نضع في هذا البوست القضية الجانبية الرابعة والتي تعتبر خارج إطار السلسلة وعنوانها: حجّة الغياب. ملخص القضية أنّ زبونا يأتي لهيرشار يطلب منه التحري في أمر ما يعتقده خيانة من زوجته ثم حين يتّصل بها من منزل هيرشار يسمع الاثنان صراخها فيهرعان إلى المنزل ليجداها ميّتة بطعنة سكين.
نترككم مع القضية القصيرة لكن المميزة في ذات الوقت..قراءة ممتعة😎
الفصل الأول:
كان هيرشار جالسا إلى مكتبه ومقابله، كان رجلا في الأربعين من عمره، شعره خفيف أقرب إلى الصلع، بلون أسود، وعيناه بنيّتان، يرتدي بدلة بنيّة اللون وقميصا أبيض داخلها، وطوله لا يتجاوز ال 165 سم.
"إذن..تعتقد أنّ زوجتك تخونك؟." قال هيرشار
"آ-آه..من الصعب التفكير بشيء كهذا لكن.."
"ولماذا تعتقد هذا؟."
"إنّها لا تعمل بأيّ وظيفة وطبيعة عملي تجعلني أتأخّر عن المنزل وأكون كثيرا خارجه."
"وهذا لا يعني شيئا."
"صحيح. لكن حين شككت بالأمر..وضعت كاميرا فيديو وراقبت..زوجتي كانت تغادر المنزل يوميّا في نفس التوقيت متزيّنة بأفضل ما لديها."
"ربّما تذهب لزيارة أحدهم أو التمشّي."
"لذلك أتيت إليك." كان يتحدّث والعرق يتصبّب من وجهه "أريدك أن تختبرها ثمّ تراقبها."
"أختبرها؟!!."
"آ-آه..أنت شابّ وسيم وذكيّ..أريدك أن تحاول التغزّل بزوجتي واختبار الأمر، فإن لم تقع في الفخ، تراقبها لثلاثة أيّام..فإن لم يحصل شيء أكون ارتحت."
"إي-إيه!! لكن.."
"وسأدفع لك بالطبع."
"المسألة ليست النقود ولا أهتم بالنقود..ما الذي يدفعك للقيام بهذا؟ لا شيء ممّا ذكرته يقنعني."
"في-في الحقيقة..قبل يومين شممت رائحة عطر رجّالي في غرفة نومنا." ونظر إلى هيرشار "وهذا العطر لا أستعمله إطلاقا."
"ممم."
"هل ستفعل؟."
"ماذا تقصد بهل ستفعل؟."
"التغزّل في زوجتي والذي ذكرته."
"لا تمزح معي! لن أفعل شيئا كهذا."
"إذن سنفعل العكس."
"م-ماذا تقصد؟."
"ستأتي للغداء عندنا في المنزل فإذا جلسنا معا تركتكما بعدها لوحدكما وعندها إن كانت تخون..س.." وسكت خجلا.
"ستحاول التقرّب مني؟." فأومأ ثم قال:
"ما-ماذا قلت؟."
"م-موافق."
"أشكرك..إذن سأتّصل بها لأعلمها."
وأمسك هاتفه..ضرب أرقاما وانتظر..فتح الخط..
"آه، مرحبا ناديا. اليوم سآتي على الغداء خلال ساعة، ماذا أنت محضّرة لنا؟."
"لم أحضّر شيئا بعد."
"ماذا؟."
"لقد كنت نائمة."
"آه، لكن اليوم لدي ضيف مميّز. إنّه ذلك الشاب الذي ذاع صيته كمتحرّي..سيأتي إلى الغداء."
"إيه! حقا؟ لماذا لم تقل هذا منذ البداية؟ أحضر طعاما إذن. هذا خطؤك لأنّك اتّصلت بي متأخّرا." وصرخت "تبّا! كعادتك أحمق."
"اهدأي وأخفضي صوتك فقد يسمعك."
"إيه! هل أنت معه الآن؟."
"آ-آه."
"إذن..أعطني إيّاه."
"تريد أن تكلّمك."
"ماذا؟!." قال هيرشار مجفلا.
ثمّ أخذ السمّاعة وقال خجلا:
"آ-آه..مرحبا."
"هل أنت ذلك الفتى المتحرّي؟."
"آ-آه."
"أوه..يا للروعة."
ثمّ صرخة.
"ماذا؟ ما الأمر؟." صرخ هيرشار.
لكن بلا إجابة.
"ما الذي حصل؟." صرخ الرجل
"لا أعلم. سمعت صرخة من جانبها..هيّا فلنذهب إلى منزلك."
"آ-آه، هيّا."
"هل معك سيّارة؟."
"ل-لا."
"إذن فلتركب معي."
الفصل الثاني:
نزل الاثنان بسرعة..قاد هيرشار سيّارته بسرعة كبيرة بينما كان الرجل يدلّه على العنوان..وصلا بعد عشر دقائق...صعدا ركضا ثم فتحا الباب.
"سأرى أين هي.." قال الزوج
"آ-آه."
انتظر هيرشار لحظات قبل أن يسمع صرخة من الزوج فركض حيث مصدر الصوت..ثمّ رآها.
كانت الزوجة ملقاة داخل الحمّام على بطنها..وسكّين في ظهرها.
انحنى هيرشار..
"إ-إنّها..ميّتة."
"اتّصل بالشرطة!." صرخ هيرشار
ذهب الزوج ليتّصل بينما وقف هيرشار يتأمّل.
**************
وصلت الشرطة بعد ربع ساعة..كان المفتش مارك والضابط توم..قال مارك:
"عرّفنا بنفسك."
"ح-حاضر..أنا أدولف، صاحب شركة هندسيّة وهذه زوجتي ناديا وهي لا تعمل."
"أوه..وكيف أنت هنا هيرشار؟." سأل مارك فسرد عليه هيرشار الأمر.
"فهمت..هذا يعني أنّ شخصا هجم عليها أثناء مكالمتك معها؟."
"آ-آه." قال هيرشار "يبدو كذلك."
"هل فقدت شيئا من منزلك سيد أدولف؟." سأل مارك
"آ-آه..لقد بحثت قبل قدومكم فلم أعثر على عقد لزوجتي..كانت تضعه دائما على تلك الطاولة."
"إذن..قتل بهدف السرقة." قال مارك
"آه." قال توم "يبدو بأنّه دخل من نافذة الحمام..هنالك أشياء في الخارج استند عليها للوصول إلى النافذة..ثمّ انتظر فدخلت الزوجة الحمّام فطعنها في ظهرها..ثم سرق وغادر."
"أتسائل..هل هذا صحيح؟." قال هيرشار فالتفت إليه مارك وتوم فأكمل:
"انظرا..في غرفة النوم هذا خاتم من الذهب..لماذا لم يأخذه معه؟."
"ربّما لم ينتبه علي..كما أنّ العقد أغلى." قال مارك
"إذن أنت لا تؤمن بصيد عصفورين؟." سأل هيرشار
"ماذا؟."
"ماذا سيضيره أخذ الخاتم؟ كما.." وسكت وهو يعود إلى الحمّام "انظروا..السكّين عمودية في ظهر الضحيّة."
"وماذا في هذا؟." سأل توم
"لو أنّ لصّا دخل من نافذة الحمام وانتظر ثمّ طعن الزوجة في ظهرها..ألن تكون الطعنة بزاوية لأنّه سيرفع يده ويطعنها بالسكّين؟."
"م-معك حقّ." قال مارك
"لكن.." قال توم "ربّما بطحها أرضا ثمّ ثبّتها وطعنها عموديّا."
"لم أسمع من هذا على الهاتف كما لو كان كلامك صحيحا فهذا يعني أنّها ستقاوم قليلا..ولا آثار عرق على الضحيّة أو على الأرض."
"م-معك حق."
"إذن..ماذا تعتقد هيرشار؟." سأل مارك
"ربّما.." وسكت وهو ينظر إلى الزوج "كان ممكنا قتلها ليس بهدف السرقة."
أجفل الزوج من نظرات هيرشار وأدار وجهه..قال هيرشار لنفسه:
"إنّه خائف..أراه هو الفاعل. لكنّه كان بجانبي وتكلّمت مع زوجته بنفسي. إذن..كيف فعلها؟."
نظر هيرشار إلى الباب ثمّ رفع بصره وفكّر..اقترب من الباب..لاحظ شيئا على الحائط بجانبه فأحضر سلّما وصعد عليه..لمس الحائط فوق الباب.
"دبق..هذا يعني.."
ونزل مبتسما ونظر إلى الزوج نظرة خبيثة وقال لنفسه:
"تستطيع ارتكاب الجريمة..حتّى لو كنت في المرّيخ."
الفصل الثالث:
"حسنا!." صرخ مارك "فلتبحثوا عن شهود ربّما رأوا شخصا مريبا يركض في حوالي الساعة الثانية."
"علم."
"لا داعي لهذا." قال هيرشار فالتفت إليه مارك فأكمل يقول:
"لن تستفيدوا شيئا من البحث عن هكذا شخص."
"ول-لماذا؟."
"لأنّها جريمة دبّرت بذكاء وارتكبت من بعيد."
"هاه؟ لم أفهم هيرشار."
"حسنا، باختصار..الجريمة ارتكبت ليس بهدف السرقة بل بهدف التخلّص من الزوجة..أليس هذا صحيحا سيد أدولف؟."
ارتعش أدولف وحدّق بهيرشار الذي ابتسم وقال:
"الخدعة ذكيّة لكنّها بسيطة. أوّلا: أحضرت زنبركا في نهايته قاعدة بلاستيكية وثبّت القاعدة بشريط لاصق فوق الباب من الداخل ثمّ شددت الزنبرك إلى آخره وأحضرت السكّين التي قتلت بها زوجتك، كنت قد ثبّتّها بشريط لاصق من نهايتها إلى قطعة بلاستيكية دائرية بنفس قطر الدوائر للزنبرك..ووضعت هذه الدائرة في دائرة الزنبرك المشدود ثمّ بحبل من نهاية السكّين وطرفه الآخر على مسمار على الحائط بجانب الباب ليس مثبّتا تماما اكتملت خدعتك."
وسكت بينما كان مارك مدهوشا ونظر إلى أدولف وقال:
"بمعنى..عندما يفتح باب الحمّام، سيسقط المسمار ويفلت الحبل فتنطلق السكّين من الزنبرك مغروسة في ظهر زوجتك..وبالطبع كنت قد وجّهت السكّين نسبة إلى طول زوجتك."
"وكيف غادر الحمّام؟."
"من النافذة..كما اعتقدتم أنّ اللص قد دخل."
"لكن ألم تقل أن الزوجة من اقترح الكلام معك هيرشار؟ إذن لم يتعمّد جعلك تتكلّم معها."
"هذا ما ظهر لكنّه قال لها أخفضي صوتك بينما لم أسمع شيئا منه..فجرّ الأمر أنّني معه وتكلّمت معها."
"لكن..كيف تأكّد أنّها ستدخل الحمّام في حينها؟."
"لأنّه..كان قد أيقظها من نومها بهاتفه."
"إيه!."
"أعتقد أنّها دائما ما تنهض في هذا الوقت وهو كان يعلم هذا فاتّصل في هذا الوقت..جعل الكلام معها ومدّته ثمّ إعطاءها لي بما يتناسب بحيث اسمع صراخها وأتكلّم معها."
"لكن لماذا تدخل الحمام والهاتف في يدها؟."
"انظر حضرة المفتش تعلم..إنّه حمّام واسع مكون من ساونا وبركة سباحة وأشياء أخرى فالدخول بالهاتف أمر عادي..كما يوجد هنا، وصلة لشحن الهاتف."
"وم-ما دليلك على هذا؟." قال أدولف والعرق يتصبّب منه.
"سيّد أدولف..أنت دخلت تبحث عن زوجتك في حينها ثمّ صرخت ومن بعدها لم تغب عن ناظري..ما رأيك أن تخرج من جيبك..الزنبرك والمسمار؟." وابتسم.
فأجفل أدولف وسقط أرضا ينتحب..قال:
"لقد كانت شيطانة..لقد تأكّدت أنّها تخونني وواجهتها فقالت لي ببساطة، أنت طول الوقت حتّى المساء في عملك وتعود وتنام فقط..كيف تريدني أن لا أفعلها..صدمتني! ففكّرت بقتلها بهذه الطريقة..لم أتوقّع أن يكتشفها الفتى بهذه السرعة."
"تفضّل معنا إلى القسم." قال توم
وقف هيرشار ونظر إلى السماء وقال لنفسه:
"تبّا! أيّ نوع من العلاقات هي هذه؟ تخونه لانشغاله في العمل وهو في المقابل يتأخر في العمل ولا يعطيها وقتا بسيطا." وتمطّى "يجب أن تكون الأولوية دوما للأسرة. إنّها قضية خسر فيها الاثنان بغباء."
"هيرشار!." أجفل برؤية آيرين تركض نحوه وكانت ترتدي كنزة برتقالية اللون على بنطال أبيض.
"نعم. يجب أن تكون الأولوية لآيرين حين يحصل الأمر." وابتسم بوجه محمرّ بينما استغربت آيرين.
قضية قصيرة وجميلة...انهيتها بسرعة..><"
ردحذفحتى ولو كانت لمحة، الا انها اظهرت الجانب المراعي من هيرشار..
شكرا جزيلا...بانتظار القادم...:)
شكرا لك :)
ردحذف