الأحد، 2 أغسطس 2020

صفحات من القضية الأولى في رواية "جنون الانتقام" - الخفي

نضع في هذا البوست صفحات من أولى قضايا الرواية الخامسة من سلسلة روايات هيرشار "جنون الانتقام." وعنوانها "الخفي" (باقي القضية والرواية سيكون عليكم قراءتها من الرواية 😁 فماذا تنتظرون؟😉😁). في هذه القضية يجد هيرشار نفسه أمام مجموعة من الجرائم المرعبة والتي تستهدف مجموعة من النساء. الجرائم كانت قاسية ومرعبة مما يجعل الشرطة في حيرة من أمرها حتى يظهر دليل أولي نوعا ما تساهم ليسّا في تسليط الضوء عليه ومن هناك يبدأ هيرشار والشرطة في مطاردة القاتل الذي لا تتوقف جرائمه. ليسّا في المقابل تتظر ردّ هيرشار على اعترافها له في ذات الوقت الذي لم يكن هيرشار مدركا أنّ القاتل كان يخطط لاستهداف أقرب الناس إليه.

من أجواء القضية:
ظلام..ظلام حالك..أين أنا؟ فتحت عينيها ببطء..ماذا حصل؟ كان نظرها لأعلى..هل كانت تتخيّل؟ لم هي قريبة جدّا من السقف؟ سمعت صوتا عذبا، موسيقى، نعم موسيقى..من أين؟ هذه النغمات..هذا الصوت، أصابع تداعب..أصابع تلعب، تحرّك مفاتيح البيانو..من؟ احتاجت دقائق لتدرك أنّها معلّقة في السقف..يداها مقيّدتان خلفها وقدماها كذلك وفمها مغلق بشريط لاصق..استطاعت النظر لأسفل، كان الحبل مثبّتا بشيء على الأرض..وحينها رأته من الأعلى، شخص جالس يعزف على البيانو..كم عزفه عذب..من؟ حاولت التذكّر..نعم صحيح..هو! لقد طرق باب المنزل وفتحته..رأت أمامها مقنّعا باغتها بمنديل مباشرة فدارت الدنيا بها ونامت..والآن..الآن..هو..لماذا؟.
توقّف العزف.
نهض الشخص..سار نحو المسمار المثبّت أرضا ونظر لأعلى للحظات ثم أخرج سكّينا فارتعبت وصرخت..والشريط اللاصق؟ من سيسمعها؟ مرّر السكّين على الحبل بتلذذ إلى أن قطع فسقطت بالجاذبية.
كان سقف البيانو مثبّت عليه لوحة تبرز منها سكاكين.
سقطت..واخترقت السكاكين جسدها تاركة مطرا من نوع آخر..بلون الدم.

************

عزف البيانو مقطوعتي الأولى..أمطر المنزل لوني المفضّل..وقفت أحدّق بها ضاحكا وللتالي سأكون جاهزا..أدندن نغماتي وأعزف ألحاني..أنا قادم..لن يوقفني أحد..لن يوقفني أحد.

****************

استيقظ هيرشار متثائبا..جلس على سريره واضعا وجهه على كفّه ثمّ نهض..دخل الحمّام ووقف تحت الدشّ الذي ينزل ماء ساخنا وبقي هكذا ربع ساعة ثمّ خرج..ارتدى كنزة خضراء صيفيّة وبنطال أسود من الكتّان ثمّ نظر إلى نفسه في المرآة..الأيّام الماضية كانت صعبة.
ما قاله شينكاي لم ينسه..آيرين، ثمّ أوكنان..لقد رحل إلى الأبد..وعلى يد من؟ يد والده..لقد كان عليه أن يدعم كلام كريس ومايكل..لم يروا مطلق الرصاصة على جيمس بالرغم من أنّ الأمر واضح، كانت البندقية ملتصقة بجبينه، ستترك حرقا ولا أثر لتحريك الجثة..كيف لم يروا ذلك إذن؟.
لكنّ الشرطة لم تفتّش خلف الأمر..كان يكفيها هذا، نعم! إلقاء القبض على المتورّطين..إيميليا وفورد وإدوارد وموت جيمس وأوكنان..لقد انتهت القضيّة..وسمع هيرشار بوجود تعديلات..أفراد تخرج وأفراد تأتي، غربلة لتطهير من لا يجب أن تكون فيه أيّ قذارة وإلّا..لم يبق من الأمر شيء ولانتهت الأمور.
لم يجرؤ على القول لآيرين حين عاد وقتها أنّه أخطأ، نعم من قالها؟.
"لا توجد خطّة كاملة."
لا يذكر..لقد كانت خطّته مع شينكاي مثاليّة لكن ليست كاملة، لاحظ جيمس بذكائه نقطة فاتت أوكنان ولاحظ شينكاي شيئا أنقذ به هيرشار من حسرة أبديّة، لكن..
"كيف عرف بأمر الحبّة؟ لقد التقى كريس كما قال قبل أن تأخذ الحبّة من أوكنان؟ هل يعقل أنّه كان يكذب؟ لماذا؟ هل أراد تبرير قتله للمفتّش..على حسابي؟."
لم يصدّق أنّ شينكاي يمكن أن يفعلها..وقف للحظات يتأمّل نفسه في المرآة ثمّ انطلق خارجا من الغرفة..ثمّ من المنزل.
إلى كريس..لمعرفة ما حصل بينها وبين مايكل، فلم يعرف ما الذي حصل بعد القضيّة فآخر ما تكلّم به معها كان حول صوفيا ذات الشعر الأزرق..ركب سيّارته المستأجرة وانطلق ليسألها.

وقف أمام باب منزل مايكل وطرق الباب.
انتظر لحظات قبل أن يفتح له فرأى كريس أمامه بقميص أحمر رائع وبنطال أبيض..لقد ربطت شعرها مثل ذيل الفرس وبدت فاتنة لدرجة أنّ هيرشار لم يشعر أنّ وجهه كان محمرّ.
ضحكت ورحّبت به بابتسامة وأدخلته..جلس في غرفة الجلوس ودخلت هي المطبخ..عادت بعد قليل بزجاجة عصير العنب وكأسين..صبّت له كأسا ولها كأس..نظر إليها هيرشار ثم شرب من كأسه وقال:
"أرى أنّك سعيدة اليوم." فعبست.
"أيزعجك هذا؟."
"إي-إيه! لماذا سيزعجني أيّتها الحمقاء؟! أقصد..هل؟."
"نعم، انتهى الأمر..ريح عاصفة هبّت على سفينتنا وحطّمت بعضا منها، لكنّها كانت سفينة قويّة فصمدت وعبرنا بسلام." وفتحت يديها ورفعتهما.
نظر إليها هيرشار فاغرا فمه.
"س-سفينتنا؟ يا له من تشبيه..يبدو مزاجها جيّدا." قال لنفسه ثمّ ابتسم..كان سعيدا لهما.
شرب من كأسه مجدّدا.
"ما الذي أتى بك إلى هنا هيرشار؟."
"جئت لأطمئنّ..لم أركما منذ ذلك اليوم."
ووضع كأسه وصمت..في الواقع، مرّ أسبوع لم ير فيها أحدا، حتّى آيرين..كان يتكلّم على الهاتف معها فقط..كان يحتاج لراحة نفسيّة.
"هل هذا كلّ شيء؟." قالت
نظر إليها..يبدو أنّها قرأت شيئا في وجهه..كيف سيبدأ؟ لا يريد جعل كريس تعلم.
"لديّ سؤال فضولي."
"وهو؟."
"هل رأى شينكاي الحبّة التي أعطاك إيّاها أوكنان لمهمّتك؟." فنظرت إليه متعجّبة.
"ما الذي يهمّك إن رآها أو لا؟."
"كان يتحدّث عن اسم منتج الحبّة وأنّه ميّزها مباشرة دون وجود اسم عليها، أخبرني بالاسم وفاجأني أنّه يعرف..كان قد قال أنّه جلس في سيّارتك والحبّة لم تكن معك."
"آه صحيح..لكن أوكنان أعطاني ثلاث حبّات، واحدة لآيرين وواحدة للمفتّش سام وواحدة احتياط..حين تلقّيت رصاصات وساعدني شينكاي رآها حينها في ملابسي."
"ممم." فنظرت إليه.
"هل هذا حقا ما جئت من أجله؟."
"قلت أنّني أردت الاطمئنان على علاقتكما." واستطاع إخفاء توتّره.
"هل ما زالت الحبّة معك؟."
"ن-نعم."
"أرني إيّاها." وأخفى قلقه
"ل-لماذا؟!."
"تحدّي بيني وبينه حول اسم المنتج."
"ه-هل حقا شينكاي يتحدّى حول هذا! لا أصدّق!."
"لماذا؟." قال وهو يعلم معنى ما تقصده.
"ل-لا يبدو رجلا صبيانيا إن صحّ التعبير."
"غالبا فإنّ الجدّيين شكلا يكونون بشخصيّة مرحة وتحبّ هذا النوع من الأمور." قال متفلسفا وهو يعلم أنّ شينكاي ليس هكذا.
"ح-حسنا.." ونهضت، توجّهت إلى خزانة وفتحتها وأخرجت منها منديلا مكوّرا..عادت نحو هيرشار ووضعت المنديل في يده فخفق قلبه وارتعب كمن يريد أن ينتحر وهو يتردّد في فعلها..فتح المنديل ونظر.
لقد كان شينكاي محقا، ليست حبّة منومة..ابتلع لعابه وحمد الله وشكر شينكاي سرّا..أعاد الحبّة لكريس.
"والآن؟."
"لقد ربحت عليه." قال مبتسما فضحكت ثم واصل:
"لماذا تحتفظين بها بالمناسبة؟."
"نسيت التخلص منها. لقد ذكّرتني بها لذلك سأفعل."
"بالمناسبة..أين مايكل؟."
"في العمل."
"هذا صحيح..لقد نسيت."
"بالمناسبة.."
وسمع هيرشار الكلمة بعيدة فنظر..لم ير كريس فافترض أنّها في المطبخ.
"ماذا؟." قال بصوت عال
"هل قرأت الصحف؟."
"لا."
فعادت بصينيّة فيها قطع شوكولا..وضعتها على الطاولة بينه وبينها.
أخذ واحدة..كانت لذيذة جدّا.
"ما بها الصحف؟."
"جريمة قتل بشعة."
"ماذا؟."
ومرّرت الصحيفة له..قرأ في الصفحة الأولى بخطّ كبير.
"سيّدة تقتل بطريقة بشعة..لا معلومات..الشرطة تحقّق في الأمر."
ونظر إلى الوصف وشهق..كان وصفا مرعبا يتحدث عن سقوط فوق سكاكين مثبّتة بسقف بيانو.
"ما رأيك؟." قالت كريس
"من المجرم الذي فعل هذا؟."
"جريمة غريبة."
"وحشيّة." فأومأت.
"هل من رأي؟." قالت
"رأي! لا أعلم جزءا من مليون عن معلومة في هذه القضيّة."
"أعلم..أعني، طريقة القتل..رجل؟ أم امرأة؟."
"رجل..غالبا."
"أوافقك." فنهض.
"سأذهب."
"إلى أين؟ سيأتي مايكل بعد قليل." فابتسم.
"سأراه لاحقا."
وأخذ ثلاث حبّات من الشوكولا وخرج..ابتسمت كريس
"ستذهب لتشبع فضولك."

*************

استيقظت..كانت تحدّق في العتمة فنظرت حولها..كانت خائفة..حينها أدركت أنّ شيئا يسدّ فمها..كرة، كرة معدنيّة..تذكّرت، لقد دخل إليها ذاك الشخص..بالتهديد وبكلام عادي أجبرها على أن تضع الكرة في فمها..كرة معدنيّة بثقب وسلك معدنيّ بارز..هل شعرت بشيء يسبح داخل الكرة؟ لا تعلم..كان ما تذكره هو صوت ضحكته الغريبة وتأكيده على أن لا تسحب السلك المعدني..لماذا؟ لم يخبرها..عقلها البسيط فكّر بشيء واحد، إذا سحبت السلك المعدني ستخرج الكرة من فمها وترتاح، نعم، فالحواف الدائريّة المعدنيّة تضايق فمها الآن وهي تشعر بهذا..نظرت حولها في الغرفة..إنّها معتمة.
بسرير واحد فقط..كان لديها شعور داخلي غريب، أنفاس..هل هو هنا؟ هل يتلذذ بمراقبتها؟ 
نهضت عن السرير وسارت قليلا..ضوء القمر هو الوحيد الذي يجعل مكانا لإنارة في الغرفة..مشت نحو الباب بغريزة الهرب..إنّه مقفل.
ارتكزت على الجدار وبكت..ضايقتها الكرة أكثر.
غريزة البقاء اشتعلت فقرّرت..مدّت يدها وسحبت السلك المعدني وهي تغمض عينيها..من ماذا؟ ربّما كان شيئا فطريّا بسبب التحذير الذي تلقّته.
كم من شيء ندم عليه البشر؟ وهي؟ الكثير..لكنّها كانت واثقة أنّها لم تندم على شيء أكثر من هذا.
بسحب السلك المعدني خرج من الثقب سائل..بمجرّد تذوّقها لطعمه أدركته..سمّ قاتل أرداها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق