"ليون.."
"قائد.."
"أيّها القائد ليون!."
استيقظ من نومه..كان في سيّارة على مقعد الراكب بجوار ويدي، امرأة في السادسة والعشرين، بشعر بنّي طويل وعينان عسليّتان..ارتدت لاتكس بنفسجيّ اللون. كانت تقود سيّارتها بقائدها ليون الذي كان يرتدي قميصا أبيضا وكنزة عارية الأكمام حمراء فوقه وبنطالا أسودا.
"ما بك؟ لم أعهدك تنام هكذا في السيّارة..هل أنت بخير؟."
عملت ويدي مع ليون سنتين..هو في الثامنة والعشرين من العمر.
"بخير، كنت أفكّر طول الليل فلم أنم..لا تقلقي."
نظر حوله.
"لقد اقتربنا." قال فأومأت
وصلا بعد خمس دقائق..كان المنظر أمامهم عبارة عن قمّة تنتهي ووادي سحيق أسفلها..الشجر كان حولها، شعر ليون بصوت مكابح السيّارة وعجلاتها الملتفّة يدور في رأسه..إنّه الحادث الذي طارد شينكاي من أجله ووصل إليه لكنّه هرب..لن يهرب مجدّدا.
كان عند الحافّة ثلاثة رجال..في الوسط كان ريكس معاون ليون، شاب ذكيّ لعوب بشعر أشقر وعينان زرقاوتان، نحيل لكن ببنية قويّة..وقف ينتظر قدوم ليون نحوه بعد أن ترجّل من السيّارة مع ويدي ومشيا معا..حين اقتربا منهم قال ريكس:
"جسدك يزداد إثارة يوما على يوم وخصوصا.."
"اخرس ريكس." قالت ويدي فابتسم.
"هنالك احتمالان.." وأسند ذقنه إلى كفّه.
"إمّا أنّك تعتنين به من أجل حبيب لك أو.." واقترب منها وقرّب وجهه منها.
"أنت تشيخين بسرعة فهذان يكبران ويترهّلان."
ورفع رأسه مدّعيا البلاهة وأكمل:
"أيّهما الاحتمال الصحيح؟."
فكانت الإجابة ضربة بالكفّ على وجهه منها ووجهها محمرّ فحكّ مكان الضربة مبتسما بخبث.
تأفّفت ويدي بينما سار ليون للأمام وقال:
"ريكس."
قرّب ريكس وجهه من أذنها وهمس:
"أعلم من الحبيب الذي تسعين للفت انتباهه."
"اغرب عن وجهي أيّها الحقير."
"ريكس..تكلّم." قال ليون بصوت هادىء لكن حازم.
فالتفت ريكس ونظر إلى ظهر ليون.
حدّقت ويدي أيضا في ظهر ليون..كان من تحاول لفت انتباهه..قال ريكس:
"آآه، آسف يا قائد..لقد أخرجنا السيّارة بصعوبة البارحة..تعلم أنّنا اعتبرنا الأمر صعبا ومستحيلا وقت حدوث الحادث لكنّ انهيارا جزئيّا هنا ساعدنا هذه المرّة."
"وبعد؟." فمشى ريكس ولحقه ليون.
"وبعد، هذا ما عثرنا عليه.."
نظر ليون إلى السيّارة المتفحّمة المتكسّرة..في داخلها، كان هناك هيكل عظميّ وأجزاؤه مبعثرة.
"لقد مرّ ستّة شهور كما تعلم." قال ريكس موضّحا سبب وجود الهيكل العظمي متفلسفا لكنّ نظرة ليون جعلته ينخرس.
"أرى واحدا فقط." قال ليون
"نعم."
"أين الآخر؟." قال وهو ينظر في عيني ريكس.
"هذا ما عثرنا عليه فقط سيّدي."
"ماذا؟ أتعني أنّ الآخر لم تعثروا عليه؟."
"آ-آه."
"هل بحثت جيّدا حول السيّارة؟."
"ن-نعم."
"ولم تعثر على شيء؟."
"ن-نعم."
"وفي الغابة عند الأشجار؟."
"ن-نعم، لكن.."
"لكن ماذا؟."
"بحثنا ليلا..أشرقت الشمس منذ ساعة ونصف لذلك قد يكون البحث الآن أفضل للتأكيد."
"حسنا.." وحدّق ليون بالجثّة أو بالهيكل العظمي الذي كان جثة يوما ما ثم انحنى ونظر إليه مليّا.
"هذا رجل."
"لماذا تقول هذا؟." قالت ويدي التي اقتربت منهما
"عظام حوض المرأة أكبر من عظام حوض الرجل، حوض المرأة أكبر..هذا الحوض لرجل." واستقام مفكّرا.
"لقد أطلق ذلك الفأر اللعين رصاصة أصابت خزّان الوقود في السيّارة..كانت هناك في الداخل مع الخاطف..أين هيكلها العظمي إذن؟ هل هو في الغابة؟."
فكّر لنفسه ثمّ نظر إلى السيّارة..الهيكل العظمي موجود فيها..تفقّد السيّارة.
تقدّم أحد الاثنين اللذين كانا مع ريكس وقال:
"لقد مسحنا الغابة..لا شيء."
"شكرا لجهودكم." قال ريكس ساخرا وهو يبتسم
"لحظة! لم أرها قال شينكاي..ذلك الفأر دقيق الملاحظة وذكيّ، سيراها حتّى لو كانت مستلقية في المقعد الخلفي..عدم وجود آثار عن هيكل في الغابة وهذا الهيكل على الأرجح لرجل، لم يرها الفأر..إذن..أين كانت؟." فكّر لنفسه ثمّ حدّق في السيّارة..شيء وحيد..مشى نحو السيّارة وفتح الصندوق الخلفي الذي كان أصلا شبه مفتوح..حدّق بالداخل.
"هل فحصتم ما كان هنا؟."
"ليس بعد سيّدي." قال ريكس وتأمّل بقلق وجه ليون هو وويدي.
"هل..اغتصبها وقتلها في مكان آخر وكان يحمل من ملابسها شيئا علق به جهاز التتبّع؟ أم.."
حاول إبعاد الفكرة عن رأسه ثم التفت.
"ويدي.."
"نعم؟."
"تذكرين عنوان الفتى الوغد هذا الذي مات هنا؟."
"أذكره قائد."
"اذهبي إلى هناك ثمّ ابحثي عن أيّ مكان آخر كان يتردّد عليه..وابحثي عن.."
وتقدّم منها وأخرج صورة من جيبه..أجفلت حين أراها إيّاها لكنّها أومأت مع بقاء علامات الاستفهام على وجهها.
"افعلي هذا فقط."
"علم."
"ريكس."
"نعم قائد."
"اتّصل على ثومبسون واجعله يحضر سيّارتي إلى هنا."
"علم." عاد ليون وحدّق في صندوق السيّارة.
"أحضر مصباحا لي."
"لا نملك مصابيح." قال ريكس
"وهل تملك عينا خفّاش أيّها الوغد أم تريد أن أطلق رصاصة في عينك؟." قال بهدوء لكن عيناه كانتا شرستان.
كانوا قد عملوا في الليل..من المؤكّد وجود مصابيح هنا.
"أمزح أمزح قائد..لا تكن مرعبا هكذا."
"أنت تتحدّث كالنساء..اذهب وأحضره."
"علم."
عاد بعد قليل وأعطى ليون المصباح..أشعله ليون ووجّهه نحو صندوق السيّارة..بدأ يوجّهه إلى الجوانب وفي كلّ جزء..عثر على شيء ما، شعرة..احترق أجزاء منها وبقي جزء سليم..شعرة ذهبيّة اللون.
أمسكها بمنديل.
"ريكس..افحص ال دي أن إيه من خلالها وقارنه.." وصمت.
"قارنه؟ بماذا؟." قال ريكس محدّقا إلى الوجه الشارد لقائده.
"مستحيل! هل يعقل؟." كان ليون يحدّث نفسه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق