نعيد في هذا البوست اليوم نشر قضية جانبية كانت مختلفة. القضية كانت عبارة عن إعادة رسم الطريقة والقضية التي ارتبطت بظهور ليسّا على مسار الأحداث والذي ارتبط ب أفروديت. باختصار فالقضية هي إعادة رسم أحداث قضية "ذات الشعر الأحمر" من رواية "أوراق الماضي وقضايا أخرى." والتي كانت التمهيد الفعلي لأحداث رواية "الشيطان." التي تلتها.
هذه المرة سيكون هناك معلومات أكثر وتفاصيل أكثر فالقضية طويلة ومفصّلة لذلك ستكون إثراء ممتع لمن قرأ الروايات بينما سيستمتع من لم يقرأ الروايات بالقضية ولكنّهم سيواجهون بعض عدم الفهم لبعض الجمل والتفاصيل😉. لذلك نقول لهم، عليكم مواكبة القضايا والروايات سريعا.
قراءة ممتعة😎
الفصل الأول:
"ياهّوووو."
خرجت آيرين من الماء وهي تقولها..ثمّ استندت إلى طرف البركة وخرجت منها..خلعت النظارة..كانت ترتدي ملابس سباحة زرقاء.
صفقت يدين لها.
"أنت تتقدّمين آيرين، رائعة."
"شكرا لك آنسة مادلين."
كانت مادلين مدرّبة آيرين، عمرها خمس وعشرون..طولها 175 سم، عيناها خضراوتان، شعرها بنّي ناعم منسدل على كتفيها..ارتدت مثل آيرين لكن أحمر اللون.
"لا تقولي آنسة! عمري 25 فقط!!."
"ولكنّك مدرّبتي."
"لا بأس بهذا."
"كيف ترين السباحة؟." سألت مادلين
"جميلة."
"وهل أنت متأكّدة من أنّه ليس قريبا من هنا؟."
"أنّه؟!."
"حبيبك."
فاحمرّ خدّ آيرين وتلعثمت..
"ل-ليس ح-حبيبي."
فضحكت مادلين..
"ماذا تعنين بليس قريبا من هنا؟."
"بملابسك هذه إذا رآك ماذا سيحصل؟."
فاحمرّ خدّ آيرين وأصبح كالدم..ولم تجب.
"لقد أردت تعلّم السباحة من أجل تنشيط جسدي وأيضا أن أخسر كيلوغرامات زائدة." قالت آيرين بعد لحظات من الصمت مغيّرة الموضوع.
"لكنّ جسمك ووزنك مثالي."
"لا، لقد كسبت كيلوغرامات زائدة في الفترة الأخيرة."
"هل تهذين؟ هذا غير موجود..أم أنّه لاحظ؟." وغمزتها
"ل-لا..إنّه يلاحظ سريعا على أيّ حال."
"وأنت لا تريدين له أن يلاحظ."
"وم-من أجلي أيضا طبعا!."
فضحكت مادلين مجدّدا..
بعدها..ذهبت آيرين وأخذت حمّاما في ثمّ ارتدت ملابسها وكانت كنزة حمراء صيفيّة وبنطال من الجينز وحملت الحقيبة التي وضعت فيها ملابسها الأخرى. نظرت إلى ساعتها..كانت الثالثة عصرا..ذهبت إلى مرآة وضبطت شعرها بالمشط إلى كتفيها وبعدها بوقت رنّ هاتفها..نظرت، فكان هيرشار الذي جاء ليأخذها.
خرجت من المسبح وذهبت حيث أوقف هيرشار سيّارته..كان يرتدي كنزة زرقاء وبنطال جينز.
دخلت السيارة وهي تقول:
"مرحبا هيرشار."
"أهلا..هل استمتعت؟."
"نعم، كلّيا."
"جميل."
وقاد سيّارته عائدا إلى المنزل.
في الطريق..قالت آيرين وهي تحاول إخراج محفظتها من حقيبتها.
"سأرى النقود."
"120 دولار تقريبا." قال هيرشار
"إ-إيه!." ونظرت إليه
"ماذا؟."
"ما أدراك؟."
"بسيطة..لقد قلت أنّ السباحة ستستغرق ثلاث ساعات، مع ذلك طلبت منّي المجيء لآخذك عند الثالثة وقد أوصلتك عند الحادية عشرة..هذا يعني وجود ساعة زائدة لم تخبريني بها..فإذا كانت بالجلوس داخل المسبح مع المدرّبة لقلت لي من الصباح أن أعود عند الثالثة، لكنّك لم تفعلي، وهذا يعني أنّها كانت غير محسوبة.."
ونظر إليها وهو يقود.
"وهنالك أثر ملح عند طرف فمك."
فأجفلت آيرين واحمرّ خدّها ومسحت فمها بمنديل.
"وهذا يعني أنّك تناولت الغداء..وجود الملح هكذا يدلّ على بطاطس مقليّة ولأنّه لا يوجد في المسبح ولا في الجوار مطعم فالمكان الوحيد الذي يوجد به مطعم هو المجمّع التجاري المجاور للمسبح..لذلك أفترض بأنّك دخلت المجمّع بهدف الغداء، وكفتاة لم تستطيعي مقاومة رغبتك في شراء الملابس فاشتريت كنزة حمراء وبنطال جينز..الوجبة تكلّف حوالي عشرة دولارات، الكنزة ب ثلاثين دولار والبنطال بأربعين ممّا يعني ثمانين دولار ولقد أحضرت معك مئتي دولار في الصباح..هل أخطأت؟."
فنظرت إليه فاغرة فمها مدهوشة..قالت ووجهها أحمر:
"كيف عرفت أنّني اشتريت هذه الملابس؟."
"لقد سمعتك وأنت تتحدّثين مع ماريّا سابقا حول رغبتك في شراء كنزة حمراء صيفيّة نصف كمّها أقرب إلى بلا كمّ وعن رغبتك في شراء بنطال جينز من هذه النوعية التي ترتديها..وقلت أنّك لا تملكين مثلهم أصلا..كما.."
وأزال يده اليمنى عن المقود وسار بها فلمس كنزتها ثمّ بنطالها من الخلف.
"هنالك الملصق الذي يثبت حداثة الشراء..لقد نسيت إزالته."
فارتبكت وبدأت تلتفّ لتزيله عن الكنزة والبنطال ثمّ قالت:
"هل تعرف ماذا لمست أنت قبل قليل حضرة شارلوك هولمز؟."
فنظر إليها فرأى وجهها محمرّ..
"ل-لم أقصد أيّتها الغبيّة!."
"أنت هو الغبي!."
ثمّ أدارت رأسها نحو النافذة وبدأت تختلس النظر لهيرشار.
"ه-هيرشار.."
"نعم."
"انس الأمر."
"هاه؟."
وفجأة..أوقف هيرشار سيّارته بقوةّ بالضغط على الفرامل فصرخت آيرين..ترجّل هيرشار من السيّارة وصرخ على صاحب السيّارة الذي جاء عكس السير.
"ماذا تفعل أيّها الغبي؟!!!."
فترجّل من السيّارة صاحبها..كانت مرسيدس حمراء اللون حديثة..نزل مرتديا بدلة كحليّة ويضع نظارات شمسيّة..شعره أشقر قصير.
"لقد مرّ وقت منذ آخر لقاء." قال وهو يخلع النظارة.
"أ-أوكنان!!."
"كيف حالك هيرشار؟."
"ب-بخير." قالها منزعجا.
فسلّم على هيرشار باليد ثمّ في الهواء على آيرين التي كانت تضع يدها على قلبها..وعندها..
كانت المفاجأة الكبرى حين ترجّلت فتاة من مقعد الراكب فاتّسعت عينا هيرشار وآيرين.
الفصل الثاني:
"م-ماريّا!!!." قالت آيرين بدهشة جديدة.
بينما بقي هيرشار صامتا من الدهشة.
كانت ماريّا قد ترجّلت من السيّارة مرتدية قميصا أصفر وبنطال أسود.
"مرحبا آيرين، مرحبا هيرشار..كيف حالكما؟."
"ماذا تفعلين؟." قالت آيرين
"أعرّفكما..ماريّا..خطيبتي." قال أوكنان
ففغرت آيرين فمها في حين قال هيرشار.
"خطيبة ي..من ي.." وتوقف واقترب من أوكنان.
"لا وقت للمزاح!."
"ومن قال أنّني أمزح؟."
"إ-إذن.."
"نعم..ستكون خطيبتي خلال أيّام."
"واو..مبارك ماريا.."قالت آيرين
"أشكرك آيرين."
"لكن لماذا لم تخبريني؟."
"لقد أردت مفاجأتكما."
"في الواقع هي صاحبة فكرة السير عكس اتّجاه السير." قال أوكنان
"كدت أصطدم بك أيّها الأحمق وبالفعل لا تخرج هكذا أفكار إلا من حمقاء مثلها!." قال هيرشار لنفسه
ثمّ اقترب من أوكنان وهمس في أذنه..
"هل أنت جادّ؟."
"بالطبع!."
"وكريس؟."
"ما بها؟!."
"كنت تنظر لها كثيرا في اللقاءات الماضية."
"لا، من قال هذا؟."
"لقد شعرت بهذا."
"هذا غير صحيح." وأشاح بوجهه.
"كما..سمعت أنّها في لندن مع ذلك الشاب."
"آ-آه..لقد تزوّجا رسميّا."
"فلتحذّره."
"هاه؟ ممّ؟."
"منها."
"ولماذا؟."
"الشقراوات جميلات وخائنات غالبا وهي أيضا..ذكيّة."
"هل تريد منّي تحذيره فقط لأنّها شقراء؟."
"نعم..أليس صديقك؟."
"أحمق! ليست من هذا الصنف الذي في عقلك."
"إذا كان والدك ووالدتك مهندسان فما أوّل تخصّص يخطر على بالك لتدرسه؟."
ثمّ ابتسم أوكنان ومشى للأمام بينما قال لنفسه:
"بل أنت الأحمق. أنت من لا يعرف حقيقتها وحقيقة ما تقوم به..معي." وابتسم.
"ه-هل يعقل؟ ه-هذا الفتى..ه-هل يعرف عن والدتها؟." قال هيرشار لنفسه.
كانت ماريا وآيرين تتحدّثان في ذلك الوقت فسمع هيرشار من الحوار.
"وكيف حصل وأحببتم بعضكما البعض؟." سألت آيرين
"كالأفلام.." وشبكت يديها واحمرّ وجهها.
"رومانسي بامتياز."
"كيف؟." وقد تحمّست آيرين
"لقد أنقذني من شباب حاولوا العبث معي..لقد كان يراقبني طول الوقت..إنّه مغرم بي وأنا أيضا."
ووضعت يدها على وجهها وهي تتكلّم فغطّته وبدأت تهزّ رأسها.
"هذا يعني أنّ من التصق بالآخر وأوقعه هو أنت لا هو." قال هيرشار لنفسه ساخرا ثمّ التفت إلى أوكنان الذي وقف بعيدا قليلا فابتسم الأخير فقط.
وبعدها..تفرّقوا كلّ كيف أتى فقاد هيرشار سيّارته برفقة آيرين وأوكنان سيّارته برفقة ماريا.
في الطريق..كان هيرشار يختلس النظر إلى آيرين.
كانت تلصق رأسها بالنافذة شاردة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصباح، أوصل هيرشار آيرين إلى المسبح عند الحادية عشرة أيضا، ارتدى هو قميصا أزرقا على بنطال أسود وارتدت هي كنزة بنفسجيّة صيفيّة وبنطال أبيض.
دخلت آيرين إلى المسبح، وسارت نحو غرف تبديل الملابس..وضعت حقيبتها في الخزانة المخصّصة ثمّ ذهبت تبحت عن مادلين..سارت في الممرّ وذهبت نحو الغرفة التي تبقى فيها مادلين..وحين اقتربت كان الباب مفتوح جزئيّا..نظرت من الفتحة البسيطة فوجدت مادلين مرتدية ملابس سباحة صفراء تتكلّم على الهاتف وكان وجهها شاحبا..بقيت آيرين تستمع..انتهت مادلين من المكالمة وأسرعت بارتداء ملابسها وكانت قميصا أبيضا وتنّورة سوداء قصيرة..كانت تعابير وجهها شاردة..همّت بأن تخرج من الغرفة، فأجفلت آيرين وابتعدت بصمت واختبأت خلف جدار..خرجت مادلين، وسمعتها آيرين تتكلّم بهمس..كانت تقول:
"لن أتركك..أبدا."
وخرجت من المكان.
"من هو الذي لن تتركه؟." سألت آيرين نفسها
ثمّ قرّرت أن تتبع فضولها..فتبعت مادلين بصمت.
أخذت آيرين تنظر حولها باحثة عن الاتجاه الذي سلكته مادلين ثمّ رأتها تخرج من المسبح كاملا..ركبت سيّارتها الفيراري الزرقاء وانطلقت.
وقفت آيرين حائرة.
"مادلين!."
فوقفت سيّارة أجرة أمامها..قرّرت في ثانية..ركبتها.
"اتبع الفيراري الزرقاء ولا تجعلها تلاحظ."
"ح-حسنا."
وانطلق في أثر الفيراري.
كانت مطاردة عادية..لم يبدو بأنّ مادلين لاحظت..وبعد ربع ساعة توقفت مادلين أمام بنك.
ترجّلت من السيارة في حين طلبت آيرين من السائق أن يقف بعيدا قليلا عن البنك وراقبت.
بقيت مادلين حوالي النصف ساعة في البنك ولم تخرج.
"أوي أيّتها الفتاة..هل سنبقى ننتظر؟." قال السائق الذي كان عجوزا شائبا.
"لا تقلق..سأعطيك أجرة الانتظار."
"لا أعلم. أشعر..أشعر بأنّ شيئا غريبا يحصل معها وعليّ التأكّد من هذا." قالت لنفسها ثمّ فكّرت.
"وشعور آخر بأنّني تحوّلت إلى هيرشار!."
خرجت مادلين بعدها من البنك وهي تحمل حقيبة فانتبهت آيرين..ركبت مادلين سيّارتها وانطلقت ثمّ انطلق السائق خلفها..وبعد ثلث ساعة وقفت أيضا أمام بنك ثم خرجت منه بعد ربع ساعة بحقيبة أخرى ثمّ انطلقت من جديد وفعلتها ثالثا وبحقيبة أخرى.
"م-ما الذي تفعلينه مادلين؟!." قالت آيرين لنفسها.
بعد ساعة..بدا أنّ التفسير قد اقترب..كانت مادلين قد وصلت إلى ميناء مهجور..أملت آيرين أنّها لم تلاحظها ولم يبدو أنّها فعلت..بعد دقائق أوقفت مادلين سيّارتها ونزلت بالحقائب الثلاثة..نقدت آيرين السائق أجرته ونزلت هي الأخرى..أمسكت هاتفها وطلبت رقما ثمّ سارت وهي تلحق بمادلين.
"لم لا تجيب؟!." قالت ساخطة
ثمّ رأت مادلين تنزل درجا فلحقت بها ببطء ثمّ وقفت عند المدخل تستمع بعد دخول مادلين.
نظرت مادلين حولها فرأته..كان خطيبها إسحق مقيّدا ومكمّما ومعلّقا بالسقف..كان أبيض البشرة، بنّي الشعر، عيناه عسليتان..يرتدي قميصا بنّيا وبنطال جينز غامق اللون.
"إ-إسحق!." قالت مادلين فهمهم فقط.
ثمّ برز رجلان..الأوّل أبيض البشرة، أشقر الشعر..ضخم الجثّة ارتدى كنزة بلا أكمام بيضاء وبنطال جينز والثاني أسمر البشرة، أسود الشعر وضخم أيضا..ارتدى كنزة سوداء بلا أكمام وبنطال جينز.
"أهلا أهلا يا حلوة." قال الأشقر
"لقد أحضرت النقود كما طلبت."
"يؤسفني أنّه ليس كاف."
"ماذا؟! لقد طلبت ثلاثة ملايين وأحضرتهم."
"وهذا صحيح." قال وهو يحكّ ذقنه
"فرق كبير بين ثلاثة..وعشرة." انبرى الأسمر بالكلام
فنظرت إليه وهي لا تفهم.
"ببساطة يا عزيزتي، لقد غيّرنا الخطّة..أنت أحضرت ثلاثة ملايين لإنقاذ حبيبك وسنحصل على سبعة ملايين أخرى من العائلتين لإنقاذكما." وابتسم ابتسامة واسعة.
"م-مستحيل! ه-هذا.."
اقترب منها الرجل الأسمر وأمسكها ثمّ أغلق فمها بيده.
"يا لك من وغد!."
فنظروا ورأوا آيرين تدخل من الباب.
"أوه..يبدو بأنّ لدينا صيدا آخر." قال الأشقر
"صيد! ستندم أيّها المعتوه حين تزجّ في الس-ج-ن.."
كانت يد قد امتدّت..كمّمت آيرين بمنديل مشبع بالمخدّر فسقطت مغشيّة عليها.
"رائع بيتر." قال الأشقر
كان رجلا أبيضا جسده قوي لكن ليس ضخما، شعره أسود..يرتدي قميص أبيض وبنطال أسود.
"هيّا..فلنحصل على النقود." قال بيتر
"لقد أحضرت ثلاثة ملايين فقلنا.." قال الأشقر
"سنحصل على الباقي لاحقا فهذه الفتاة - وأشار إلى آيرين - كانت تلحق هدفنا طول الوقت..ربّما أخبرت أحدا..فلنسرع بالخروج من هنا...إدوارد!."
"حاضر." قال الأسمر الذي ما زال يمسك بمادلين المصعوقة ممّا يجري ومن وجود آيرين ويقفل فمها بيده.
"قيّدها وكمّمها سريعا..سنغادر."
"علم."
"وأنا سأنزل هذا الصيد." قال الأشقر وهو يقترب من إسحق المكمّم والمقيّد والذي كان يقاوم ويهزّ جسده فضربه بلكمة على بطنه فأفقد وعيه.
"هيّا." قال بيتر
"ما زال الوقت باكرا."
فأجفل بيتر والأشقر وإدوارد..التفت بيتر ببطء فرأى هيرشار يقف خلفه مبتسما.
"أليس استدراج فتاة هكذا شيئا خسيسا أيّها الحمقى؟."
"ماذا تقول؟!." صرخ بيتر
هجم بيتر على هيرشار بينما لم ينتبه أنّ هيرشار وضع يديه خلف ظهره. حين اقترب منه ساعيا لكمه أجفل بهيرشار يخرج عصا حديدية فهوى بها على بطن بيتر ليسقط أرضا وهو يبصق ليقوم الأشقر بالهجوم فضربه هيرشار بها في ذات المكان فسقط أرضا.
"لا تقترب." صرخ فيه إدوارد وهو يحمل مادلين وأخرج من جيبه مسدّسا ووجّهه في وجه هيرشار ثمّ على رأس مادلين.
"هل تريدني أن أقتلها؟." فنظر هيرشار إليه.
"أنا أستسلم." قالها وهو يقوم بتحريك العصا في الهوء قبل أن يهمّ بإلقائها فابتسم إدوارد قبل أن يجفل.
أجفل إدوارد كليّا بالعصا طارت نحوه بقوة فاصطدمت بالمسدس الذي سقط أرضا منه. ركض هيرشار نحو المسدّس وأمسكه وهدّد به إدوارد فاستسلم الأخير مباشرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيّد هيرشار الثلاثة بعد أن اتّصل بالشرطة وفكّ قيد مادلين وإسحق ثمّ ركض نحو آيرين الممدّدة أرضا وبدأ يهزّها وهو يصرخ.
"أوي آيرين! هل أنت بخير؟."
ثمّ لاحظ نومها.
تنهّد.
"تبّا! يا لك من متهوّرة."
في حين استيقظت آيرين بعدها..كانت الشرطة قد وصلت وألقت القبض على الثلاثة وأخذوا مادلين وإسحق وهيرشار وآيرين للإدلاء.
بعد نصف ساعة..كان هيرشار وآيرين يخرجان من مركز الشرطة..مشيا نحو سيّارته.
"هيرشار..كيف عرفت؟."
"لقد نسيت شيئا في السيارة فعدت إلى المسبح لأعطيك إيّاه..حينها رأيت مادلين تخرج ثمّ تتبعينها أنت بسيّارة أجرة فتبعتكما."
"إذن لماذا لم تجب على اتّصالي؟."
"لقد كنت قريبا منك وقتها والهاتف في السيّارة."
"تبّا! لقد جعلتني لا أعرف كيف أتصرّف."
"لماذا لم تتّصلي منذ البداية حضرة الفضولية؟."
"ل-لم أكن متأكّدة بعد من وجود شيء."
"وعندما لم أجب لماذا لم تتّصلي بوالدك الفاشل؟."
"ليس فاشلا أيّها الأحمق! كما أنّني أردت منك أنت أن تأتي..أنا المخطئة أن فكّرت هكذا."
"هاه؟! من البداية لا تتصرّفي كمتحرّية وأنت لا تتقنين هذا الدور."
"حقا؟."
"نعم..فهذا ليس لعبا."
"أوه..أعتذر منك حضرة المتحرّي الخبير."
"ماذا؟."
"أنت أصلا كصخر في الماء يبتلّ فقط..أنت أيضا من المؤكّد أنّك..لا..لا تذكر." وأخفضت رأسها وتغيّرت نبرة صوتها.
فنظر إليها هيرشار.
"أ-أذكر ماذا؟."
"ل-لا شيء." وقد بكت.
"أوي أوي."
ثمّ ركضت آيرين سريعا.
"أوي! لحظة."
وركض خلفها..كان الوقت قد أصبح ليلا..كان ركضها سريعا على غير العادة..دخلت في أزقّة متتالية فأصبحت بعيدة عنه..بدأت السماء تمطر، كان مطرا بلا برودة في الجوّ.
"تبّا!! أين ذهبت؟." كان قد أضاعها لكنّه واصل البحث.
ركضت آيرين من زقاق إلى زقاق..كانت تخفض رأسها ولا تنظر إلى الأمام..دموعها اختلطت بماء المطر..حاولت بيدها منع المطر من تبليلها كليّا..وهي تركض..لم تنتبه.
كان أمامها امرأة كما بدا تحمل مظلّة..ترتدي قميصا أبيض وبنطالا أسودا، طولها متوسّط، نحيفة، ملامحها غير ظاهرة بوضوح. في ظلّ عدم انتباه آيرين اصطدمت بها فسقطتا أرضا.
سقط من المرأة بعض الأشياء..كانت داخل أكياس.
"أ-أنا آسفة." قالت آيرين وهي تنهض وتحمل الأشياء التي سقطت وتلقي نظرة عليها.
لم تجبها المرأة..أخذت الأشياء منها ثم هزّت رأسها لأسفل متشكّرة..مشت آيرين بجوارها ثم جاوزتها..كانت ما تزال شاردة وصوت المطر المنهمر جعلها في عالم آخر..عندها، أفاقت بيد تكمّمها بالمخدّر بينما كان المطر ينهمر وعيناها تغلقان.
قاومت ولم تر إلا شعرا أحمرا طويلا لليد التي تكمّمها، ظهر من مرآة في الأمام جانبية في الزقاق..سقطت أرضا بعدها فنظرت إليها المرأة ذات الشعر الأحمر، أخرجت حبلا وشدّته ثم لفّته حول عنق آيرين وشدّت.
ثمّ سمعت صوتا..
"آيرين..آيرين! آيرين!!."
كان هيرشار يقترب وفي لحظة اختفت المرأة. بالضبط..كما توقف المطر في لحظة.
الفصل الثالث:
وقف هيرشار لاهثا..انحنى على ركبتيه.
"تبّا! أين اختفت؟ وماذا تقصد بأذكر؟."
وفي لحظة..لفت انتباهه شيء على الأرض بعيدا.
كان على الجهة المقابلة..فتح فمه واتّسعت عيناه بينما ركض نحوه..كانت آيرين!.
"آيرين..آيرين!."
كان يهزّها ثمّ انتبه..كانت آثار حبل على رقبتها.
"لا! آيرين!!."
صرخ بأعلى صوته فأنارت أنوار البنايات في الزقاق.
"آيرين! أوي آيرين! استيقظي أوي!." كان يهزّها ويصرخ حتّى اجتمع حوله حشد من السكّان.
أمسك يدها وفحص النبض.
"إ-إنّها حيّة..الحمد لله."
حمل آيرين بعدها وركض بها فوق الشارع المبتلّ بالماء.
وضعها في سيّارته..وانطلق سريعا نحو أقرب مستشفى.
وقف عندها..نزل مسرعا وقد حملها ودخل بها كاقتحام.
أجفلت الممرّضات وصرخ بهنّ أن يسرعن بإيجاد غرفة ففعلن بخوف.
أدخل آيرين إلى غرفة ووضعها فيها ثمّ جاء طبيب..أمره أن يخرج وأغلق الباب وبدأ يفحص آيرين.
انتظر هيرشار في الخارج خائفا.
كان قد اتّصل بسام ومارك فوصلا معا..كان سام خائفا ومتوتّرا، ارتدى قميصا أبيض وبنطال أزرق في حين ارتدى مارك قميصا أبيضا وبنطالا بنّيا.
"ما الذي حصل أيّها المعتوه؟." صرخ سام في وجه هيرشار وقد أمسكه من رقبته.
"ل-لا أعلم..كنّا معا ثمّ.." وسكت قليلا وأخفض رأسه.
"تفرّقنا بعدها..وحين وجدتها..كانت.."
فنظر إليه سام بغضب.
"اهدأ اهدأ سام..ستكون بخير." قال مارك
"لا أصدّق..كيف تسمح لها بالابتعاد عنك؟."
فرفع هيرشار رأسه ونظر فرأى أمامه أوكنان وبجواره ماريا تبكي..كان أوكنان يرتدي بدلة سوداء بربطة عنق زرقاء في حين ارتدت ماريا كنزة صيفية بيضاء وبنطال جينز.
"ها قد جاء المزعج صاحب البدلات." قال هيرشار لنفسه.
"هيرشار..ما الذي حصل بالضبط؟." قالت ماريا
"آ-آه، لا شيء..ستكون بخير."
"نعم، ستكون بخير." أكمل لنفسه
وبعد دقائق خرج الطبيب من غرفة آيرين..كان شابا في نهاية الثلاثينيات، أبيض البشرة، طويل، شعره أسود..هرعوا إليه فقال:
"لقد بدأت تستيقظ.." ففرح هيرشار والجميع.
"لكن.." فأنصتوا.
"حالتها غير مستقرّة بعد."
"ماذا تعني أيّها الطبيب..هل.." قال سام
"ربّما..لم يزل الخطر عن حياتها بعد." فأجفلوا.
"ه-هل أستطيع أن أراها؟." قال هيرشار
نظر إليه الطبيب..أومأ وقال:
"لدقائق معدودة فقط."
فأومأ هيرشار..دخل هو وسام وماريا وأوكنان وبقي مارك خارجا.
كانت آيرين ممدّدة على السرير..حرّكت عينيها ببطء نحو الداخلين إلى غرفتها ثمّ..
أشارت نحو هيرشار بإصبعها وبحركة بعدها استغربها الجميع ودهشوا منها. كانت تحرّك يدها نحو الخارج ثمّ نطقت بصعوبة.
"ا-اخرج..م-من ه-هنا."
فنظر الجميع إلى هيرشار..بدا مصعوقا تماما بينما اقترب منه سام وهو يصرخ.
"أنت أيّها اللعين!."
وبضربه من قبضته طار هيرشار خارج الغرفة واصطدم بقدمي مارك والصدمة جعلته كالأبكم.
"آيرين..حبيبتي يا ابنتي..ما الذي حصل؟." قال سام
فهزّت رأسها بلا أعلم.
"هل تذكرين ما حصل لك؟." سأل أوكنان بينما ماريا كانت تبكي وتحرّك بصرها تارة على آيرين وتارة خارج الغرفة على هيرشار الذي لم يقف بعد الضربة وبقي كالميّت.
بدا أنّها تحاول التذكّر..نظرت إلى السقف ثمّ نطقت بكلمات متتالية بين كلّ واحدة كان صمت.
"ر-ركض..م-مطر..د-دمع..ا-اصطدام..ا-امرأة..م-مرآة..م-مخدّر." وسكتت ثمّ اتّسعت عيناها..قلبت رأسها.
"ما الأمر؟." قال سام
"ش-شعر..أ-أحمر..ط-طويل."
"ماذا؟!." قال أوكنان لكنّها فقدت الوعي.
"والآن يكفي! غادروا يا سادة." قال الطبيب فغادروا.
فكّر أوكنان في كلماتها بينما كان الجميع ينظر إلى هيرشار الملقى أرضا بدهشة واستغراب.
الفصل الرابع:
وقف الجميع خارج غرفة آيرين قلقين في حين بقي هيرشار جالسا على الأرض.
وقف مارك يهدّىء سام في حين جلست ماريّا على كرسي تبكي ووقف أوكنان يفكّر.
نهض هيرشار ببطء..كان شارد الذهن تماما فمشى قليلا مبتعدا عن غرفة آيرين ليراقبه أوكنان ثمّ تبعه.
"ك-كيف هي؟." سأل هيرشار وقد أبقى ظهره لأوكنان.
"ب-بخير."
ثمّ أطبق صمت للحظات.
"لقد تكلّمت ببضع كلمات." قطع أوكنان الصمت
"ماذا؟."
"من كلامها أستنتج شيئا..لقد كنتما معا ثمّ تركتك وهربت وهي تبكي لسبب أجهله ثمّ اصطدمت بمرأة وبعدها يبدو بأنّ نفس المرأة قد خدّرتها ثمّ حاولت خنقها."
"وهل ذكرت شيئا عن المرأة؟." كان ما زال يدير ظهره
"آ-آه..امرأة..بشعر أحمر طويل."
"أحمر؟." والتفت لأوكنان
"هذا ما قالته..هل لاحظت امرأة بهذه المواصفات؟."
فنظر هيرشار لأوكنان نظرات معناها (كيف ألاحظ ورأيتها على وشك الموت؟)
"مثير للاهتمام." قال أوكنان فنظر هيرشار إليه.
"ماذا تعني؟."
"ألم تسمع؟." وسكت أوكنان قليلا.
"ب
The Crimson Couple
"م-ما هذا؟."
"أوي أوي..هل تعتقد أنّ لهما علاقة بالأمر؟." قال مارك في حين زاد قلق سام.
"من الطبيعي أنّك هيرشار لم تسمع بهم فالموضوع لم يخرج من إطار الشرطة. ولأنّ والدي مفتّش فقد عرفت عنهما."
"وبعد؟ من هما؟." قال هيرشار وقد استعاد شيئا من وعيه حوله.
"المعلومات تقول بأنّهما رجل وامرأة..العمر غير معروف. وما يميّزهما هو شعرهما الأحمر اللون."
"ومن هما؟."
"قاتلان محترفان وأشياء أخرى."
"ولماذا لم يلق القبض عليهما بعد؟."
"إنّهما محترفان..يقال بأنّ الرجل قد مات وبقيت المرأة في إحدى المواجهات."
"وما السبب الذي يدفعهما أو يدفع المرأة على الأقل بما أنّ آيرين ذكرت امرأة أن تهاجم آيرين؟."
ابتسم أوكنان في حين انتظر هيرشار وكان مارك وسام يستمعان.
"أنت لست هيرشار الذي أعرفه..مشاعرك وخوفك أثّرا على قدرتك على الاستنتاج. لقد اصطدمت آيرين بامرأة..بعدها بقليل تمّ تخديرها ثمّ محاولة خنقها..لو أنّ المرأة التي اصطدمت بها آيرين ليست نفسها التي هاجمتها لكانت قد صرخت أو فعلت شيئا فليس وقتا كافيا كما بدا من كلام فتاتك لتختفي وعليه لقد هوجمت فتاتك من المرأة التي اصطدمت بها. وبما أنّنا نتكلّم عن اصطدام بعد هرب منك ولم يحصل شيء..إذن.."
وسكت قليلا واقترب من هيرشار.
"لقد رأت بعد الاصطدام شيئا لا يجب أن تراه أو أمسكت..ربّما."
"أ-أمسكت؟!." وتوتّر
"نعم..فالرجل والمرأة أيضا تجّار مخدّرات!."
فصعق هيرشار وحدّق في أوكنان طويلا.
"نعم..ربّما كانت المرأة في طريقها إلى صفقة معيّنة وتحمل معها أكياس..إثر الاصطدام سقط منها بعضها ولأنّ آيرين فتاتك فتاة لطيفة ستبادر بمساعدتها وعندما تمسك الكيس وتنظر إليه سيهيّأ للمرأة أنّها أدركت محتواه..وعليه يجب أن ينتهي أمرها."
"لكن أوكنان..في هذه الحالة كان عليها قتلها سريعا ومباشرة." قال مارك
"لقد كنت أبحث عن آيرين وكنت أصرخ..لذلك.." أجاب هيرشار.
"ف-فهمت." قال مارك
"ماذا سنفعل الآن؟." قال مارك
"علينا انتظار إفاقتها من جديد..سنسألها إن أدركت بعضا من مواصفات المرأة مثل طولها." قال أوكنان
"ط-طولها؟!." قال سام قبل أن يستدرك
"آ-آه..نحن نحتفظ بذلك." أكمل
"آه..المعلومة الوحيدة مع لون الشعر المتوفّرة هي طول المرأة والرجل." قال مارك ثمّ سار مع سام ليروا الطبيب.
"ما الوضع أيها الطبيب؟." قال سام والطبيب يخرج من غرفة آيرين.
"ستكون بخير فلا تقلق..أعتقد أنّ الوضع تحت السيطرة."
"الحمدلله." قال سام متنهّدا
"ومتى نستطيع أن نتكلّم معها؟." سأل مارك
"حين تستيقظ. بشرط ألا تتعبوها بالأسئلة."
"لا تقلق."
بقي هيرشار واقفا واضعا يديه في جيبي بنطاله ومخفضا رأسه يفكّر وكان أوكنان بجواره..بدا شديد التركيز في أمر ما..قال أوكنان بعد دقائق من الصمت.
"هل أستطيع أن أطلب منك شيئا؟."
فرفع هيرشار رأسه ونظر جانبا إلى أوكنان.
"ماذا؟."
"اتّصل.." وسكت قليلا.
انتظر هيرشار وهو يراقب أوكنان.
"بصديقك مايكل."
"إي-إيه؟! ولماذا؟."
"لا أستطيع أن أجيبك الآن..أنت اطلب الرقم وأنا سأكلّمه."
فبقي هيرشار يراقب أوكنان للحظات.
"يبدو بأنّ التهمة قد تحوّلت." فابتسم أوكنان.
"ليس بعد..لست متأكّدا..هل ستفعلها؟."
"آ-آه..رغم عدم اقتناعي."
"لا بأس بالقناعة الآن..ستفعل."
وقال أوكنان (ستفعل) بنبرة جعلت هيرشار يحدّق فيه مدهوشا.
لكنّه فعل وطلب مايكل..انتظر لحظات..
"آلو." قال هيرشار
"هيرشار أيّها الأحمق!! ألا تعتقني حتّى في الفترة الأجمل؟!." كانت هذه القضية مباشرة في فترة شهر العسل لمايكل.
"آ-آه، آسف يا صديقي لكن هناك شخص يريد أن يكلّمك ولست أنا."
"شخص؟ من هذا اللعين؟."
فأعطى هيرشار الهاتف لأوكنان..وضعه أوكنان على وضع مكبّر الصوت.
"مرحبا." قال أوكنان
"أنت أيّها الأشقر اللعين..أتعرف الفترة التي أنا فيها؟."
"أنت ذكي وعرفتني مباشرة..نعم أعرف."
"إذن أيّها الوغد.."
"هل أنتما حقا..في لندن؟."
فصعق هيرشار ونظر إلى أوكنان وما صعقه أكثر كان دقائق الصمت التي مرّت دون أن يجيب مايكل بشيء..انتظر مرعوبا.
"ل-لماذا تسأل أيّها اللعين؟."
"أجبني فقط." قال مبتسما
"هذا الفتى..ما الذي يعرفه ولا أعرفه؟." قال هيرشار لنفسه.
"ل-لا..لم نسافر بعد."
فكانت إجابة صعقت هيرشار وبدا أنّها أسرّت أوكنان.
"ولماذا؟."
"لقد تأجّلت الرحلة."
"ومن أخبرك بتأجيلها؟."
"لقد أعلموا زوجتي بالأمر وهي أخبرتني."
"ومساء اليوم منذ ساعتين إلى ثلاث..أين كنتما؟."
"ليس من شأنك أيّها الوغد."
"سؤالي مهمّ جدّا..قد يتوقف عليه الكثير من الأمور."
"كنت في المنزل وزوجتي في الخارج."
"أشكرك..وداعا."
"أوي لحظة! لماذا تسأل؟."
لكنّ أوكنان كان قد أقفل الخط..
"ماذا تهدف من كلّ هذا؟." صرخ هيرشار في وجه أوكنان.
"الحقيقة."
"الحقيقة؟ أنت تبدو كمن يتّهم كريس بأنّها من هاجم آيرين."
"نعم..أعتقد هذا."
"ماذا؟!."
"إنّها ليست في لندن..كانت خارج المنزل وقت مهاجمة فتاتك..لا يوجد دليل براءة لها."
"لكن هذا لا يعني أنّها الفاعلة."
"أنت تتحدّث عن محاولاتي لإلصاق التهمة بها..ماذا عنك؟ أنت تدافع عنها بشراسة في الوقت الذي عليك كمتحرّي وكحبيب للفتاة أن ترى أنّ هذا الاتّصال بادرة لاتّهامها."
"هل أنت أحمق؟ لا يمكن أن تكون الفاعلة."
"بل يمكن."
"لا يمكن."
"أنت سهل الانخداع بالنساء."
"وأنت تكرههم كما يبدو."
"هذا صحيح."
"ماذا؟."
"لن أخفي هذا لكنّه ليس السبب في أنّني أتّهمها."
"وبما أنّك تكرههم..كيف تريد الارتباط بماريا؟."
"ومن قال هذا؟."
"هاه؟!." وأمسك هيرشار بأوكنان وخنقه.
"أنت! لا تقم باستفزازي فلست في مزاج لحماقتك."
"لكنّني لا أفعل..هذه الحقيقة."
فحدّق فيه هيرشار ثمّ نظر خلفه إلى البعيد حيث ماريا.
"لا تقل أنّك تعبث بها."
"مس-مستحيل."
"إذن؟."
"ستعلم لاحقا."
"على أيّ حال..لنعد إلى موضوعنا. هنالك خطأ كبير في استنتاجك."
"وما هو؟."
"كريس شقراء..ليست بشعر أحمر."
"حقا؟."
"م-ماذا تقصد؟."
"هل تعتقد صعوبة هذا مع النساء؟."
"أتريد القول أنّها تصبغه لتصبح شقراء؟ أم تصبغه لأداء مهمّة بالأحمر؟ أم أنّها تستعمل شعرا صناعيّا؟."
"الصباغة مستبعدة وإلا فصديقك.."
"آ-آه."
"والآن. أنت تخفي شيئا فأخبرني به."
"أوي أوكنان! هل تذكر طول المرأة ذات الشعر الأحمر؟." صرخ مارك من بعيد فالتفت إليه أوكنان وهيرشار.
"هل أفاقت؟." سأل هيرشار بلهفة
"نعم..وتحدّثنا معها قليلا."
"وماذا قالت عن المرأة التي هاجمتها؟." سأل أوكنان
"لقد قالت بصعوبة أنّها كانت في مثل طولها تقريبا."
"في مثل طولها؟ أوي هيرشار! ما طولها؟."
"170 سم."
"ماذا؟!."
"ما الأمر؟."
"هو طول المرأة ذات الشعر الأحمر المطلوبة."
فأجفل مارك وهيرشار.
نظر هيرشار إلى أوكنان ثمّ قال:
"وبما أنّك ستحبّ هذه المعلومة..هو طول كريس أيضا."
الفصل الخامس:
"كريس؟." سأل مارك
"آ-آه..لا شيء." قال أوكنان وهمس في أذن هيرشار.
"سنكمل لاحقا."
"حسنا حضرة المفتّش..أعتقد أنّه لدينا ما يكفي للقول أنّ من هاجمها هي تلك المرأة. بقي علينا أن نتأكّد من بعض الأمور ونجعلها تحاول وصفها. لقد قالت مرآة لذلك ربّما تكون استطاعت إدراك بعض من ملامحها." قال أوكنان
"معك حق." وعاد مارك إلى غرفة آيرين.
تحرّك هيرشار محاولا الذهاب معه.
"لا تفعل..ليس الآن." قال أوكنان فنظر هيرشار إليه حزينا.
"سأذهب إلى الحمّام وبعدها سنكمل حديثنا السابق." قال أوكنان.
"ح-حسنا."
ومشى هيرشار بعدها مقتربا من مكان جلوس ماريا..كان قد رآها تخرج من عند آيرين.
"ك-كيف حالها؟."
"ب-بخير..هيرشار ما الذي جرى؟."
"لا عليك..لم يكن شيئا كبيرا وأنا متفاجىء فعلا."
"على أيّ حال ماريا..أنت وأوكنان..هل حقا؟."
فضحكت ضحكة باهتة.
"تبدو مهتّما بآيرين هيرشار."
فغضب..احمرّ وجهه وضرب بقبضته النافذة خلف رأس ماريا فتكسّرت.
"ارحموني!!." صرخ بأعلى صوته بينما صعقت ماريا وارتعبت.
"لا بأس..اهدأ." قال أوكنان وقد وضع يده على كتف هيرشار.
"فلنخرج إلى الهواء الطلق ونكمل حديثنا."
وخرجا معا بينما هرعت ممرّضات نحو النافذة..حاولن التكلّم مع ماريا التي كانت مصعوقة فلم تسمعهنّ.
في الخارج..على العشب مقابل باب المستشفى، مشى هيرشار برفقة أوكنان.
"حسنا..سأخبرك."
بينما أبقى هيرشار نظره في العشب.
وقصّ أوكنان على هيرشار حكاية منذ سنة مضت..
كان أوكنان وقتها في لندن..في جوّ ماطر في إحدى الليالي وقف أوكنان أمام مبنى مهجور مكوّن من طابقين. ابتسم..كان يرتدي بدلة زرقاء اللون..صعد الدرج الحديدي الخاص بالطوارىء وأخرج مسدّسه واستعدّ. دخل المبنى من طابقه الأوّل..كان مظلما..أنار الضوء ونظر حوله.
"أستطيع سماع أنفاسك..اخرجي."
لا إجابة..مشى للأمام بثقة واقترب من صندوق في أقصى الغرفة..وحينها.
قفزت من فوق الصندوق فاستعدّ بالمسدّس وهدّدها..كانت تحمل مسدّسا أيضا. وقفت أمامه وكانت فتاة بملامح كريس وقوامها وطولها..ارتدت تنّورة سوداء وقميصا أحمرا. الفارق الوحيد عن كريس كان لون شعرها الأحمر.
وقفا متقابلين وكلّ واحد يوجّه مسدّسه.
"من الأفضل أن تستسلمي." وعندها..
أطلقت الفتاة رصاصة أخطأت أوكنان..ثم همّت بالركض فأطلق وأصابها في كتفها الأيمن فركضت فتبعها..هبطت من الدرجات راكضة وهو يلحقها..كان دمها يسيل.
"توقفي!."
"أ-أنت..ل-لقد.." ثمّ اختفت عن أنظاره فجأة.
"ل-لقد أصبتها في كتفها؟." قال هيرشار
"نعم."
"و-وبعد؟."
"لم أعثر عليها."
"لقد دخلت المبنى لمعرفتك أنّها فيه؟."
"نعم."
"وهل كانت حقا مثل كريس؟."
"نعم..نسخة طبق الأصل بلا شعر أشقر فقط."
"لكن..حين ظهرت أوّل مرّة لم تظهر أنت ولا هي إشارة بلقاء سابق."
"لقد شككت حينها حين رأيتها فقط..الشعر الأشقر قد منعني من التركيز."
"وهي؟."
"لم تظهر ردّ فعل قوي."
"هذا يعني أنّك مخطىء."
"أتظنّ هذا؟."
"ماذا؟."
"المرأة قادرة على إخفاء لغة جسدها وقراءة لغة جسد الرجل بشكل أقوى منه بالنسبة لها."
"هيه! وبعد؟ ماذا ستفعل الآن؟."
"سأتأكّد من الأمر."
"وكيف؟."
"سأطلب مايكل مجدّدا وأسأله عن وجود أثر رصاصة في كتفها الأيمن."
"لا داعي لهذا."
"ماذا؟."
"لا يوجد."
"ماذا؟!."
"لقد ارتدت ملابس تظهر كتفها كثيرا..لا يوجد. ولو افترضنا أنّني لست متأكّدا لكانت حريصة على عدم إظهار كتفها لو كان كلامك صحيحا."
"هذا لا يبعد الشبهات عنها."
"تبّا! ما حكايتك بالضبط؟."
"ماذا ستفعل أنت لو كانت من هاجم فتاتك؟."
فنظر إليه هيرشار وحدّق فيه لدقائق.
"سأزجّ بها في السجن فورا." فابتسم أوكنان.
"وماذا الآن؟ عن ماريا."
"آه، حسنا..في الواقع.."
كان أوكنان يسير لوحده في حديقة عامة..كان مرتديا البدلة الكحلية ويضع نظارات شمسية وفجأة رأى ماريا مرتدية القميص الأصفر والبنطال الأسود تدخل الحديقة وتنظر حولها بقلق وتوتّر..قرّر التسليم عليها فتوجّه نحوها..أجفلت حين رأته.
"كيف حالك؟." قال أوكنان
"ب-بخير..وأنت؟."
"بخير..ماذا تفعلين هنا؟."
"أ-أنتظر شخصا."
"أوه..حبيب؟."
"إ-إيه!." واحمرّ وجهها فابتسم أوكنان.
"يبدو كذلك."
"حسنا..لن أزعجك..أعتقد أنّ الوقت قريب." وتركها.
مشى في الحديقة وعاد حيث كان بعد خمس وأربعين دقيقة..رأى ماريا لوحدها تجلس على كرسي.
"ألم يأت بعد؟." فأجفلت مجدّدا.
"أوه أوكنان..ل-لا."
"من هو؟."
"كما قلت..صديق..من المفترض.."
"وكيف تعرّفت عليه؟."
"من الانترنت."
"الانترنت؟!."
"ن-نعم."
"وهذا اللقاء هو..؟."
"اللقاء الأوّل."
"ومتى كان موعدكما؟."
"عند الثالثة عصرا."
"والآن الساعة الرابعة إلا ربعا." فأومأت.
"هل تعرفينه شكلا؟ اسما؟."
"شكلا ليس بعد مع أنّه يعرفني شكلا لكن اسمه أعرفه."
"وما اسمه؟."
"لوكاس مورا."
"أوه..ولوكاس لم يأت بعد إذن."
"ن-نعم."
"حسنا..لا داعي لتنتظرينه أكثر فلو أنّ شيئا قد حصل معه لأخبرك. سأوصلك."
"أشكرك."
ونهضت معه وركبت سيّارته المرسيدس.
"في حال رآنا أحد معا.." قال أوكنان
"لا تقلق..سنخدعهم."
"نخدعهم؟."
"نعم..نخبرهم أنّنا على وشك الخطوبة."
"ه-هل تمزحين؟."
"لا، فلنفعلها..إذا رآنا أحد."
"ح-حسنا..كما تريدين."
"وهكذا..التقينا بكما بعدها." قال أوكنان لهيرشار
"أوي! لا تقل لي أنّه وغد متلاعب."
"لا أعتقد هذا."
"لماذا؟."
"لقد مررت بها منذ قليل. كانت قد أنهت مكالمة هاتفيّة بابتسامة."
"هيه..هذا جيّد لها على أيّ حال." قال هيرشار لنفسه.
ذهب بعدها هيرشار وقابل الطبيب في الممرّ.
"ما وضعها أيّها الطبيب؟."
"تتحسّن..أعتقد أنّنا قد نخرجها غدا على هذا الوضع."
"الحمدلله..أشكرك."
ومع اقتراب منتصف الليل غادر أوكنان ومارك وبقي هيرشار وسام وماريا في المستشفى..حين كان هيرشار يفكّر..غطّ في النوم مباشرة.
الفصل السادس:
في اليوم التالي..استيقظ هيرشار الذي نام على كرسيّ في غرفة الانتظار..تلفّت حوله فلم يجد سام ولا ماريا..تثائب ثمّ نهض وتوجّه نحو الحمّام وغسل وجهه ونظر إلى نفسه في المرآة..خطر له كلام آيرين.
"أنت أصلا كصخر في الماء يبتلّ فقط..أنت أيضا من المؤكّد أنّك..لا..لا تذكر." تنهّد.
"غبيّة..بالطبع أذكر.."
ثمّ سمع همسا خلفه..أخذ يتنصّت على الطرفين.
"هل سامحتني؟."
"ن-نعم..لا بأس."
"سأعوّضك."
فمدّ هيرشار رأسه من خلف الحائط فرآهما..ماريا وشاب لا يعرفه.
كانت ماريا ترتدي قميصا ورديا وبنطالا أبيضا في حين كان الشاب أبيض البشرة، أزرق العينين، أحمر الشعر، ارتدى كنزة بيضاء صيفية وبنطالا أسودا.
"أ-أحمر!." قال لنفسه.
ثمّ أحسّ أنّهما شعرا بمراقبته فعاود الاختفاء كاملا خلف الحائط..وبعد لحظات سمع الباب ينفتح..انتظر قليلا ثمّ عاود الرؤية فلم يجدهما.
"أرى أنّ علينا التحقيق معها."
ففزع هيرشار وارتجف..تلفّت ببطء فرأى أوكنان خلفه ببدلة سوداء.
"أنت! لا تدخل هكذا!."
"آآه..آ-آسف."
"من هي التي علينا التحقيق معها؟."
"كريس."
"أما زلت على هذا الأمر؟."
"أنا لا أخطىء النظر..قلت لك القصّة ولدينا أدلّة تجعلنا نشكّ أيضا."
"إذن فاذهب وحدك..لست مستعدّا للذهاب معك للتحقيق في أمر غير موجود."
"أوه..مع أدلّة شكّ رأيناها البارحة وكلامي هناك احتمال أن تكون هي من هاجم فتاتك كبير..ألست مهتمّا حقا؟."
قال ساخرا.
"أنت!." وأمسكه من قميصه "لا تستعمل هذا الأسلوب معي."
"حسنا، لن أفعل..ماذا تفعل هنا؟."
"ماذا يفعل الشخص في الحمّام؟! على كلّ، لقد رأيت الشخص الذي ترك ماريا ذلك اليوم."
"حقا؟."
"نعم، وهو أحمر الشعر."
"ماذا؟! ه-هل أنت متأكّد؟."
"نعم..لقد رأيته بنفسي."
"ه-هل يعقل أنّه نفسه؟."
"من يعلم..لقد فكّرت هكذا مباشرة."
"فلنحاول أن نقترب منهما ولنتعرّف عليه."
"فكرة جيّدة."
"كيف حال حبيبتك؟."
"بخير..ربّما تخرج اليوم."
"جيّد..هيّا بنا."
وخرجا من الحمّام..قال أوكنان وهما يسيران في أروقة المستشفى.
"لقد سمعت والدي البارحة يتكلّم. يبدو بأنّ الاستنتاج كان صائبا فقد كان هناك كما يبدو صفقة ستتمّ في ذلك الوقت."
"وكيف تأكّدوا من هذا؟."
"لقد اتّصل السكّان بالشرطة حين رأوك تحمل آيرين للمساعدة فوصل أفراد منهم ورأوا شخصا فاشتبهوا به..وبعد التحقيق، اعترف أنّه كان وسيطا بإحضار النقود وأخذ المخدّرات."
"وهل وصف الفتاة أو الطرف الآخر؟."
"قال أنّه لا يذكر سوى الشعر الأحمر."
"إذن لم يحصلوا على الكثير منه."
"يبدو كذلك."
"اسمع..إذا صادفناهما خذ ماريا وتكلّم معها وأنا سأتحدّث مع الشاب." قال أوكنان
"هاه؟ لا، أنا أريد أن أسأله."
"دعك من هذا..ستفعل لاحقا هوايتك."
"تبّا لك! حسنا."
ومن ثمّ فعلا صادفوا ماريا والشاب الذي معها.
"مرحبا." قال هيرشار
"أهلا هيرشار." قالت ماريا "هيرشار، أوكنان..وهذا لوكاس."
"سررت بمعرفتكم."
"ونحن كذلك." قال أوكنان
"ماريا." قال هيرشار بصوت منخفض فنظرت إليه..أشار لها بيده فقالت للوكاس أنّها ستذهب لتفعل شيئا مع هيرشار فأومأ.
بقي أوكنان ولوكاس لوحدهما..قال أوكنان:
"من النادر رؤية شخص بشعر أحمر."
"آآه..فعلا." قالها مبتسما.
"لكن غريب..يخلق من الشبه أربعين فأنت تشبه شخصا مرّت عليّ أوصافه."
"حقا؟."
"نعم."
"ربما يكون قريبا لي..ما اسمه؟."
"لا أعرف اسمه لكنّني أعرف عمله."
"وما عمله؟."
"مجرم هارب من العدالة."
*****************************
"أوي هيرشار! لقد طلبت منّي المجيء إليك..ماذا تريد؟." قالت ماريا لهيرشار اللذان ابتعدا قليلا عن أوكنان ولوكاس..كان هيرشار لا يسمع كلام ماريا فعليا..لقد دسّ أداة تنصّت في جيب بدلة أوكنان وها هو يستمع.
وقف لوكاس للحظات ينظر إلى أوكنان صامتا..قال بعدها:
"مجرم هارب من العدالة! يا إلهي! ألم تجد شخصا أفضل من ذلك!!."
"للأسف..الأمر ليس بيدي."
"الوغد..إنّه لا يعرف صفات صاحب الشعر الأحمر سوى طوله..لقد أراد الإيقاع بالفتى ورؤية ردّة فعله." قال هيرشار لنفسه.
"قل لي يا صاح..من أنت؟ وماذا تريد منّي؟." قال لوكاس.
"لا أريد منك شيئا..جئت لأتعرّف على حبيب فتاة زميلة لي فقط."
"حقا؟." وحكّ ذقنه بيده.
"هل أنت من الشرطة؟."
"ماذا؟."
"لست الأوّل الذي يخبرني أنّني أشبه مجرما هاربا..كان قبلك عجوز قد فعلها كما هنالك فتاة طويلة الشعر دخلت المستشفى هنا والذي سألني دخل إليها أكثر من مرّة. على أيّ حال..ماريا بيبي، تعالي..فلنغادر."
وكان يشير لماريا في ذلك الوقت فتركت ماريا هيرشار الذي لم يكلّمها أصلا وركضت نحو لوكاس.
"عمّي! إنّه يعمل الآن." قال هيرشار لنفسه ثمّ بدأ يمشي في الرواق لوحده قبل أن يتوقّف.
"لحظة..ماذا يعني ذاك؟!!."
وركض بأقصى سرعة نحو المكان الذي كان فيه أوكنان ولوكاس يتحدّثان..رأى أوكنان واقفا مكانه متسمّرا فركض نحوه بأقصى سرعة وحين وصل إليه أمسكه من قميصه وبدأ يشدّه.
"أوي! أين ذهب ذلك الفتى وماريا؟ هل رأيتهما؟ أوي أوي!."
لكنّ أوكنان كان لا يتجاوب..نظر هيرشار في وجهه فرآه يحدّق في البعيد شاردا..أدار رأسه نحو الاتّجاه الذي كان ينظر إليه..فغر فمه عندها.
رأى فتاة في العشرين..بيضاء البشرة، خضراء العينين وواسعتين كجوهرة، آية في الجمال والروعة..طولها 170 سم، شعرها أحمر طويل، ارتدت قميصا أحمر ضيّقا وبنطالا أسودا ضيّقا أيضا.
بينما هو يراها أعاد بصره نحو أوكنان وقال:
"ه-هل هي تلك الفتاة في ذلك اليوم؟."
لكنّ ردّ أوكنان كان أغرب.
"هيرشار..لقد..وقعت في الحـبّ."
الفصل السابع:
"ح-حبّ!! ه-هل تمزح؟."
"ل-لا، لأوّل مرّة أشعر بهكذا شعور تجاه فتاة!!."
"ألم تقل أنّك تكرههنّ؟."
"هذه لا ينطبق عليها ذلك." فنظر إليه هيرشار ثمّ ابتسم.
"وبعد؟ هل هي الفتاة التي حدّثتني عنها؟."
"أتمزح؟ قلت لك أنّها تشبه كريس."
"وهذه؟."
"أجمل!."
"هيه! يبدو بأنّك غرقت!."
"كنت تقول لي شيئا؟."
"يا رجل..لماذا أنت مبكّر هكذا في الملاحظة!." سخر هيرشار.
"ماذا كنت تقول؟."
"ذلك الفتى..أين ذهب؟."
"وما أدراني أنا."
"تبّا! سأتّصل بماريا..لا! فقد يظنّ ذلك الأخرق أنّ بيننا شيئ ما."
وارتعد هيرشار لفكرة أن يكون بينه وبين ماريّا شيء.
"أنت ألم تلاحظ في كلامه شيئا غريبا؟." سأل هيرشار
"لا."
نظر إليه هيرشار..اقترب منه وجعل ملامح سخرية على وجهه.
"منذ متى تلك الفتاة هنا؟."
"قبل ذهابه بقليل."
"لا عجب أنّك لم تلاحظ!."
"لحظة! أنت تبدو سمعت شيئا..أذناك ليستا خارقتين!."
"آ-آه..لقد وقعت في الفخ." قال ساخرا
"هاه؟."
"أراك لاحقا."
وركض بأقصى سرعة..ذهب نحو خزانة..أخرج منها شيئا..ثمّ مشى نحو غرفة آيرين بينما استرق أوكنان النظر نحو هيرشار ثم فكّر.
"حبّ؟ اللعنة! ماذا تفعل هذه الفتاة هنا؟." وشرد متوترا.
حين وصل هيرشار غرفة آيرين تلفّت حوله فلم يجد أحدا..فتح الباب ببطء ودخل الغرفة. كانت آيرين ممدّدة على السرير وتبدو نائمة..الغرفة كانت عبارة عن سرير وأدوات طبيّة وأجهزة وفيها نافذة واحدة..نظر هيرشار إلى آيرين..تنهّد..وأحضر كرسيّا وجلس.
"أوي آيرين..هل أنت بخير؟." ففتحت عينيها ببطء.
"ه-هيرشار."
فأمسك يدها..حاولت أن تخرج يدها من بين يده لكنّه منعها.
"لا تكوني غبيّة! الماء لا يبلّل الصخر فقط. إنّه قادر على تفتيته..وإذا كنت تعتقدين أنّني مثله فلقد.." وأشاح بوجهه الخجل بينما استغربت.
"لقد فتّتني أيضا."
"ما هو الذي فتّتك؟." فقال لنفسه ووجهه محمرّ.
"حبّك أيّتها الحمقاء!."
فنظرت إليه وقد احمرّ وجهها حين رأت وجهه بلون الدم.
"ه-هيرشار.."
"ك-كلّ عام وأنت بخير..كيف لا أذكر يوم ميلادك."
فابتسمت.
"أحبّك آيرين."
وأخرج باقة الورد ووضعها بجوارها ثمّ أمسك يدها أكثر وانحنى وقبّلها من خدّها.
"ه-هيرشار..آ-آسفة."
"لا تعتذري."
"سأحضّر هديّة أفضل بعد خروجك." وغمزها فضحكت.
"والآن..هل تستطيعين أن تركّزي قليلا؟ هل أنت قادرة؟."
"أعتقد هذا."
"جيّد..لكن إذا شعرت بتعب فانسي الأمر. تذكّري..كيف تمّ مهاجمتك؟ حاولي."
فحدّقت في سقف الغرفة وبدا أنّها تحاول التذكّر.
"ل-لقد اصطدمت بامرأة."
"امرأة؟ هل أنت متأكّدة؟." فأومأت.
"حسنا..وبعد؟."
"ل-لقد سقط منها أشياء..فحملتها وأعطيتها إيّاها.."
"أشياء؟." قاطعها
"نعم."
"هل استطعت تحديدها؟."
"ل-لا."
"حسنا..وبعد؟."
"م-مشيت..وفجأة..منديل..يد..مرآة.." ثمّ اتّسعت عيناها
"م-ما الأمر؟."
"اليد..اليد هيرشار..ل-لم تكن..لم تكن.."
ثمّ بدا عليها التعب.
"أ-أوي آيرين! هل أنت بخير؟." وضغط زرّ استدعاء الطبيب أو الممرّضة في الغرفة فهرعت الممرّضة إليه..كانت بيضاء، شعرها أسود مربوط كذيل الفرس.
"ماذا تفعل هنا أنت أصلا؟ حالتها مستقرّة لكن لا تتعبها!."
"آ-آه..آسف." واقترب من آيرين.
"لحظة أيّتها الممرّضة! آيرين..آيرين..لم تكن ماذا؟ أجيبيني..اليد لم تكن ماذا؟."
"ن..ا..ع..م..ة."
"ماذا؟."
"ابتعد أيّها الشاب..اخرج."
"هل ستكون بخير؟."
"طالما أنت لا تزعجها."
"آ-آسف."
وخرج من الغرفة يفكّر وحينها اصطدم بلوكاس وسقطا أرضا بينما ماريا تنظر.
"تبّا! هل أنت بخير؟." قال هيرشار
"آ-آه..اخرج وأنت تنظر يا صاح."
"آ-آسف."
"ما أخبار آيرين هيرشار؟."
"بخير..ستكون بخير."
"ستكون؟."
"لقد شعرت بالتعب فجأة..لكن كلّ شيء على ما يرام سيكون."
ثمّ مشى لوكاس وماريا فتابعهما هيرشار بنظراته.
ثم مشى باحثا عن أوكنان.
"لا أرى عمّي اليوم."
ثمّ وصل حيث ترك أوكنان فرآه يجلس على كرسيّ..بدا حزينا فنظر حوله فكانت الفتاة قد اختفت.
"ماذا؟ هل حزنت لذهابها حضرة كاره النساء؟."
"ليس تماما كما لا تنعتني هكذا."
"أنت قلتها بنفسك سابقا."
"آ-آه..لكن.."
"لكن شارلوك هولمز كان جلفا ويكره النساء ووقع في حبّ آيرين إدلر وأوكنان تلميذه وقع في الحبّ أيضا بعد أن كان متمسّكا بمبدأ شارلوك الأوّل."
"لا تسخر منّي."
"لم يهنأ شارلوك ويحصل على آيرين..فهل ستضيع الفتاة أيضا؟." وكان قد اقترب منه.
"سأفعل بالتأكيد."
"هاه؟."
"هيرشار..أنا لا أكره النساء لكن أنا أكره الوقوع في الحبّ معهنّ."
فحدّق فيه هيرشار طويلا.
"هل أنت شاذّ يا هذا؟."
"ليس هكذا أيّها الأحمق!!."
"إذن اشرح أيّها الغبيّ!."
"لقد وقعت في حبّها نعم..لذلك أنا خائف. لا تسخر منّي..أخاف من هذا. أن تحبّها يعني أن تتبعها، أن تحبّها يعني أن ترضيها، أن تحبّها يعني أن تجعل عقلك يعمل من أجلها..وهذا لا أريده. الحبّ والعاطفة مع العقل السليم لا يجتمعان لذلك لا أريده."
فحدّق هيرشار فيه.
"أنت أحمق! الحبّ والعاطفة من أساس العقل السليم. الإنسان ليس روبوتا أو حاسوبا..إنّهما يعملان بعقل قريب من الإنسان بلا عواطف. جمادات فقط لكن الإنسان ليس هكذا. العاطفة تغذّي كلّ شيء..ليس خطئا أن تجعل عقلك يعمل من أجل من تحب." فنظر أوكنان إليه.
"أولست تجعله يعمل من أجل (ما) تحب؟ الاستنتاج، القراءة، الرياضة..أيّ شيء..ما الفرق إذن؟."
"هؤلاء يزيدونني فائدة."
"ومن قال أنّه لا يزيدك أيضا؟ أقصد الحبّ."
"وماذا سيزيدني؟."
"يختلف من شخص لآخر لكنّك دخلت فيه فاسمح له بإعطائك الفائدة وعش جماله."
وربت على كتفه فقال أوكنان لنفسه:
"بغضّ النظر عن كلامك يا روميو لكن هذا لا يمكن أن ينطبق عليها. أفروديت لا ينطبق عليها هذا أبدا لكن.."
"ماذا تفعل هنا بالضبط؟."
"ما بك؟." قال هيرشار
"أين كنت أنت؟." سأله أوكنان.
"لقد دخلت غرفة آيرين وتكلّمت معها قليلا."
"هل من جديد؟."
"مازالت متعبة لكنّها أضافت شيئا."
"وما هو؟."
"اليد التي هاجمتها لم تكن ناعمة."
"ما هذا؟."
"من يعلم."
ثمّ نهض أوكنان ومشى هو وهيرشار..رأوا عاملا يبدّل سجّادة لغرفة اجتماعات.
"هل لاحظت شيئا على لوكاس؟." قال أوكنان
"آه." قال هيرشار مبتسما.
بينما اغتمّ فجأة فقد شعر بأنّه أغفل شيئا ما.
وبينما كانا يسيران معا..قرّرا الخروج من المستشفى وعندها..سمع هيرشار صوت خطوات راكضة فنظر إلى الخلف ورأى الممرّضة التي دخلت إلى غرفة آيرين تركض نحو الاستقبال فخفق قلبه فركض نحوها..صرخ:
"هل حصل شيء؟!."
"أ-أنت..ف-في الواقع..ل-لا.." فأمسكها من كتفيها وهزّها.
"تكلّمي!!."
لكنّه لم ينتظر..ركض بسرعة نحو غرفة آيرين وركض أوكنان خلفه. فتح الباب بعنف..لكن..
لم تكن آيرين في الغرفة!
وقف هيرشار مصعوقا.
"النافذة.." قال أوكنان وهو يركض نحوها.
فتبعه هيرشار ورأيا حبلا متدلّيا منها مربوطا إليها.
"هربت الفتاة."
فالتفتا ورأيا الطبيب الذي عالجها.
"لا!." قالا معا
"لقد هرب شخص بها." أكمل هيرشار
"هرب؟ كيف دخل إلى هنا؟."
"متى خرجت من الغرفة؟." قال أوكنان موجّها كلامه إلى الممرّضة.
"ك-كيف عرفت أنّني دخلتها؟."
"استنتجت من كلام صديقي."
"بعد قليل من مغادرته..أحضرت الطبيب وفحصها ثمّ خرجنا. لم يستغرق الأمر خمس دقائق."
بينما كان أوكنان يسأل الممرّضة انفتح في عقل هيرشار باب..لعن نفسه لأنّه لم يدركه مسبقا.
الفصل الثامن:
أمسك هيرشار هاتفه الخلوي وضرب رقما..انتظر على الخط.
"تبّا!!."
وركض مسرعا خارج الغرفة.
"لحظة! إلى أين؟." صرخ أوكنان
فلم يجبه هيرشار بينما أسرع خارجا وأراد دخول غرفة الاجتماعات المجاورة. فتح الباب بقوّة فرآها..كانت ماريا مخدّرة ومقيّدة ومكمّمة هناك.
أسرع نحوها وهزّها فاستيقظت. أزال الشريط اللاصق عن فمها.
"ماذا حصل؟."
"ل-لا أعلم..لقد شعرت بيد ثمّ.."
"ولوكاس؟."
قبل أن تجيب رأى بقعة على الأرض، حمراء..نظر إلى ماريا التي فزعت فاقترب منها وتفحّصها.
"أنت سليمة."
"إ-إذن..هذا.."
نهض هيرشار.
"أنت هـاو!."
الفصل التاسع:
وصل سام إلى فندق..كان مكوّنا من أربع طوابق. ارتدى قميصا أبيضا وبنطالا أزرقا..صعد المصعد إلى الطابق الرابع..توجّه نحو غرفة 404 وطرق الباب..سمع صوتا من الداخل..فتح الباب ودخل.
كانت فتاة في العشرين..بيضاء البشرة، خضراء العينين وواسعتين كجوهرة، آية في الجمال والروعة..طولها 170 سم، شعرها أحمر طويل، كانت بملابس سباحة حمراء اللون فنظرت بعينيها الخضراوتين.
"ماذا؟ سام."
"أنت حطّمتني."
"لماذا؟."
"لقد لعبت بي."
"أوليس بإرادتك؟."
"بل بإغوائك." وتذكّر سام.
كان قد تشاجر مجدّدا مع ماري على الهاتف..دخل بعدها حانة وقد كان غاضبا جدّا وحينها رآها..جلست بجواره وبدأت تشرب معه حتّى ثمل ثم طلبت منه المجيء إلى الفندق..شربت أيضا هي وإيّاه فنطق..لقد أرادت الحصول على تحرّكات الشرطة حول المخدّرات وكان سام لديه صديق يعمل في المكافحة فحصلت على ما تريد منه.
حين وصفت آيرين الشعر الأحمر تذكّر الأمر صدفة فجاء.
"لقد حصلت منّي على معلومات ثمّ استعملتها وهاجمت ابنتي."
"لم أهاجم ابنتك. استنتاجك خاطىء كالعادة..ألا تتعلّم من الشابّين الوسيمين؟." ثم حرّكت جسدها بطريقة مغوية.
"ألا تريد هذا الجسد من جديد أيّها العزيز سام؟."
فأخرج سام مسدّسه لكنّها كانت أسرع. أطلقت طلقة واحدة أصابت سام أعلى القلب. سقط سام على الأرض فاقدا الوعي.
نهضت ونظرت إليه.
"حسنا. لا أعلم إن كنت ستموت أم لا لكن..هدفي الرئيسي ليس أنت." واشتّدت قبضة يدها.
"بل أشقر وغد!."
ثمّ فتحت بابا جانبيا ودخلت على غرفة..كان فيها لوكاس وبجانبه آيرين نائمة.
"سأكون مضطرة لقتلك فأنت رأيت الكثير."
"وأنت؟."
"ماذا؟." قال لوكاس
"هل فعلا أحببت تلك الفتاة؟."
"في الواقع..ن-نعم."
فسقط أرضا برصاصة في رأسه.
"لقد خنت الاتّفاق إذن..لا تستحقّ الحياة."
الفصل العاشر:
في اليوم التالي..
التقى أوكنان الذي كان يسير مرتديا بدلة رمادية اللون هيرشار مصادفة..كان هيرشار يرتدي قميصا أبيضا وبنطالا من الجينز.
وهما يقفان معا مرّت بجوارهما الفتاة ذات الشعر الأحمر مرتدية قميصا ورديّا وبنطالا أسودا..فأجفل أوكنان فقال لنفسه:
"اللعنة! إنّها تتصرف بطريقة غريبة ولا تجيب على مكالماتي! كما.."
"لا أستطيع لفت انتباه هيرشار أنّني..أعرفها." وخفق قلبه بينما رنّ هاتف هيرشار وكان مارك على الخط.
"آلو." قال هيرشار
"ه-هيرشار..خ-خبران كارثيّان.." وكان صوته يدلّ على الجديّة.
استيقظ أوكنان من الشرود والتفكير على وجه مصعوق لدى هيرشار:
"ما الأمر؟ ما الأمر؟."
"و-والد آيرين."
"م-ما به؟."
"في العناية المركّزة بسبب طلق ناري!."
"ماذا؟!!."
بينما مرّت بجوارهما ببطء قالت لنفسها:
"الانتقام منك قريبا جدا.."
"ستندم على اللعب مع أفروديت الشيطان!."
الفصل الحادي عشر:
رنّ هاتف هيرشار فأجاب.
"آ-آلو.."
"تعال إلى المكان حيث حصل الأمر إن أردت."
وصل هيرشار وأوكنان إلى الفندق..صعدا مباشرة إلى الطابق الرابع..توجّها نحو الغرفة 404..كان الشريط الأصفر موجودا..وشرطي عند الباب..رأيا مارك في الداخل مصعوقا..دخلا دون كلمة..ونظر هيرشار إلى أثر الطباشير التي شكّلت شكل جسد سام حين أصابته الرصاصة وكان هناك بركة دم حوله. كان قد تمّ إخباره أنّ حالة سام غير مستقرة في العناية المركزة.
أجفل هيرشار حين رأ جسد لوكاس أيضا..تفاجأ هيرشار..تذكّر كلام مارك حين قال خبران فنظر حوله فرأى ماريا تبكي بصمت.
"هنالك جثّة أخرى في الواقع." قال مارك فأجفل هيرشار وأوكنان.
مشى وفتح بابا فرأى هيرشار وأوكنان فتاة بشعر أحمر اللون ميّتة مقتولة برصاصة أيضا..كانت عارية. عيناها زرقاوتان ونحيلة.
"المسدّس في يدها..نعتقد.." قال مارك
"اعتقادك خاطىء." قاطعه هيرشار مباشرة
"ماذا؟."
"تريد القول أنّ هذه الفتاة أصابت عمّي وقتلت لوكاس ثمّ انتحرت؟ هل هذا يعقل؟."
"ولماذا لا يعقل؟." قال مارك
"لماذا ستنتحر بعدها؟ وأين آيرين؟."
"أنت محق! لن تنتحر وإلا فأين آيرين فعلا؟." قال أوكنان.
"من لم يتورّع عن إصابة سام وقتل لوكاس س..س..ربما.." قال مارك بحزن.
"أغلق فمك ولا تكملها!." صرخ هيرشار فضربه مارك بقبضة يده على فكّه السفلي فأسقطه أرضا.
رفع هيرشار رأسه وهذه المرّة انفجر.
"لا تقلها! آيرين ما زالت حيّة أفهمت؟! مازالت حيّة."
"هيرشار..لقد وصفت آيرين خاطفها. ألا تجدها هذه المرأة؟." قال مارك
"لقد خطف آيرين رجل وليس امرأة." قال هيرشار
"ماذا تعني؟." قال أوكنان
"خاطف آيرين هو لوكاس."
فرفعت ماريا التي كانت تبكي رأسها ونظرت إلى هيرشار.
"نعم لوكاس! لقد قالت آيرين أنّ الذي خدّرها كانت يده غير ناعمة. يد الفتاة هذه ناعمة..في الوقت الذي كانت فيه آيرين ليست في كامل تركيزها قاومت مهاجمها فأمسكت يده. إنّ يد لوكاس عليها شعر فسيبدو الأمر أنّها ليست ناعمة، أقصد كفّه..كما أنّ عينيه كانتا حمراوتين وهناك أثر تكاسل وخلافه في تصرّفاته وهذه أعراض تعاطي مخدّرات." وسكت قليلا.
"لقد قال لوكاس لأوكنان أنّ فتاة شعرها طويل قد دخلت المستشفى وزارها شرطي. هنا آيرين فقط كانت هكذا. كيف عرف طول شعرها؟ هل ستخبره ماريا حبيبته عن صفات فتاة حتّى لو كانت صديقتها؟ أبدا لن تفعلها فتاة."
"حين دخلت المستشفى لم يكن موجودا أبدا وهذا يعني أنّ الوقت الوحيد ليرى آيرين ويصفها هكذا كان سابقا."
"لكن هيرشار..كيف خطفها بعدها؟ وهل تعني أنّه هو من هرب بها من النافذة؟."
"لم يهرب من النافذة..لن ينزل أربع طوابق بالحبل مع فتاة يحملها كما واجهة الغرفة مطلّة ومكشوفة..لم ير أحد شيئا كهذا."
"إذن كيف؟."
"لقد خدعنا جميعا! في البداية..أليس غريبا أن يبقى في المستشفى حتّى لو حبيبته تزور صديقتها؟ لقد كان ينتظر إفاقة آيرين وهل ستتذكّر منه شيئا. لم يكن صعبا أن يضع شعرا مستعارا ومع المظلة والمطر وحالة آيرين وقتها لم تركّز وظنّته امرأة..لكن في مقاومة المخدّر شكّت فانتظر، لقد سمعني الوغد أتكلّم مع آيرين وتذكر ذلك..من كان صاحب الاقتراح بالمشي بالقرب من غرفة آيرين ماريا؟."
"ه-هو قال فلنمشي بهذا الاتجاه."
"لقد أراد أن يستمع! وحينها أصبح الوضع خطرا عليه فأحضر ماريا إلى غرفة الاجتماعات خدّرها ثمّ قيّدها ثمّ دخل غرفة آيرين ونقلها إلى غرفة الاجتماعات. خدّرها وقيّدها وفعلها."
"ك-كيف؟." قال أوكنان
"لقد جعلنا كالحمقى..هل تذكر غرفة الاجتماعات؟."
وعندها عصر أوكنان ذاكرته..اتّسعت عيناه.
"ه-هل يعقل؟."
"نعم..حتّى لو أنّ السجّادة متوسّطة الحجم فلن ترسل الإدارة رجلا فقط لنقلها بل اثنين غالبا..لقد خرج عامل من الغرفة وهو يحمل السجّادة. لقد سألتهم..لم يطلب أحد تبديل السجّادة هناك أو إخراجها..لقد وضع آيرين ولفّ السجّادة حولها." واشتدّت قبضته بغضب.
"وبعد ذلك؟." سأل مارك
"وجوده هنا، إصابة عمّي، وجود هذه الفتاة..هناك استنتاج واحد."
"ذات الشعر الأحمر ولوكاس شريكين. أحضر لوكاس آيرين إلى هنا وتواجد عمّي هنا لسبب نجهله تماما..أصيب عمّي وقتل لوكاس وقتلت هذه الفتاة من قبل الشريكة التي أخذت آيرين معها وهربت بها."
"ف-فهمت." قال مارك متوترا.
"حضرة المفتّش..لا أدلّة! لقد مسحت البصمات وكلّ شيء في الغرفة." قال أحد فريق الطبّ الشرعي
"اللعنة!!."
"حضرة المفتّش..لا أحد من الاستقبال يذكر شيئا." قال توم الذي دخل مرتديا قميصا وبنطالا أسودا.
"فلتحقّق مع الناس الذين يقطنون الغرف المجاورة هنا وأصحاب المحلّات في الخارج..علينا أن نلقي القبض عليها..إذا كانت هي أو غيرها علينا أن نمسك القاتل."
"حاضر!."
خرج بعدها توم وتبعه مارك ثمّ قالت ماريّا أنّها ذاهبة إلى الحمّام.
وقف هيرشار وأوكنان لوحدهما..مشى هيرشار نحو الفتاة المقتولة وانحنى وأمسك شعرها.
"نتعامل مع محترفة لكن ما من جريمة كاملة..من الأخطاء هنا عجلتها." فنظر أوكنان إليه.
"عجلتها؟."
"لقد صبغت شعر الفتاة لتخدعنا..هنالك أثر على رقبتها. إذا كانت الفتاة المقتولة من صبغت شعرها.."
"فلن تترك هذا الأثر للصبغة." أكمل أوكنان
وقف هيرشار ببطء.
"أوكنان."
"نعم؟." كان هيرشار يدير ظهره لأوكنان
"ظهر لوكاس في المستشفى وهو شعره أحمر، وظهرت فتاة بشعر أحمر أيضا. لوكاس خاطف..ألا.."
"لا."
"ماذا؟."
"من يفعل جريمة كهذه لا يظهر نفسه..الفاعل لم نره بعد أو لم نره في الأيّام الماضية." وأكمل لنفسه:
"لا! ربما تكون أفروديت فعلا وراء هذا."
فالتفّ هيرشار.
"أتقصد كريس؟."
"ربّما." فحدّق فيه هيرشار طويلا.
الفصل الثاني عشر:
مشت أفروديت في الشارع تترنّم..لم يكن شخص في الشارع يستطيع أن يبعد بصره عنها..كانت أفروديت اسما وهي أفروديت فعلا، ارتدت قميصا بلون قوس القزح مفتوح الصدر وبنطالا أبيضا ضيّقا جدّا..كانت تغنّي.
"أيّتها الطيور المغرّدة..
أفروديت ملكة مسيطرة..
جمالي ألهب كلّ الناس..
ذكائي وخبثي وضعا الترباس..
في عقل المتحرّي الوسواس..
أيّتها الطيور المغرّدة..
أفروديت ملكة مسيطرة..
أنا الشيطان...أنا الشرّ..
جعلني هكذا ذلك الغرّ..
اشربوا اشربوا..
وبصندوق باندورا رحّبوا رحّبوا..
لا تلوموني أبدا..
وانتظروا منّي المزيد غدا..
أفروديت بالشعر الأحمر..
فتنت ذلك الشاب الأشقر..
وصديقه ذلك الشاب الأحمق..
سيرى حبيبته بالنار تحرق..
ومن أصاب كتفي بالنار..
سأصبّ عليه لعنة الأشرار..
أفروديت أفروديت قادمة..
أفروديت أفروديت قادمة..
الفصل الثالث عشر:
جلس مايكل على السرير..كان يرتدي شورتا أسودا وعاريا من الأعلى..كان مهموما..فتح الباب بعدها ودخلت كريس بقميص وردي وبنطال أسود..أسرعت إلى الغرفة بينما راقبها مايكل. خلعت ملابسها ثمّ دخلت الحمّام وسمع مايكل صوت الدشّ.
خرجت وهي تجفّف شعرها. كانت ترتدي كنزة حمراء صيفيّة وبنطال أحمر..كانت ملابس للنوم.
جلست على السرير من طرفه الآخر.
"ما بك مايكل؟."
"جيّد أنّك تذكّرت التسليم عليّ."
"آ-آسفة."
"أين كنت كريس؟."
"شيء مهم." وقالت لنفسها:
"شيء كبير جدا لا تعرف عنه شيئا مايكل."
"أهمّ منّي؟."
"م-مايكل.." وفجأة.
قفز مايكل وأمسك كريس ومدّدها على السرير بقوّة ثم مزّق كنزتها وسط دهشتها.
"م-مايكل!!." صرخت.
قلبها على بطنها ونظر إلى كتفها..كان أثر خفيف لا يرى إلا من قريب جدّا لطلقة سابقة.
"م-ما الأمر مايكل؟."
"ك-كريس..لقد صدق اللعين الأشقر."
"ماذا؟."
"أنت..أنت..كريس.."
بينما كانت مصعوقة ممّا يجري سمعا الجرس يضرب.
"لا تتحرّكي من مكانك أبدا."
ونهض وفتح باب المنزل..كان هيرشار وأوكنان.
"ادخلا.."
فدخلا شقّة مايكل وقادهما نحو غرفة النوم.
"مايكل..هل أنت متأكّد؟." قال هيرشار فلم يجبه مايكل.
حين دخلوا غرفة النوم..رأيا كريس مصدومة.
"حسنا أيّها اللعين الأشقر. لقد أرسلت لي رسالة وتأكّدت كما طلبت بعد شرحك لي. نعم! زوجتي على كتفها الأيمن من الخلف أثر طلقة رصاصة خفيف ويبدو بأنّها قد حاولت علاجه."
نظر هيرشار مصعوقا بينما ابتسم أوكنان.
"يبدو بأنّنا ألقينا القبض على القاتل. أليس كذلك كريس ذات الشعر الأحمر؟." قال أوكنان ساخرا.
بينما لزم هيرشار الصمت مع الجميع في حين قال لنفسه:
"لا يعجبني تصرّفه. أشعر بشيء ما يخطط للقيام به ويغطّيه باتّهامها. لكن لماذا أشعر بهذا الشعور بالضبط؟."
رفعت كريس رأسها ببطء ولم تتكلّم.
"سنتّصل بالشرطة." قال أوكنان وقبل أن يكمل الجملة كانت رصاصة قد مرّت بجوار رأسه واستقرّت في الحائط خلفه.
كان مايكل قد أمسك مسدّسه وأطلق.
"م-مايكل!." قال هيرشار
"اسمع أيّها اللعين! حتى لو كانت كريس الفاعلة فلن تخرج بها من هنا."
"ماذا؟." قال أوكنان
"سأبرّئها بنفسي..سأقول أنّها كانت طول الوقت معي ومعي أصدقاء سيشهدون معي."
نظر إليه أوكنان.
"مسكين." قال لمايكل
"ها قد ظهر هاستنغز من جديد." قال هيرشار
نظر أوكنان وقد فهم..كان هاستنغز قد قال جملة مشابهة لبوارو مرّة.
"فليحيا الحبّ." قال أوكنان
"لكن..صديقك أصيب عمّه وحبيبته مخطوفة..إذا كانت زوجتك الفاعلة فهل ستفّضلها على أعزّ أصدقائك؟." أكمل أوكنان بخبث.
صعق مايكل ونظر إلى هيرشار بينما لم يجرؤ على النظر إلى الخلف حيث كريس.
"لا داعي." قالت كريس فنظر أوكنان ولم يلتفت مايكل..مشت نحو مايكل وعانقته وقبّلته فاحمرّ وجه أوكنان وهيرشار.
"أنا بريئة." ونظرت إلى أوكنان.
"لكنّني..فعلا تلقّيت رصاصة منك."
فنظر إليها وهو لا يفهم.
"عفوا؟."
"سأخبرك."
"في ذلك اليوم لقد كنت فعلا هناك..تتبّعت فتاة شككت في أمرها وقد رأيتها تدخل ذلك المبنى.."
"لحظة لحظة..شعرك؟."
"دعني أكمل." وسكتت قليلا واحمرّ وجهها.
"لقد كنت حينها قد صبغت شعري بالأحمر مصادفة ولن أذكر السبب لكنّني فعلتها. دخلت المبنى وتبعت الفتاة لكنّها اختفت. سمعت صوتا بعدها وكان صوتك فأجفلت..حين قلت لي أن أخرج ظننتك شريكها فخرجت ووجّهت المسدّس وأنت وجّهت المسدّس..عندها رأيت شيئا يتحرّك في الخلف ورأيت شعرا أحمر."
"من الخوف ضغطت الزناد فأطلقت النار فمرّت الرصاصة بجوارك وظننتني أهدف إلى قتلك وأنا أخافني خروج الرصاصة فطار عقلي فركضت فأطلقت عليّ وأصبتني في كتفي. حاولت إخبارك..لكنّني لم أستطع أن أكمل ثمّ استطعت الهرب."
فنظر أوكنان مدهوشا.
"تستطيع القول أنّني أنقذتك فلربّما أصابتك منها رصاصة..وأنا استطعت النجاة. أجريت عمليّة لذلك فأثر الرصاصة خفيف جدّا."
"هل ارتحت الآن؟." قال مايكل ساخرا
"ما الذي يجعلني أصدّقك؟." قال أوكنان
"الرغبة البشريّة في البقاء حيّا." قال مايكل واقترب من أوكنان وبدأ بدفعه حتّى أوصله الباب..فتح الباب وقذف به خارجا فسقط على الأرض فأقفل مايكل الباب بقوّة وعاد إلى الغرفة.
"هيرشار..هل حقا؟." قالت كريس
"آ-آه."
"ل-لا أصدّق!."
"على كلّ..عليّ البحث والتحرّي..آسف على إزعاجكم."
وتوجّه نحو الباب وخرج.
"وأنا..آسف لتصديق وغد أحمق." قال مايكل
"اعتذارك غير مقبول." فنظر إليها.
"إلّا.."
وأشارت إلى السرير فابتسما بينما كانت كريس قد تلقت رسالة.
الفصل الرابع عشر:
"إلى ماذا تنظر؟." قال هيرشار الذي رأى أوكنان يحدّق من النافذة عند الدرج فأجفل أوكنان.
"ل-لا شيء."
وابتعد أوكنان عن النافذة فراقبه هيرشار ببطء ثم نظر من النافذة فلم يجد شيئا فابتعد هو الآخر ونزلا الدرج.
خرجا من المبنى..وقفا قليلا في الشارع يفكّران.
"أوكنان..هذا يجعلنا نشتبه فقط في.."
وقبل أن يكمل جملته..مرّت ذات الشعر الأحمر الفاتنة في البعيد أمامهم..كانت ترتدي قميصا أصفر وتنّورة بيضاء.
أجفل الاثنان. قرّر هيرشار فركض نحوها لكنّه توقّف ونظر إلى الخلف حيث أوكنان الذي تسمّر في مكانه.
"أوي أوكنان!." وكان ينظر نحوه ثمّ نحوها.
"اللعنة! لقد وقع حقا في الحبّ!."
وركض خلف الفتاة بينما لاحظ أنّ أوكنان قد انحنى على ركبتيه وكان ينظر لأسفل.
ابتعد هيرشار بينما كان أوكنان يقرأ من هاتفه.
"أسلوبك وغد تماما!." كانت رسالة من كريس.
"تحاول جعلي مشبوهة حتى تتأكد إن ما زلت في البلد من أجل المهمة المشتركة! اللعنة عليك!."
"في المقابل..لا! لم أرها من قبل ولا أعرفها. صبغ شعري بالأحمر ليس مرتبطا بفتاة مثلها."
"من هي على أي حال؟."
فنهض أوكنان مبتسما.
"لنر من هي بجعلها تكشف نفسها بنفسها."
"لكن..أفروديت تلك!." واصطكّت أسنانه معا.
************************
دخل هيرشار الأزقّة خلف الأزقّة..لم يجد الفتاة!
وجد شابّا سيّء المظهر يرتدي بنطالا من الجينز وكنزة سوداء ووجهه مليء بالجروح..كان يترنّح.
"أوي! هل رأيت فتاة بهذه المواصفات؟." ووصف له الفتاة ذات الشعر الأحمر.
"بهذه المواصفات إن رأيتها أمامي سأغتصبها!." قال الشاب.
"أشكرك على صراحتك!." قال هيرشار ساخرا
"على أيّ حال..أعتقد أنّني رأيتها نعم."
"ماذا؟."
"في حانة قريبة من هنا سابقا."
"حانة؟."
"نعم..امشي من هنا مباشرة وانعطف يمينا تجدها في الزاوية..حانة حقيرة."
"شكرا يا صاح."
وسار هيرشار حسب وصف الشاب ورآها..كان عليه نزول الدرج إليها..حانة النجوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج مايكل من الشقّة ذاهبا لاجتماع بينما جلست كريس على السرير..كانت بملابس النوم. جلست على حافة السرير تفكّر.
"ذلك الأوكنان الوغد!."
"لكن..هل تكون هي ذاتها من أطلقت عليها في تلك الليلة؟."
"لكنّه قال أنّها مختلفة." وشردت
ثمّ سمعت طقّة الباب.
"مايكل؟ هل عاد سريعا؟."
انتظرت.
وعندها ارتعبت..لم يكن مايكل بل فتاة بشعر أحمر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نزل هيرشار الدرج نحو الحانة..كان هناك حارس زنجيّ عند الباب.
"كم عمرك أيّها الشاب؟."
"عشرون."
"تستطيع الدخول." وفتح الباب.
دلف هيرشار للداخل وهو يقول لنفسه.
"ومن قال أنّني أريد أن أدخل للغرض الذي تعتقده؟."
كانت كأيّ حانة..رغم أنّ الوقت في النهار لكن هناك من جاء بغرض الشراب، رجال ونساء..استقبلت هيرشار فتاة بشعر أشقر بيضاء البشرة..طولها 170 سم..ارتدت ملابس عارية.
"لماذا أتعبت نفسك بارتداء الملابس؟." قال هيرشار لنفسه ساخرا.
"ماذا تريد أيّها الوسيم؟ شراب؟ امرأة؟ ماذا؟."
"إ-إيه؟ في الواقع أنا أريد امرأة لكن ليس لغرض مثل الذي في بالك."
"هل هذه أحجية؟."
"لا..أريد أن أتحدّث معها."
"أوه..ومن هي؟." فوصفها هيرشار لها.
"آ-آه..لقد عملت هذه الفتاة هنا سابقا كراقصة."
"هيه! حقا؟."
"نعم."
"ومتى سابقا؟."
"منذ سنين."
"تبّا!."
"ماذا؟."
"هل تعنين أنّني لن أجدها هنا؟."
"نعم."
"على أيّ حال سأريك صورا لها..ربّما تكون مختلفة."
"آه..لا بأس بهذا."
وقادته في الحانة من الطاولات مرورا بالمجلس عند المضيفين إلى ممرّ داخلي ضيّق جدّا ومن ثمّ إلى غرفة..نظر هيرشار فكانت مليئة بالصور..كلّها نساء.
حدّق هيرشار فيهنّ.
"إذا استهوتك واحدة أخبرني..ستستمتع معها." وغمزته
فأجفل واحمرّ وجهه.
"ل-لا شكرا."
"خذ.."
وأعطته مجموعة من الصور فبدأ ينظر إليها..كانت الفتاة ذاتها بصور مختلفة لها في الحانة.
"ه-هذا.."
كان قد لاحظ شيئا..
"أريد أن أسألك.."
"تفضّل."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارتعبت كريس وشعرت برعشة في جسدها..شاهدت آية كونية من الجمال مرتدية قميصا أحمر وبنطالا أبيض والمسدّس في يدها.
تلعثمت كريس..لم تعرف ماذا تقول.
"أوه! فتاة جميلة شقراء ومثيرة تنتظر زوجها ليتمتّعا معا ونسيت ثأرا. لقد أصابتني رصاصة منك في كتفي وحان وقت الانتقام."
سألت كريس نفسها.
"اللعنة! ما الذي أتى بها إلى هنا؟."
حلّت أفروديت الزناد وأطلقت فأصابت كريس أسفل كتفها الأيسر وأعلى القلب لتجفل كريس وتصرخ من الألم بينما انقضت أفروديت عليها فبطحتها على السرير واستقرت فوقها.
"أليس تحول الفراش إلى لون شعري جميل؟."
كانت كريس تنزف وتتألم بينما نظرات الفتاة نحوها مرعبة. همست في أذنها.
"ما علاقتك معه بالضبط؟."
"م-من؟." لماذا هذه الفتاة لديها قوة رهيبة؟!
"الأشقر الحقير."
"إ-إيه؟." ثم أجفلتا بصوت خطوات فدخل مايكل وقال:
"ماذا هناك؟ كريس! هل أنت شاذة جنسيا؟!." فنظرت أفروديت للخلف وأصدرت "تشه." انزعاجية قبل أن تنهض ثم تقفز النافذة وسط ذهول مايكل بينما أجفل برؤية كريس تنزف فهرع نحوها.
"حلوتي!."
"م-ما هذا؟." ونظر للدم.
"السحاقية تحبّ السادية." فأجفل مايكل ونظر إلى وجهها ليجدها رسمت تعبيرا ساخرا جدا.
"هل هذا وقت المزاح؟!." هتفت قبل أن يجفل مايكل ويهتف.
"أنت بحاجة لمستشفى!!." وحملها معه بينما قالت كريس لنفسها:
"هل قصدت أوكنان بكلامها؟ ما علاقتها به؟."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل أوكنان غرفته في الفندق الذي نزل فيه..كانت غرفة من سرير وحمّام وفرش.
خلع معطف البدلة..كان الجوّ في الخارج حارّا..لكنّه كان متوترا. ليس خائفا لكنّه يدرك أنّها مثل شعرها الأحمر. بركان غير مفهوم ولا يعرف له أي دوافع وتصرفات منطقية كما..
"هي قادمة لتنتقم مما فعلته بها ربما."
سمع صوت طرق على الباب فنهض من مكانه مجفلا وفتح الباب فوجد أفروديت تقف هناك مبتسمة.
"لوحدك أخيرا." قالت مبتسمة فأدخلها بحذر.
"ماذا هناك؟." قال بينما اقفل باب الغرفة.
"جئت لنمرح معا."
"ن-نمرح؟." ونظر نحوها.
"نعم. ألسنا في الواقع على علاقة؟." وابتسمت بخبث بينما فتحت أكثر منطقة أسفل رقبتها.
تنهد أوكنان وسار نحو الداخل وجلس على كرسي مقابل السرير بينما جلس أمامه على السرير.
"أنت من وراء كل ما جرى وكان تصرفا أرعنا جدا!."
"حقا؟."
"نعم. عليك التوقف عن التصرف بغباء!." فابتسمت وقالت:
"فلنمرح إذن." فتنهد مجددا وقال:
"هل لنا أن ننتهي من أمر الحبيب والحبيبة هذا؟ أنت تعلمين أنّه تمثيل."
"لماذا لا نجعله حقيقيا؟." وابتسمت بخبث
"أنت تعلم هدفي تماما مع ذلك مشيت في طريقي لماذا؟." أكملت بينما نظر أوكنان نحوها.
"اسمعي..أنا أعلم كل شيء وتم اعتقالك سابقا لذلك لا داعي للحديث في هذا الأمر..عليك الإقلاع ولا تحاولي معي، فلن أقنع أبي أنك تغيرت بعد الآن وبعد الذي رأيته هذه المرة سيكون من الصعب التغطية على الأمر!."
"حقا أوكنان؟." واقتربت منه بغنج.
"ن-نعم.." لكنه توتر فرائحتها عطرة للغاية وجسدها مثير.
"ل-لكن، السجن..ليس لأمثالي أوكنان وأنت طيب." أكملت بغنج.
"أ-أخبرتك في المرة السابقة أنّها الأخيرة. وهذه المرة ارتكبت حماقات كثيرة!."
"أنت لئيم." قالت وقد وقفت أمامه جانبيا ثم أدخلت يدها في ملابسها لتفتحها أكثر أسفل الرقبة فأجفل أوكنان برؤية جسدها.
"فلنمارس الجنس." وأظهرت صدرها وقفزت نحوه فأجفل أوكنان لكنّه أجفل لشيء آخر.
أصبح هناك سكين في يدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج هيرشار من الحانة يفكّر..صعد الدرج وأصبح على مستوى الشارع..مشى باتّجاه زقاق.
فكّر..وضع يده أسفل ذقنه..شعر أنّه يعرف شيئا أو أنّه أهمل شيئا..ما هو؟ لم يكن قادرا على إدراكه بعد..وفجأة.
كان يرفرف بعينيه متوترا. شاهد آيرين أمام عينيه.
الفصل الخامس عشر:
"ما الأخبار توم؟." قال مارك في مكتبه في مركز الشرطة.
"لا جديد حضرة المفتّش سوى شيء واحد."
"وما هو؟."
"كان المفتّش سام يتحرّى عن شيء في الأيّام الماضية."
"ماذا؟ عن ماذا؟."
"لا أحد يعلم."
"سننتظرك وستخبرنا حين تستيقظ سام." قال مارك لنفسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"آ-آيرين؟." قال متوترا بينما ركضت نحوه وعانقته.
"أ-أنت بخير؟." وضمّها إليه فأومأت.
"ك-كيف؟." فنظرت نحوه وقالت:
"أنقذني شخص ما."
"شخص؟." فابتسمت.
"فتاة بشعر أحمر في غاية الجمال."
***************************
سمع الاثنان صوت شيء وفجأة طارت السكين من يد أفروديت لتستقر أرضا بينما قفز ظل وبطحها أرضا ثم استقر فوقها فنظر أوكنان فوجد الشخص فتاة بشعر أحمر أيضا! نظر فوجد باب الخزانة مفتوحا. أقفزت من هناك؟
انتهت الفتاة من تصفيد أفروديت التي قالت:
"ما الذي أيقظك بالضبط؟!!."
"اخرسي!." ونهضت ونظرت نحو أوكنان الذي أجفل.
كان تشبه أفروديت تماما. هي أفروديت طبق الأصل لكن بعينين زرقاوتين. كانت ترتدي قميصا ورديا على بنطال أسود.
"هل أنت بخير؟."
"آه."
"هذه الفتاة كانت تسعى لاستهدافك كما يبدو وجعل التهمة عليّ. الحمدلله أننّي تدخلت في الوقت المناسب وإن كان.." وتنهدت.
"قلبي يخفق بقوة جدا. لست معتادة على هذا." وابتسمت وكانت ابتسامتها ساحرة.
"شكرا لك. ما اسمك؟."
"ليسّا." وابتسمت له.
"ف-في الواقع.." قالت وأشاحت بوجهها المحمرّ.
****************************
"ف-فتاة بشعر أحمر؟." قال لنفسه ثم قال:
"تختطفها وتنقذها؟! ل-لحظة..استنتاجي قبل قليل.." ثم قال:
"أهي بعينين زرقاوتين؟."
"إيه؟ ما أدراك؟." فابتسم
"كما توقعت." بينما تذكرت آيرين الأمر.
كانت فاقدة للوعي حين استيقظت وشعرت أنّها في مكان متحرك فاستغرقت ثواني قبل أن تدرك أنّها في سيارة فأجفلت ثم جلست ولم تجد نفسها مقيدة بينما كانت في المقعد الخلفي فنظرت نحو السائق وصرخت.
"أين تأخذيني؟!!."
"استيقظت إذن." ونظرت نحو الخلف فخافت آيرين.
"لا تقلقي. أنا فتاة أخرى، وتلك الفتاة كانت تحاول القيام بأمر سيّىء وتسجيله ضدي. أنت في أمان فقد أنقذتك." وابتسمت لها.
"ح-حقا؟." فأومأت ثم وصلتا مكانا رأت فيه آيرين هيرشار.
"ها هو حبيبك. صحيح؟." فأجفلت آيرين واحمرّ وجهها.
"وداعا." وأوقفت الفتاة السيارة وابتسمت لآيرين.
"شكرا لك." قالت آيرين "لكن من أنت؟."
"تستطيعين القول أنّني فضولية نوعا ما." وابتسمت.
"يا له من جمال وابتسامة رائعة." قالت آيرين لنفسها قبل أن تنزل.
الفصل السادس عشر:
بعد عدّة أيّام..كانت حالة سام قد استقرّت لكن لم يخرج من المستشفى بعد في المقابل خرجت كريس بعد أن عالجت جرحها.
كان هيرشار وآيرين ومايكل وكريس معا في حديقة..هيرشار مرتديا قميصا أبيضا وبنطال جينز ومايكل بكنزة سوداء وبنطال جينز بينما آيرين بقميص أبيض وبنطال أسود وكريس قميص أحمر وبنطال أبيض.
"ماذا حصل للأشقر اللعين إذن؟ تقول أنّ الفتاة كانت تستهدفه؟ يا لها من حكاية!!." قال مايكل.
"إنّه بخير كما علمت." قالت آيرين
"لقد أنقذه الحبّ." قال هيرشار
فنظر الثلاثة إليه باستغراب فكان ينظر إلى جهة معيّنة.
نظروا إليها فرأوا أوكنان ببدلة بيضاء وربطة عنق حمراء وبجواره فتاة بشعر أحمر ترتدي قميصا أبيض وتنّورة حمراء.
"م-ما هذا؟." قالت كريس مدهوشة
"حبيبته."
"ل-لكن.."
"لا تقلقي..إنّها..توأم المجرمة."
فنظروا إليه مصعوقين.
"ماذا تقصد بأنّها توأمها؟."
"لقد مرّت علينا الفتاة كثيرا لكن..لاحظت أنّها تضع عدسات أحيانا و..حين سألت عنها تبيّن لي أنّها في كانت تعمل في حانة..كانت في الصور ترقص ببنطال فاستغربت. عادة الراقصات يكشفن عن ساقهنّ فسألت الفتاة هناك وأخبرتني أنّ ساقيها فيهما حرق ومع ذلك.."
"لقد رأيناها مرّة بتنّورة وساقيها سليمة..شككت أنّها عالجتهما لكن حينها لاحظت العدسات و توأم لا يعني أنّ لديهما صفات واحدة فقد حدّقت مرّة طويلا في أوكنان ومرّة لم تكن تنظر إليه أبدا..حينها عرفت أنّهما اثنتان وبهذا الشبه..هما توأمان."
فنظروا وإليه وقد فغروا فمهم.
وحينها.
"ما معنى هذا أيها الوغد؟." قالت كريس لنفسها بينما تنظر نحو أوكنان "أتسأل عن الفتاة إن كنت أعرفها ثم تواعدها؟!."
في المقابل..وقف أوكنان وليسّا قليلا عن السير فقد تلقت مكالمة.
"ما الوضع؟."
"تحت السيطرة. الخطة نجحت والإيقاع لن يطول." قالت ليسّا بينما قال أوكنان لنفسه وقد ابتعد عنها:
"تعتقدين أنّك نجحت هاه؟."
"لا بأس. أفضل الانتصارات هي من تجعل خصمك يعتقد بهزيمتك ثم تسحقه." وابتسم ابتسامة واسعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق