنّها ستذهب لتستحمّ وتعود بينما جلس مايكل على البار وطلب عصيرا.
وبينما كان يشرب من العصير وينتظر كريس أجفل بيد توضع على كتفه الأيسر فأدار وجهه ووجد فتاة عشرينية تقف أمامه.
كانت فاتنة جدا، شعرها أسود اللون وطويل حتى منتصف ظهرها بينما بشرتها بيضاء ناصعة تماما، وعيناها عسليتان ساحرتان بينما كان هناك انحناءات مدروسة جدا في جسدها الممشوق..كانت ترتدي كنزة بنفسجية مفتوحة كثيرا من الأعلى على تنورة قصيرة بيضاء اللون.
أجفل مايكل بينما قالت الفتاة:
"هل لي ببعض الوقت معك؟."
"إ-إيه؟." فابتسمت له وقالت:
"أنت اسمك مايكل، أعرفك من شخص ما."
"م-ماذا؟." فقرّبت وجهها من وجهه وقالت بغنج:
"ما رأيك في بعض المتعة معا؟." فتوتّر مايكل وقبل أن يقول شيئا..
"احم احم.." فأجفل مايكل ليجدا كريس تقف في الخلف وهي غاضبة وقد غيّرت ملابسها للملابس التي ترتديها حاليا عند هيرشار.
"من هذه مايكل؟."
"ك-كريس ل-لحظة..لا أعرفها." فاقتربت منهما ونظرت إلى الفتاة وقالت:
"ماذا تريدين؟."
"لا تقلقي يا حلوة..ليست لديّ نيّة في فعل شيء مع زوجك."
"حقا؟ وماذا عنيت بالمتعة؟." فابتسمت الفتاة.
"المتعة ربما تكون أي نوع صحيح؟ على سبيل المثال هناك من يستمتع بمشاهدة أفلام الرعب صحيح؟." فنظر مايكل وكريس إلى بعضهما البعض.
"هل لنا أن نجلس على طاولة ونتحدث؟."
"آ-آه.." تمتما معا وهما مستغربان من هذه الفتاة.
جلس الثلاثة بعد دقيقة على طاولة دائرية وطلبت كريس عصيرا بينما لم تطلب الفتاة التي بدأت.
"أنت صديق مقرب لذلك الفتى المتحري هيرشار..صحيح؟." فأجفلا.
"آ-آه." قال مايكل.
"في هذه الحالة أريد منك الحديث معه حول قبول التحقيق في قضية ما."
"قضية؟." قال مايكل وقد أشعل سيجارة.
"نعم..كنت سأذهب إليه بنفسي لكنّني لا أعرف أين أجده."
"حسنا..ما القضية؟." قالت كريس
"هل سمعتم عن المجرم الذي يستهدف الفتيات في الفترة الأخيرة؟." فأومآ..كان الخبر مكتوبا في الصحف والقضية كانت في منطقة قريبة من الشاطئ هنا مما يجعلها خارج إطار مسؤولية سام ومارك فلم تصل إلى هيرشار.
"ح-حسنا..أريد من هيرشار المساهمة في حلّ القضيّة وإلقاء القبض على الفاعل." فأخذ مايكل نفسا من سيجارته وقال:
"لماذا؟ هل استهدف أو قتل قريبة لك؟."
"لا..في الواقع لقد.."
"قتلني أنا."
"فهمت.." تمتم مايكل قبل أن يجفل تماما وتسقط السيجارة من يده على الطاولة ثم قهقه.
"أنت خفيفة الظل حقا!." هتف بينما قالت كريس:
"فعلا! أو أنّك تحبّين التلاعب بالكلمات وتقصدين أنّه قتل شخصا تعتبريه توأم روحك." فنظرت إليهما تباعا وقالت:
"لا هذا ولا ذاك..أنا أتحدث حقيقة، لقد قتلني أنا ويهدف حاليا لقتل شقيقتي لذلك عليكم إيقافه."
نهض مايكل من مكانه وقال وهو يضع يده على يد الفتاة.
"هل أنت شبح إذن؟ لكنّني ألمسك بشكل طبيعي!." فتلقّى ضربة من كريس على رأسه.
"لا تستغلّ الأمر للمسها." واحمرّ وجهها فابتسم مايكل لها وقال وهو يضمّها نحوه:
"أحبّك وأنت تغارين." فاحمرّ وجهها أكثر وقالت:
"كفّ عن الهراء." وأشاحت بوجهها المحمرّ.
"هل تسمعاني؟." قالت الفتاة فجلسا من جديد.
"نحن نسمعك لكن عليك أن تتحدثي بمنطق حتى نتحدث معك بمنطق." قالت كريس فتنهّدت الفتاة.
"حسنا..سأخبركم باختصار، أنا روح وقد تلبّست شقيقتي التوأم حاليا لإخباركم ولأن أطلب منكم هذا وسأخرج من جسدها بعد قليل." فنظرا إليها فاغري أفواههم بينما أكملت.
"اسمي أنّا وشقيقتي لونا..لقد قتلت على يد القاتل الذي يقتل الفتيات لأنّني رأيته بالصدفة يقتل واحدة في زقاق فهاجمني وطعنني فوقفت أنزف عند عمود إنارة حتى خرجت روحي من مكانها..لكن قبل هذا أتتني شقيقتي حيث كنّا متّفقتين على موعد للخروج وحينها أسلمت روحي بينما استطعت لمحه بين الأشجار..ربما شعر أنّني أخبرتها أو أنّه اختلط عليه الأمر لكنّني متأكدة أنّه يهدف إلى قتل شقيقتي حاليا!."
نهض مايكل وكريس من مكانهما وقالا:
"يبدو بأنّك لن تتوقفي عن الهراء..نعتذر منك."
"حسنا.." قالت ثم سمعا صوت صرخة مكتومة فنظرا إليها ليجداها تخفض رأسها إلى الطاولة ولا تتحرك فاقترب منها مايكل وقال:
"ه-هل أنت بخير؟." لتصرخ وتدفعه قائلة:
"من أنت؟! ماذا تريد منّي؟! كيف انتهى بي الأمر هنا؟!." فصعق مايكل وكريس.
"ماذا أفعل هنا؟!." صرخت بعدها بينما توتّر مايكل وكريس.
"ع-عفوا..ما اسمك؟." قالت كريس.
"هاه؟ وما شأنك بهذا؟ اسمي لونا على أيّ حال." ونهضت غاضبة وخرجت من الطاولة ثم المطعم بينما وقف مايكل وكريس متجمّدين في مكانهما والناس اللذين في المطعم ينظرون إليهما.
نظرا إلى بعضهما البعض وبدآ بالارتجاف.
"ه-هذا يعني.." تمتمت كريس
"ل-لقد..تحدثنا حقا.." أكمل مايكل.
"مع شبح!!!." هتفا معا بعدها.
لينتهي بهما الأمر مباشرة بالهرب من المكان والذهاب مباشرة إلى هيرشار.
الفصل الثالث:
بدأت آيرين بالارتجاف وأسنانها تصطكّ معا بينما نظر هيرشار إلى كريس ومايكل وقال:
"لقد قرأت عن القضية التي تتعلق بشخص يستهدف الفتيات. تمّ الحديث عن دافع جنسي ثم تمّ نفي الأمر لاحقا." فنظرا إليه فأكمل:
"بالطبع أنا لا أعير الهراء الذي تكلمتما به أيّة اهتمام." فأجفل بآيرين تمسكه من يده وهي ترتعش وتقول:
"ل-لقد تحدّثا مع روح متلبّسة في جسد..روح، هيرشار!." فنظر إليها وقال وهو مجفل من اقترابها منه كثيرا فاحمرّ وجهه:
"لا وجود لشيء من هذا آيرين!."
"كيف تفسّر الأمر إذن؟!!." هتف الثلاثة في آن واحد.
نظر إليهم تباعا ثم قال:
"لا تفسير لديّ." فأجفلوا ليهتف مايكل وهو ينهض ويقترب من هيرشار:
"إذن لا تسخر منّا أيّها الأحمق!!."
"بل سأفعل أيّها المغفل، فعدم وجود تفسير لديّ الآن يعني أنّني سأسعى لإيجاد تفسير ولا يعني أنّني صدّقت أنّها روح تلبّست جسد شقيقتها مثلك!."
"هه." قال مايكل واستقام ثم عاد إلى مكانه.
حلّ الصمت بينهم بعدها لتقطعه كريس بعد دقيقتين قائلة:
"بغضّ النظر عن تصديق الأمر من عدمه..ماذا ستفعل؟ لقد طلبت الفتاة أن تتحرّى حول الأمر."
"الفتاة؟." قال بنبرة ساخرة فأجفلت كريس.
ليسمع الأربعة صوت الجرس بعدها.
نهض هيرشار من مكانه وهو يتمتم:
"الجرس اليوم لا يهدأ." وتوجّه نحو الباب وفتحه ليجد فتاة فاتنة جدا، شعرها أسود اللون وطويل حتى منتصف ظهرها بينما بشرتها بيضاء ناصعة تماما، وعيناها عسليتان ساحرتان بينما كان هناك انحناءات مدروسة جدا في جسدها الممشوق..كانت ترتدي كنزة بنفسجية مفتوحة كثيرا من الأعلى على تنورة قصيرة بيضاء اللون.
"مرحبا، آسفة على الإزعاج لكن يبدو بأنّني استطعت التوقع بشكل صحيح واللحاق بهم."
"إ-إيه؟." قال هيرشار بينما سمع مايكل وكريس يهتفان.
"لقد عادت!."
"ماذا تقصدان بعادت؟." قال هيرشار غير مستوعب قبل أن يستوعب وينظر إلى الفتاة ويقول.
"هل..أنت..؟." فأومأت.
"نعم، أنا أنّا التي قتلت على يد قاتل مستهدف النساء."
فسمع هيرشار صراخ آيرين فنظر إلى الخلف ووجدها ترتجف مرعوبة بينما توتّر هو فقال:
"ه-هل لنا أن نتوقف عن هذا الهراء؟."
"لماذا لا تريدون تصديقي بالضبط؟ أنا لم آتي لأضيّع وقتكم!." ثم نظرت يمينا ويسارا وقالت:
"هل لك أن تدخلني لنتحدث أكثر؟." فتردد هيرشار بينما سمع آيرين تصرخ:
"لا تفعل! لا تفعل!." لكنّه أدخل الفتاة وهو متوتّر لتهرب آيرين وهي تصرخ إلى الداخل بينما كان مايكل وكريس صامتين لكن ملامحهما تتكلم بما يشعران به.
مشى هيرشار إلى الداخل ووقف بجوارهما فكان مايكل في المنتصف بينما جلست الفتاة مقابلهم ووضعت ساقا على ساق ونظرت إليهم من من وضعيّتها فجلس الثلاثة.
"لا وقت كثير لديّ لذلك سأبدأ بسرعة بالشرح."
"آ-آه.." تمتم هيرشار
"ببساطة، الأمر كما أخبرك به على الأرجح هذين الزوجين..أريد منك حماية شقيقتي بإلقاء القبض على القاتل المتسلسل هذا والذي يستهدف الفتيات."
بقي هيرشار صامتا بينما نظرته ساخرة لكنّه قال بعدها:
"ما الذي يجعلك تعتقدين أنّه سيستهدف شقيقتك؟."
"ببساطة، كانت قد لحقت بي قبل موتي ورأيته ينظر نحونا بحقد وغضب."
"في هذه الحالة لماذا لا تقومين بالبحث عنه وتلبّس جسده وجعله يصل مقرّ الشرطة ويسلّم نفسه؟." فأجفل الثلاثة ونظر مايكل وكريس إليه بينما قالت الفتاة:
"فهمت، أنت مازلت لا تصدّق الأمر لكنّني سأخبرك أنّ الأمر ليس سهلا أبدا كما تعتقد." فرفع هيرشار حاجبه ساخرا.
"يجب أن يكون هناك نوع من التقبّل لاستيعاب روحي داخل جسد الشخص الذي أريد تلبّس جسده وهذا الشرط أساسي لمقدرتي على النجاح في هذا لذلك لا أعتقد أنّ القاتل نفسيّا ولا حتى جسديّا سيتقبّل وجودي كما.." وشبكت ذراعيها عند صدرها.
"أنا لا أعرف وجه القاتل فقد كان ملثما."
"على أي حال..سأخبرك بشيء واحد." فنظر إليها.
"شقيقتي في خطر والأمر لك..إذا حصل لها شيء سأقوم بلعن باقي أيام حياتك." فأجفل هيرشار قبل أن تكمل.
"أتمنّى أن تكون قد فهمت..وداعا." وسمعوا صرخة مكتومة بينما أخفضت رأسها فتمتم مايكل وكريس.
"كما حصل في ذلك المطعم." فنظر هيرشار إليهما على يمينه بينما سمعوا بعدها صراخ الفتاة.
"ماذا أفعل هنا؟!." ونظرت نحوهم وواصلت.
"أنتما مجددا؟!! هل قمتم باختطافي؟!!." ونهضت من مكانها وهرعت نحو الباب لتقوم بفتحه والخروج مسرعة بينما بقي الثلاثة متسمّرين في أماكنهم.
"ل-لقد..استقبلنا وتحدّثنا مع روح..صحيح هيرشار؟." قالت آيرين التي دخلت وهي ترتجف بينما هتف هيرشار.
"اللعنة! كيف يمكن لهذا أن يحصل؟! ما الذي يجري بالضبط؟!."
**********************
وقف هيرشار ومايكل مستندين إلى سيارة كريس ال بي أم دبليو والتي جاءا بها بينما كان مايكل يدخن وهيرشار ينظر إلى السماء الصافية الزرقاء.
كان هذا بعد ساعة تقريبا من انتهاء الأمر، ساعة كان الصمت المطبق فيها هو المسيطر على صالة منزل هيرشار والأربعة المتواجدين في المنزل.
أشعل مايكل سيجارة وقال:
"حسنا..ما الذي ستفعله؟." كان على يسار هيرشار.
"لا أعلم حقا، لكن في النهاية لا بأس بالتحقيق في القضية ومعرفة هويّة القاتل."
أخذ مايكل نفسا من سيجارته وقال:
"هه، أم تخاف أن تلعن حياتك؟." فنظر إليه هيرشار ساخرا.
"أنت! لقد أصبحت شخصا آخر، لم تكن هذه الأمور تؤثر فيك ولو قليلا..ما الذي جرى لك؟."
"من يعلم." قال وسار للأمام مكملا:
"سأتأكد من كريس، لنذهب بعدها جميعنا ونتحرى." وسار نحو منزل هيرشار.
"تبّا! إنّه غريب اليوم، ليس مايكل الذي أعرفه!."
"هذا ليس غريبا." فأجفل هيرشار لأنّ الصوت كان من خلفه فنظر ووجد كريس جالسة داخل سيارتها.
"أ-أوي! منذ متى أنت هنا؟!!." هتف وقد أرعبته.
"منذ بعض الوقت." تمتمت
"ماذا تعنين بأنّ الأمر ليس غريبا؟." قال وقد استدار كاملا ليواجهها..كانت على المقعد الخلفي الأيمن.
"ظهور كاتي غيّره قليلا."
"ممم."
"ما بك؟." ونظرت نحوه شزرا بوجه محمرّ.
"لا شيء." وابتسم فاستفزّها لتفتح الباب فدفعت هيرشار ونظرت نحوه وقالت:
"نبرتك لا تعجبني. أتعتقد أنّها أنسب لمايكل منّي؟." ليجفل هيرشار.
"واو! هذا القفز في الاستنتاج مثير للاهتمام! لم أعتقد شيئا أيّتها الحمقاء!." فهزّت كريس رأسها وأشاحت بوجهها.
"كريس!." سمعا صوت مايكل يخرج من المنزل ويتوجّه إليهما.
"منذ متى أنت هنا؟ أخبرتني آيرين أنّك خرجت." ووقف بجوار هيرشار.
"هيرشار يعتقد أنّ كاتي أنسب لك." ليجفل هيرشار بينما نظر مايكل نحوه وقال:
"أوي هيرشار! لا تبدي آرائك في هذه الأمور! حلوتي من تهمّني."
"لم أبدي شيئا أيّها المغفل!." هتف به بينما نظر نحو كريس وقال لنفسه:
"هذه الحمقاء! أتحاول الانتقام من سخريتي منها قبل قليل عن أمر العميلة؟."
قال بعدها:
"لقد أصبح الوقت عصرا..هل سنذهب أم ماذا؟."
"سنفعل." قال مايكل.
"حسنا..سأرى آيرين." فاستدار ووجد آيرين كانت تقف خلفه فأجفل.
"آ-آيرين؟."
"ستحقق في الأمر إذن." قالت
"آ-آه."
"حسنا، أنزلني عند ماريّا فلست مستعدة للذهاب في تحقيق حول الأشباح."
"آ-آه.." قال ساخرا.
ليركب الأربعة السيارة..بعد ربع ساعة أنزل هيرشار آيرين عند ماريا وواصل القيادة بينما كانت كريس في الخلف ومايكل بجواره.
"ماذا كانت تفعل فتاتك في منزلك؟." قال مايكل بخبث.
"أقفل فمك أيّها الأحمق!."
"هل من خطط لرأس السنة؟."
"ربما." فنظر مايكل نحوه بينما لم يعلّق..انطلق هيرشار بالسيارة في الطريق السريع.
"حسنا..لنحصل على بعض المعلومات قبل أن نواصل الطريق." قال هيرشار وأمسك هاتفه وطلب رقما وفتح المكالمة على البلوتوث الخاص بالسيارة.
"مارك يتكلم."
"كيف حالك أيّها المفتش؟." هتف هيرشار
"أهذا أنت هيرشار؟ ماذا تريد؟."
"آه، في الواقع لديّ بعض الفضول حول قضيّة ما حصلت مؤخرا."
"ما الجديد في هذا؟ أنت مهووس أحمق."
"م-ماذا؟."
"ماذا تريد؟."
"أنت عدواني اليوم أيّها المفتش."
"أنت تجلب الموت في الفترة الأخيرة فمن الطبيعي أن أتعامل معك هكذا."
"وهل أنا من يخبرهم أن يرتكبوا جرائم؟."
"ماذا تريد؟."
"هناك قضية خارج نطاق العاصمة لكن أعتقد أنّك ربما تساعدني فيها."
"هل تهذي أم ماذا؟." فضحك هيرشار
"ما القضية؟."
"الرجل الذي يقتل النساء في المنطقة القريبة من الميناء."
"آه، أعرفها."
"حسنا؟."
"هو ليس مرتبطا بالميناء فقط..لقد امتدّت جرائمه لتغطّي العاصمة."
"ح-حقا؟." قال وقد أجفل هو وكريس ومايكل.
"نعم."
"كم عدد ضحاياه إلى الآن؟."
"أربعة."
"وهل تمّ معرفة الدافع؟."
"ليس بعد..لكن يبدو لنا الدافع جنسيّا فالضحايا كانت تتمّ تعريتهنّ."
"ح-حقا؟."
"آه، ضحاياه الأربعة إلى الآن لا يتشابهون في شيء سوى أنّهنّ أصغر من ثلاثين سنة، أطوالهنّ ولون بشرتهنّ وأماكن سكنهنّ وعملهنّ مختلفة تماما مما قد يدلّ على دافع عام أو هوس وجنون ومرض نفسي."
"وما أسماء الضحايا؟." فأجفل مايكل وكريس
"لماذا تريد أن تعرف؟ أتريد حشر أنفك في الأمر؟."
"ن-نوعا ما." قال ضاحكا
"اللعنة! اذهب إلى الجحيم." وهمّ بإقفال الخط فقال هيرشار:
"آه، لحظة! لقد طلبت إحدى قريبات الضحايا منّي هذا."
"ماذا؟."
"هذا ما حصل." فسمع تنهّد مارك.
"حسنا..الضحايا هنّ ماريا كلارك، إيفانكا نيلسون، لينا دافيد و أنّا بيترسون." فأجفل الثلاثة.
"أ-أنّا.." تمتم هيرشار
"لماذا ركّزت على هذا الاسم؟."
"آ-آه، لا..في الواقع شقيقتها هي من طلب التحقيق في الأمر."
"حقا؟ لم تبدو لي كفتاة تطلب التحقيق في الأمر، كانت حزينة على شقيقتها لكنّها كانت مستسلمة تماما."
"ربما كانت تريد الإمساك بالقاتل بسرعة."
"ماذا تعني؟." قال بغضب فأجفل هيرشار
"آ-آه، لا أقصد شيئا سيّئا حول الشرطة." وضحك
"على أي حال..تلك الفتاة ربما تكون الأكثر إفادة."
"ماذا؟."
"لقد لحقت بشقيقتها قبل موتها وهي متأكدة أنّها سمعت شقيقتها تتمتم ببعض الكلمات لكنّها من صدمتها بوفاتها أمامها نسيتها..في حال تذكّر الكلمات ربما سنكون قادرين على الوصول إلى القاتل."
"فهمت..شكرا لك أيّها المفتش."
"لا تحشر أنفك كثيرا."
"حاضر." وضحك ثم أقفل الخط وقال:
"تبّا!."
"في حال تذكّرها للكلمات هاه.." تمتمت كريس فنظر هيرشار من المرآة الأمامية إليها.
"ربما علينا دفع الروح للتحدث."
"هاه؟ هل فقدت عقلك؟!." هتف فضحكت بينما ابتسم مايكل لضحكة كريس التي يعشقها.
"على أي حال..أشعر أنّ شيئا ما غريب في هذه القضية وهذا ما يدفعني للتحرّي أكثر."
"غريب؟." سألاه.
"حسنا..ربما هو حدس لا أكثر."
الفصل الرابع:
"ما بك شاحبة آيرين؟." قالت ماريا بينما جلستا على الترّاس الخاص بغرفة نوم ماريا. ارتدت ماريا كنزة حمراء على تنورة بيضاء.
"ل-لا شيء."
"هل تشاجرت مع هيرشار؟." قالت بخبث
"لا." قالت بنبرة انزعاج
"إذن ماذا؟."
"ح-حسنا..لقد تحدّثنا مع روح." فأجفلت ماريا وهتفت
"ه-هل تمزحين؟!."
"ل-لا! لقد حصل هذا فعلا!." فارتعبت ماريا.
"ل-لكنّني لا أفهم..ماذا تعنين بروح؟." فقصّت عليها آيرين الأمر.
"ت-تبّا..هل هذا ممكن؟." وارتعشت هي وآيرين.
"هيرشار يعتقد بوجود أمر خلف هذا لكن.." وارتعشت
"يبدو الأمر حقيقيا!." هتفت ماريا لتجفل الاثنتان بصوت خشخشة في الشجر في الخارج فصرختا قبل أن تريا طائرا يطير في السماء من الشجرة.
"تبّا!." هتفتا معا.
************************
"بالمناسبة..أين تذهب بالضبط؟." قالت كريس بينما دخل هيرشار منطقة بدت شعبيّة والشارع فيها ضيّق جدّا.
"هل تذكّرت أن تسألي هذا السؤال الآن؟." قال بخبث
"أنت مزعج اليوم." قالت بابتسامة فابتسم.
"حسنا، أنا ذاهب إلى مركز الشرطة الخاص بالمنطقة فهو سيعطينا معلومات تفصيلية أكثر."
"لكن..لماذا لم تذهب إلى مركز العاصمة ففي النهاية الأمر وصل إليهم وأنت تعرف المفتشين والضباط هناك." قال مايكل.
"حسنا هذا صحيح لكن..الأمر بدأ هنا أولا كما مركز العاصمة سينظر للأمر من ناحية سطحية بعض الشيء، ناهيك عن أنّني لا أريد الدخول في نقاشات مع عمّي."
"وهذا المكان أشبه بقرية لذلك المعلومات ستكون أكبر." قالت كريس.
"بالضبط."
"بالمناسبة، سنعمل لثاني مرة على حلّ قضيّة منذ لقائنا أول مرة." قالت كريس مبتسمة.
"الثالثة، أنسيت قضيّة المؤلف الذي قتل زوجته وكان أوكنان موجودا أيضا؟."
"آ-آه، معك حق." قالت وقد بدا عليها الانزعاج من تذكّر أوكنان.
"يبدو بأنّك ومايكل مناسبان لبعضكما حقا." قال بمرح.
"لماذا هذا التعليق؟." قالت وقد قرّبت نفسها من الكرسي الأمامي منحنية.
"أنتما تمتلكان ذاكرة سيّئة جدا كالعجائز." قال بمرح فأجفلت كريس وغضبت.
"ع-عجائز؟." وأمسكت هيرشار من رقبته وقامت بخنقه.
"غ-غبيّة! أنا أقود! م-مايكل، أوقفها!."
"فلتواصلي حبيبتي." قال مايكل.
"أ-أوي! ل-لحظة! سأصطدم باللذي أمامي!." فأفلتته ليقوم بالتنفس وهو يلعن.
"تشبيه المرأة بالعجوز يقود لجرائم قتل." قالت كريس فضحك هيرشار ساخرا.
أوقف السيارة بعد دقيقة ونصف أمام مقر شرطة.
"فلنبدأ، لنرى ماذا يمكننا أن نحصّل من معلومات حول هذه القضية الغريبة." ونزل الثلاثة من السيارة.
***************************
جلس الثلاثة أمام مكتب ضابط أربعيني أصلع وعيناه سوداوتان لامعتان، ويمتلك جثة ضخمة وكان يرتدي بدلة سوداء اللون.
حلس هيرشار على يسار الرجل ومقابله جلس مايكل أقرب للضابط وعلى يمينه كريس.
"اسمي الضابط فريد..ماذا تريدون؟."
"هل تستطيع إخبارنا حول القضية التي بدأت هنا والمرتبطة بقتل نساء؟." قال هيرشار.
"هاه؟ من تكونون بالضبط؟ ولماذا عليّ إخباركم؟."
"اسمي هيرشار وأنا متحرّي."
"هيرشار؟ أين سمعت بهذا الاسم؟." وبدأ الضابط بالتفكير ثم قال:
"هل ألقيت القبض عليك من قبل؟ اسمك مألوف." فأجفل هيرشار بينما ضحك مايكل وكريس.
"ل-لم تلق القبض عليّ كما أنا لست من سكّان المنطقة!."
"إذن من أنت؟."
"هل هذا يهم؟." فهزّ الضابط كتفيه ثم قال:
"أعتقد أنّني تذكرتك..أنت الشاب الذي قام بحلّ قضيّة فضيحة الشرطة." قصد قضيّة أوكنان ووالده.
"آ-آه، نوعا ما."
"أوه، في الواقع لقد أعجبتني أيّها الشاب."
"أشكرك."
"حسنا..تريد معلومات حول القضية لكن لماذا؟ أنت لست من هنا فكيف سمعت عن القضية؟."
"آه، في الواقع لقد طلب منّي أحدهم التحقيق في القضية كما القضية وصلت إلى العاصمة كما يبدو."
"العاصمة؟ من قال هذا؟ لا توجد جرائم من هذا النوع قد ارتكبت سوى هنا."
"إ-إيه؟." تفاجأ الثلاثة "لكن، المفتش مارك من العاصمة قال أنّها وصلت إلى هناك."
"آه، أعرف المفتش مارك..في الواقع هي وصلت العاصمة نعم لكن ليس كما تتوقع."
"ماذا تعني؟." قالت كريس.
"فتاة من العاصمة قتلت هنا."
"إ-إيه؟." هتفت.
"هذا دفع أفرادا من شرطة العاصمة للمجيء لاعتقادهم أنّ القاتل ربما يكون قد تبعها إلى هنا."
"وبعد؟." قال هيرشار.
"تبيّن لهم أنّهم كانوا مخطئين..فالقضية لا محالة تعود لرجلنا."
"أتعني..؟." قال مايكل.
"أنّ هناك شيء مميّز وغريب في كيفية القتل التي تحصل من هذا القاتل؟." قال هيرشار.
"نعم، القاتل يقوم بتعرية ضحاياه وترك علامات – جروح – بالسكّين على أجسادهنّ قبل قتلهنّ وقد تكرّر هذا في جميع جرائمه."
"فهمت." قال مايكل بينما كان هيرشار يفكّر ثم قال:
"من بين الضحايا ماريا وإيفانكا ولينا وأنّا..من منهنّ التي جاءت من العاصمة؟."
"أنّا، أنّا بيترسون." قال الضابط بينما أظلمت السماء وحلّ الليل.
أجفل هيرشار وكريس ومايكل..أنّا جاءت من العاصمة إلى هنا لتقتل على يد القاتل..لماذا؟.
والسؤال الآخر كان يتمحور في عقل هيرشار لكن كريس سبقته.
"أنّا بيترسون تمتلك شقيقة تدعى لونا..هل تحدّثت عن سبب مجيء شقيقتها إلى هنا؟ وكيف انتهى بها أيضا خلف شقيقتها هنا؟."
"أتعرفون لونا تلك؟ لقد استجوبناها لنعرف معلومات أكثر وقد أخبرتنا أنّ شقيقتها كانت قد جاءت إلى هنا بحثا عن حبيبها الذي تعرّفت عليه من خلال الانترنت وقرّرا اللقاء فعرض عليها المجيء إلى هنا. شقيقتها لونا علمت بالأمر وشعرت بالقلق فأرادت أن تتبع شقيقتها إلى هنا وانتهى بها الأمر فور دخولها برؤية شقيقتها تقف مستندة إلى عمود قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة."
"لكن هذا يعني.." قال هيرشار
"أنّ أنّا بيترسون لم تتعرض لمثل التعذيب الذي تعرضت له الفتيات الأخريات صحيح؟." أكملت كريس.
"نعم."
"كيف حصرتم الأمر بالقاتل لنفسه إذن؟." سأل مايكل.
"شقيقتها أخبرتنا أنّ أنّا أخبرتها عن رؤيتها قاتل يقتل امرأة عارية وآثار سكّين على جسدها ثمّ رآها فحاولت الهرب منه قبل أن يطعنها في قلبها."
"هي تذكر هذا إذن." تمتم هيرشار
"ماذا؟." قال الضابط.
"ذكر المفتش مارك أنّ لونا تلك تحدثت عن كلام تمتمت به شقيقتها ولا تتذكره." وضّحت كريس.
"هذا صحيح..لقد تحدّثت عن هذا."
"الضحايا الثلاثة الأخريات من هنا صحيح؟ هلّا أعطيتنا عناوين سكنهنّ؟." قال مايكل بينما كان هيرشار يفكّر.
"لا بأس."
"وهلّا زوّدتنا بصور الضحايا؟." قال هيرشار.
"ولماذا هذا؟."
"ربما نستطيع استنتاج شيء منها كما..أريد تقارير الطب الشرعي." فنظر مايكل وكريس إليه شزرا.
"هذا الأمر ينفع مع توم فقط." تمتما بصوت هامس.
"لا بأس بهذا." فأجفلا
"لكن النسخ ستقرأها هنا وسترى الصور هنا."
"آ-آه..حسنا." قال هيرشار
نهض فريد عن مكتبه وتوجّه إلى خزانة وقام بإحضار ملف ووضعه أمام هيرشار ثم عاد إلى كرسيّه.
"هنا ستجد التقارير والصور."
"هل هناك شيء ما غريب لاحظه فريق الطب الشرعي؟." سألت كريس بينما فتح هيرشار الملف.
"ليس فعليّا، سوى الاعتقاد الأولي عن دافع جنسي ثمّ دحضه لاحقا لعدم وجود أيّ أثر لاغتصاب أو اعتداء جنسي ولم يكن هناك أثر لحيوانات منويّة."
"لماذا ترك الجروح على أجسادهنّ إذن؟." قال مايكل ونظر هو وكريس إلى بعضهما البعض.
"هذا ما جعل الاتّجاه يسير نحو الاعتقاد بأنّ القاتل ساديّ مجنون." قال فريد.
"لا أعتقد أنّ الأمر هكذا." قال هيرشار فنظر إليه فريد.
"من خلال النظر إلى الصور فآثار الجروح والضرب لا تغطّي جميع أجزاء الجسد..الضحايا تمّ جرحهم في أماكن حسّاسة فقط."
"إ-إذن..الدافع جنسي؟." قالت كريس وهي ترتعش من المنظر في الصور..تذكّرت قضيّتها، حين هربت من ليون بعد أن اكتشفت الوكر الخاص بتعذيب واغتصاب النساء.
ارتعشت ولاحظ مايكل هذا فأحاطها بيده وابتسم لها فابتسمت له.
"ليس دليلا أيّها الفتى، الساديّ يستهدف هذه الأماكن أيضا."
"ممم.." قال هيرشار وتأمّل الصور والتقرير.
"هذه.." تمتم فنظر إليه مايكل وكريس.
"أنّا." وأراهم الصورة التي أظهرت أنّا وهي ميّتة، لم تكن عارية وكانت ترتدي ملابس رسمية مكونة من بدلة نسائية بنفسجية مع قميص أبيض في الداخل.
"ماذا أثبت فحص جثتها؟." سأل فريد.
"لا شيء..لم يقم بتعذيبها ولا شيء من هذا القبيل..فلم يمتلك الوقت الكافي لهذا."
نظر هيرشار مجددا إلى الصور وشعر بشعور غريب.
"م-ما هذا الشعور الذي أتى لي؟." قال لنفسه.
"حسنا، هلّا غادرتم؟ لقد تأخّر الوقت فعودوا إلى منازلكم."
"معك حق." قال مايكل ونهض فنهضت كريس ونظرا إلى هيرشار.
"لا، سنقوم بالتحدث مع أسر الفتيات الثلاثة أولا." فنظرا إليه شزرا.
الفصل الخامس:
جلس الظل في غرفة معتمة بلا أيّ إنارة ينظر إلى شاشة الحاسوب المفتوح أمامه وهو يقضم أظافره.
"لماذا لم أفعلها في لحظتها؟!."
"أكانت الصدمة؟."
"اللعنة! ماذا عليّ أن أفعل الآن؟."
"هل..؟." وتعرّق متوترا.
"لكن..سيكون الأمر مجازفة خطيرة."
"ل-لحظة..هل كان في تلك الرسائل دلالة ما؟." وأمسك الفأرة وبدأ بالبحث من جديد.
"لا شيء..تبّا!."
"حسنا..لا بأس، سأصل لها قريبا."
************************
"أوي هيرشار! الساعة الآن العاشرة، ربما كانوا نياما." قال مايكل لهيرشار وهم يعودون إلى السيارة بينما كانت كريس قد سبقتهم وجلست في المقعد الخلفي.
"أعلم هذا، لكن هذه فرصتنا نظرا لتواجدنا هنا حاليا..لن نعلم إن كانوا نياما أم لا إلا حين نصل إليهم."
وركبا السيارة وشغّلها هيرشار وانطلق.
"هل شعرت بشيء غريب في الجثث هيرشار؟." قالت كريس.
"آه، لكن لا أعلم ما هو هذا الشعور..لقد كان غامضا."
"وأنا شعرت بهذا أيضا."
*********************
أوّل من قام الثلاثة بزيارتها كان منزل ماريا كلارك وكان هيرشار كارها لهذا الاسم لكنّ الفتاة قتلت وهو الآن على موعد مع عائلتها.
جلس الثلاثة في الصالة الصغيرة المتواضعة في أثاثها والتي خلت من السجاد بينما كان أمامهم والدة ماريا والتي كانت الوحيدة المتبقية من العائلة.
والد ماريا توفي قبل سنة ونصف إثر نوبة قلبية بينما كانت ماريا الابنة الوحيدة بلا إخوة ولا أخوات.
كانت والدتها امرأة أربعينية جميلة، بشرتها بيضاء وعيناها العسليتان الجميلتان أصبحتا شاحبتان واختفى رونقهما والسبب ربما يكون معروفا.
كانت نحيلة وترتدي فستانا منزليا أزرقا استنتج منه هيرشار أنّها فقدت كيلوغرامات من وزنها منذ موت – مقتل – ابنتها.
"هل قلتم أنّكم تحققون في مقتل ماريا؟." قالت الأم بينما كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف مساء.
"آه، ونحن لا نرغب في زيادة جراحك خالتي لكن.." قالت كريس.
"نودّ منك فقط الإجابة على بعض الأسئلة لا اكثر." قال هيرشار فأومأت.
"بداية، من خلال تقرير الشرطة تبيّن أنّ ابنتك كما أفدت أيضا كانت قد خرجت قبل شهر من الآن من المنزل ليلا ولم تعد من لحظتها..صحيح؟." سألها هيرشار فأومأت وبدأت عيناها تدمعان.
"حسنا، هل كان هناك شيء ما غريب لاحظته على ابنتك قبل أيام من هذا أو في ذات اليوم؟."
"لا أذكر في الواقع، فالفتيات هذه الأيام لديهنّ الكثير من الأسرار ويعتبر تدخل الأبوين غير صحيح."
"حسنا، فلنجعل السؤال يكون بطريقة أخرى." قال هيرشار وهو يغمض عينيه.
"إيه؟."
"هل كانت ابنتك بشخصية معينة وتغيّرت فجأة أو بسبب شيء ما إلى شخصية أخرى؟." فبدا أنّها تفكّر في السؤال قبل أن تقول.
"لا أعتقد هذا..كانت ماريا من النوع الكتوم أصلا." ودمعت مجددا.
"فهمت." ونظر إلى كريس ومايكل فأومأوا لينهض الثلاثة معا بينما طلب هيرشار من الأم أن تتصل به على رقم هاتفه – وكتبه لها – إن تذكرت أي شيء.
************************
الزيارة الثانية لهم كانت إلى منزل لينا دافيد والتي كانت الضحية الثالثة بعد ماريا وإيفانكا.
كانت أقرب لمنزل ماريا مما جعل إيفانكا بعدها وكانت العائلة مكونة من أم وأب وأخ واحد.
رفضت العائلة استقبال الثلاثة وصرخ بهم الأب الغاضب.
"هل تعبث الشرطة بنا لترسل أطفالا؟!."
"آ-آه..لكنّنا لسنا من طرف الشرطة." قال هيرشار
"لا يهمّني! اغربوا عن وجهي وأخبروا الشرطة أنّ من لا يستطيع حماية الناس وإلقاء القبض على المجرمين لا يحقّ له البقاء في منصبه ومكانه." وأقفل الباب في وجههم بقوة وسط ذهولهم.
*************************
كان مارك جالسا خلف مكتبه مرتديا بدلة بنيّة بينما مكتبه مطفأ تماما في المقابل سام كان قد عاد إلى المنزل.
كان مارك يفكّر بعمق في القضية فهي تؤرّقه خصوصا أنّ استقبال والد لينا لهيرشار وكريس ومايكل كان مشابها للطريقة التي استقبل بها الشرطة وقال كلاما مهينا لكن في نفس الوقت كان فيه بعض الصحّة.
نظر إلى الساعة التي أشارت إلى الحادية عشر ليلا وقرّر أنّ عليه الذهاب إلى المنزل.
في ذلك الوقت رنّ هاتفه.
***********************
عند الحادية عشر والربع كان الثلاثة في منزل مغاير كليّا لمنزل ماريا.
منزل عائلة إيفانكا نيلسون، العائلة الغنيّة جدا حيث كان الأب من كبار حيتان الشركات المتخصصة في البرمجة.
كانت الصالة تعادل مساحة منزل والد هيرشار كاملة وجلس الثلاثة متجاورين على كنبة بلون الذهب بينما استقبلتهم امرأة أربعينية والتي تبيّن لهم أنّها والدة إيفانكا والتي كانت متواضعة جدا على عكس الصورة النمطية للأم الغنية. الأب كان مازال في العمل ولم يعد بعد وهو وضع اعتادته الام والابنة إيفانكا والأخ الصغير الذي مازال في المدرسة.
كانت الأم شقراء، بقوام ممشوق ترتدي فستانا رماديا رائعا.
جلست مقابلهم وقالت:
"هل أنتم أصدقاء إيفانكا؟."
"ل-لا.." قالت كريس "في الواقع نحن نقوم بالتحقيق في الأمر."
"التحقيق؟!." وكانت نبرتها نبرة ذهول.
"ن-نعم..فنحن متحرّين." قال هيرشار بابتسامة ثم قال:
"فلندخل في المهم خالتي، فنحن لا نريد أن نتأخر أكثر عليكم خصوصا أنّ الزيارة جاءت في وقت متأخر فعليا."
"أوه، لا بأس أيّها الشاب..أخبرني." بدت كمن استطاع تجاوز صدمة مقتل ابنته.
"ما الذي تستطيعين إخبارنا به ويمكنه أن يلقي الضوء على ما حصل مع ابنتك؟ هل كانت غريبة نوعا ما في الفترة التي سبقت م-مقتلها أو في ذات اليوم؟ أو هل كان هناك تغيّر في شخصيّتها ومزاجها فجأة؟."
"حسنا.." ورفعت رأسها إلى السقف وقالت مكملة:
"في الواقع، إيفانكا كانت مرحة جدا ومحبوبة للغاية لكنّني أعتقد أنّ تحقيق الشرطة سيصل قريبا لشيء ما حول الضحايا."
"إ-إيه؟." قالت كريس.
"في الواقع..ابنتي والضحايا كانوا معا في مكان ما." فصعق الثلاثة.
"إ-إيه؟! لكن..الشرطة قالت أنّ الثلاثة لم يعرفوا بعضهم البعض." قال هيرشار فأومأت وقالت:
"هذا صحيح، لكن اكتشفت غير هذا منذ وقت قريب حين كنت أريد أن أنسى بعض الأحزان بترتيب غرفة ابنتي والتحقق منها كليّا وحينها.." وارتعشت
"وجدت بالصدفة في خزانة ابنتي صورة التقطت لها مع مجموعة من الفتيات وكانت الفتيات هنّ الضحايا الأخريات فقد أراني الشرطة صورهنّ من قبل."
أجفل الثلاثة وانتظروا ليسعموا أكثر.
"لم أخبر الشرطة بعد فللصدفة كان الأمر اليوم فقط."
"أ-أين كانت هذه الصورة؟." سأل هيرشار.
"ومتى؟." سأل مايكل.
"حسنا، كما يبدو كانت في بداية العام فقد كان هناك ثلج في الصورة ولم تخرج ابنتي في رحلة في الثلج سوى في بداية هذا العام.."
"أمّا أين..فما أذكره أنّها كانت قد ذهبت في رحلة إلى الجبال في شمال بلدنا."
"هلّا أريتنا الصورة لو سمحت؟."
"بالطبع." ونهضت من مكانها ليرنّ هاتف هيرشار بينما سارت في الممرّ فرفعه وأجفل برؤية الرقم قبل أن يجيب.
"حضرة المفتش."
"مع أنّك مزعج لكنّني وجدت نفسي أرغب في إخبارك في الواقع."
"إ-إيه؟."
"لقد عثرنا على نقطة تربط الضحايا ببعضهم البعض."
"م-ماذا؟."
"لقد عثرنا عليها للتوّ فقط."
"ه-هل هي مرتبطة بثلج وجبال؟."
"ماذا؟ أتعرف عن هذا؟."
"إذن هي كذلك."
"آه، فكما يبدو بأنّه كان هناك رحلة تخييم وتسلّق للجبال تمّ تنظيمها في بداية هذا العام وكانت خصّيصا للنساء فقط وفي تلك الرحلة تواجدت الضحايا الأربعة معا."
"ل-لكن..هل هذا يعني أنّهنّ يعرفن بعضهنّ البعض؟."
"لا، ربما كان الأمر فقط لقاءا بالصدفة داخل الرحلة."
"و-و ه-هل.." قالت كريس فقد كان هيرشار يضع الهاتف على وضعية مكبّر الصوت.
"حصل شيء ما في الرحلة؟." أكمل مايكل.
"نعم." فأجفل الثلاثة.
"في الواقع..لقد ماتت إحدى الفتيات بعد أن سقطت من وادي هناك." شعر هيرشار بقلبه يخفق بقوة.
"هل كانت جريمة قتل؟."
"لا يعتقد بهذا، فقد كان هناك تحذير لهنّ من عدم السير بالقرب من تلك المنطقة نظرا لإمكانية انهيار الثلوج ويبدو بأنّ الفتاة لم تستمع لهذا."
"إلى أيّ مدى هذه القصة موثوقة؟."
"ماذا تعني يا هذا؟."
"حضرة المفتش..هل لتلك الفتاة التي ماتت..أقرباء أو حبيب؟." فسكت مارك مطوّلا قبل أن يقول.
"سأبحث في هذا." وأقفل الخط.
نظر هيرشار إلى الأرض وفكّر مع نفسه.
"فتاة تموت في سقوط من وادي، وبعد نصف سنة تقريبا الفتيات اللواتي تواجدن معها في الرحلة قتلن على يد مهووس..أيعقل أن تكون الفتيات خلف مقتلها؟."
"ل-لكن..كما قال المفتش وعائلاتهنّ، لم يبدو بأنّهنّ يعرفن بعضهنّ البعض."
"في هذه الحالة.." وأجفل تماما.
"أ-أيعقل؟!." بينما وضعت الصورة أمام وجهه من قبل والدة إيفانكا.
الفصل السادس:
جلس هيرشار في منزله على كنبة في الصالة يفكّر فيما كان قد فكّر فيه في الأمس بينما كان الوقت الظهيرة.
كان قد تواصل مع توم وطلب منه التحقق من شيء ما..في تلك الأثناء قرّر إجراء مكالمتين بينما كان ينظر إلى الصورة الموضوعة أمامه والتي استطاع نسخها من عند والدة إيفانكا..الصورة التي تظهر الفريق الذي كان في الرحلة.
فريق مكوّن من إيفانكا وأنّا وماريا ولينا ومجموعة آخرين.
كانوا يقفون متجاورين لأخذ الصورة وابتسامة على شفاههم..كانت في منتصف الصورة، الفتاة التي سقطت لاحقا من وادي هناك لتموت في لحظتها.
"إلى أيّ مدى تخفي هذه الصورة خبايا لا نعلمها؟." تمتم بينما كان يضع الهاتف على أذنه لينفتح الخط ويسمع صوتها.
"هيرشار." قالت آيرين.
"يوه آيرين، كيف الحال؟."
"لا تتحدث معي كما تتحدث مع مايكل!." فضحك.
"تبّا!."
"آيرين."
"ماذا؟."
"ماذا عن موعد في الغد؟."
"إ-إيه؟ لماذا فجأة؟."
"فجأة؟ أنا أخبرك قبل يوم." فقالت:
"حسنا، موافقة."
"حسم الأمر إذن." فضحكت وكان هيرشار يحبّ ضحكتها.
أقفل الخط بعدها وطلب أرقاما أخرى وانتظر الإجابة.
"آلو؟." أجاب صوت أنثوي.
"آنسة لونا صحيح؟."
"م-من أنت؟."
"أنا هيرشار."
"من هيرشار؟." فسكت هيرشار لثواني قبل أن يقول:
"من طلبت منه شقيقتك التحقيق في مقتلها وحمايتك."
"هل تهذي أيّها الشاب؟ سأقفل."
"أتريدين معرفة قاتل شقيقتك؟." فأحسّ بتوتّر تنفّسها.
"م-ماذا تعني؟."
"إن أردت معرفة هويّة القاتل عليك التعاون معي."
"ك-كيف؟."
"لقد تحدّثنا مع عائلات الضحايا الأخريات وحان دورك لتخبريني عن شقيقتك، كان من الممكن أن آتي لمنزلك لكنّني آثرت فتح الأمر أولا على الهاتف."
"أنت تحقق في مقتلها؟."
"نعم."
"فهمت.." وسكتت قليلا
"أنّا كانت فتاة عادية، كانت ترغب في القيام بالكثير من الأمور وكان لديها الكثير من الرغبات والأحلام التي لم أفكّر في ربعها حتّى."
"أتعرفين سبب ذهابها إلى جهة الميناء؟ وما الذي جعلك تقومين بتتبّعها؟."
"لقد أخبرت الشرطة حول هذا،أنّا كانت قد وقعت في غرام أحد الشباب الذي بدا أنّه هناك وذهبت إلى هناك لتلتقي به فتبعتها لأنّني خفت عليها."
"فهمت."
"أهذا كلّ شيء؟."
"لا، ماذا تعلمين عن رحلة قامت بها شقيقتك في بداية العام وكانت تتضمن تخييما في جبل ثلجي؟."
فحلّ صمت من قبل لونا.
"آنسة لونا؟."
"ألم تصل إلى القاتل بعد؟!!." سمع صراخا في وجهه فأجفل.
"ه-هذا.." تمتم
"هذه أنا أنّا..ما الذي تفعله؟ ألم تصل لشيء بعد؟."
"آ-آه، ليس بعد."
"ما هذا؟! هل أنت ذلك المتحرّي؟ لقد أحبطتني."
"ح-حقا؟." قال ساخرا
"ما الذي تنتظره؟ سيقتل شقيقتي!."
"اسمعيني..فلنتحدث في الأهم."
"إيه؟."
"ما الذي دفعك للذهاب إلى التخييم؟ وهل كنت تعرفين الأشخاص اللذين كانوا هناك؟ وما الذي حصل بالضبط؟ كيف ماتت الفتاة؟."
حلّ صمت من طرف أنّا قبل أن يسمع صوتا خفيفا أتبعه صرخة مجددا.
"من الذي أتحدث معه بالضبط؟ أما زلت على الخط؟."
"آ-آه، هذه المرة آنسة لونا..صحيح؟."
"هاه؟! ومن سيتحدث معك غيري؟!."
"من أنت؟ وماذا تريد؟."
"لا شيء، آسف على الإزعاج." وأقفل الخط وهو يتنهّد.
نظر إلى الطاولة وإلى الصورة ثم أخرج هاتفه ونظر إلى صور الجثث التي أخذها خلسة وفكّر.
"شيء ما خاطئ."
"هناك ما لا أفهمه."
رنّ هاتفه في حينها وكان المتّصل توم.
أجاب هيرشار وأنهى الاتّصال بشبح ابتسامة.
**************************
بعد ساعة ونصف كان هيرشار يقف أمام المدخل الخاص بإحدى البنايات وهو ينظر إلى المدخل. ارتدى قميصا أبيضا على بنطال أسود.
"القطع المتسلسلة تقود إلى هنا."
أجفل فلم يكن من تحدث بل جاء الصوت من خلفه..أدار نفسه وأجفل برؤية كريس تقف أمامه وهي ترتدي كنزة وردية بلا أكمام على بنطال أبيض وتبتسم له.
"ك-كريس.." تمتم وقد فاجأته.
"يبدو بأنّنا كنّا نسير في طريق واحد." ومشت نحوه.
"وجود حالة وفاة لفتاة في المكان الوحيد الذي اجتمعت فيه الضحايا لا يمكن أن يكون مجرّد مصادفة أو حدثا طبيعيا لا أكثر." ووقفت أمامه تماما.
"موت الفتاة لا بدّ من وجود شيء ما خلفه..وفي هذه الحالة هناك احتمالان."
ووقفت بجواره بينما كان وجهيهما في جهتين متعاكستين.
"الاحتمال الأول: أن تكون الفتيات على معرفة ببعضهنّ البعض لكن هذا الأمر لا يعلم به أفراد عائلاتهنّ، وهنّ من كنّ وراء موت الفتاة بالتآمر عليها بطريقة أو بأخرى."
ونظرت جانبيا إلى هيرشار الذي نظر إليها أيضا.
"الاحتمال الثاني: أن تكون الفتيات لا يعرفن بعضهنّ البعض وما حدث هو فقط.." وسكتت ومشت للأمام أكثر فأدار هيرشار وجهه ونظر إلى ظهرها.
"غريزة البقاء."
وأدارت نفسها ونظرت إليه.
"ربما يكون الأمر أنّ الحادثة التي حصلت للفتاة حصلت لجميع الفتيات معا، بمعنى أنّ الخطر كان على الجميع لكن كما يحدث فطريّا فإنقاذ نفسك في هذه المواقف أولوية لك..لذلك.." وسكتت فقال هيرشار:
"آه، لم يتمكنّوا من إنقاذها أو تخلّوا عن إنقاذها في سبيل إنقاذ أنفسهم." فابتسمت كريس وقالت:
"وعليه فالشخص الذي يريد الانتقام منهم هو شخص يحبّ الفتاة ويعتبرها عائلته، وبالبحث عن الفتاة واسمها وعائلتها تبيّن أنّها وحيدة ولا تمتلك سوى.."
"شقيقها." أكملت ونظرت إلى البناية ثم إلى هيرشار من جديد.
"هذا رائع." قال وهو يبتسم "لقد كنّا نسير على نفس الطريق." وسار للأمام وقال:
"فلندخل ولنستفسر من شقيقها أكثر..فالشرطة أكّدت أنّ الحادثة التي حصلت لم يكن فيها أي شبهة جنائيّة."
"آه." واستدارت وتبعته ليصعدوا إلى شقة الفتاة التي ماتت قبل نصف سنة أو أكثر ليتحدثوا مع شقيقها.
كانت الشقة في الطابق الثاني ورقمها 7..قام هيرشار بالطرق على الباب لدقائق من دون إجابة.
"هل يكون في العمل؟ هو في نهاية العشرينيات كما عرفت." قال متمتما.
"فلنعد لاحقا إذن." قالت واستدارت بينما وقف هيرشار متسمّرا في مكانه.
"ل-لحظة."
"ما الأمر؟." وعادت إليه.
"ه-هذه الرائحة.." تمتم فأجفلت كريس وهي تستنشق.
أمسك هيرشار مقبض الباب وفتح الباب فأجفل لأنّه لم يكن مقفلا.
ارتعب هو وكريس لكنّ الرائحة لم تترك مجالا آخر.
ركضا إلى الداخل وعندها توقفا مجفلين ومرعوبين أمام باب غرفة.
كان هناك شاب معلّق إلى السقف وقد شنق نفسه.
الفصل السابع:
"إذن..اعتقدتما أنّ شقيق الفتاة التي ماتت في ذلك الحادث قد يعرف شيئا أو قد يكون هو المسؤول عمّا جرى مع الفتيات الأربعة..صحيح؟." قال مارك والذي وقف في الغرفة بينما ارتدى بدلة سوداء اللون ونظر إلى هيرشار وكريس اللذان كانا أمام باب الغرفة.
كان فريق الطب الشرعي قد أنزل الجثة وبدأ بفحصها وفحص المكان.
"آ-آه، نوعا ما." قال هيرشار.
"تبّا! أنت أصبحت غرابا مرتبطا بالموت حقا." وأعاد نظره إلى الجثة بينما ابتسم هيرشار بسخرية.
"ما الوضع أيّها الطبيب؟." قال مارك.
"لقد توفيّ منذ بضعة أيام، لا توجد آثار اعتداء ولا بصمات في المكان مما يجعل الأمر انتحارا."
"بضعة أيام.." تمتمت كريس "أليس مقتل آخر الضحايا كان منذ بضعة أيام وتحديدا منذ أسبوع تقريبا؟."
"أتعنين أنّه قتلها ثم قرّر الانتحار؟." قال مارك.
"أرى أنّه احتمال وارد فقط."
"ممم." بينما لم يعلّق هيرشار وكان غارقا في التفكير.
"أعتقد أنّه احتمال ضئيل نوعا ما." قال هيرشار بعد دقيقتين.
"م-ماذا؟." قال مارك
"القاتل قام بقتل ضحاياه الأربعة بطريقة وحشية مع تعذيب واضح..هذا يدلّ على حقد شديد من طرف القاتل نحو الضحايا في حين هذه الغرفة هادئة جدا وبلا أدلّة." وسار إلى الداخل قليلا.
"هل تهذي؟ ماذا تعني بغرفة هادئة؟." قال مارك منزعجا.
"لا أجد صورا لشقيقته في الغرفة..كما لا توجد أيّ رسالة اعتراف بجرائمه." فأجفل مارك وكريس.
"لكن..ربما يكون القاتل ساديّ لا أكثر." قال مارك.
"في هذه الحالة فهو ليس القاتل." وابتسم لمارك الذي اجفل من تفكيره.
"ماذا تقول إذن؟." قال بعدها.
"لا أعلم لكن..لا بأس في اعتبار أنّ هناك قاتل آخر أراد إلقاء التهمة على شقيق الفتاة مستغلّا أنّ الدافع سيكون قويّا في حالته."
توتّر مارك وكريس لكن كان اتّجاه التفكير منطقي.
"أين الضابط توم؟." سأل هيرشار بعدها ليجفل الثلاثة بدخول توم الغرفة مرتديا بدلة رمادية اللون.
"سيّدي." قال وهو يدخل.
"أين كنت توم؟."
"كنت أقوم بالتحقيق في أمر الفتاة التي ماتت قبل أكثر من نصف سنة بناء على طلب هيرشار لذلك تأخرت."
"ماذا؟ متى طلبت منه هذا؟." قال مارك بانزعاج وهو ينظر إلى هيرشار الذي نظر إلى توم لا أكثر.
"حسنا، لقد تواصلت مع الخان الذي نزل فيه فريق الرحلة وحاولت التواصل مع منظمي الرحلة والنتيجة هي كالتالي.." كان يقف بجوار كريس حاليا.
"قال موظفوا الخان انّ الانهيارات الثلجية أمر متوقع بشكل دائم في تلك الفترة من العام لذلك قاموا بالتحذير من الأمر بإخبار منظمي الرحلة بهذا واللذين بدورهم لا بدّ أنّهم أخبروا السيّاح بهذا."
"وبالتنسيق مع فريق منظمي الرحلة والخان حصلت على بعض الصور من الرحلة والتي التقطت للجميع في أثناء الرحلة.." وأخرج الصور بينما اقترب منه هيرشار ليلقي نظرة ليكمل توم.
"وبالنسبة لكيفية موت الفتاة ففي الواقع كان الأمر قد حصل كما يبدو عندما ركبت الفتيات المشتركات في الرحلة عربة يقودها أحصنة للاستمتاع بالأمر على الجبال الثلجية لكن بسبب الثلج كما يبدو كانت العربة تسير بالقرب من حافّة أرضية وكادت تسقط لكنّ الذي يقود العربة استطاع موازنتها وعندها.." ونظر إلى هيرشار ثم كريس ثم مارك.
"سقطت الفتاة والتي بالمناسبة اسمها ليليان من العربة لتهوي للأسفل وتموت مباشرة." فأجفل الثلاثة وحلّ الصمت بينهم لتقطعه كريس بتمتمة.
"لم تكن غريزة بقاء أيضا."
"هل قلت شيئا؟." قال توم فلم تعلّق.
كان هيرشار يتأمل في الصور الخاصة بالرحلة بينما توجّه مارك وتحدّث مع فريق الطب الشرعي ولحق به توم.
"ما رأيك؟." قالت كريس.
"حسنا..هناك أمران مثيران للتساؤل في هذه الصور."
"أمران؟." لكن هيرشار استدار وتوجّه نحو توم ليسأله فرأته كريس يهمس لتوم بشيء فأظهرت شبح ابتسامة.
***************************
وقف الظل في المصعد وقد ضغط رقم طابق المواقف حيث أوقف سيّارته.
نعم..كان كما يبدو خطأ..
وها هو الآن يتّجه لذلك المكان الذي وصل إليه..ليقوم بإصلاحه.
***********************
وقفت كريس في الخارج أمام المبنى تستند إلى عمود الكهرباء المثبّت في الشارع وهي تنظر إلى السماء الزرقاء بعينين شاردتين.
"ما بك شاردة؟ ولماذا مايكل لم يأت معك؟."
أيقظها صوت هيرشار من خلفها من شرودها ليقف على يسارها وينظر إليها من مكانه.
"مايكل في العمل."
"أوه، ولماذا أنت شاردة؟ أمازلت تفكّرين في أمر كاتي؟."
"ل-لا.."
"هذه ال لا الشاردة تعني نعم." وضربها على كتفها بلطف.
"ح-حسنا..ع-على أيّ حال.." وأشاحت بوجهها المحمرّ.
"هل وصلت إلى القاتل وحلّ القضيّة؟."
"ماذا عنك أنت؟." سألها فنظرت إليه.
"أنا؟ أنا دماغي اليوم فارغ تماما ولا أستطيع التفكير بشكل واضح."
"أتعبثين بي؟ من وصل إلى هنا على نفس الخط معي؟."
"ه-هذا حصل من استنتاج الأمس..أنا أتحدث عن اليوم."
"تبّا!." تمتم فقالت:
"وبعد؟ هل وصلت إلى شيء حقا؟."
"آه، نوعا ما." قال وهو مازال ينظر إلى السماء.
"ولماذا لا تبدو متحمّسا أو سعيدا؟."
فتنهّد وقال:
"مازلت أريد التأكد من شيء وقد طلبت من الضابط توم التصرف."
"لكن..هذا لا يفسّر أنّك تبدو منزعجا وغير مرتاح."
"تبّا! نحن نصل إلى هوية قاتل وليس لغزا سأستمتع بحلّه." فقرّبت وجهها من وجهه وقالت بخبث:
"أوه، حقا هيرشار؟." فأجفل وأبعد وجهه وهو يقول:
"م-ماذا تعنين؟."
"أنت منزعج لشيء آخر..سبب آخر صحيح؟." فأشاح بوجهه وهو لا يريد إظهار الأمر أمامها.
"آه، في الواقع هناك شيء مازلت لا أفهمه."
"شيء؟." فتردّد هيرشار قبل أن يقول:
"موضوع الروح تلك..ليس الأمر أنّني لا أفهم كيفية حصول هذا بل.." فانتظرت كريس.
"لا أفهم لماذا تقوم بهذا بالضبط." وحكّ خدّه بسبّابته.
ابتسمت كريس وسارت نحو هيرشار وربتت على كتفه فنظر إليها لتهمس في أذنه.
"أنت لا تفهم قلب المرأة." فأجفل بينما سارت وتجاوزته ليدير نفسه نحوها ويهتف:
"م-ماذا تعنين بهذا؟." فأدارت وجهها وابتسمت له.
أجفل هيرشار بعدها.
"أ-أتعني؟." فأومأت.
كان مذهولا بعض الشيء ووقف شاردا للحظات قبل أن يبتسم وهو يضع يديه في جيبيه لينظر إلى كريس وهو يبتسم ويقول:
"من قال أنّ دماغه فارغ اليوم؟." فابتسمت وقالت:
"استنتاج الأمس." قالت بابتسامة ساحرة فازدادت ابتسامة هيرشار أكثر ونظر نحو السماء وقال:
"حسنا..لقد أصبح لديّ تفسير لكلّ شيء."
"هذا يعني بأنّني تفوقت عليك." قالت بابتسامة.
"هاه؟ ما هذا الهراء؟ كما ما علاقة هذا بفهم قلب المرأة؟." لتجفل وتتنحنح ليرنّ هاتفه بعدها.
*************************
وقفت لونا أمام باب المنزل وهي ترتدي كنزة بيضاء على بنطال منزلي أسود..نظرت من عين الباب ثم فتحت الباب.
"من أنت؟." قالت.
"ملك الموت." لتجفل وتتّسع عيناها كلّيا.
الفصل الثامن:
"ضابط توم." أجاب هيرشار
"هيرشار..بالنسبة لما سألتني عنه فقد كان استنتاجك في محلّه كما يبدو."
"حقا؟."
"لكن..هناك نقطتان لا يمكنك تصديقهما في الواقع."
"ماذا؟." وأخبره ليجفل هيرشار كليّا.
************************
ما الذي جرى لها؟ ألم تكن مستعدة للأمر؟ ألم تكن..
لكن لماذا حلّت صدمة عليها الآن؟ أهو بسبب..؟.
لم تستطع الحراك أبدا بينما استغلّ الأمر من أمامها ليقوم بتقييدها وإجلاسها على الأرض.
"من كان يتوقع أنّكما توأمان." تمتم الشخص وهو ينظر إليها غاضبا.
"لكن لا بأس..فلم أندم على قتلها حتى لو كان لا يوجد لها علاقة بالأمر..لكن.." وارتعش.
"في النهاية..يجب أن يعاقب من قام بالأمر وتعاون عليه."
"م-من أنت؟." تمتمت لونا بينما رأت السكّين في يد الشخص الذي أمامها.
"أتذكرين فتاة اسمها ليليان؟." فأجفلت لونا.
"ل-ليليان؟."
"ولا تذكريها أيضا؟." وارتعش وأسنانه تصطكّ بينما ارتعبت لونا.
"سأعطيك تلميحا..الرحلة الثلجية قبل ستّة أشهر تقريبا."
"إ-إيه؟." ثمّ أجفلت.
"ه-هل يعقل؟." لتجفل بالسكّين جزؤها الحادّ يوضع على رقبتها وبدأت تنغرز ببطء.
"ل-لكن..أ-أنت..م-من بالنسبة لها..؟."
"هذا لا يهمّ الآن..فستلحقين بهم و..بها." ليخفق قلب لونا رعبا بينما تعرّقت تماما في الوقت الذي كانت السكّين تنغرز أكثر في لحمها.
"الأمر حقا غريب لكن في الواقع فمن يقف أمامك الآن هو..حبيبها."
أجفل الشخص ونظر حوله مما جعل السكّين تبتعد عن رقبة لونا التي أجفلت وتنهّدت براحة بعض الشيء.
"أو..حبيبتها."
"من هناك؟!!." صرخ الشخص ليسمع صوت خطوات من خلفه فاستدار وهو يوجّه السكّين.
"كان الأمر غريبا..فبينما كان الجميع يبحث عن حبيب، وجدنا فجأة أنّ الأمر مرتبط بحبيبة أنثى على غير المتوقع." وقف هيرشار واضعا يديه في جيبيه أمام الشخص الذي لم يكن سوى امرأة في الأربعينيات من عمرها، بيضاء البشرة وشقراء الشعر، وعيناها الخضراوتان كانتا ساحرتين جدا..كانت ترتدي قميصا أسود على بنطال أسود.
وجّهت السكّين نحو هيرشار الذي نظر إليها فقط بينما تمتمت لونا مصعوقة:
"ح-حبيبتها؟." وكانت ترتعش رعبا.
"من أنت؟." قالت المرأة لهيرشار.
"أدعى هيرشار وأنا متحرّي." فأجفلت.
"لنبدأ بالحديث عن القضيتين معا..القضية التي حصلت قبل حوالي نصف سنة من الآن، والقضية التي بدأت منذ شهرين تقريبا بقتل مجموعة من الفتيات." قال هيرشار ونظره لا يفارق المرأة بينما أصبحت لونا خلف المرأة التي أعطتها ظهرها.
"قبل نصف سنة..شهدت الجبال الثلجية حدثا غريبا نوعا ما وهو عبارة عن رحلة في طابعها غريبة في الواقع.." وسكت قليلا.
"الرحلة التي كانت أصلا بعنوان..هل تشعر بالملل أو الاكتئاب؟ فلتشاركنا في مغامرة مثيرة على الجبال مع أجواء ممتعة ومثيرة..ملاحظة: الرحلة مخصصة للنساء فقط."
"وبسبب هذا..تجمّع مجموعة من الأشخاص – النساء – وكانوا..ليليان ولونا وإيفانكا وماريا ولينا." فارتعشت المرأة بينما نظرت بطرف عينها إلى لونا.
"كانت ليليان هذه فتاة ساحرة..لديها هالة من النوع الذي يجذب إليها أي شخص كما كانت فاتنة وجميلة للغاية..لكنّها كانت من النوع الذي يسهل خداعه لذلك دخلت في علاقتين مع رجلين وقعا في غرامها ثم تخلّيا عنها بسهولة مما جعلها تدخل في اكتئاب لتجد لاحقا ما اعتقدت أنّه منفذ للتنفيس دون أن تعرف أنّ القدر يقودها إلى حتفها." واقترب قليلا فهزّت السكّين محذرة ليتوقف هيرشار.
"بمجرد أن دخلت في الرحلة استحوذت على اهتمام جميع من في الرحلة من موظفين وموظفي الخان، الجميع ما عدا أربعة كانوا يغارون من هذا..وهم ضحايانا حاليا."
"لكن..لا يوجد شخص عاقل يمكن أن يقتل شخصا آخر بسبب شيء كهذا – مع أنّنا رأينا مجرمين ارتكبوا جرائم بدوافع مماثلة – لكن في حالتنا هناك كان الوضع مغايرا." والتقت عيناه بعيني لونا خلف المرأة.
"لقد حصل أمر قدري قاد إلى كل شيء." وأغمض عينيه قليلا ثم فتحهما وأكمل:
"الفتيات الخمسة قرّرن ركوب عربة الخيول مع سائق ليسير بهم على الجبل الثلجي وهناك.." وسكت قليلا ولاحظ ارتعاشة المرأة التي أمامه.
"لم ينتبه السائق إلى اقترابه من حافّة الطريق لتعلق العربة في الثلج أسفل الحافّة وحاول السائق القيام بدفع العربة وتحفيز الأحصنة لكن.."
"لم يستطع..في المقابل، كان هناك من أصبحت غريزة البقاء مشتعلة لديه ورغبة البقاء حيّا مهمة جدا له وهو يرى أنّ الموت قريب..لتخطر على بال إحداهنّ كما يبدو فكرة طبّقنها بعدها من دون معرفة السائق."
"إذا خفّ الوزن في العربة يمكن دفع العربة..وبالصدفة، كانت ليليان عند الطرف.." ارتعشت المرأة ثم صرخت.
"آه! لقد ضغطوا على الحافّة لتسقط ليليان من العربة للأسفل!." وارتعشت.
"آه، في البداية لم يعتقد السائق بوجود أيّ أمر إجرامي خلف الأمر فقد كان العمل سريّا وباتفاق جماعي من الأربعة كما أظهرت الأربع نساء حزنا ورعبا بعد الذي حصل..السائق حين قامت الشرطة باستجوابه منذ أيام قال بأنّه لم يكن يتوقع هذا لكن ذاكرته أحضرت له مشاهد من حقد من الفتيات الأربعة على الفتاة وغيرتهم من تملّكها قلوب الجميع فجعله يعتقد أنّه ربما كان هناك شيء ما خلف هذا..في المقابل، أنت منظمة الرحلة لم تتواجدي معهم في تلك الخطوة ولم تتوقعي حصول هذا."
نظرت نحو هيرشار شزرا.
"ما الذي جعلك تصلين إلى أنّ الأمر تمّ عمدا؟."
"هه، أنا أعمل حاليا عاملة بار فلم أعد أريد تنظيم الرحلات..وبالمصادفة أتت إليّ منذ فترة الضحية الأولى ماريا ولم تتعرف إليّ وحينها.." وسكتت
"أ-أتعني...؟." قال هيرشار.
"نعم، ثملت في ليلتها وتمتمت حول الحادثة مما جعلني أستدرجها في الكلام لأعرف كلّ شيء."
"فهمت، وحينها خططت لانتقامك باستدراج الفتيات اللواتي كنّ أصلا من تلك المنطقة..قمت بتعذيبهم وتركت الحرف الأول من اسم كل ضحية على جسدها من خلال الجروح والتعذيب." فأجفلت المرأة ونظرت نحوه.
"استطعت ملاحظة حرف ال (إم) من خلال خدوش وجروح جسد الضحية الأولى ماريا..ونفس الأمر وجدته على جسد إيفانكا من خلال حرف ال (آي) كما وجدت حرف ال (ال) على جسد لينا."
"في المقابل..لم تمتلكي الكثير من الوقت للقيام بشيء مشابه مع أنّا."
نظرت المرأة وإليه وقالت:
"ما الذي أحضرك إلى هنا؟ كيف عرفت أنّني سأستهدف هذه الفتاة؟ إن كان الأمر ربطك الخدوش والأحرف فأنت قلت أنّ تلك المرأة لم يوجد عليها شيء..لماذا أنت هنا؟."
"لسببين اثنين."
"ماذا؟."
"الأول: أنّني طلبت منّي روح أنّا حماية شقيقتها."
"ه-هاه؟."
"والثاني: أنّ هناك استنتاجا ربط الأمر كلّه."
"استنتاج؟."
"القاتل الذي قام بتعذيب ضحاياه وقتلهم لم يكن يحتاج لترك الحرف الأول من أسمائهم على أجسادهم..هذا بالنسبة لي كان تصرفا غريبا لذلك فكّرت في الأمر.."
"ماذا لو كانت الأحرف الأولى من أسماء الضحايا تشكّل معا كلمة تقود إلى حقيقة أمر ما؟."
"وعندها حاولت الحصول على كلمة من أحرف أسمائهنّ..لكن بلا فائدة.."
"وفجأة برزت لي صورة غريبة."
"صورة؟."
"نعم، الضحية ليليان كانت قد سقطت وهوت على المنحدرات الثلجية حتى وصلت إلى.." وسكت قليلا.
"طاحونة هوائية..كانت قد اصطدمت بها."
"م-ماذا؟."
"طاحونة هوائية..بالانجليزية.."
"Mill."
فأجفلت لونا والمرأة.
"لكن..الضحية الأخيرة لم تكن تبدأ بحرف ال (ال) بل لا يوجد ال في اسمها أصلا."
"وهناك خطر لي الأمر." وهزّ كتفيه.
"ف-فهمت.." ونظرت للأسفل ثم رفعت رأسها ونظرت إلى هيرشار وقالت:
"ماذا عن كلمة حبيبتها؟ لماذا شككت في هذا؟."
"الصور من جديد."
"إ-إيه؟."
"من خلال الصور التي تمّ الحصول عليها عن طريق الشركة المنظمة والخان كان هناك الكثير من الصور التي تظهر الجميع لكن.." ونظر في عينيها.
"كان هناك أيضا الكثير من الصور تظهر الجميع مع تركيز على واحد فقط وهي ليليان تلك.."
"لذلك طلبت من الشرطة البحث عن الشخص الذي التقط الصور هذه وعندها توصّلنا إلى حقيقة غريبة.."
وتذكّر مكالمة توم له قبل بعض الوقت.
"ا-امرأة تقول؟!." هتف هيرشار.
"آه، لقد كان الاعتقاد طول الوقت من طرفك أنّه حبيب للفتاة لكن في الواقع من التقط الصور كان امرأة من منظمي الرحلة."
"إذن..هي قريبتها أو والدتها ربما؟ لكن..طريقة أخذ الصور تظهر حبّا غير طبيعي."
"ليست قريبتها ولا والدتها..هي حبيبتها."
"م-ماذا؟."
"لقد تحدّث أحدهم أنّه سمع المرأة تبكي وتصرخ حين عرفت بوفاة الفتاة أنّها ماتت حين شعرت بالحبّ تجاهها وقبل اعترافها لها."
"ال-اللعنة..سحاقية إذن."
"نعم."
نظر هيرشار إلى المرأة ثم قال وقد بدأ بالسير نحوها فتأهّبت ليتوقف قليلا.
"أنت لست حبيبتها." فأجفلت المرأة.
"أنا من النوع الذي لا يحبّ أن يكون هناك أمور غامضة أمامه ولا يفهمها.." وأغمض عينيه.
"أولا: حين رأيت صور ليليان انتابني شعور غريب استطعت تفسيره لاحقا."
"شعور غريب؟."
"نعم، فالفتاة لا تشبه بأيّ شكل من الأشكال شقيقها وغالبا ما يحمل الاشقاء صفات جسدية وشخصية من آبائهم وازدادت شكوكي حول الأمر حين رأيت صورة والديه في غرفته..نعم..ببساطة ليليان كانت ابنة متبنّاة لديهم." فأخفضت المرأة رأسها.
"في المقابل، أنت أربعينية وشقراء وذات عينين خضراوتين وهذا كليّا يتناسب مع ليليان. وكما قلت أنت أربعينية وهي عشرينية وهذا يقودني لاستنتاج واحد."
وسار نحوها ووقف بجوارها.
"مع الأخذ بالاعتبار حول الصور التي التقطت من طرفك لها أيضا..أنت..أمّها، صحيح؟." فارتجفت المرأة بينما شهقت لونا.
"آه.." تمتمت وانهارت أرضا.
"ما القصة؟ لماذا تخلّيت عنها؟." ونظر نحوها لأسفل.
"لقد أنجبتها من زنا مع أحدهم..فألقيتها في الشارع لاحقا..وحين وصلت هذا السنّ وشعرت بالوحدة تذكّرتها فأردتها وأردت لقائها والاعتذار منها." وبكت.
"لذلك كانت الرحلة للنساء فقط..لتزيدي من احتمالية العثور عليها خصوصا أنّك توقعت أنّها أخذت في نفس المنطقة التي تسكنين فيها."
"آ-آه." وبكت أكثر فتنهّد هيرشار.
"ل-لقد..أخذن ليليان منّي! أخذنها منّي فور أن رأيتها وفرحت لفرصتي بأن أكفّر عن ذنبي." وبكت اكثر وأكثر.
"هذه المرأة هنا..كانت تنتظر الموت." وعبر من جوار المرأة بينما أجفلت المرأة واستدارت ونظرت إلى هيرشار الذي وقف أمام لونا.
"لونا هذه كانت تنتظر قدومك..إنّها تريد منك قتلها."
"م-ماذا؟." فأدار وجهه ونظر للمرأة بينما أخفضت لونا رأسها.
"حان الوقت للحديث عن السبب الذي جعلك تقتلين أنّا وليس لونا..لماذا لا تشرحي لنا بالتفصيل الأمر؟." وأدار نفسه كاملا تاركا ظهره للونا.
"آه، الخطأ حصل بسبب الاعتماد على الملفات وليس الذاكرة." وسكتت ونظرت إلى السقف وهي تمسح دموعها.
"هذه الساقطة كانت من شارك في الرحلة لكن الاسم المسجّل في الرحلة، طريقة الدفع والشخص الذي دفع..كان كلّ شيء باسم أنّا."
"كما توقعت." تمتم هيرشار.
"لم أتذكّر سوى متأخرا أنّ حوارا دار بين أحد أفراد منظمي الرحلة وبين تلك الساقطة حين تحدّثت عن اسمها أنّه لونا وعندها سألها لكنّ التسجيل تمّ باسم أنّا وعندها تحدّثت أنّ شقيقتها تكفّلت بتكاليف الرحلة كاملة لكنّها عجزت عن المجيء معها لانشغالها بأمر ما." وسكتت وأخفضت رأسها نحو هيرشار.
"لذلك حين قرّرت الانتقام نسيت هذا الحوار وراسلت الفتاة عن طريق بريدها."
"فهمت، وكان من فتح البريد أنّا التي ربما اعتقدت أنّ شخصا ما يريد منها شيئا ما لسبب معيّن خصوصا أنّك لن ترسلي بالبريد تهديدا بالقتل لهنّ." وطرف بعينه للخلف.
"وحينها قرّرت أنّا الذهاب إلى العنوان وحين سألتها شقيقتها – لونا – عن أين تذهب، أخبرتها بالعنوان فربطت شقيقتها الأمر مع حقيقة مقتل الفتيات اللواتي كنّ معها في الرحلة لتقوم باللحاق بشقيقتها إلى هناك لكن.." وأدار نفسه كاملا ونظر إلى لونا التي كانت ترتعش وترتجف.
"لم تستطع اللحاق بشقيقتها ووجدتها تنازع الموت."
ثمّ طرف بعينه إلى الخلف نحو المرأة الشقراء وقال:
"أنت في المقابل كان الأمر سريعا وأعتقد أنّك كنت متواجدة بالقرب من العمود الذي ماتت عنده أنّا وعندها.."
"سمعت بكاء لونا على شقيقتها وصراخها باسمها أنّا."
"آه..حينها تذكّرت الأمر المرتبط بحجز شقيقتها لها لكن الشرطة وصلت والناس أيضا تجمّعوا فأصبح كل شيء صعبا جدا..واستغرق الأمر بعض الوقت لأصل إلى هذا العنوان."
فأدار هيرشار نفسه مجددا كاملا ليعيد ظهره للونا بينما قالت المرأة:
"لكن..ماذا عنيت بأنّها كانت تنتظر الموت؟."
"لقد تسبّبت بمقتل شقيقتها..هكذا فكّرت، مما جعلها تريد الموت تكفيرا عن هذا."
"ل-لكن..هي لم تنتحر ولم تقم حتى بمحاولة التواصل مع القاتل مثلا."
"لكنّها قامت بشيء يقود لهذا في الواقع."
"إ-إيه؟."
"لقد طلبت لقائي من صديقي ووصلت إليّ وهي تتحدث عن روح شقيقتها وقد تلبّستها."
"م-ماذا؟!." هتفت لونا
"إيّاك أن تعتقدي أنّني أؤمن أنّ روحا تتلبّس جسدا..لقد أظهرت الأمر بنفسك حين تحدّثنا على الهاتف..حين أردنا الحديث عن الرحلة الثلجية أعدت الأمر لأنّا مباشرة وحين بدأت بالحديث عن التخييم أعدت الأمر للونا..كان التفافا واضحا في حينها.." وأدار نفسه ونظر إليها.
"الضحية التي ماتت هي أنّا لذلك ليس من المنطقي أن تتحدث لونا على الرحلة الثلجية وحين أردت الحديث عن السبب الذي دفعك للتخييم أعدت الأمر للونا لأنّ عقلك عمل في حينها عليك..وفي النهاية الأمر ليس مرتبطا بالمنطق بقدر ارتباطه بمحاولة التهرّب من الإجابة لا أكثر وتشتيت المعلومة..أمّا الروح فببساطة لا أصدّق وعندها فالضحية التي ماتت هي أنّا إذن لونا لديها دافع للقيام بهذا."
"مع أنّني في البداية شككت بأنّك أصبت بخلل في الشخصية أو ما شابه." فأجفلت لونا ولم تعلّق.
"ل-لكن.." قالت المرأة من خلف هيرشار "أن تأتيك مدّعية أنّها روح أنّا وقد تلبّست جسدها وتطلب منك التحقيق في الأمر، كيف يجعلها هذا ترغب في الموت؟."
"الشرطة لن تسمع لها لكن كمتحرّي قد يعتريني الفضول للوصول إلى الحقيقة."
"بالضبط!." هتفت المرأة "وبالتالي تريد منك الوصول إلى القاتل لا الموت."
"لكي أصل إلى القاتل سيكون عليّ التحدث مع الأطراف المعنيّة..وإحدى هذه الأطراف.." وأدار وجهه نحوها.
"هو أنت." فأجفلت.
"وبالحوار معك ربما تسأليني عن الشخص الذي فتح الأمر وعندها سأخبرك عنها ومن خلال هذا ربما تصلي لمعلومات حول مكان سكن الفتاة خصوصا لو تواجدت الشرطة معي..بينما الشرطة لوحدها لن تعير الأمر انتباها."
"لا أفهم.." تمتمت المرأة.
"هذا كان في حال الموافقة على طلبها لكن في الواقع هي لم تكن تريد أن أوافق بدليل أنّ عرضها كان غير مقنع وغير مكرّر خصوصا فيما يتعلّق بانسحاب الروح من جسد لونا، كانت تهرب مباشرة بدلا من إظهار تمثيل مقنع بالتعرق والخوف والرعب والحديث عن ذكريات مبهمة مثلا وخلافه تجعلنا نعتقد بغرابة الأمر أكثر..لذلك كان عقلها الباطن لا يريد إقناعنا بقدر ما يريد الوصول إلى النقطة التالية." ونظر إلى لونا.
"النقطة التالية؟."
"أن أرفض الطلب وأنعتها بالجنون لنرى بعد عدّة أيّام خبرا صحفيا يتحدث عن رفض المتحري هيرشار طلبا من روح إحدى الضحايا، سيظهر الأمر سبق صحفي وصل إليه شخص ما."
"ل-لا أفهم..كيف - ." قبل أن تجفل وتتّسع عيناها لتهتف.
"سيأتي الصحفيون ووسائل الإعلام إلى منزل الفتاة لونا للتحدث معها وعمل مقابلة وعندها عنوانها سيكشف بالنسبة لي!."
"بالضبط، فالتقديم للرحلة لم يطلب عنوان سكن المشترك لأنّ من قام به كان يسعى للوصول إلى شخص ما، أليس صحيحا؟." وأدار نفسه نحو المرأة التي أجفلت وضربت رأسها بالأرض.
"انتهى انتقامك..سلّمي نفسك."
"آه."
"ك-كيف حلّلت كلّ ما في قلبي هكذا أيّها الشاب؟." قالت لونا من خلفه.
"حسنا..كان هناك فتاة هي من أعطتني التلميح وفي النهاية لم يكن استنتاج الأمر صعبا مع معرفة أنّك لونا فعلا وتقومين بهذا." ونظر نحوها.
"حسنا..في النهاية أنت قبلت الطلب وهي وصلت إليّ من دون أن تتحدّث معها." تمتمت لونا.
"آه، ليليان أخبرتني بهذا." فأجفل هيرشار ولونا.
"لقد تذكّرت فجأة وبالصدفة حوارا كانت ليليان فيه تتحدث عن عنوان سكنها وحينها بدأ الجميع يتحدث عن عنوان سكنه." وارتعشت المرأة.
"هذه المرأة..لقد ندمت حقا على ما فعلته بابنتها." قال هيرشار لنفسه بينما اقترب من لونا وقام بفكّ قيدها.
الفصل التاسع:
بعد عدّة أيام كان هيرشار وكريس وآيرين جالسين على كرسيّ في الساحة الخاصة بالكلية بينما كانت ماريا مريضة فتغيّبت عن الجامعة.
ارتدى هيرشار قميصا أبيض على بنطال أسود بينما ارتدت آيرين كنزة صفراء على بنطال أبيض وكريس كنزة حمراء على بنطال أسود.
"هيه..إذن تلك الفتاة كانت تسعى للموت." قالت آيرين التي كانت في المنتصف وهيرشار على يسارها وكريس على يمينها.
"لكن أيضا لا أفهم..ألم يكن بإمكانها الصراخ في حينها حين ماتت شقيقتها أنّ القاتل أخطأ مما سيجعل القاتل يهجم عليها مباشرة؟."
"تجمّع الناس ووصلت الشرطة سريعا." أجابت كريس.
"ممم.."
"حسنا، ربما كانت هذه ال لونا أيضا ترغب في كشف القاتل داخليا خوفا من الموت، الشعور الفطري مع البشر..مع أنّني أستبعد هذا نظر لقدرة الفتاة على تقييدها مباشرة دون تخدير." قال هيرشار لنفسه.
"إنّها قصّة حزينة للغاية." قالت آيرين فأومآ.
غادرت كريس بعدها بينما بقي الاثنان قليلا. نهض هيرشار من مكانه وقال:
"فلنقم بترتيب حاجياتنا للمغادرة الليلة!." ونظر نحوها لأسفل متحمسا بينما احمرّ وجهها وأومأت ببطء ثم نهضت هي الأخرى. أمسكا يدي بعضهما البعض وقرّرا الالتفات نحو اليمين ليسيرا هناك وقبل هذا..
عبرت بسرعة أمامهما نحو جهة اليمين بورش مكشوفة الغطاء ورآه هيرشار فيها.
بشعره الأحمر المميز جدا كان جالسا في مقعد السائق يقود السيارة بسرعة ليختفي بعدها.
"ل-ليون..دافيدسون.." قال هيرشار لنفسه وهو متوتر بينما تذكر مساعدة هذا الرجل له في قضية جنون الانتقام – رواية جنون الانتقام.
"ما بك وجهك قد تغيّر؟." قالت آيرين بقلق.
"ل-لا شيء." وابتسم لها ثم شدّ قبضته على يدها ليسيرا معا.
وهكذا انتهت قضية "طلب من العالم الآخر" بينما وجب الإشارة أنّه ونظرا لتواجد القضية في الرواية السادسة ونظرا لموقعها في الرواية السادسة (في المنتصف تقريبا) فقد كان يجب تعديل بعض المشاهد وحذف أخرى حيث لن تكون مفهومة وسيكون هناك حرق (فهناك مشاهد كانت مرتبطة بالقضايا التي سبقت هذه القضية في ذات الرواية). إضافة لهذا ربما يتبادر إلى الذهن كيف مايكل وكريس معا بشكل طبيعي بينما انتهت رواية جنون الانتقام بتلك الطريقة دون فهم مايكل ورؤيته لكريس بعد عودتها. والإجابة هي ذاتها أعلاه، حصلت أمور في القضايا السابقة للقضية وتمّ حذف ما يشير لهذا أو تعديله.
وأخيرا..نتمنّى أن تكون القضية قد كانت ممتعة وترقبوا الرواية السادسة من سلسلة روايات هيرشار خلال العام 2021 بإذن الله.
شكرا جزيلا.. كانت قضية مختلفة قليلا وممتعة..
ردحذفبانتظار القادم.. بالتوفيق..
شكرا لك :) يسعدنا أنها كانت ممتعة :)
ردحذف