السبت، 11 ديسمبر 2021

في مثل هذا اليوم - قضية جانبية بعنوان المتّهم هو هيرشار

 في مثل هذا اليوم من العام الماضي قمنا بنشر قضية جانبية للسلسلة بعنوان المتّهم هو هيرشار واليوم نعيد نشرها. 

القضية التي إطارها الزمني هو ما قبل ظهور كريس يكون فيها هيرشار متورطا في أمور لا يذكر منها شيئا والمصيبة أنّها مرتبطة بجريمة قتل وسرقة! فما الذي حصل بالضبط؟ تابعوا القضية 😎


الفصل الأول:

كانت جثة ممدّدة على الأرض، امرأة في الثلاثين ،"أنا القاتل."، "أنا القاتل."، "أنا القاتل."

فتح عينيه ببطء، كان يعرف هذه الرائحة، عيناه لا تريان شيئا بعد، جسده يؤلمه، أغمض عينيه ثم فتحهما لعلّه يرى، نجح الأمر، بدأ يتعرف، رأى وجوها حوله، ورأى أجهزة، نظر، وأدرك..

 كان في المستشفى!!


الفصل الثاني:

"هيرشار!! هل أفقت؟ الحمدلله!." صرخت آيرين والدموع في عينيها فالتفت برأسه الى حيث صوتها، آلمه فوضع يده عليه وتحسّس فأحسّ بشاش في جزء من رأسه، نظر إلى جسده الذي كان ملفوفا بضمادات وقال:

"ما-ما الذي حصل لي؟."

"لقد سقطت عليك مجموعة من المواسير." قالها سام بهدوء قبل أن يضيف:

"الله يحبك لأنّك لست الآن مدفونا تحت التراب."

"أبي!!!." صرخت آيرين في وجهه.

"الحمدلله أنك بخير هيرشار، هذا هو جزاء هوسك بالتحريات." قالت ماريا

دخل الطبيب بعد قليل، نظر إلى هيرشار وقال:

"يجب أن يرتاح لعدة أيام هنا، وبما أنّه استيقظ للتو فيفضّل أن لا تجلسوا لمدة طويلة، أرجو منكم المغادرة خلال خمس دقائق."

"آه، حسنا." قال سام ثم أضاف وهو ينظر لآيرين:

"هل سمعت؟."

أومأت برأسها فقد كانت سعيدة أنّه أفاق، ثم نظرت إلى الطبيب وسألت:

"ما حالته؟."

"أعتقد أنّ الخطر قد زال، ربما ضربة بمثل هذا المقدار كفيلة بقتله، لكنّه بخير الآن."

"الحمدلله!." قالت آيرين ودموعها ما زالت تتساقط.

"أوي، لا تبكي هكذا يا ابنتي." قال سام

ابتسم هيرشار ومدّ يده فربت على خدّها، حاول التركيز والتذكّر.

"ماذا حصل؟." سأل نفسه، نظر إليه الطبيب ففهم فقال:

"لا تجهد نفسك بالتفكير والتذكر، سيأتيان لاحقا."

نظر إليه هيرشار مستغربا وأومأ برأسه ببطء..نظر الطبيب إلى ساعته وقال:

"أرجو منكم المغادرة يا سادة."

وقفت آيرين أمام سرير هيرشار مباشرة وقالت:

"أيّها الغبي! دعك من هوسك، ولا تجعلني أقلق عليك مجددا." قالتها بوجه محمرّ ودموعها على خدها.

ابتسم لها، أومأ ثم قال:

 "آه، لن أجعلك تقلقين مجددا." ضحكت، ثم غادرت هي وماريا، فاقترب منه سام وقال له:

"ماذا كنت تفعل هناك؟."

"ه-هناك؟."

"حيث سقطت المواسير."

"لا-لا أعلم."

"ماذا؟."

"أقصد أنّ-أنّني لا أذكر."

همهم سام ثم همّ بالمغادرة، حيّا الطبيب، وغادر فوقف الطبيب بمحاذاة هيرشار، فتح إبرة وقال:

 "سأعطيك ابرة مسكنّة للألم فقد يعاودك وستساعدك على النوم." 

أومأ له هيرشار، أعطاه الطبيب الإبرة وغادر.

فكّر هيرشار.

"ما الذي جرى؟ لماذا لا أتذكّر شيئا؟."

بينما هو يفكّر، خلد إلى النوم.


الفصل الثالث:

اهتزّت الستائر في الغرفة، تحركت يد في الخارج وفتحت النافذة بحرفيّة، دخل شخص للداخل بهدوء تام، وقف خلف الستارة كمن ينتظر فريسة، نظر بعد أن أزاح الستارة للحظات، كان هيرشار نائما تماما فاستمرّ في اختبائه خلف الستارة، وفجأة فتح الباب بهدوء ودخل شخص إلى الغرفة وتقدم خطوات باتجاه سرير هيرشار وهو يحمل ابرة في يده.

نظر إلى هيرشار، كان المخدّر المعطى من الطبيب كفيلا بجعله ينام ولا يدرك ما حوله حتى يرتاح تماما، نظر الشخص حوله، جهّز يده التي تحمل الابرة ورفع كمّ هيرشار وجهّز نفسه للحقن، ثم فجأة..

أحسّ بحركة فالتفت، انقضّ عليه الشخص الذي دخل الغرفة من النافذة، تعاركا، مرّت دقائق، ثم أفلت الذي دخل من الباب ونظر حوله، ثم فقز من النافذة فتبعه الآخر وقفز هو الآخر من النافذة.

 نظر حوله ثم قال:

" أين ذهب؟." ثم سمع صوت محرّك دراجة فأرهف السمع وأدرك الجهة وركض باتجاهها فرآه يركب دراجة، كانت سيارة الشخص هناك، ركبها وطارده.

 استمرت الدراجة في المسير بسرعة كبيرة، وهو استمر في المطاردة، مرت ساعة وساعتين، من شارع إلى شارع ومن زقاق إلى زقاق، ثم وصلوا إلى جسر، صعداه الاثنان، وفي وسطه قفز صاحب الدراجة من الجسر ، نزل على الأرض فاحتكّت الدراجة لكنّه وازنها بينما أوقف صاحب السيارة السيارة في منتصف الجسر ونزل منها ونظر إلى الأسفل ليجد صاحب الدراجة قد ابتعد كثيرا.

"اللعنة! لقد هرب." قالها ثم أردف:

"والوغد، لوحة دراجته مزيّفة!."


في المشفى، كان هيرشار يحلم الحلم نفسه، امرأة ميّتة، وأنا القاتل، ثلاثة يرددونها.

بعد ساعات، استفاق هيرشار ونظر حوله فرآى آثارا في الغرفة كمن حاول العبث فيها ففكّر:

 "ليست غرفة منزل بل مشفى، عراك؟ لكن كيف؟ ولماذا؟ وكيف لم أسمع أيّ شيء؟." تذكّر ابرة الطبيب.

 "أهي السبب؟." نظر حوله، كانت النافذة مفتوحة فنظر مدهوشا: "ما الذي حصل هنا؟." قبل أن يكمل: "ه-هل هناك من يستهدفني؟ لكن، لماذا؟." حاول التذكّر ولم يستطع "وما ذاك الحلم أيضا؟."

استجمع قواه فجلس، كان جسده يؤلمه كمن تعرض لتعذيب، تألّم ثم حاول النزول عن السرير فنزل ببطء، سار نحو الباب وفتحه بهدوء ثم نظر حوله فلم يجد أحدا.

حاول الخروج فأوقفه صراخ شخص:

"إلى أين تذهب؟." التفت، كانت الممرضة التي اعتنت به، فتبسّم في وجهها، قالت له:

"من الجيّد أنّني رأيتك، ليس جيدا أن نفقد اثنان." قالتها وهي تعبس وتفكّر.

"نفقد؟."

"طبيبك الدكتور توماس، لم يأت اليوم ولا يجيب على الهاتف." سكتت قبل أن تتأفّف قائلة:

"ما الذي حصل له؟." ثم نظرت إلى هيرشار وقالت:

"عد إلى سريرك، هيا."

"آ-آه، حاضر." أدار نفسه عائدا. 

"أين ذهب الطبيب؟." ثم تذكّر الابرة، العراك الذي بدا، "هل يعقل؟ هل للطبيب علاقة؟ لكن لماذا؟!!." بقي مصدوما ووضع يده على رأسه، إنّه لا يتذكّر.

لم يعد الطبيب توماس إلى المشفى، أتى طبيب آخر وأشرف على هيرشار، وكتب له مغادرة في هذا اليوم، كانت آيرين مع سام في انتظاره عند الباب، ركب سيارة سام، وهيرشار كان صامتا يفكّر. 

"ما الذي حصل؟ وما ذاك العراك؟ ولماذا؟." لم يخبر أحدا بالأمر، حتى المستشفى فقد كان يشكّ.

 "ربما ليس للطبيب توماس علاقة في الأمر."

كانت آيرين تنظر إليه بقلق، قالت:

"هيرشار، هل أنت بخير؟."

"آ-آه، بخير لا تقلقي، جسدي فقط، أعتقد أنّني بحاجة لراحة." قالها وهو يبتسم لها فابتسمت له.

"آه، ارتح اليوم يا صعلوك التحريات ونم في سريرك." قال سام.

"آ-آه، حسنا." ردّ عليه قبل أن يضيف لنفسه "انت هو الصعلوك!."

أوصل سام هيرشار للبيت فنزلت آيرين معه وأعدّت له شوربة حساء ساخنة، استلقى هو على السرير وبدأ يشرب فتأمّلته وكانت عيناها تقولان الكثير، قال:

"شكرا لك آيرين." 

ابتسمت له بقلق، قال: "لا تقلقي، أنا بخير."

هزّت رأسها ثم قالت بحماس:

"ارتح اليوم، وغدا سنذهب لنراها."

"نراها؟."

"أنسيت؟ الجوهرة تلك التي حدثتني عنها."

"آه، تلك الماسّة التي لدى امرأة أعرفها..نعم، نعم، إنّها رائعة، ستعجبك."

"هل رأيتها؟."

"صورة لها فقط."

"جميل، إذن سنذهب غدا، أما الآن فاشرب ثم نم."

قالتها بلهجة أمر، فنظر إليها، كان وجهها عليه علامات الغضب الآن بعد الحماس، ابتسم وقال:

"إن أردت أن أطيعك يجب أن تظهري وجها محمرّا وقلقا أكثر." وابتسم.

"حين تكفّ عن هوسك سأفعل هذا." لكنّ وجنتيها احمرّتا.

ضحك، أنهى الحساء ثم تمدّد في السرير، غادرت آيرين بعد أن أطفأت الضوء..فقال:

"شيء..شيء ما حصل، ولا بدّ أن أعرف ما هو."

في الخارج، كان رجل النافذة يراقب المنزل، بعيني صقر.


الفصل الرابع:

استيقظ هيرشار في الصباح على صوت ستائر تفتح، نظر بعد أن أعمى ضوء الشمس عينيه فرأى آيرين، فقال بعد أن نظر للساعة:

"ما كلّ هذا النشاط؟ الساعة الثامنة."

"بل الثانية عشرة..ساعتك متوقفة." قالتها وهي تبتسم ثم أشارت إلى يمينه فالتفت فكان الفطور على الطاولة بجانبه، حدّق به ثم نظر إليها وهي تتحرّك، كانت ترتدي كنزة حمراء على بنطال أسود. 

ابتسم ابتسامة كبيرة وقال:

"وأنت؟."

"لقد أكلت، لا تقلق."

همهم وبدأ بأكل الفطور وبعد قليل من الوقت انتهى، انتظرته آيرين في الصالة فلبس ملابسه والتي كانا عبارة عن قميص أبيض على بنطال أسود، كان مرتاحا لكنّه لم يعلم أنّ القادم لم يكن ليتوقعه أبدا..خرج من الغرفة، رآها، كانت ترتدي ملابس في قمة الأناقة، كانت رائعة تماما، نظر إليها باعجاب، فسخرت قائلة:

"أنا لم أغيّرهم، لكن يبدو أنّك كنت نائما بالفعل."

غادرا المنزل وركبا السيارة، انطلقا حيث تلك الجوهرة، كان هيرشار قد أخبر آيرين عنها، جوهرة رائعة، حجمها بحجم كفّ اليد، من الياقوت والألماس ومزخرفة بالزمرّد، وصلا إلى هناك..كانت الجوهرة موضوعة في زجاج داخل غرفة خاصة في المنزل..استقبلتهم امرأة، كان هيرشار يعرفها، فهي المسؤولة عن حماية الجوهرة قال لها:

"هل السيد والسيدة بينز هنا؟." 

"السيد نعم." ولاحظ تغيّر تعابير وجهها

قالت له:

"لقد كنت هنا منذ عدة أيام ورأيت الجوهرة فلماذا تريد رؤيتها؟." 

نظر إليها مدهوشا "منذ عدّة أيام؟." قال لنفسه، كانت تنظر إليه فسارع بالقول:

"آه، من أجلها." وأشار إلى آيرين التي تفاجأت هي الأخرى فهزّت المرأة رأسها ثم فتحت باب الغرفة لهم، كانت غرفة مفصولة عن المنزل بجانبه، قالت:

"لم ندخل هنا منذ ذلك اليوم." وظهر عليها أسى لم يعرف هيرشار سببه لكنّه لم يسأل، كان مشغولا بالتفكير أنّه كان هنا ولا يتذكّر ذلك..دلف هو وآيرين للداخل، وبدأ يصف لآيرين شكل الجوهرة وطبيعتها والمكان الموضوعة فيه وانتهى في الوقت الذي اقتربا جدا من مكانها، أشار حيث المكان الذي يعرفه وقال:

"ها هي."

نظر الاثنان معا، اتّسعت عيونهما ثم صرخا بالمرأة التي جاءت راكضة، نظرت حيث كانا ينظران..

لا وجود للجوهرة!

"مستحيل!!" صرخت المرأة ثم قالت: "سأتحقق من الكاميرا." وركضت مسرعة حيث الأجهزة الخاصة، وشغّلتهم بينما تبعاها وراقبا الأمر، نظرا للأيام تمرّ، حتى ثلاثة أيام قبل هذا اليوم كانت الجوهرة موجودة في هذا المكان، وآخر من كان موجودا عندها..هيرشار ورجل آخر!.

نظرت إلى هيرشار بغضب وقالت:

"أعتقد أنّ هذا الشخص.."

"مثمّن وخبير." أكمل هيرشار وهو يبتلع ريقه.

كان يعرفه، كان صديقا له تقريبا لكنّه صدم..من جديد هو في دائرة لا يذكرها.

آيرين بقيت بلا حراك..بعد لحظات حاولا التحرك فرفعت المرأة مسدسا وقالت:

"لقد ضغطت على زرّ وهم الآن في الطريق، لا تأتي بأي حركة، أنت وذلك الشخص المسؤولان عن هذا."

نظر هيرشار للمسدس وإلى المرأة، لم يجرؤ على النظر لآيرين لكنّها كانت تنظر إليه مدهوشة.

"هيرشار، تفعل أشياء ولا يبدو عليك تذكرها..ما الذي أصابك؟." قالتها لنفسها.

حاول هيرشار التحدث وإذا بيد توضع على يده فنظر فرأى ضابطا بجانبه..قال الضابط:

"هل أنت من الجرأة لتعود إلى هنا وتحاول ادّعاء البراءة؟."

لم يتكلم هيرشار، كاد يجنّ بينما آيرين بجانبه تمسك بكتفه..كانت صامتة، لكن يدها التي تمسكه كانت تتكلم بحقيقة ما تشعر به وتريد قوله.

أضاف الضابط:

"والآن، انتهينا من هذا الأمر." ونظرلهيرشار متأملا وجهه المصدوم وأكمل "هل ستكون الرابع؟."

نظر إليه هيرشار وعيناه تزداد اتّساعا ودهشة..أسرعت المرأة قائلة:

"بل أظنّه هو يا سيدي! هو فقط! تذكّر مكان السيدة!."

نظر هيرشار لكليها تباعا وكاد يصرخ قبل أن يقول بهدوء:

"ما الذي تعنيانه؟."

"السيدة بينز.." قال الضابط "ماتت مقتولة في اليوم الذي اثبتت الكاميرا أنّك آخر من كان هنا."

سكت قليلا وأضاف:

"لكن..اعترف ثلاثة بارتكاب الجريمة، لذلك سألتك."

"الحلم!." قال هيرشار لنفسه "أهو شيء حصل فعلا؟ هل كنت هنا فعلا؟." هزّ رأسه بأسى وقال لنفسه:

"لماذا؟! لماذا لا أتذكّر؟!!."

ثم نظر للضابط وقال:

"هناك سوء فهم يا حضرة الضابط..الرجل الذي كان معي هنا كان مثمّنا لذلك أعتقد أنّه كان يثمنّها بعيني خبير."

"وأنت؟."

"آ-آه.." تلعثم "ربما..أنا.."

"هيرشار؟!." صرخ صوت من الخلف فالتفتوا إليه، كان رجلا في الأربعينات، عرفه هيرشار..كان السيد بينز! رجل أربعيني أصلع وطويل القامة. وقف مرتديا ملابس منزلية خاصة بالنوم.

قال السيد بينز: "ما الذي يحصل هنا؟."

أخبره الضابط بما حصل وكان السيد بينز يستمع لكنّه كاد يجنّ من الخبر قبل أن يقول بهدوء:

"هذا صحيح، لقد طلبت من هيرشار حماية الجوهرة لي، وكنت قد أحضرت ذلك المثمّن لتقييمها."

نظر إلى هيرشار وقال:

"أليس كذلك؟."

لم يعلم هيرشار ما يجيبه، توقع هذا لكنّه لا يذكره!

أضاف السيد بينز:

"أما الآن، فلا أعلم ماذا أقول..ففي أيام خسرت جوهرتين، زوجتي وهذه الجوهرة..المصائب لا تأتي فرادى حقا!."

تدخّل الضابط:

"إنّهما آخر من رأيا الجوهرة، والكاميرا دليل." وسكت ثم واصل "تفضل معنا أيّها الشاب."

"توقف!!." صرخت آيرين التي صمتت طويلا وقالت:

"هيرشار ليس لصّا!!." ونظرت إلى هيرشار ليتكلم..كان مصعوقا، لا يتذكر، فلم يجبها.

"هيرشار!." هتفت.

دارت الدنيا به، آيرين تصرخ وتناقش الضابط والضابط يصرخ، المرأة تتكلم، وهو صامت، أحسّ أنّه في دوامة تدور به، لم يعد يقاوم، سبح مع التيار، ماذا سيقول لهم وهو لا يذكر؟ نظر أمامه..لا مجال آخر! 

في غفلة..ركض ثم صعد فوق صندوق ثم كقرد، قفز من النافذة.

صرخ الضابط: "أمسكوه!!."

بينما كانت التتابعات الصادمة قد أسقطت آيرين فاقدة للوعي.


الفصل الخامس:

قفز من النافذة "لن أجعلهم يمسكوني..هكذا لن أفهم شيئا. لا! سأخاطر..يجب أن أفهم ماذا يجري هنا!." 

ركض ويداه بجانبه، نظر خلفه فرأى شرطيان يركضان خلفه، فأسرع بأقصى سرعته.

"توقف وإلا أطلقنا عليك." صرخ أحد الشرطيّين.

"لن أتوقف!." قال هيرشار لنفسه وواصل الركض، أطلق أحدهما رصاصة فأصابته بجانبه بشكل خفيف. "تبّا!." دخل زقاقا في أحد الشوارع إلى اليمين، ونظر خلفه، لم يدخلوا بعد، فانعطف في الزقاق إلى اليسار، كان سريعا جدا.

رأى فتاة هناك تهمّ بدخول منزلها كما بدا له، صرخت الفتاة وهي ترى هيرشار يقترب منها راكضا بينما فتحت باب منزلها "ألست أنت؟!!!."، عاجلها هيرشار، وضع يده على فمها وسحبها داخل منزلها وأغلق الباب.

بقي واقفا خلف الباب، يده على فم الفتاة التي صعقت، أرهف السمع وطلب منها الصمت قليلا، سمع خطوات تركض ثم تبتعد، فتنهّد، كان يلهث.

أزال يده عن فم الفتاة المصعوقة وقال:

"أنا آسف جدا، لكنّك قدمت لي خدمة جليلة."

"آه لا بأس، كان هذا رائعا."

"رائع؟." ورفع حاجبا.

"طبعا، أنا احدى المعجبات بك!." وصفقت بيديها ثم أكملت بحماس:

"يدك على فمي، أنت في منزلي، أنت مطارد من أشرار، واو، يا له من يوم عليك يا نيكول!." كانت في مثل سنّه، شعرها بنّي اللون وطويل منسدل خلف ظهرها بينما تمتلك عينين سوداوتين جميلتين. كانت ترتدي كنزة بيضاء على تنورة سوداء قصيرة.

"آ-آه، شكرا!." قالها هيرشار متعجبا، قبل أن يضيف لنفسه:

"ربما غدا عندما يكتب في الجرائد عنّي لن تعودي مستمتعة هكذا!."

قالت نيكول:

"ماذا ستفعل؟."

"لا أعلم، هل أنت وحدك هنا؟."

"لا، أمي في الداخل في غرفتها."

"أريد أن انتظر هنا لبعض الوقت، هل هذا ممكن؟."

"بالتأكيد!." قالتها بحماسة أكبر.

سمعوا طرقا على الباب بعنف فأجفل الاثنان، توتّر هيرشار وتصبّب العرق منه بينما تكرّر الطرق بعنف.

"من؟." صرخت الفتاة.

"شرطة." أجابها الطارق الذي كاد يخلع الباب من قوة طرقه.

"شرطة؟!." تسائلت متعجبة ثم نظرت إلى هيرشار، إلى عينيه، فهمت فقالت:

"أنت مطارد من شرطة؟."

نظر إليها، لم يتكلم ففكّرت للحظات ثم قالت:

"تعال." وسحبته من يده وأدخلته غرفة نوم والدتها التي كانت نائمة وأخذت مفتاحا ثم خرجت إلى غرفتها هي وفتحتها، فتحت صندوقا خشبيا. 

"تمدّد هنا."

"هذا!."

"أسرع."

أطاعها وتمدد فيه فأغلقت الصندوق ثمّ توجّهت إلى الباب حيث الطرق القوي، فتحت الباب وقالت:

"أمي مريضة وأعطيها الدواء المهم لها..ما كل هذا الإزعاج؟."

"نعتذر عن الإزعاج." ثم أخرج أحدهم صورة ورفعها في وجهها وسألها:

"هل رأيت هذا الفتى؟."

"بالطبع!."

"ماذا؟."

"أليس هذا هو الفتى المتحري؟." قالتها بهدوء وبوجه خال من تعابير.

"آ-آه، لكنّه مطلوب لدينا."

"ماذا؟!." واستطاعت جعل وجهها يظهر الدهشة الكبرى.

"نعتذر، نحن نعتقد أنّه دخل إلى أحد المنازل واختبأ، نريد التفتيش إذا سمحت."

"آسفة!."

"ماذا؟."

"والدتي مريضة جدا هذا أولا، وثانيا أنتم يجب أن تحضروا إذن تفتيش."

نظر الشرطيان لبعضهما البعض مليّا، مرت لحظات قبل أن يدفع أحدهما الفتاة بيده فسقطت أرضا ودخل الاثنان.

"ما الذي تفعلانه؟." صرخت في وجههما.

"إذا ساعدت مجرما على الاختباء فأنت شريكة له!." قالها أحدهما بهدوء من دون أن يتأثر بدفعه الفتاة.

"حسنا، فتّشا كما تريدان."

دخلا جميع غرف المنزل، غرفة بغرفة، حركوا الأثاث، فتشوا كل مكان، ثم وصلوا لغرفة الفتاة التي دخلت خلفهم، نظر الاثنان للصندوق الخشبي "سنفتحه." قال الذي دفعها.

"لك ذلك." قالتها بهدوء.

فتحاه وأجفلا "مرآة!!." ثم أغلقاه وتوجها لجهة الباب ولم يعتذرا..غادرا مباشرة.

أقفلت الباب خلفهما وركضت باتجاه هيرشار، فتحت الصندوق وقالت:

"اخرج، لقد رحلا."

نهض هيرشار وخرج ثم قال:

"شكرا جزيلا لك، هذا الصندوق مثل صناديق ألعاب الخفة."

"كما هو متوقع منك..نعم صحيح! المرآة ستخدع."

"كيف يمكنني الخروج من هنا؟."

"هناك باب خلفي للمنزل لكنّني أفضّل أن تنتظر من نصف ساعة إلى ساعة هنا."

"وهو كذلك." سكت قليلا خجلا وقال:

"كيف لي أن أردّ الجميل؟."

"قبّلني!." فأجفل واحمرّ وجهه.

ضحكت ثم قالت: "أمزح، أمزح، أريد توقيعك."

"توقيعي؟ لست ممثلا أو مغنيّا أو كاتبا."

"لا فرق، فأنت أكثر شهرة منهم."

"شكرا لك."

أحضرت دفترها وقالت:

"وقّع لي هنا واكتب لي رسالة باسمي منك."

وقّع هيرشار ثم تسائل "ما نوع الرسالة تقصد؟."

فكّر قليلا وكتب "تحياتي لك، نيكول الجميلة." ثم قال لنفسه:

"جيد أنّ آيرين ليست هنا وإلا لما انتهى الأمر جيّدا."

أخذت الفتاة التوقيع والرسالة وابتسمت ابتسامة عريضة وانتابتها سعادة غامرة بينما تذكّر هيرشار للتوّ ما كان قد نسيه عندما ركض.

آيرين! لقد ركض وتركها هناك..لم يعلم ما حصل لها أو ماذا فكّرت..شرد قليلا قبل أن توقظه نيكول من شروده.

"تفضل." قالتها وهي تمد يدها بكأس من العصير وأتبعتها بقطعة كيك.

"ش-شكرا جزيلا لك." قالها بابتسامة ثم أردف:

"سأكتفي بالعصير."

"كما تريد." وأخذ العصير وشربه سريعا.

نظر إليها ثم قال:

"أعتقد أنّه يجب أن أغادر."

"لا بأس، لا أعتقد أنّهم بقوا في الجوار."

قادته حيث الباب الخلفي وفتحته ببطء، قالت:

"لا أحد هنا، اعتني بنفسك."

"شكرا لك مرة أخرى، وبالسلامة والشفاء لوالدتك."

قالها وهو يخرج، التفت حوله ثم دخل زقاقا وسار مسافة فيه..لم يكن يعلم أين سيذهب أو ماذا سيفعل..مرّت ثلاثون دقيقة ثم فجأة..لامس شيء رجله اليمنى، فأحسّ بحرارة.

نزل ونظر حوله، لا شيء! أمسك قدمه ليلاحظ جرحا صغيرا "كيف؟."

نظر باتجاه يشابه زاوية الجرح فرأى في الجدار رصاصة قد استقرّت.

أخرجها من مكانها ونظر إليها مليّا وفكّر:

"إنّها من نوع مختلف لمسدس ذلك الشرطي، إذن؟."

سكت قليلا "ه-هل أنا مستهدف فعلا؟." 

تذكّر موضوع الطبيب وأثر العراك "من؟ ولماذا؟ لماذا لا أتذكّر شيئا؟."


الفصل السادس:

فكّر بكل ما حصل للآن..شيء عجيب حقا! تذكّر..عليه إجراء مكالمتان..واحدة قد تكون مساعدة له والأخرى ليطمئنّ وليطمئنها.

أمسك هاتفه قبل أن يغيّر رأيه "سأشتري خطا آخر، ربما هكذا أفضل." عاود المشي في الشارع مفكّرا "ماذا لو أنّهم عممّوا باسمي؟ لا بأس، سأتصل من هاتف عمومي. من الجيّد أنّه مازال موجودا." وجد واحدا وطلب رقم آيرين..انتظر عالخط ثم فتح الخط وانتظر ليتأكد من سيتكلم.

"آلو!." لم يكن ليخطىء صوتها..ارتاح لسماعه.

"آ-آه، آيرين." سكت قليلا "هذا أنا."

"هيرشار!." صرخت.

"اششش..أخفضي صوتك، أين أنت؟."

"في المنزل، لاتخف، وأبي نائم..أين أنت؟."

"لا عليك."

"هيرشار! ما الذي فعلته؟."

"تأكدي أنّني لا يمكن أن أرتكب جريمة، أما هربي فهو من أجل الحقيقة، عليّ أن أفهم مهما كانت العواقب."

"لكن.."

"لا تقلقي.." قاطعها "إلى اللقاء..سعيد أنّك بخير."

"آه انتظر." لكن الخط أقفل.

"أحمق! أنا واثقة أنّك بريء طبعا..اعتني بنفسك." قالتها لنفسها.

تنهّد هيرشار ثم ضغط أزرار الهاتف مجدّدا برقم مختلف..انتظر وانتظر لكن لم تكن هناك إجابة.

"لماذا؟!." فكّر.

"ماذا سأفعل الآن؟ آيرين سألتني أين أنت فأين أنا فعلا؟ زقاق في شارع فرعي بين منازل صغيرة."

نظر مفكّرا "للوصول إلى الحقيقة..لن أستطيع أن أكون هكذا. عليّ التنكّر وسأنزل فندقا باسم مستعار ومن ثم سأتحرى."

كان قد رأى متجرا لبيع الملابس فتوجّه إليه واشترى ما يريد بسرعة وفي الزقاق مع قليل من ضوء الشارع لبسهم فأصبح شخصا آخر ثم توجّه لأحد الفنادق الصغيرة..كان يسير ببطء، فكّر مرة أخرى.

"لماذا أنا مستهدف؟ ولماذا أطلق رصاصة أخطأتني تقريبا ولم يعاود بعدها المحاولة؟ كما أنّني لم أسمع صوتا..هل كان يستعمل كاتم صوت؟ من هم؟." أسئلة كثيرة دارت برأسه "ولماذا لا أتذكّر شيئا؟!."

وصل إلى الفندق الذي كان صغيرا..نظر مليّا من زاوية..كانت سيارة شرطة تقف مقابله فأجفل.

خرج شرطيان من الفندق وركبا السيارة وغادرا فتنهّد.

"الحمدلله، هذا يعني أنّ هذا الفندق الخيار الأفضل فلن يعودوا لتفتيشه ربما قبل فترة."

قرّر وتوجّه باتجاه الفندق ودخله وحجز باسم بيتر كريست فقد كان فندقا صغيرا لم يكترث بهوية الزبون..أعطاه الشخص الذي على الاستقبال مفتاح الغرفة رقم 99.

"يا له من رقم مميز." قال لنفسه.

توجّه إلى المصعد وضغط الطابق الثاني..كان فندقا صغيرا بطابقين وغرفه صغيرة فلم يعجب من كون 100 غرفة في طابقين..وصل إلى غرفته ودخلها.

كانت بسرير صغير وحمام صغير ونافذة واحدة..جلس على السرير وحاول التركيز في الأمر.

"ما الذي حصل؟ المرأة القتيلة(السيدة بينز) والاعترافات من ثلاث كان حلما وأصبح حقيقة، أم أنّه كان حقيقة قبل أن يكون حلما؟."

"سرقة الجوهرة أيضا..ولماذا لم يجب على الهاتف."

"الطبيب توماس المفقود والعراك داخل غرفتي في المستشفى." أسئلة كثيرة وقفت بلا إجابات.

بينما حاول التفكير..استسلم للنوم.

في الأسفل عند الاستقبال..جاء شخص طويل وطلب حجز الغرفة رقم 100.


الفصل السابع:

ضربت أشعة الشمس وجهه في الصباح فاستيقظ متكاسلا..دخل الحمام واغتسل ثم لبس ملابس جديدة من كنزة صفراء على بنطال جينز..فتح باب غرفته وخرج في ذات وقت خروج شخص من الغرفة المجاورة له..كان يرتدي معطفا طويلا ويضع نظارات شمسية بينما كان هيرشار يضع القناع والملابس التنكرية..مرّ الرجل بجوار هيرشار واتّجه للمصعد فتسائل هيرشار "من يكون؟."

نزل هيرشار حيث يوجد الفطور..كان جائعا ولم يأكل منذ فترة طويلة..وضع من بوفيه الفندق ما شاء من الطعام وجلس على الطاولة..كان الرجل الذي مرّ منه في الاعلى جالسا على طاولة في الزاوية بعيدا فرآه هيرشار وزاد فضوله.

"هل يعقل أن تتعقبني الشرطة من خلال شخص كهذا؟ يجب أن أتصرف بهدوء ولا أكشف نفسي إذن..وإن دعى الأمر سأغادر من هذا الفندق."

"أما الآن سآكل ثم أبدأ خطواتي من دون أن أجعله يشكّ."

التهم الطعام بشراهة كبيرة "من أين سأبدأ؟." سأل نفسه قبل أن يضيف.

"عليّ أن أعرف لماذا لا أتذكّر شيئا."

غادر الفندق بعدها ونظر بحرص، لم يتبعه ذلك الرجل فتنهّد مرتاحا، وجد هاتفا عموميا فقام بالاتصال على آيرين..انتظر قليلا قبل أن ينفتح الخط. 

 "آلو." قالت

"آه، آيرين..هذا أنا."

"هيرشار.." وقد أخفضت صوتها "كيف حالك؟ ماذا تفعل؟."

"أنا بخير، ماذا عنك؟."

"بخير، لا تقلق علي، اقلق على نفسك أيّها الأحمق!."

"أخبريني آيرين، ما قصة المواسير تلك؟ وكيف أصابتني؟."

"أنا لا أعلم عن الأمر الكثير، لقد اتصل بنا المستشفى وأعلمنا بوجودك من خلال وجود آخر مكالمة منّي لك."

"ماذا؟." قال لنفسه "من أوصلني إلى المستشفى إذن؟." تسائل لنفسه.

"وماذا أخبرك المستشفى؟."

"قالوا بأنّ شخصا قام بايصالك للمستشفى وأخبرهم أنّه عابر سبيل رآك ممددا تحت المواسير مصادفة، وقال أنّ المواسير كانت تغطي ظهرك."

"ماذا؟." قال قبل أن يكمل "وما هيئة ذلك الرجل؟."

"هذا ما أخبر به الفتيات عند الاستقبال ثم خرج سريعا، لا يتذكرن ملامحه فقد قالوا أنّ العديد من الناس يمرّون عليهم."

"لكنهنّ يتذكرن كلامه."

"آه، آسفة."

"إيه، ما الأمر؟."

"لقد كان ذلك الكلام مكتوبا على ورقة وضعها الرجل معك عندهنّ، ثم خرج."

"ماذا؟ ولم كل هذا؟."

"من يعلم!."

"آه، حسنا، شكرا آيرين..اعتني بنفسك."

"آه." لكنّه أقفل الخط 

"ما معنى هذا؟." تسائل ثم فكّر "مواسير فوق ظهري؟ رأسي لم يكن مصابا إلا بجرح بسيط..إذن.."

"لم لا أتذكّر؟ أهي..الصدمة فقط؟."

ثم قرّر الذهاب إلى مسرح الجريمة قبل أن يرى فتى يركض وهو يصيح:

"صحف، صحف، تابع آخر الأخبار، المتحري المغوار يتحول للص محتال..تابع، تابع."

اقترب منه هيرشار وقال:

"أعطني واحدة."

اشترى الجريدة وقرأ العناوين:

في الصفحة الأولى: 

*هيرشار من متحر إلى لص..طالب الجامعة يفرّ من الشرطة بعد أن واجهوه!

*السيدة مينا-المرأة الحارسة للجوهرة- تربط خيوط القضية معا..السيدة بينز قضت نحبها بالقرب من غرفة الجوهرة، هيرشار اللص، أليس هذا دليلا على أنّه القاتل أيضا؟.

*ثلاثة اعترفوا بارتكابهم الجريمة..فهل يكون هيرشار القاتل الحقيقي؟.

أغلق الجريدة وطواها "تبّا!." قال لنفسه لكنّه حصل على بضع معلومات..السيدة بينز ماتت بالقرب من الغرفة فما دلائل هذا؟ تسائل.

قرّر التوجه نحو منزل السيد بينز..ركب تكسي وطلب منه التوجّه هناك وفي الطريق كان رأسه مليئا بالأسئلة..بلا إجابات.

وصل إلى مكان قريب فأيقظه سائق التكسي من شروده بقوله:

"يبدو أنّ شيئا قد حصل هنا..الشرطة هنا."

أجفل هيرشار وأطلّ من النافذة "سيارات شرطة، واسعاف، وفريق طب شرعي..هل يعقل؟." قال لنفسه.

ارتجف قليلا.

"أرجو منك الذهاب إلى فندق اللاند." أخبر السائق

التفّ السائق وعاد باتجاه الفندق وحين وصل هيرشار الفندق أسرع باتجاه غرفته بينما عيني الرجل ذو الغرفة رقم 100 عليه..لم يره هيرشار هذه المرة، بقي في طريقه لغرفته ثم فتح الباب وجلس على السرير وكان يرتعش.


الفصل الثامن:

بقي جالسا لدقائق يرتعس على السرير..لم يعلم بالضبط ما سبب ارتعاشه لكنّه كان يرتعش..تمدّد على سريره فرنّ هاتفه.

تردّد في الإجابة لكن عندما رأى اسم آيرين، هدأ قليلا وفتح الخط.

"آ-آلو." قال

"هيرشار!." صرخت "مصيبة."

"أوي آيرين ما الذي حصل؟ وأخفضي صوتك فلا أريد أن يعلم أحد أنّك تحدّثيني."

"لا تقلق..لقد ابتعدت قليلا عن البقية." سكتت ثم قالت:

"ال-السيد بينز.."

"ما به؟."

"لقد وجد مقتولا برصاصة اليوم."

"ماذا؟!."

"ليس هذا فحسب.." وسكتت فانتظر هيرشار ما نبّأ به صوتها بمصيبة أخرى فقالت:

"و..و-الم-المسدس عليه..بصمتك أنت فقط!."

"ماذا؟!!." صرخ قبل أن يستوعب أنّه في الفندق ولا يريد لأحد أن يعرف فأخفض صوته "ك-كيف؟."

"وما أدراني أنا." قالت برعب.

حاول تهدئة نفسه بينما قالت آيرين:

"هيرشار..أنت؟."

"أوي! لا تقولي أنّك تصدقين هذا..هناك من يعبث بي هنا!." سكت وأضاف لنفسه "بحرفيّة وبطريقة أغرقتني تماما وأنا لا أعلم!!."

"هيرشار؟."

"آه، نعم؟."

"ماذا ستفعل؟."

"لا-لا أعلم." ثم قال بهدوء:

"لا تقلقي، سأعود عما قريب والقاتل والمسؤول عن كل هذا في السجن." وأقفل الخط.

زاد ارتجافه "كيف؟!."

تمدّد على السرير..كان يرتجف فأمسك اللحاف وتغطى به.

"أتمنّى لو يكون حلما وأستيقظ منه."


الفصل التاسع:

نهض هيرشار..جلس على السرير فقد كان قد هدأ قليلا "هناك من يعبث بك هنا لذلك عليك أن تكون هادئا لتعرفه وتكشف كل شيء." حدّث نفسه.

أمسك هاتفه "لن أخرج من الفندق..سأحل القضية من هنا.." واتصل على صديقه..مايكل!

انتظر قليلا "لماذا لا تجيب أنت الآخر؟!."

انفتح الخط.

"آلو، مايكل؟!." قالها وقد جعل صوته أجشا تحسّبا

"هيرشار..أعرف صوتك من بين ملايين الأصوات." قالها متثاقلا.

كان مايكل في عمر هيرشار، انجليزي الأصل، ضخم البنية، بنّي الشعر، وسيم الملامح، بعينان سوداوتان وطوله 180 سم.

"هذا جيد! ماذا تفعل؟."

"أمارس لعبة الكبار."

"إيه! ماذا تقصد؟."

"ألم أخبرك أنّها للكبار..أنا مع فتاة على سرير فهل ارتحت؟."

"آ-آه." قالها هيرشار وهو مصعوق وقد احمرّ وجهه ثم أكمل:

"ألن تكفّ عن هذا؟."

"أنت هيرشار تؤمن بأنّه يجب أن يكون في إطار الزواج ومع واحدة، أنا لست مثلك."

"بغضّ النظر..هذه رقم كم؟."

"ال 119."

"تبّا لك!." قالها هيرشار وقد استغرق في الحديث فنسي ما أراده.

"كما أنّني.." قال مايكل "أفعل شيئا أفضل من أن أكون مجرما!." قالها بصوت خبيث.

"آه، إذن قد قرأت الصحف..لا بأس، أصبحت قاتلا الآن." وضحك.

"لقد قالت تلك المرأة ذاك أيضا."

"لا، هذه جريمة قتل أخرى."

همهم مايكل ثم قال بجديّة:

"هيرشار..أنت أنقذت حياتي تماما مرة وأنت كما يبدو في ورطة..كيف أساعدك؟."

"لذلك اتصلت بك..أريد منك خدمة."

"قل يا رجل بسرعة!."

"اسمع، تعال إلى فندق اللاند..الغرفة رقم 99..تأكد من أنّ لا أحد يتبعك وراقب الوضع."

"علم يا صاح!."

وأقفل هيرشار الخط..كتب مايكل العنوان على ورقة حسب وصف هيرشار ووضعها في ملابسه.

قالت المرأة التي مع مايكل "هل ستتركني الآن؟."

"نعم سأفعل."

"هل أنت أحمق؟."

"لا، لكنّ صديقا لي يحتاجني."

"لن أسمح لك بالذهاب الآن..هل أنت أحمق؟."

فقال وهو يقرّب وجهه منها:

"بين من أنقذ حياتي وساقطة..لا مقارنة!."

وقفز ودخل الحمام يغتسل بينما نهضت الفتاة، أخرجت الورقة من ملابس مايكل ورفعت هي السماعة وضغطت أرقاما:

"آلو.." بصوت منخفض "قسم الشرطة؟ هيرشار الذي تبحثون عنه أعرف أين هو..في فندق اللاند، الغرفة رقم 99." وأقفلت الخط.

ابتسمت بخبث "آسفة أيّها الفتى المتحري."


الفصل العاشر:

كان هيرشار جالسا ينتظر مايكل في غرفته..اقتربت سيارات الشرطة من الفندق بهدوء، لم تكن أصوات صفاراتها تعمل عن عمد..دخل قسم منهم الفندق وتوجّهوا نحو قسم الاستقبال فأجفلت الفتاة التي كانت هناك مع الرجل الذي بجانبها.

قال الضابط: "هل هذا الفتى هنا؟." ورفع صورة لهيرشار.

نظر كليهما لها ثم هزّا رأسيهما نفيا.

همهم الضابط ثم فكّر..قد يكون باسم مستعار ومتنكّر "أريد تفتيش الغرف."

"آه، لكن.." قال الرجل متلعثما.

ركض رجل باتجاه الضابط من داخل الفندق ووقف أمامه.

قال الضابط: "من أنت؟."

"إنّني نزيل هنا..كنت أقف منذ قليل ورأيت الصورة في يدك..هذا الفتى كان هنا في هذا الفندق لكنّه خرج منذ قليل."

"ماذا؟!."

"لقد خرج من الباب الخلفي."

"تبّا له!." وصرخ بالضباط ليركضوا ويعثروا عليه و لحق بهم هو الآخر.

عاد الرجل بهدوء داخل الفندق..كان نزيل الغرفة رقم 100.

نظر هيرشار من النافذة ورأى سيارات الشرطة تغادر والشرطة يركضون.

"ما-ما الأمر؟!." وعادت له الرعشة من جديد


************


ركب مايكل سيارة تكسي..أعطاه العنوان ثم أرجع رأسه للخلف وأغمض عينيه..تذكّر مجددا ما حصل قبل سنتين في لندن.

كان حريقا قد شبّ في المنزل..حريق هائل..كان مايكل وقتها ثملا، كان قد شرب الكثير..وضع الزجاجة على الطاولة بجوار شمعة.

كانت الشمعة مشتعلة..سار هو وهو لا يدرك ونام على الأريكة..كانت النافذة مفتوحة فدخلت ريح قوية أوقعت الزجاجة على الأرض فكسرتها. كانت الزجاجة رقم 5 التي يشربها فكانت شبه ممتلئة وهو لم يستيقظ من الصوت.

لم تطفىء الريح شعلة الشمعة، فقط أسقطتها فضربت الشعلة الفودكا، حيث المشروب الذي يحتوي على نسبة عالية جدا من الكحول..أشعلت الشعلة الحريق ثم أتت على الفودكا فازاد اشتعالا.

أحسّ بدفء لكنّه لم يستيقظ بينما انتشر النار في المكان. لم يستيقظ لكنّ شخص ما مرّ خارجا بالصدفة ورأى الوضع غريبا في الداخل..إنارة ليست كضوء ودخان فأدرك الأمر واتّصل بالإطفاء.

انتظر ثم خاف أن يكون أحد في الداخل فتوجّه راكضا وعبّأ سطلا كبيرا بالماء ورشّه على نفسه ودخل من النافذة بعدما كسرها.

رآه في الداخل على الأريكة. كان مايكل! حمله وأخرجه من المنزل..وتأكد أنّه لوحده..كان هذا هيرشار!. كان هذا ما يعتقده مايكل قبل أن تظهر حقيقة أخرى كما برز في رواية أوراق الماضي وقضايا أخرى.

استيقظ مايكل من شروده "وتقارن نفسها به!." حدّث نفسه.


الفصل الحادي عشر:

كان سام والمفتش مارك والضابط توم وآيرين جالسين في غرفة مكتب المفتش سام في منزله ويتناقشون.

"لا أصدق ما يحصل!." قال مارك

"فعلا أمر لا يصدق من صعلوك التحريات." قال سام

"المسدس حمل بصمته تماما..كمن أطلق النار منه." قال توم.

بينما كانت آيرين تستمع وهي مطرقة الرأس.

"وأيضا..لقد كان آخر من رأى الجوهرة، مكان الجثة للسيدة بينز كان قريبا من هناك..الربط قد يبدو منطقيا..لكن لا يمكنني تصديق أنّ هيرشار قد يفعلها." قال مارك

"عليه أن يظهر إن أراد منّا أن لا نصدق." قال سام ثم أكمل:

"اختفاؤه إدانة له وكاعتراف..الصحافة لم تترك الأمر، وزاد الطين بلّة بجريمة السيد بينز."

"معك حق." قال مارك.


**********


وصل مايكل لفندق اللاند..نظر بحرص وصعد للغرفة رقم 99..طرق الباب وانتظر ثم فتح هيرشار "ادخل بسرعة."

دخل مايكل وأقفل هيرشار الباب.

"والآن..ما الأمر يا صاح؟ اشرح لي."

"حسنا، اجلس."

وبدأ هيرشار يقصّ عليه كل ما حصل.

قال مايكل بعد ان انتهى هيرشار.

"يا له من وغد تلاعب بك..وكيف لا تتذكر شيئا؟."

"لا أعلم..ربما لو كنت أعلم هذا لانتهى الأمر."

"هل يعقل أنّك ارتكبت هذه الجرائم وأنت لا تعلم؟." ونظر لهيرشار مليّا وقال:

"هل تمشي وأنت نائم؟ هل أضحيت جيكل وهايد؟."

نظر إليه هيرشار مدهوشا وصرخ:

"لا وقت للمزاح!."

"وماذا تريد منّي أن أفعل؟."

"أريدك أن تتحرى عن أمور معينة وتأتيني بالأخبار..لن أتحرك من هنا إلا إذا قضت الضرورة."

"مثل ماذا؟."

"لقد سقطت المواسير علي، اذهب إلى هناك وتأكد هل هو حادث أم متعمّد..الطبيب توماس هل عاد أم ماذا؟ ما قصة مقتل السيدة بينز ومن اعترف وكيف..ما قصة مقتل السيد بينز..الجوهرة من كان يعلم بوجودها..ما وضعها الكامل وهكذا."

"علم!."

"سأنتظرك هنا."

"حسنا..سأوافيك بالأخبار مباشرة."

"آه، أشكرك."

"لا تشكرني..أنا من يجب عليه ذلك." قالها وهو يغادر السرير باتجاه الباب..فتحه وغادر.

"مايكل مناسب جدا..سأنتظر هنا ولنرى ماذا سيحصل."


**********************


توجّه مايكل باتجاه منزل السيد بينز وعندما وصل لفت انتباهه المخزن..نظر، كان مكانا يبدو جليّا أنّ أشياء كانت هنا..كانت بعض الآثار أسطوانية "المواسير؟." ثم رأى حبل التثبيت فأمسكه ونظر إليه..كان مقطوعا بأداة حادة.

"هناك من كاد يودي بحياتك عامدا هيرشار." قالها لنفسه.

رأى الغرفة التي حدّثه هيرشار عنها وعن الجوهرة التي كانت فيها..طرق الباب "من؟." أتاه صوت مرأة من الداخل..لم يجب..فتحت الباب ونظرت إليه وتفحصته.

كانت امرأة جميلة، شعرها بني مربوط وعيناها بنيّتان.

"من أنت؟."

"متحري."

"ماذا؟."

"جئت لأحصل على معلومات..هل تستطيعين مساعدتي؟."

"لا، لم أعد أثق بكم بعد ذاك الأبله."

"آه لكن.." واقترب منها، وضع يده على ذقنها والأخرى لفّ بها خصرها..قاومت في البداية. 

"في الواقع منذ أن رأيتك خفق قلبي بقوة لذلك أرغب في القول أنّك من أجمل النساء اللواتي مررن عليّ. هل نتناول العشاء سويّة؟." أجفلت المرأة واحمرّ وجهها فقالت له:

"سأخبرك..ادخل."

ابتسم لها ودخل..أجلسته على كرسي هزّاز وجلست أمامه..كانت ما تزال مأخوذة. نظر إليها..كان ذكيا، وخبيرا بالنساء، لكنّه لا يقاوم الجميلات..كاد يكمل معها محاولا الاقتراب ومستغلا أنّه أخذها بالكلام المعسول لكنّه أجفل. تذكّر ورطة هيرشار فتنحنح. 

"لا وقت أضيّعه." قال لنفسه.

سألها:

"أريد أن أعرف كل شيء عن السيد والسيدة بينز وما حصل وعن الجوهرة."

"حسنا.." سكتت قليلا "في ذلك اليوم جاء هيرشار ذاك اللعين ومعه شخص آخر إلى هنا..لقد دخلا إلى هنا وأرادا رؤية الجوهرة. السيدة أوصلتهم هنا وطلبت مني أن أريهم بينما غادرت هي إلى المنزل، المنزل متصل مع مبنى الشركة..وبعد قليل غادر ذاك اللعين وقال أنّه سيذهب إلى الحمام فأخبرته عن مكانه..مرّت دقائق، حوالي ربع ساعة ربما أو أكثر وعندها.."

"سمعت صرخة فركضت باتجاهها ولم يتبعني الذي جاء مع الفتى..وعندما وصلت كانت السيدة في جزء المكان الخاص بالشركة وأقرب لمكان الجوهرة داخل غرفة ميّتة.." وسكتت مخفضة رأسها.

"كيف كانت ميّتة؟ هل لديك صورة؟ وبناء على هذا لماذا قلت أنّ هيرشار الأقرب لقتلها؟ آه صحيح وماذا عن الثلاثة الذين اعترفوا؟."

"هذه هي الصورة من فريق الطب الشرعي، أخذتها مصادفة..أما بالنسبة لذلك فلماذا أخذ منه ذهابه للحمام ما يتعدى الربع الساعة؟."

"آه، والثلاثة؟."

"لقد جاءت الشرطة والإسعاف بطلب من الفتى..لم يكن الضابط نفسه الذي حاول اعتقال الفتى لاحقا وعندها هجم ثلاثة على الشرطي واعترفوا بقتلها."

"وهيرشار سمع هذا؟."

"أعتقد ذلك..لكنّه غادر الغرفة بعدها بقليل."

"وما اعترافات الثلاثة؟."

"كلّهم اعترفوا أنّهم قاموا بضربها على رأسها واحدا تلو الآخر، كانوا السكرتيرة، مدير مكتبها كنائبة للمدير السيد بينز ومدير مكتب السيد بينز."

سكتت قليلا ثم قالت:

"لكنّني أرى الأمر هكذا..قتلها ثم انتظر سماع الشرطة..بعدها غادر كما قلت من قبل وذهب إلى صديقه الذي تركه. هربا معا ومع الجوهرة ثم ادّعى سقوط المواسير وأنّه لا يتذكّر."

"ولماذا يقتلها؟ ولم يعود إلى هنا بعدها؟."

"لا أعلم لماذا يقتلها، اسأله..لم يعود؟ وثوق المجرم بعدم اكتشافه وغروره."

"منطق!." قالها مايكل ساخرا.

"أخبريني عن الجوهرة."

"إنّها رائعة! لقد اشتراها السيد المرحوم في احدى رحلاته."

"هل من أوراق؟."

"نعم." ذهبت وفتحت درجا وأخرجت منه رزمة أوراق "ها هي."

نظر إليها مايكل مليّا صفحة بصفحة وهزّ رأسه وأعادهم إليها..قال:

"وماذا عن مقتل السيد بينز؟ ماذا كان يفعل؟."

"لا أعلم حقيقة، لقد سألني رجال الشرطة عن الأمر..كان في غرفته حينها، ولا أذكر لا أنا ولا الآخرين عن مواعيد له مع أشخاص في ذلك اليوم." 

اقترب منها فأجفلت، قرّب فمه من فمها، بينما كان وجهه على بعد سنتمترات منها فاحمرّ وجهها مجفلة وهي ترى شفتيه تقتربان من شفتيها. وفي غفلة كانت كاميرا هاتفه تلتقط صورة للأوراق حيث الصفحة الأهم.

أنهى القبلة مايكل ثم شكرها وغادر بينما كانت كما يقال في خمرة القبلة.

"في تلك الأوراق شيء ما سيثير حماس هيرشار." حدّث نفسه.

توجّه نحو المستشفى حيث كان هيرشار وسأل قسم الاستقبال عن الطبيب توماس فأخبروه بأنّه لم يعد بعد وأنّه مفقود تماما.

لاحظ وجود كاميرا ففكّر ثم دخل لغرفة الاعدادات..كانت امرأة في العشرينيات هناك.

"لو سمحت..كيف تدخل إلى هنا؟."

ونهضت لكنّه عاجلها بمنديل مشبع بالمخدر وضع على فمها باليد اليمنى فاستسلمت ونامت..كان حينها قد لثّم نفسه فلم يكن من الممكن أن تذكر شكله..ذهب إلى الكاميرا وأخرج الأشرطة وبتاريخ كل واحدة ثم خرج مسرعا وذهب إلى محل فنسخ الأشرطة ثم عاد إلى المستشفى..كان كل اتجاهات سيره خارج حدود الكاميرا.

عندما دخل الغرفة كانت ما تزال نائمة فقال:

"لقد أعدت الأمانات يا حلوة ولو كنت لست مشغولا لاستمتعنا قليلا."

وغادر المكان ثم عاد إلى هيرشار في الفندق.


الفصل الثاني عشر:

طرق باب غرفة هيرشار ففتح هيرشار الباب ببطء ليدخل مايكل سريعا بينما رأى هيرشار معه كيسا.

"ما هذا؟ وماذا فعلت؟."

"لديك آلة تشغيل أشرطة هنا..جميل."

نظر إليه هيرشار.

"أشرطة؟."

"آه، لقد أخذتها من المستشفى، نسختها وأعدت الأصلية إلى مكانها وأتيت."

"وكيف فعلت كل هذا؟." قالها هيرشار ونظرة تعجب عليه.

"هل يجب أن تعرف؟."

"لا تقل لي أنّك.."

"لا تقلق. فتاة كانت تعمل طويلا، أليس مكافأة لها النوم؟." وغمز هيرشار

"أوي أوي."

"لا تقلق، قد لا يكون هناك شيء مهم في الأشرطة لكن فلنتابعها معا."

"وماذا أيضا؟."

"أمسك هاتفي، افتح على صور الكاميرا وانظر لأحدث صورة."

"إيه؟." لكنّه فعل..دخل إلى الصور ونظر إلى أحدثها صورة وقال:

"ما هذا؟."

"أوراق خاصة بالجوهرة."

"ماذا؟ إذن هذا الذي هنا.."

"آه، مثير للاهتمام أليس كذلك؟."

"آ-آه."

"اجلس وسأقصّ عليك التفاصيل ريثما نتابع الأشرطة."

استمع له هيرشار بهدوء ثم قال:

"اللعنة! كيف لا أذكر هذا؟."

"هل من شيء قد لاحظته؟."

"ربما هذه التفاصيل والأوراق ذكّرتني بشيء لكن.."

"ماذا؟."

"لا عليك..يجب أن أتأكّد أولا."

"الأوراق هذه مع القتل..كيف هذا؟ هل أخطأنا؟." سأل مايكل.

"ربما لا."

"ماذا؟."

"لا بأس، اسمع..أريد تفاصيل أكثر حول مقتل السيدة والسيد بينز ومن يعلم عن الجوهرة."

"علم..سيكون هذا سهلا."

"ماذا تقصد؟."

"لا عليك." وابتسم وهو يتذكّر تلك المرأة وسيطرة مايكل عليها. هو يفكّر فيها أيضا.

غادر مايكل فرفع هيرشار السماعة وطلب رقما.

"آلو..أريد أن أستفسر عن أمر."


*********************


عاد مايكل إلى السيدة مينا وطرق الباب ففتحته.

"أهذا أنت مجددا؟." ثم قالت وقد احمرّ وجهها وأظهرت أنّها غاضبة.

"لا تكرّر ه-هذا.."

لكنّه عاجلها بقبلة سريعة..فوقفت مذهولة.

"سأدعوك على العشاء..ما رأيك؟."

"آ-آه، موافقة." وذهبت لتجهّز نفسها فقال مايكل:

"هيرشار أذكى منّي لكن تنقصه هذه الموهبة." وقهقه بينما وضع سيجارا في فمه.

ركب هو ومينا سيارة التاكسي..أوصلهما لمطعم فاخر..جلسا على طاولة، كانت مينا في الثلاثين وهو في العشرين لكنّه بارع..أكلا معا وتحدثا في عدة مواضيع، مرت ساعة ونصف..ثم بادر:

"أريد تفاصيل أكثر."

"آه عما حصل؟ دعك من الأمر، فنحن مستمتعان."

"سنكمل استمتاعنا لاحقا."

"حسنا.." سكتت ثم قالت "ماذا تريد أكثر؟."

نظر إليها..وكأنّ ماء باردا صبّ عليه استأذن بالذهاب إلى الحمام وطلب هيرشار.

"أوي يا صاح..ماذا تريد أكثر؟."

"وضع السيدة بينز..هل من أمراض؟ أحقاد؟ الجوهرة من يعلم عن أمرها من الموظفين. ما بك؟ هل فقدت الذاكرة؟."

"لا، لست مثلك."

"تبّا لك! انظر من يتكلم!." ثم قال:

"أسرع!."

عاد مايكل وسألها كما طلب هيرشار.

"أمراض؟ ممم آه، لقد كانت تعاني من الصرع وتحتاج لأدوية له."

"حقا؟."

"نعم، وتذكّرت أنّه قد حصلت لها نوبة صرع في اليوم الذي اتى فيه ذاك الفتى وقبل مجيئه، وعندها أخرجت حبة دواء وشربتها."

"فهمت، والجوهرة؟ من يعلم بأمرها من الموظفين؟."

"لماذا هذا السؤال؟."

"آه، للاحتياط."

"مدير مكتب السيد بينز يعلم بها وعدد آخر من الموظفين."

"هل تعرضت الجوهرة لمحاولة سرقة من قبل؟."

"آه، نعم حصل هذا."

غادر هو وهي المطعم فاتصل بهيرشار بعد أن تركها قليلا من هاتف عمومي:

"سأبعث لك بالتفاصيل كاملة في رسالة..لن آتيك."

"ولماذا؟!."

"لدي سهرة حميمية اليوم."

"تبّا لك!."

عاد مايكل بمينا إلى منزله وفي التاكسي بعث لهيرشار بكل التفاصيل مع الصورة.

في الفندق، قرأ هيرشار التفاصيل ففكّر لدقائق وبعد قليل ومضت في عقله فكرة.

"هل يعقل؟! هذا يفسّر الكثير."

أمسك بالهاتف، رفع السماعة وضغط أرقاما.

"آلو..أريد أن أسأل عن.." ثم أغلق الخط بابتسامة وضغط أرقاما أخرى.

"آلو..ضابط توم؟."

"أريد منك التأكد من أمر ما لي."

أغلق الخط وانتظر في الغرفة..مرّت نصف ساعة قبل أن يرنّ الهاتف.

"آه، نعم، شكرا لك." وأغلق الخط.

 "هكذا كان الأمر إذن!!." هتف ثم أراد النهوض من سريره وحينها رنّ هاتفه الخلوي "آيرين؟." ففتح الخط.

"هيرشار..لقد طال الأمر فماذا حصل معك؟."

"لا تقلقي، اقتربت النهاية."

"حقا؟." صرخت وهي تبتسم.

"آه، قريبا." وأغلق الخط.


*************************


كانت آيرين واقفة بعد أن أقفلت الخط مع هيرشار في أحد الأزقة حيث كانت قد اشترت بعض الحاجيات..كانت سعيدة.

وفجأة، باغتها منديل على فمها ويد تمسكها بقوة فقاومت مجفلة لكنّها فقدت وعيها وأظلم كل شيء بالنسبة لها.


الفصل الثالث عشر:

خرج هيرشار من الغرفة ولم ينتبه للرجل الذي وقف في الممر الجانبي مخف نفسه..سار وركب المصعد وغادر الفندق..ركب سيّارة أجرة وتوجّه نحو شركة بينز.

كان قد بعث رسالة لمايكل وطلب منه المجيء أيضا.

وصل إلى الشركة فرأى مايكل ينتظره.

"ألم يكن بالإمكان تأجيل الأمر للغد؟ كنت على وشك الاستمتاع." قال مايكل منزعجا فنظر هيرشار شزرا نحوه.

"علينا إغلاق القضية. متعتك لاحقا." ثم نظر نحو المبنى وهدّأ نفسه ثم تقدّم هو ومايكل..كانت الساعة العاشرة مساء مع ذلك فهناك موظفين..ألقى نظرة على الحارس الذي كان يغط في نوم عميق.

دلفا للداخل ورأيا مصعدا أمامهما وعلى اليمين لافتة وضع عليها أسماء الموظفين وأماكن مكاتبهم..توجها للمصعد وضغط هيرشار زر طابق.

وقف المصعد في الطابق..ألقيا نظرة..كان هناك أصوات موظفين، بدت أصوات أفراد قليلين.

"سأتكفل ببعض التفاصيل وأنت اذهب إلى ضالتك." قال مايكل.

"حسنا." 

ذهب مايكل باتجاه المكتب الذي برز فيه صوت انثوي..كانت السكرتيرة.

دخل من الباب فالتفتت له وكادت تصرخ لكنّه عاجلها بيده "اششش، لا تصرخي يا حلوتي." 

ارتعبت بينما أخرج مايكل منديلا ووضعه على فمها..قاومت لكنّه كان أقوى فنامت بينما ابتسم مايكل.

"ما بال الفتيات أصبحن كلهن جميلات؟." قال ساخرا

"اللعنة! على هذا المعدّل سأكون في مشكلة."

في الجانب الآخر..توجّه هيرشار بالاتجاه الذي أراده.

دخل من مدخل باتجاه ما يريد وكان الرجل جالسا خلف المكتب وينظر إلى شاشة الحاسوب أمامه..كان ضخما بشعر أسود، وعينان سودتاوان حادّتان.

كان يبتسم.

"يحق لك الابتسام طبعا..مستر غرين."

أجفل الرجل، حاول معرفة من أين يأتي الصوت فتقدم هيرشار للداخل.

"مرحبا مستر غرين..مدير مكتب السيد بينز."

"من-من أنت؟."

"هيرشار." وأزال اللثام والقناع وهو يتكلم ثم أضاف:

"هل نسيتني؟."

"أيّها المجرم ماذا تفعل هنا؟."

"أوه، أعتقد أنّها يجب أن تكون جملتي أنا."

"ماذا؟."

"هل أخطأت؟."

"هل تعني أنّني القاتل الحقيقي؟." 

"بالضبط!."

قهقه غرين عاليا ثم قال:

"هناك ثلاثة اعترفوا بقتل السيدة، والذي قتل السيد بينز كان أنت بشهادة الشرطة والمسدس..كذلك أنت من سرق الجوهرة."

"هذا صحيح..من وجهة نظر البعض فقط."

"ماذا؟."

لم يجبه هيرشار فقال غرين:

"ماذا تعني؟."

"لقد اعتقد الثلاثة أنّهم قتلوا السيدة بينز لكنّهم لم يقتلوها فعلا." سكت قليلا وواصل "لقد ضرب الثلاثة السيدة بينز بمزهرية على رأسها، واحدا بعد الآخر كما يبدو لكنّ رأسها كان حديديا ولم تمت من هذا."

"ولماذا تقول هذا؟."

"الصورة."

"الصورة؟!."

"آه، إذا ماتت الضحية من هكذا ضربة فاليد اما ستكون على الرأس أو على الأرض لكنّها كانت على قلبها وهذا يعني أنّها..تسمّمت!."

"ماذا؟ هل أنت هنا لتقول لي هذا الهراء؟ وهذا الهراء الآخر بأنّني من قتلها؟."

"أنا لا أقول هراء..لقد كانت السيدة بينز تعاني من نوبات صرع وكانت تأخذ أدوية خاصة بالأمر. لقد أكّدت السيدة مينا على هذا وقالت أنّ السيدة بينز قد انتابتها نوبة صرع في اليوم الذي جئت فيه وقد شربت الدواء فهدأت." وسكت هيرشار.

"لا أفهم..وما المشكلة؟."

"لا مشكلة في الأمر إلى حد الآن لكن..لقد قال الضابط الذي سألته أنّ علبة الدواء خاصتها وكانت معلّقة بحبل إلى رقبتها كانت فارغة عندما عثروا على الجثة..بمعنى ومع الربط مع كلام السيدة مينا وأنّ لا أحد آخر قال شيئا آخر..فإنّ الحبة التي شربتها أمام السيدة مينا كانت الأخيرة.."سكت قليلا ثم قال: "من دوائها!."

"ماذا تعني؟."

"لقد طلبت من الضابط فحص معدة الضحية..لقد وجد مادة البنزوديازيبين فيها." وسكت بينما راقب تعابير وجه الرجل.

"إنّها توصف لحالات شبيهة بالصرع لكنّ خطورتها تكمن في أنّها لو أخذت مع أدوية أخرى للجهاز العصبي فإنّها تكون خطيرة جدا."

سكت قليلا مجددا، نظر إلى الرجل أمامه وقال مكملا:

"لقد ماتت لهذا السبب وقاتلها هو..السيد بينز!."

"ماذا؟!."

"هو الشخص الوحيد القادر على الاقتراب من أدويتها..ربما وضع لها حبة من تلك المادة في العلبة أثناء ذهابها للحمام فقد تأكدت أنّها فعلت هذا بعد حالة الصرع..وبعد جميع المحاولات للقتل كانت متوترة فربما تعمّد توتيرها أكثر فاضطرها لشرب الحبة التي اعتقدت أنّه دواؤها فقتلتها."

"لقد تأكدت من طبيبها..لم يكن البنزوديازيبين وصفته لها وبالتالي كان خطيرا عليها لشربها دواء آخر."

"ولماذا تأت لإخباري هذا الكلام؟."

"لأنّه في نفس اليوم ومن ثمّ لاحقا كان لك دور آخر."

"ماذا؟."

"في نفس اليوم كنت قد استدعيت مع متحرّ آخر لحماية الجوهرة التي كانت قد تعرضت لمحاولة سرقة من قبل ومن أفشل المحاولة كان..السيدة بينز."

نظر إلى غرين الذي أخفض رأسه فقال هيرشار مكملا:

"أعتقد أنّها عرفت كل شيء وقتها."

"عرفت كل شيء؟."

"آه، أوراق الجوهرة، عملية السرقة، حالة الشركة قبلها.." سكت قليلا وابتسم "لقد كانت الجوهرة مؤمّن عليها بعشرة ملايين وحال الشركة سيء والسرقة الأولى ثم الثانية كانت بتدبير من السيد بينز وأنت وأناس آخرين عاونتموه!."

لم يتكلم غرين..بدأ يتصبب عرقا فقال هيرشار:

"أعتقد أنّ السيدة بينز اكتشفت وجه أحدكم في السرقة الأولى فربما أخبرت زوجها فأراد قتلها لإسكاتها من الذهاب إلى الشرطة..كنت أعرف المرحومة، كانت شخصيتها قوية ولن تسكت..اتصلت بي وطلبت مني حماية الجوهرة فربما اعتقدت أنّ هذا أفضل..أنتم كنتم تريدون جعل السرقة مع يوم الجريمة أو فقط السيد بينز أرادها، لا أعلم إن كنت تعلم أنت فهكذا سيضمن أنّ لديه دليل براءة إن شكّ أحدهم بالأمر." سكت قليلا ثم أردف:

"لقد غادرت أنا بعد قليل من قدوم الشرطة..ولقد باغتم الشرطة التي انشغلت بالجثة فسرقتموها."

"وكيف هذا؟."

"عن طريق المتحري الآخر." قالها هيرشار بعينين تلمعان.

"ماذا؟ هل تعني؟."

"لا، إنّني أعرف المتحر الذي أتى ولا يمكنه فعلها، أتصور أنّه في طريقه للمنزل - فقد أتينا منفصلين – اختطفتموه وتنكّرتم بهيئته."

سكت قليلا مجددا ثم قال:

"أنا لا أذكر ما حصل وقتها وكيف غادرت ولماذا لكنّني أعتقد أنّه اتصل بي فجعلني آتي لذلك الاتجاه ومن ثم أسقط المواسير الحديديّة علي."

تنهد غرين قائلا:

"رائع!." ثم أكمل:

"لا عجب أنّ السيد بينز خاف من مجيئك لكنّه تدبر الأمر بعدها."

"بالبنزوديازيبين..أليس كذلك؟."

"ماذا؟."

"لقد شربت كأس عصير وقتها قدّمته لي السيدة بينز وأراهن أنّه وضع فيه تلك المادة فمن أعراضها أنّها تمحو الذاكرة القصيرة لذلك لم أتذكّر شيئا!."

"رائع! هذا صحيح..لقد أخبرني السيد بينز عن الأمر."

"ولماذا قتلته؟."

"ماذا؟ ما تفسيرك لبصمتك إذن؟." قال غرين مراوغا.

"سهلة."

"كيف؟."

"الرجل الذي تنكّر بهئية المتحري أراد التأكد من موتي فدخل المستشفى وتنكّر بهيئة الطبيب توماس..كان ذلك بعد أن عالجني الطبيب..ثم أثناء نومي وضع المسدس في يدي بهئية الإطلاق ومع كاتم الصوت لن أستيقظ."

"لقد أطلق فعلا فهكذا كانت بصمتي..لقد تحققت لاحقا من وجود فتحة في الجدار تتسع لرصاصة، وبالطبع كان يرتدي قفازات."

"هذا صحيح..ومن ثم كاد يقتلك لولا أنّ شبحا قد أنقذك."

"شبح؟." قالها هيرشار متعجبا.

"آه، لقد قال أنّ شخصا هجم عليه حينها فتعاركا لكنّه استطاع الفرار."

"تلك الآثار عن العراك.." قالها هيرشار لنفسه "لكن من؟."

ثم قال:

"لماذا قتلته؟."

"الطمع!." وصمت قليلا "لقد حصّلنا أموال التأمين فأراد أن يعطيني حصة بسيطة فقتلته بالمسدس الذي كان بيتر قد وضعه في يدك."

ثم فتح درجا "والآن.." وأخرج مسدس ورفعه في وجه هيرشار فدخل مايكل بمسدس أيضا في الوقت نفسه:

"واحد بواحد." قال مايكل

"أنت واهم يا صديقي." قالها غرين بابتسامة عريضة.

ثم لفّ شاشة الكمبيوتر "انظرا."

أمعن هيرشار النظر في الشاشة..كان حوضا مغلقا في داخله شخص..فتح هيرشار عينيه وصرخ:

"آيرين!!!!."


الفصل الرابع عشر:

تصبّب هيرشار عرقا..أوما غرين وقال:

"ألقي سلاحك وأعطني إياه يا صديقي." وسكت ثم قال:

"وما رأيك أن تذهب حيث حبيبتك!."

تردد مايكل ثم رمى بالمسدس إليه.

"والآن..اتبعاني."

ضغط زرّا من على الطاولة فانفتح باب في الخلف فأشار إليهما ليمشيا أمامه..دخل الثلاثة ممرّا وساروا فيه..مضت خمس دقائق حتى وصلوا إلى ساحة دائرية كبيرة كان في منتصفها ذلك الحوض المغلق الذي يشبه التابوت والموصول بأنابيب بلاستيكية..كانت آيرين في داخله والمياه غمرتها كاملة.

فزع هيرشار..ركض باتجاهها وحاول الضرب عليه لكن لم يفلح في كسره...تركه غرين قليلا بينما قال:

"لا يكسر بسهولة حتى بأدوات يا صديقي."

نظر إليه هيرشار غاضبا..كان يحمل مسدسين بكلتا يديه..التفت مجددا لآيرين.

"ما هذا؟." سأل بخوف.


************************


بينما كانت آيرين داخل الحوض..كانت تشعر بجسدها منفصل..شعرت كما لو أنّها في الجنة..كانت والمياه تغمرها تشعر بذلك.

"هير-شار..أ-هذا أنت؟ إنّني أشعر كما لو أنّني قد متّ." بينما كانت المياه تغمرها.

وقف هيرشار يفكّر..حاول مايكل المباغتة فقفز لكن غرين عاجله برصاصة أصابت كتفه فسقط أرضا.

"مايكل!!." صرخ هيرشار "هل أنت بخير؟."

"آ-آه، لا تقلق." ونظر غاضبا لغرين الذي كان يبتسم.

ثم صرخ غرين:

"توم ومايك! تعالا إلى هنا والعبا مع هذين." ونظر إلى هيرشار وقال:

"توم هو من كان وراء كل شيء ضدك." وقهقه وهو يرى الخوف والقلق والرعب في عيني هيرشار.

انتظر ثم صرخ مجددا بعد أن نفد صبره.

"أوي، توم! مايك!."

"لن يسمعاك يا صديقي."

كان صوتا من الخلف..أراد أن يلتفت فتلقى رصاصتين أصابت كتفيه فأسقط المسدسين أرضا وأسرع هيرشار ومايكل وأمسك كل واحد منها بواحد.

صرخ غرين من الألم ثم صرخ:

"من أنت؟!!."

برز رجل طويل ملثّم..ضحك وقال:

"الشبح."

"ماذا؟!!." صرخ غرين وهو يتلوى "هل-هل أنت الذي هاجم توم؟."

لم يجبه..نظر إلى مايكل وقال:

"هنالك حبال في ذلك الجانب..أحضرها وقيّده..لقد قيّدت الاثنين الآخرين واتصلت بالشرطة."

"آه، حاضر." قالها وهو مندهش.

نظر هيرشار إلى الرجل، تذكّره فقد كان الذي رآه في الفندق، لكنّه تذكّر آيرين فنظر إليها..بحث عن شيء يكسر به الحوض فلم يجد قبل أن يقول له الرجل الملثم:

"لا داعي للكسر، استعمل عقلك.."

"هير!."

"ه-هير؟." أجفل من الاسم فنظر إلى الملثم..أومأ له الملثم فدار هيرشار حول الحوض ووجد قفله ثم ركض إلى غرين مسرعا وبحث في جيوبه فعثر على مفاتيح.

أسرع وبدأ يجرّب المفاتيح واحدة تلو الآخر.

"تبّا! هيا آيرين في خطر." قالها لنفسه.

ومن ثم، مع المفتاح الأخير تحرك القفل فانفتح الحوض ودلفت الماء منه بينما حمل هيرشار آيرين ومدّدها على الأرض..قام بالتنفس الصناعي لها من دون تردد وكان هذا مع وقت وصول الإسعاف والشرطة ودخولهم.


الفصل الخامس عشر:

تولى أفراد الإسعاف تقديم اللازم لآيرين بينما ألقت الشرطة القبض على غرين.

وقف هيرشار بجانب فريق الإسعاف فقال له المسعف:

"ستكون بخير..سنأخذها للمستشفى الآن."

"آه حسنا."

ركب هيرشار معهم..وقبل أن تتحرك السيارة قال للرجل الملثم:

"لماذا؟ لماذا كنت هنا..أبي."

"لقد كانت السيدة بينز صديقة والدتك وقد اتصلت بها طالبة النصح فأخبرتني وأخبرتني أنّها طلبت منك ذلك أيضا..أردت أن أراك وأنت تعمل بعدما حصل لكن رأيتك أسفل المواسير فحملتك للمستشفى وكان عليّ حمايتك في غفلتك..وضعت جهاز تنصّت عليك وقتها فاستمعت أنّك لا تذكر شيئا ثم حجزت في الفندق وأيضا تجسست عليك ولم تدرك..لقد وضعت جهاز تنصت في غرفتك في الفندق ولم تلاحظ..ما زال ينقصك الكثير هير." قالها وهو يغمز ويبتسم.

بينما عبس هيرشار وقال:

"إذن كنت تعلم الحل ووصلت إليه لكنّك أردت منّي أن أفعلها؟."

"بالضبط..وأنا فخور بك!."

"هيه!." قالها هيرشار "ماذا عن صديقي المتحري والطبيب توماس؟."

"بخير، لقد أنقذتهما الاثنين وهما في المستشفى للاطمئنان."

"الحمدلله." قال هيرشار "ماذا ستفعل الآن؟."

"سأعود..لقد حجزت التذكرة وسأذهب الآن. أنا سعيد أنّك بخير وآيرين ستكون كذلك." وغمزه.

نظر هيرشار إلى غمزته وتذكّر الماء وقتها وقال:

"آه، فلم يكن ماءا." قالها بابتسامة.

ضحك والده أيضا ثم ودّعه..كانت سيارة الاسعاف قد سبقتهم وركبوا في سيارة الشرطة وتبعوها.

قال مايكل:

"ماذا تعني بليس ماء؟."

"حوض التجريد الحسّي."

"ماذا؟."

"حوض يجرّدك من كل المحسوسات والجاذبية، بيرفلوروكربون محتوي على أكسجين، كان سابقا شديد اللزوجة إلا أنّ الاكتشافات الحديثة جعلته شبيها بكثافة الماء، يمكنك التنفس فيه أيضا. لقد استعمل لاحقا في التعذيب فدخول السائل للرئة يجعل الشخص يفقد وعيه ومن ثم يستيقظ في حوض مغلق تماما، وباضافة مواد مهلوسة ومسبّبة للشلل ومخدّرة إذا أخرجت الشخص ثم وضعت في وجهه ضوءا ساطعا وشغّلت أصواتا مدويّة وهواء بارد، فتجربة ما بين الحياة والموت مع هذه الامور تجعل المستجوب ينطق بكل شيء."

"وماذا تقصد بتجربة بين الحياة والموت؟." سأل مايكل والسيارة تقف أمام المستشفى.

"اعتقادك أنّك تغرق وصدمة السائل والوضع بينما انت لا تغرق." قال هيرشار وهو ينزل.

"وماذا عن السيد بينز؟ كيف شككت به؟."

"في الواقع كنت لا أذكر الكثير لكنّه عندما دخل وقتما أرادوا إلقاء القبض علي قال عن صديقي المتحري مثمّن بينما لم يكن كذلك، كما أنّ السيدة هي من استدعتني وليس هو كما قال بالرغم أنّ هذا ذهب ومسح من ذاكرتي."

"ولماذا لم تعاملك الشرطة كمجرم هارب الآن؟."

"لأنّ والدي كما أعتقد قد تكفل بالأمر." وغمز مايكل

توجّها إلى الداخل، انتظر مايكل في الاستقبال على المقاعد بينما توجّه هيرشار إلى غرفة آيرين.

دخل الغرفة فاستقبله الطبيب والممرضة..قال الطبيب:

"إنّها بخير، قدّمنا الإسعافات اللازمة وستكون بخير وتنهض بعد قليل لكنّها لن تغادر قبل الغد."

"الحمدلله، شكرا لك، هل أستطيع التكلم معها؟."

"بالطبع، بعد أن تستيقظ لكن لا تستغرق وقتا طويلا."

"حسنا."

غادر الطبيب والممرضة فاقترب هيرشار من آيرين

وجلس بمحاذاة رأسها عند السرير. مرّر أصابعه على رأسها وشعرها فبدأت تتحرك وتستفيق، نظر إليها.

"هير-هيرشار؟."

"أنا بجانبك." وأمسك يديها.

"ما-ماذا ح-حصل؟."

"لقد انتهت القضية." وابتسم

"عندما تخرجين غدا فلنذهب في موعد..ما رأيك؟."

أومأت وهي تبتسم.

بقي معها هيرشار طول الليلة حتى الصباح...جاء الطبيب في الصباح وفحص آيرين وهزّ رأسه لهيرشار عندما سأله هل ستغادر اليوم. كتب لها المغادرة وخرج هيرشار وأوقف تكسي..ثم عاد لمساعدتها.

أوصلها بالتكسي لمنزلها ثم عاد إلى منزله بعد أن تواعدا على الخروج في الغد عند السادسة مساء.

رمى نفسه على السرير..ونام مباشرة من التعب.


*********************


في اليوم التالي التقى هيرشار وآيرين. كان هيرشار يرتدي قميصا أزرق اللون على بنطال كتان أبيض في حين ارتدت آيرين فستانا بنفسجي اللون.

كانت الساعة السادسة مساء والوقت اقترب من الغروب.

"ماذا قلت عن ذلك الحوض؟." سألته.

"آه. حوض التجريد الحسّي..أمازلت تشعرين بشيء منه؟." ونظر نحوها بعطف بينما كان على يسارها.

"ل-لا..لكن.." وأشاحت بوجهها المحمرّ "هناك ذكرى لا أعلم إن كانت من ضمن الهلوسات أم حقيقة."

"ذكرى؟." وحين رأى وجهها يحمرّ أكثر أدرك الأمر فتنحنح. كانت تقصد التنفس الصناعي والتقاء شفتيهما.

"المهم أنّك بخير.." تمتم وتجاوزها ليصبح أمامها بينما طرف بعينه نحوها.

وضعت آيرين يدها على شفتيها وقالت لنفسها:

"لم يكن هلوسة أو وهما." وابتسمت بينما احمرّ وجهها أكثر.

"تبّا! ملمس شفتيها الناعم مازلت أشعر به." قال هيرشار لنفسه ووجهه يحمرّ ثم هزّ رأسه.

أجفل تماما بعدها فقد كان قد اصطدم بعمود إنارة!

"ه-هيرشار..هل أنت بخير؟." قالت وهي تقف بجواره.

"آ-آه.." تمتم وهو يضحك بينما نزف أنفه قليلا.

أخرجت منديلا ومسحت الدم قبل أن يسمع الاثنان صوت ألعاب نارية.

"واو. رائعة!." هتفت آيرين.

"أتذكرين شيئا مشابها؟." قال لها فنظرت نحوه ووجدته يشيح بوجهه.

"ما هو؟."

"ألعاب نارية وجملة." ونظر نحوها فتذكّرت الأمر. اعتراف هيرشار الأول لها وهو سيظهر في أحد روايات السلسلة لاحقا.

احمرّ وجهها تماما وقالت:

"آه. بالطبع أذكر." ونظرت نحو السماء.

"بالحديث عن هذا..ذلك الاعتراف لم أسمع ردّا منك عليه." ونظر نحوها بوجه محمرّ.

أجفلت وأشاحت بوجهها بينما بدأ وجهها وأذنيها ورقبتها بالتحول للون الأحمر.

ربت هيرشار على شعرها العسلي اللون ثم سار قليلا للأمام وقال لنفسه:

"لست بحاجة لسماع الردّ كجملة. ففي ذلك اليوم أظهرت ذات الوجه المحمرّ الذي تظهرينه الآن." ونظر بطرف عينه نحوها "وقد كانت إجابة أكثر من كافية."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق