الجمعة، 14 أغسطس 2020

صفحات من القضية الثالثة في رواية "جنون الانتقام" - الخيانة

 نضع في هذا البوست صفحات من القضية الثالثة والأخيرة من الرواية الخامسة من سلسلة روايات هيرشار "جنون الانتقام" وعنوان القضية هو (الخيانة).

في هذه القضية يسمع مايكل خبرا مميزا من كريس ولم يكد يفرح به لتظهر حبّه الأول في المكان الذي أراد التواجد فيه للاحتفال. مشاعر سابقة تتصاعد من جديد في داخله تجعله في صراع بين حبّه الحالي وزوجته وحبّه الأول ليحصل ما يزيد الطين بلّة بالنسبة له برسالة مريبة تركتها كريس واختفت على إثرها فيطلب المساعدة من هيرشار.

في جانب آخر، يقوم ليون دافيدسون بمواصلة الخطوة الأولى التي بدأها في القضية السابقة بينما يستطيع هو وفريقه الوصول إلى آثار حادث دفنت قبل بضعة أشهر في وادي وعجزوا عن الوصول إليه. هذا الوصول يقود ليون إلى حقيقة صادمة ليصبح هناك بالنسبة له هدفان يطاردهما بدلا من واحد!

من صفحات القضية:

جلس على سريره عاري الصدر، ببنطال أسود رياضي، ظهرت عضلات صدره القويّة مع عضلات يديه..بيد أمسك بكأس عصير، بينما مرّر بالأخرى يده على شعره الأحمر..كان غارقا في التفكير.

نعم، لقد عثر عليه وهرب..نعم، لكن..

وقف ومشى نحو النافذة.

"يجب ألّا يهرب في المرّة القادمة."

*******************


"ما الأمر كاتي؟."
وقفا متقابلين أمام سيّارته..كان مايكل مستندا إلى باب السائق وأمامه كاتي واقفة، واضعة يدها على قلبها وأصابعها مقبوضة للداخل.
"لماذا كان عليك أن تظهر اليوم؟ أنا.."
ورفعت رأسها وواجهته..رأى في عينيها دموعا..كاتي القويّة؟!.
"أحتاجك." أكملت..نظر إليها مايكل.
"تحتاجينني؟ كيف هذا؟ رجلك لديك كاتي..اذهبي إليه."
كان يشعر أنّ من يقول الكلمات شخص آخر..هو الآخر لعن مجيئه إلى هنا اليوم! لقد اشتعل من جديد..لهيب مشاعر الحبّ الأوّل!
"إنّني أحبّه فعلا لكن..افهمني، في الوقت الذي ظهرت فيه أنت أدركت..أنّني.." سكتت قليلا وسمع نشيجها، أغمض عينيه.
"أحببتك أكثر."
"كيف أحببتني أكثر وقد رفضتني منذ ستّة شهور وسافرت بعيدا؟."
"ك-كنت..أع-أعني.." أشاحت بوجهها عنه ثمّ نظرت مجدّدا إليه وقالت:
"كان الوضع معكوسا." واحمرّ خدّها
"معكوسا؟." فأومأت.
"كيف؟."
"في العادة يتهرّب الرجال من الارتباط بالزواج ويبقون في إطار العلاقة وهذا يريحهم بينما ترغب النساء في الزواج، في حالتنا.."
فهم مايكل..لكنّه كان يعلم أنّها تعلم أنّه كان قد سئم من العلاقات وقرّر الاستقرار.
"أردتك لي من دون زواج لذلك حين عرضته عليّ شعرت بشعور غريب فسافرت لأمحو هذا الشعور..التقيت به هناك وعلاقتنا من دون زواج."
كانت تتحدّث وعيناها في الأرض.
"ما دام الأمر هكذا إذن هو من تحتاجي-."
هجمت بسرعة ووضعت يدها على فمه كي لا يكمل.
قالت وهي تنظر في عينيه:
"أنت لا تفهم." ورفعت نفسها وقرّبت وجهها من وجهه، أجفل مايكل، شعر بانجذاب..شعر بضعف ثمّ فجأة..مدّ يده وأبعد وجهها بلطف.
"ل-لماذا؟." قالت
"لا أستطيع فعلها." وداعب شعرها بيده.
"ستكونين بخير..وداعا." وركب سيّارته سريعا..انطلق.
نظرت إليه وهو يبتعد.
"وأنا الذي لن أكون بخير." قال وهو يقود مبتعدا
"تبّا! أريد أن أصل بسرعة، كريس."
كان قلبه جمرة محترقة بين حبّ حاضر وحبّ ماضي.
كان مايكل يسمع سمعا فقط..الحبّ الأوّل لا ينسى أبدا
كان بالنسبة لمايكل الأمر أنّه نسيه..أو اعتقد هذا، فها قد اشتعل من جديد في قلبه.
احتاج إلى كريس لتطفئه، عليه أن يلقي نفسه في صدرها، لم يكن قادرا على الانتظار ليصل..كان يصارع بين قلبه وقلبه..شعر بقلبين في صدره، قلب يقول له اذهب إلى كريس بسرعة والآخر يقول له ارجع لكاتي بسرعة..سمع للقلب الأوّل وداس على دوّاسة البنزين مسرعا أكثر.
وصل إلى المنزل بعد ربع ساعة..دخله مسرعا ثمّ دخل غرفة نومهما، كانت كريس نائمة..أشارت الساعة إلى الثانية عشر وخمس وأربعين دقيقة..خلع ملابسه وارتدى ملابس النوم ودخل السرير بجانبها..حين رأى وجهها نظر إليها من أعلى فانعكس ظلّ على وجهها فأجفلت واستيقظت مرعوبة..انحنى وهمس بأذنها.
"هذا أنا."
"مايكل." تمتمت
"شش." قال لها.

*******************

"ليون.."
"قائد.."
"أيّها القائد ليون!."
استيقظ من نومه..كان في سيّارة على مقعد الراكب بجوار ويدي، امرأة في السادسة والعشرين، بشعر بنّي طويل وعينان عسليّتان..ارتدت لاتكس بنفسجيّ اللون. كانت تقود سيّارتها بقائدها ليون الذي كان يرتدي قميصا أبيضا وكنزة عارية الأكمام حمراء فوقه وبنطالا أسودا.
"ما بك؟ لم أعهدك تنام هكذا في السيّارة..هل أنت بخير؟."
عملت ويدي مع ليون سنتين..هو في الثامنة والعشرين من العمر.
"بخير، كنت أفكّر طول الليل فلم أنم..لا تقلقي."
نظر حوله.
"لقد اقتربنا." قال فأومأت
وصلا بعد خمس دقائق..كان المنظر أمامهم عبارة عن قمّة تنتهي ووادي سحيق أسفلها..الشجر كان حولها، شعر ليون بصوت مكابح السيّارة وعجلاتها الملتفّة يدور في رأسه..إنّه الحادث الذي طارد شينكاي من أجله ووصل إليه لكنّه هرب..لن يهرب مجدّدا.
كان عند الحافّة ثلاثة رجال..في الوسط كان ريكس معاون ليون، شاب ذكيّ لعوب بشعر أشقر وعينان زرقاوتان، نحيل لكن ببنية قويّة..وقف ينتظر قدوم ليون نحوه بعد أن ترجّل من السيّارة مع ويدي ومشيا معا..حين اقتربا منهم قال ريكس:
"جسدك يزداد إثارة يوما على يوم وخصوصا.." 
"اخرس ريكس." قالت ويدي فابتسم.
"هنالك احتمالان.." وأسند ذقنه إلى كفّه.
"إمّا أنّك تعتنين به من أجل حبيب لك أو.." واقترب منها وقرّب وجهه منها.
"أنت تشيخين بسرعة فهذان يكبران ويترهّلان."
ورفع رأسه مدّعيا البلاهة وأكمل:
"أيّهما الاحتمال الصحيح؟."
فكانت الإجابة ضربة بالكفّ على وجهه منها ووجهها محمرّ فحكّ مكان الضربة مبتسما بخبث.
تأفّفت ويدي بينما سار ليون للأمام وقال:
"ريكس."
قرّب ريكس وجهه من أذنها وهمس:
"أعلم من الحبيب الذي تسعين للفت انتباهه."
"اغرب عن وجهي أيّها الحقير."
"ريكس..تكلّم." قال ليون بصوت هادىء لكن حازم.
فالتفت ريكس ونظر إلى ظهر ليون.
حدّقت ويدي أيضا في ظهر ليون..كان من تحاول لفت انتباهه..قال ريكس:
"آآه، آسف يا قائد..لقد أخرجنا السيّارة بصعوبة البارحة..تعلم أنّنا اعتبرنا الأمر صعبا ومستحيلا وقت حدوث الحادث لكنّ انهيارا جزئيّا هنا ساعدنا هذه المرّة."
"وبعد؟." فمشى ريكس ولحقه ليون.
"وبعد، هذا ما عثرنا عليه.."
نظر ليون إلى السيّارة المتفحّمة المتكسّرة..في داخلها، كان هناك هيكل عظميّ وأجزاؤه مبعثرة.
"لقد مرّ ستّة شهور كما تعلم." قال ريكس موضّحا سبب وجود الهيكل العظمي متفلسفا لكنّ نظرة ليون جعلته ينخرس.
"أرى واحدا فقط." قال ليون
"نعم."
"أين الآخر؟." قال وهو ينظر في عيني ريكس.
"هذا ما عثرنا عليه فقط سيّدي."
"ماذا؟ أتعني أنّ الآخر لم تعثروا عليه؟."
"آ-آه."
"هل بحثت جيّدا حول السيّارة؟."
"ن-نعم."
"ولم تعثر على شيء؟."
"ن-نعم."
"وفي الغابة عند الأشجار؟."
"ن-نعم، لكن.."
"لكن ماذا؟."
"بحثنا ليلا..أشرقت الشمس منذ ساعة ونصف لذلك قد يكون البحث الآن أفضل للتأكيد."
"حسنا.." وحدّق ليون بالجثّة أو بالهيكل العظمي الذي كان جثة يوما ما ثم انحنى ونظر إليه مليّا.
"هذا رجل."
"لماذا تقول هذا؟." قالت ويدي التي اقتربت منهما
"عظام حوض المرأة أكبر من عظام حوض الرجل، حوض المرأة أكبر..هذا الحوض لرجل." واستقام مفكّرا.
"لقد أطلق ذلك الفأر اللعين رصاصة أصابت خزّان الوقود في السيّارة..كانت هناك في الداخل مع الخاطف..أين هيكلها العظمي إذن؟ هل هو في الغابة؟."
فكّر لنفسه ثمّ نظر إلى السيّارة..الهيكل العظمي موجود فيها..تفقّد السيّارة.
تقدّم أحد الاثنين اللذين كانا مع ريكس وقال:
"لقد مسحنا الغابة..لا شيء."
"شكرا لجهودكم." قال ريكس ساخرا وهو يبتسم
"لحظة! لم أرها قال شينكاي..ذلك الفأر دقيق الملاحظة وذكيّ، سيراها حتّى لو كانت مستلقية في المقعد الخلفي..عدم وجود آثار عن هيكل في الغابة وهذا الهيكل على الأرجح لرجل، لم يرها الفأر..إذن..أين كانت؟." فكّر لنفسه ثمّ حدّق في السيّارة..شيء وحيد..مشى نحو السيّارة وفتح الصندوق الخلفي الذي كان أصلا شبه مفتوح..حدّق بالداخل.
"هل فحصتم ما كان هنا؟."
"ليس بعد سيّدي." قال ريكس وتأمّل بقلق وجه ليون هو وويدي.
"هل..اغتصبها وقتلها في مكان آخر وكان يحمل من ملابسها شيئا علق به جهاز التتبّع؟ أم.."
حاول إبعاد الفكرة عن رأسه ثم التفت.
"ويدي.."
"نعم؟."
"تذكرين عنوان الفتى الوغد هذا الذي مات هنا؟."
"أذكره قائد."
"اذهبي إلى هناك ثمّ ابحثي عن أيّ مكان آخر كان يتردّد عليه..وابحثي عن.."
وتقدّم منها وأخرج صورة من جيبه..أجفلت حين أراها إيّاها لكنّها أومأت مع بقاء علامات الاستفهام على وجهها.
"افعلي هذا فقط."
"علم."
"ريكس."
"نعم قائد."
"اتّصل على ثومبسون واجعله يحضر سيّارتي إلى هنا."
"علم." عاد ليون وحدّق في صندوق السيّارة.
"أحضر مصباحا لي." 
"لا نملك مصابيح." قال ريكس
"وهل تملك عينا خفّاش أيّها الوغد أم تريد أن أطلق رصاصة في عينك؟." قال بهدوء لكن عيناه كانتا شرستان.
كانوا قد عملوا في الليل..من المؤكّد وجود مصابيح هنا.
"أمزح أمزح قائد..لا تكن مرعبا هكذا."
"أنت تتحدّث كالنساء..اذهب وأحضره."
"علم."
عاد بعد قليل وأعطى ليون المصباح..أشعله ليون ووجّهه نحو صندوق السيّارة..بدأ يوجّهه إلى الجوانب وفي كلّ جزء..عثر على شيء ما، شعرة..احترق أجزاء منها وبقي جزء سليم..شعرة ذهبيّة اللون.
أمسكها بمنديل.
"ريكس..افحص ال دي أن إيه من خلالها وقارنه.." وصمت.
"قارنه؟ بماذا؟." قال ريكس محدّقا إلى الوجه الشارد لقائده.
"مستحيل! هل يعقل؟." كان ليون يحدّث نفسه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق