كما تحدثنا قبل بضعة أيام نضع اليوم قضية جانبية جديدة..قضية ليست طويلة جدا لكنها مميزة حيث لن يظهر فيها هيرشار أبدا وستكون البطولة كليا ل ليون دافيدسون.
لماذا هناك عداوة بين ليون وشينكاي؟ أهي الحادثة المذكورة في رواية "جنون الانتقام."؟ الإجابة لا! لقد بدأ الأمر قبل هذا.
الفصل الأول:
كان الأمر قد حصل حين كان ليون في السادسة والعشرين من عمره أي قبل سنتين من أحداث رواية "جنون الانتقام" وبدأ الأمر بحادثة حصلت وكانت..
كان يوما شاقا جدا بالنسبة لها. خرجت من المكان وهي تتنهد بينما كانت الساعة العاشرة مساء. كانت امرأة في الثامنة والعشرين من عمرها، شقراء وعيناها زرقاوتان ساحرتان بينما تتمتع ببشرة ناضرة بيضاء. طولها حوالي مئة وسبعين سنتمترا ولديها قوام ممشوق رائع. كانت ترتدي بدلة نسائية سوداء بتنورة قصيرة لتركب سيارتها وتنطلق بها إلى شقتها التي وصلتها بعد حوالي النصف ساعة.
نزلت من السيارة وهي تدندن وحقيبتها على كتفها الأيمن لتخرج مفتاح الشقة وتدخلها وتقفل الباب خلفها.
سارت إلى الداخل قبل أن تجفل حين شعرت بظل يجلس على الكنبة في الصالة.
أضاءت الضوء لتشهق حين رأت الشخص وقبل أن تحاول القيام بشيء كان مسدس موضوعا إلى صدغها الأيمن لتجفل بشخص آخر في المكان.
"حان وقت الحديث..صحيح؟." قال الجالس وهو يبتسم لتجفل وترتعب تماما.
**********************
كان جالسا في منزله يرتدي روبا فوق جسده وكأس شراب بجواره. أمسك هاتفه فقد اشتاق لها، ضرب رقم هاتفها وانتظر..من دون أن يحصل على إجابة.
***********************
"ما هذا الرقم؟." قال أحدهما والذي كان على مقعد الراكب للذي يقود السيارة حاليا.
"ربما أحد معارفها." قال الذي يسوق بينما نظر الراكب إلى الخلف حيث كانت مقيدة ومكممة وتهمهم بقوة.
"وضعيّتها الحالية مثيرة." قال السائق فنظر الراكب نحوه.
"لا وقت الآن لهذا التفكير الأحمق."
"ح-حسنا.." وحلّ الصمت بينهما قليلا بينما واصل القيادة بالسيارة والساعة تقارب الحادية عشرة.
"بالمناسبة..كيف سنخرجها من البلد؟." قال الذي يقود بينما واصلت الهمهمة في الخلف.
"هل ستضعها على متن سفينة؟ أم كيف؟."
"لا داعي للقلق." ونظر نحو الخلف فهمهمت بينما رأته يوجّه إبرة بيده "في هذه الإبرة مادة ستجعلها في حالة خدر جسدي تام. وحين يكون الموعد لن تتكلم بشيء ونحن نغادر بها." فخافت.
"خدر جسدي؟ أتعني شللا جسديا؟."
"شيء من هذا القبيل."
"لكن..ماذا لو صرخت؟."
"لن تصرخ."
"ما الذي يجعلك واثقا؟."
"المادة لا تسبّب الشلل فقط بل تجعل عضلات الجسده كاملا مرتخيا مما يجعل حتى محاولتها الكلام أمرا صعبا."
"أوه."
"لكن..لماذا سيكون علينا القيام بكل هذا بدلا من تهريبها بطريقة ما؟."
"لأنّنا في حاجة لها في مهمة." وأخرج بطاقة وأراها لمن معه فأجفل.
"ن-نحن لسنا عائدان إلى بلدنا؟."
"لا. لأنّ علينا جعلها تقوم بمهمة لإثبات ولائها لنا." وضحك بينما نظر إلى الخلف إليها. كانت تهمهم لكنّها كانت تحاول القيام بشيء ما للتخلص من تقييدها.
أجفلت بانحناء الرجل الراكب إلى الخلف لترى منديلا يوضع بقوة على فمها وأنفها فاستنشقت بسرعة ما كان كافيا لها لتغطّ في النوم مباشرة.
"لا أريد ألعابا منك حضرة العميلة."
***********************
عدم إجابتها على الهاتف أقلقه فقرر التوجّه إلى منزلها والاطمئنان عليها فهو يعلم أنّها تعيش لوحدها. انطلق بسيارته ووصل عنوان منزلها بعد ربع ساعة لينزل ويتوجّه إليه.
رنّ الجرس قليلا لكنّه لم يرد إزعاج الجيران فحاول بعدها الطرق على الباب.
أجفل بانفتاح الباب لوحده ليدخل متأهبا وقلقا.
أخذ الأمر منه عشر دقائق ليكون متأكدا أنّ هناك شيء ما خاطىء على الأرجح قد حصل معها.
الفصل الثاني:
في اليوم التالي وعند الساعة الثامنة والنصف صباحا كان يدخل المقر مرتديا قميصا أبيض على بنطال أسود ويضع كنزة بلا أكمام زرقاء اللون فوق القميص. سار ليون دافيدسون إلى الداخل نحو مكتبه ودخله ليجد عاملة التنظيف تقوم بتنظيف المكتب وهي حاليا تمسح زجاج النافذة التي تقع خلف طاولة مكتبه.
"صباح الخير." قال وهو يجلس بينما كانت خلفه فابتسمت شاكرة وقالت:
"صباح الخير سيّدي."
"لا داعي لكلمة سيّدي. قولي ليون فقط." فابتسمت ثم استدارت وهي سعيدة لتقوم بمسح المكتب. كانت ليست كبيرة في السنّ وعمرها لا يتجاوز السادسة والعشرين لكن ظروفها كانت صعبة. أجفلت حين رأته ينظر نحوها ويبتسم لها على جهودها ليحصل الأمر.
كانت تكمل الاستدارة لتسقط المنشفة منها على شعر ليون الأحمر وتقوم بتغطية عينيه فأجفلت وبدأت بالاعتذار بقوة وأزالت المنشفة ثم بدأت بتجفيف شعره من الماء فقال:
"لا بأس. لا بأس." لتبدأ بالاعتذار مجددا قبل أن تغادر المكتب.
تنهد ليون ونهض ودخل الحمام في مكتبه ليقوم بغسل شعره بالماء ثم تجفيفه بينما سمع صوت هاتفه يرنّ. توجّه نحو مكتبه وكان هاتف المكتب ليجيب حين وجد الاسم "فرانك." وهو رئيسه المباشر والرجل الوحيد الذي يعلو ليون هنا في القسم.
"فرانك." قال ليون حين أجاب ولم يكن هناك بينهما أي شيء من العلاقة بين رئيس ومرؤوس فقد كانا أصدقاء.
"ليون. هل تستطيع المجيء إلى مكتبي؟ هناك ما أريد نقاشك به."
"حسنا." ليقفل الخط ويغادر المكتب.
***********************
غيّر الاثنان الخطة من الصعود بها على متن طائرة وجعل جسدها مشلولا للذهاب برّا إلى أحد المعابر ومن هناك سيذهبان بطائرة خاصة.
كانت موضوعة داخل أحد الحقائب الخاصة بالسفر ومقيدة ومكممة. وصلا المكان وتجهّزا للمغادرة بينما كانت فاقدة للوعي تماما داخل الحقيبة ولا تعرف شيئا بعد عن نوع المهمة التي يريدون منها القيام بها.
*************************
كان جالسا خلف طاولة مكتبه المشابه لمكتب ليون وهو قلق نوعا ما.
كان فرانك رجلا في منتصف الثلاثينات تقريبا بسكسوكة بنية كثيفة مع شارب، نحيف وطويل وذو بنية قوية.
كان يرتدي بدلة زرقاء غامقة وشعره الأسود مرتّب بعناية وعيناه العسليتان تلمعان.
انفتح الباب ودخل ليون وجلس مباشرة مقابل فرانك على يمينه.
"ما الأمر فرانك؟."
"حسنا.." ثم نهض ودار حول مكتبه ثم جلس مقابل ليون بينما لاحظ ليون توتّره.
"لقد تلقيت اليوم منذ قليل مكالمة من أشخاص لا تحبّهم." فرفع ليون حاجبا.
"ال سي آي إيه."
"وبعد؟."
"قالوا بأنّهم لا يستطيعون الوصول منذ مساء الأمس لأحد عميلاتهم التي تتواجد هنا." فضيّق ليون عينيه منزعجا.
"هم يشتبهون بحصول شيء ما لها." ونظر نحو النافذة التي خلف مكتبه والتي كانت على يساره من وضعه الحالي.
"وماذا تفعل العميلة هنا؟." فتنهّد فرانك.
"إنّها موجودة مع فريق آخر لتبادل الخبرات والتنسيق."
"ممم." قال وهو غير مقتنع.
"على أي حال هو يريد منّا المساعدة."
"هو؟."
"المسؤول عن ال سي آي إيه. يدعى إدوارد."
"حسنا.." ليقوم فرانك بالنهوض والعودة خلف مكتبه.
"لماذا أنت مهموم هكذا؟." سأله ليون.
"ماذا؟."
"تعابير وجهك لا تعجبني..هل أكون مخطئا إن قلت أنّك ربما عرفت أنّها تعرضت لشيء ما مثلا؟." فابتسم فرانك.
"لا أحد يضاهيك استنتاجيا. على اي حال لن أقوم بتخبئة شيء عليك..في الواقع.." وسكت قليلا.
"العميلة تلك وأنا..كنّا على علاقة." ليرفع ليون حاجبا.
"أتمزح؟!." ليهزّ رأسه بلا.
"لحظة فرانك! على علاقة مع عميلة سي آي إيه؟!."
"لا تقفز لهذه الاستنتاجات ليون! العلاقة بعيدة عن العمل كليا."
"لا أرى الأمر خيارا مناسبا حتى لو كنت تحبّها." كان ليون يؤمن بهذا لفكرة أنّ العملاء يعملون لمصلحة بلادهم في النهاية ولا يعيرون المشاعر الشخصية اهتماما كبيرا لكن..
لاحقا، كان على ليون لعدة أسباب تغيير رأيه بشكل أو بآخر كما سيتم كشفه لاحقا في رواية خاصة في سلسلة روايات هيرشار توضّح كيف التقى ليون وكريس!
"على أي حال. فلنعد لموضوعنا.."
"المرأة غادرت أحد الأماكن البارحة حوالي العاشرة مساء وعادت إلى منزلها فسيارتها كانت هناك.." وسكت محرجا.
"هل أكون مخطئا إن قلت أنّك ربما عرفت بحصول مكروه لها قبل مكالمتهم لك؟." فابتسم فرانك وأومأ. هو من ذهب إلى منزلها في الأمس ووجد الأمر مريبا.
"وبعد؟ الساعة الآن حوالي العاشرة صباحا. ما الذي يجعلهم يعتقدون بحصول شيء لها؟ ربما تقوم بشيء ما وستتصل بهم لاحقا."
"لا."
"لا؟."
"في الأمس حين ذهبت لمنزلها كنت قادرا على شمّ رائحة مخدّر في الصالة."
"من يعلم بوجودها هنا غيرك وغيرهم؟."
"المفترض لا أحد."
"حسنا. لقد طلبت منّي المجيء إلى هنا لأنّك تريد التعامل مع الأمر بحذر وسرّ. تريد منّي المضي في التحقيق وحيدا؟."
"تماما. سأعتمد عليك في هذا." فنهض ليون من مكانه وقال:
"عليك التفكير جيّدا في علاقتكما حين نحلّ القضية الخاصة باختفائها أو اختطافها." فابتسم فرانك وقال:
"حسنا ليون. سأفعل بعدما تجدها." وغمزه. بعدما تعني تأكيدا أنّ فرانك واثق طالما ليون أمسك القضية فسيجد حلّها لا محالة.
ابتسم ليون ثم استدار وحين وصل باب المكتب كان هاتف فرانك يرنّ.
"نعم." أجاب مباشرة فتوقف ليون قليلا.
"ماذا؟ حقا؟." فاستدار ليون.
"فهمت. قم بإرسال صورة لي." وأقفل الخط بينما سار ليون نحو مكتب فرانك وقال:
"ما الأمر؟."
"هناك تطورات بسيطة. لقد شاهد فريق اثنان يغادران من الجهة الجنوبية على متن طائرة خاصة." فجلس ليون.
"أشركت فريقا إذن؟."
"لا. إنه فريق حدودي فقط."
"وبعد؟ ما التفاصيل؟."
"كان هناك اثنان يقودان سيارة خاصة يقتربان من أحد المعابر على الجهة الجنوبية قبل أن يركنا السيارة ويهرعان نحو طائرة خاصة. الفريق حاول التواصل معهما لكنّهما لم يتجاوبا وكان ما لاحظوه أنّهم يحملون حقيبة واحدة."
"وضعوها داخل حقيبة؟." فأومأ فرانك.
"يبدو كذلك." ثم واصل "حاولوا اللحاق بهما وانتبهوا على إخراجها من الحقيبة بينما الطائرة تصعد في السماء."
"ممم."
"سيرسلون صورة لي الآن." ووصلته الصورة "ها هي!." فنهض ليون ونظر إلى الصورة.
"ه-هذان.." تمتم فرانك.
"ماذا؟."
"أعرف أحدهما على الاقل..إنّه عميل..روسي!." فأجفل ليون.
"اللعنة! هذا أمر غير متوقع!." هتف فرانك بعدها بينما شرد ليون قليلا وهو يفكّر.
الفصل الثالث:
خلال ساعة كان هناك تواصل بين فرانك وإدوارد من ال سي آي إيه حول المعلومات الجديدة. كانا يحاولان تحليل الموقف معا ليقفل فرانك الخط ويشرد قليلا.
"اللعنة! ماذا يريد الروس من باتريسيا؟." ثم ضرب رقم مكتب ليون الذي كان قد غادر فلم يتلقّى إجابة.
"هل ذهب إلى مكان ما؟." ليقوم بإمساك هاتفه الخلوي وضرب أرقام هاتف ليون الخلوي.
"ليون." قال فرانك حين فتح ليون الخط.
"ماذا فرانك؟."
"أين أنت؟ لست في المكتب؟."
"لا. أنا في المطار."
"ف-في المطار؟!!." هتف فرانك مجفلا.
***********************
كانت باتريسيا مجفلة تماما بينما أمامها الاثنان اللذان خطفاها. كانت تعرفهما في الواقع وكانت تتعرق بشكل كبير بينما فوهة أحدهما موجّهة نحوها وهي مقيدة.
"حسنا..هل نأتي الآن للحديث عن المهمة التي ستقومين بها هناك؟."
"ما هدفك من الذهاب إلى هناك؟ أليس غريبا؟." قالت.
"هاه؟ هل أثّر عليك الاختطاف؟ للتوّ كنت أقول أنّني سأتحدث عن الأمر.." وقهقه.
"حسنا..أنت بحاجة لإثبات شيء ما لنا صحيح؟." فتوترت بينما نهض واقترب منها ليهمس في أذنها.
"وقتل شخص ما سيكون الإثبات على هذا." لترتعش تماما بينما واصلت الطائرة الانطلاق نحو الوجهة المحددة.
***********************
"م-ماذا تفعل في المطار بالضبط؟."
"أريد اللحاق بالوغدين."
"ل-لكن..هل ستذهب إلى روسيا وحيدا؟."
"من قال أنّني ذاهب إلى روسيا؟."
"هاه؟ إلى أين إذن؟."
"إلى الولايات المتحدة." ليشهق فرانك على الخط مجفلا.
**********************
"ق-قتل شخص ما؟." تمتمت بينما عاد للخلف مكان جلوسه.
"نعم. والمهمة ستكون هناك..في بلدك."
**********************
"م-ماذا تقول ليون؟! أتعتقد أنّ عميلين روسيّين يختطفان عميلة سي آي إيه ويذهبان بها إلى الولايات المتحدة؟!."
"نعم."
"ن-نعم؟!."
"لقد قام الاثنان باختطافها من هنا وحاولا الهرب بها من البلد. ربما لم يتوقعا الإبلاغ السريع عن اختفائها لأنّه في النهاية لو لم يخبرك مديرها فأنت كنت ستتصرف أيضا. على كل فهما أرادا المغادرة بها لكنّهما فوجئا بردّ فعل سريع من اللذين أخبرتهم أنّهم ربما سيكونون على موعد مع مغادرة خاطفين لامرأة ففي النهاية سواء هنا أو خارج البلد فالمغادرة مغادرة والمعابر يجب أن تكون متأهبة. هما ليسا أحمقان لكن تصرفا تصرفا غريبا من وجهة نظري."
"وما هو؟."
"قد أفهم الهرب بسرعة ممّن حاول تفتيشهما واللحاق بهما لكنّ هل من المنطقي إخراج المرأة من الحقيبة وإعطاء فرصة للفريق بالتقاط صورة لها؟."
"م-معك حق."
"التصرف ليس أحمقا في الواقع."
"ماذا؟."
"التصرف ببساطة جاء لأنّهما أدركا أنّ هناك من انتبه لاختطاف العميلة وهذا يعني أنّ الاستخبارات لديها فكرة ما ورؤية وجهيهما كان سلاحا ذو حدّين استعملا الحدّ الأفضل له."
"أ-أتعني؟."
"نعم. إدراك الاستخبارات أنّ العميلين روسيين مثلا سيقود لاستنتاج مفاده أنّهم يتوجهون إلى هناك لكن العميلة أمريكية والخيار الأفضل ربما.."
"التوجّه للولايات المتحدة ولو لبعض الوقت قبل الذهاب إلى روسيا."
"بالضبط."
"لكن..أنت في المطار فكيف ستعرف أيّ ولاية سيذهبون إليها؟."
"ببساطة. الولاية التي جاءت منها العميلة."
"ل-لكنّك لا تعرف العميلة!."
"نعم. لكن أعرفك." فأجفل فرانك.
"قبل عدة شهور كنت قد ذهبت إلى الولايات المتحدة للتنسيق وأعتقد أنّك هناك التقيت لأول مرة بالمرأة صحيح؟ لقد كنت في حينها في.."
"واشنطن." قال فرانك ثم تنهد "أنت حقا لا مثيل لك."
"الصورة التي أرسلت لك أظهرت وقتا كان حوالي التاسعة صباحا ونحن الآن عند الحادية عشر والنصف. إقلاعي الآن يعني وجود ثلاث ساعات فرق بين وصولي ووصولهم مما يعني.."
"ربما يغادرون الولايات المتحدة نحو روسيا مباشرة قبل وصولك."
"لن يحصل هذا."
"ل-لماذا؟." وسمع صوتا من جهة ليون فأدرك أنّ ليون يصعد الطائرة.
"فرانك. دعنا نتحدث الآن عن احتمالات أسباب الاختطاف."
"ح-حسنا.."
"لماذا يقومان باختطافها؟."
"ربما تعرف شيئا عنهما أو ما شابه."
"حسنا. هذا يعني اختطافها وقتلها في مكان وجودها أي بلدنا فلماذا الهرب بها؟."
"ممم. ما الذي تحاول قوله؟."
"هناك عدة احتمالات تطفو على السطح."
"وهي؟." سمع المضيفة تطلب من ليون إقفال الخط.
"أولا: العميلة ربما أريد منها شيء ما خارج البلاد لغرض في رأسهما."
"ثانيا: العميلة ربما لا تكون عميلة استخبارات أمريكية."
"أ-أتعني؟."
"نعم. ربما تكون جاسوسة روسية داخل الاستخبارات الأمريكية." فأجفل فرانك.
"وعندها ربما أصبح ولاؤها للأمريكان فقرروا فعل شيء معها بدل قتلها أو ربما هو شك في ولائها فقط ويريدون منها القيام بأمر لاختبار ولائها." فتوتر فرانك.
"سأقفل الآن. أعتقد باحتمالية كبيرة أنّ الاحتمال الثاني هو الصحيح وهذا يعني.."
"اختبار الولاء سيكون بقتل أو إيذاء أشخاص من الاستخبارات الأمريكية في أمريكا!." قال فرانك.
"بالضبط."
"ما العمل الآن؟ يجب إخبارهم."
"لا. سأخبرك لاحقا ببعض الخطوات أما الآن فلا تخبر أحدا."
"لماذا؟."
"قد تحفّزهم لإيذائها. أتريد خسارتها؟." فأجفل فرانك.
"أعتمد عليك ليون. عقلي لا يعمل اليوم."
"لا تقلق." وأقفل الخط بينما انطلقت الطائرة في السماء.
الفصل الرابع:
بعد رحلة استغرقت حوالي التسع ساعات وصل ليون إلى واشنطن وقد كان يفكّر. كان قد راسل فرانك وأخبره أن يخبر فقط صديقه إدوارد رئيس ال سي آي إيه وأن يجعله لا ينشر الخبر كثيرا.
أنهى ختم جوازه ونظر حوله في المطار. كانت لديه قناعة بحدسه.
أولئك الخاطفان لن يبتعدا عن المطار كثيرا!
خرج من مبنى المطار ونظر حوله في القريب.
كان الوقت ليلا هنا حاليا والطقس بارد نوعا فما فتلاعب الهواء بشعره الأحمر.
غيّر رأيه بعدها وقرّر استئجار سيّارة من هنا فدخل مبنى المطار ونزل لأسفل حيث كانت مكاتب تأجير السيارات فأخذ واحدة وسار نحو الموقف ليستلمها رسميا. كانت الساعة تقترب من منتصف الليل الآن وكانت مساء قبل ذلك بساعات هناك في بلده.
حين استلم السيارة التقطت عينا ليون المدرّبتين شيئا غريبا.
كان على وشك الخروج من مبنى المطار بعد أن صعد نحو المواقف العلوية ومنها أراد الخروج وعندها..
رأى رجلين وامرأة في الظلام ولم يتبيّن وجوههم يتوجهون نحو سيارة ودخلت المرأة أولا ثم صعد الرجلان السيارة في الأمام فأوقف ليون السيارة وانتظر واستعمل منظارا لينظر داخل السيارة.
"ما الذي يؤخّر هذين الاثنين؟." كانت وجوههم غير ظاهرة وظهورهم جميعا لليون.
ابتسم ليون بعدها حين نزل من كان قد جلس في مقعد السائق ووقف قليلا وهو محتار قبل أن يركب مجددا.
عثر ليون عليهم! لكن ليس لأنّه التقط ملامح وجه الرجل حين نزل..لا!
لأنّه ببساطة سبب احتيار الرجل هو عدم معرفته بنوعية المكابح اليدوية للسيارة والتي تتواجد في هذا النوع من السيارات في الأسفل بجوار المكابح وبجوار دوّاسة البنزين وهما اثنان مع امرأة جلست في الخلف أولا. لا مجال للشك.
بدأوا بالقيادة ليخرجوا من المطار وليبدأ ليون مطاردتهم.
**************************
كان فرانك على الخط مع إدوارد.
"فرانك. أتقول أنّه هنا؟."
"نعم. لقد ذهب لوحده في الواقع."
"اللعنة! لسنا بحاجة لهذا وسنتصرف بأنفسنا."
"على كل. سأتواصل معه الآن."
"هناك من فريقنا من بدأ بالحركة الآن في الواقع."
"بدأ؟ هل أعرفه؟."
"نعم. أفضل من استعمل بندقية."
"أوه. شينكاي هاه."
"نعم."
"إذن..ربما تكون مناسبة جيّدة للقاء الرجلين المميزين."
"لا أعتقد أنّها ستكون كذلك!." فضحك فرانك.
"على أي حال..هل من فكرة عن سبب الاختطاف؟."
"استنتاج ليون دافيدسون قد يكون صحيحا. ربما هي جاسوسة روسية فوالدتها في الواقع.."
"آه أعلم. هو روسي الأصل."
"نعم." ليحلّ الصمت بينهما قليلا.
"على كلّ. اطلب من ليون العودة." وأقفل الخط لينظر فرانك إلى الفراغ.
"وكأنّني أستطيع أن أطلب من ليون هذا!."
***********************
يبدو بأنّهم وصلوا إلى المكان الذي سيستقرون فيه قليلا.
توقفت السيارة ونزل الثلاثة. بدت المرأة غير مهددة وتسير لوحدها. أوقف ليون السيارة بعيدا ونزل وهو يستعمل نظارات رؤية ليلية بدل المنظار فانتبه أنّ المرأة نظرت نحو الخلف بسرعة ثم نظرت للأمام.
"هل انتبهت أنّني أطاردهم؟." وتوقف قليلا بينما راقب الثلاثة يدخلون مستودعا بلا اسم واضح. كان مستودعا حديديا كبيرا جدا.
"لكن..أنا أشعر أصلا أنّ هناك طرف آخر قريب." ونظر حوله مترقبا.
"حسنا.." وتلاعب الهواء بشعره "ما الذي أراه إلى الآن؟."
"هل المرأة عميلة روسية حقا؟ أم عميلة مزدوجة؟."
"ما الخطة بالضبط؟."
"هل أعيدها من أجل فرانك؟ أم أنتظر وأرى ما سيحصل؟." وبدأ بالسير نحو المستودع. توقف قليلا.
"لا مجال للشك. أنا لست وحيدا." ونظر حوله سريعا.
سمع ليون صوتا قريبا ليختبىء سريعا خلف جذع شجرة متأهبا بمسدسه ليشاهد امرأة تقترب من المستودع.
لم تكن المرأة المخطوفة بل امرأة أخرى. أهي من شعر ليون بوجوده؟ راقب ليون الموقف وهو يشاهدها تنظر حولها بقلق.
لحظات تالية فقط ولمع شيء في الأعلى من جهة المستودع فاستعمل نظارات الرؤية الليلية وشاهدها..
المرأة حبيبة فرانك توجّه مسدسا نحو المرأة في الأسفل بينما المرأة في الأسفل متوترة وتنظر حولها ثم استعملت هاتفها في ضرب أرقام ما.
"كما توقعت. إثبات الولاء بقتل زميلة. أنا متأكد أنّ هذه المرأة عميلة أيضا." وتأهب ليون لأنّه أراد أخذ موقف في حال حدوث شيء.
كان الهدوء في المنطقة مرعبا جدا وحابسا للأنفاس..رأى ليون العميلة حبيبة فرانك تقوم بإخراج المسدس أكثر من النافذة وتوجّهه نحو المرأة العميلة التي بدت كمن اتّصل برقم ولم يتمّ الردّ عليه! نعم. من المؤكد أنّها اتصلت بحبيبة فرانك التي استدرجتها أصلا لقتلها!
هبّ هواء قوي بعض الشيء وانتظر ليون متأهبا ليحصل شيء غير متوقع!
الفصل الخامس:
رأى ليون العميلة التي ظهرت فجأة تغادر المكان وتسير مبتعدة بينما دخلت حبيبة فرانك إلى الداخل ولم تطلق النار!
"لماذا؟." فكّر مع نفسه ليقرر الاقتراب من المستودع.
********************
"ماذا تفعلين بالضبط؟!!." هتف أحد العميلين بباتريسيا وهو يوجّه مسدسه "هذا إثبات كافي أنّك جاسوسة وعميلة أمريكية خائنة!." لتتوتر باتريسيا وتقول:
"ل-لحظة! أ-أنا لا أريد قتلها فقط!."
"هاه؟!!." كانوا الآن في منتصف الطابق الأعلى من المستودع.
"إ-إنّها صديقتي! هذا الأمر ليس مرتبطا بالاستخبارات! بإمكانك إحضار أيّ عميل آخر وسأقوم بها!."
"هاه؟! هذا هراء!." لتتلفّت حولها وتقول:
"هناك سبب آخر في الواقع وهو أهم!."
"سبب آخر تقولين؟." بينما نظر الآخر حوله.
**********************
كان الوصول إلى الطابق الأعلى – الأول – يتمّ عن طريق السلّم الخارجي المتّصل بالمبنى والذي كان حديديا. صعده ليون ببطء وحذر لأنّ صوت حذائه على الحديد كان يمكن أن يتمّ سماعه. وصل واستند إلى الحائط بجوار الباب ليستمع.
"سبب آخر؟." قال لنفسه فقد سمعها.
************************
"نعم! سبب آخر!." وكان وجهها جادّا "هناك طرف آخر هنا ويراقبنا!." ليجفل الاثنان.
"م-ماذا تقولين؟." قال أحدهما بينما بدأ الآخر في النظر حوله ثم جهة الباب حيث كان ليون يقف بجواره.
"ربما ال سي آي إيه عرفوا شيئا ما! وكان قتل عميلتهم سيسبّب كارثة لذلك ترّيثت!." فضيّق الذي كان يدير الحوار معها طول الوقت عينيه وقال:
"باتريسيا. أنا فلاديمير وتعرفيني جيّدا. هذا النوع من الكذب لن يفيدك!." ووجّه مسدسه نحوها. كانوا في الواقع يواجهون الجهة الخاصة بالباب حيث وقف ليون متأهبا.
"لحظة فلاديمير! لا تتسرع!."
"في هذه الحالة عليك الاعتراف."
"ال-لاعتراف؟."
"إن كنت عميلة روسية معنا."
"أنا..عميلة روسية!." هتفت بقوة.
************************
"الوضع أصبح صعبا." قال ليون لنفسه بينما شاهد شريك المتكلم يقترب من الباب. هل أراد التأكد من كلامها.
"لكن..كما توقعت، لقد شعرت بوجودي."
"لكن..لماذا أشعر بشعور غريب في كلمتها التي قالتها.."
"أنا..عميلة روسية!."
واستذكر المشهد بينما اقترب الرجل أكثر فتوارى ليون قليلا حتى يباغته فور خروجه في حين حلّ الصمت بين باتريسيا وفلاديمير.
"سأثبت لك ذلك وأعطيك معلومات عن ال سي آي إيه!." سمع ليوت باتريسيا بينما واصل التفكير.
"نعم..الغريب هو.." ليهبّ هواء عليل بينما سمع الذي يقترب يقول:
"لا أحد هنا كما يبدو." وعاد أدراجه ليجفل ليون.
"نعم. لقد كانت تهزّ رأٍسها فقط عند الجملة..لماذا؟."
ليحصل التحول في الأحداث فجأة.
*************************
"لا أحد؟." قال فلاديمير.
"نعم. لم ألحظ أحدا رغم وصولي تقريبا نحو الباب."
"في هذه الحالة.." وحرّر زناد المسدس.
"ل-لا.." تمتمت مرعوبة.
***************************
تحرّك ليون نحو فتحة الباب وهو يستعد بمسدسه لكن..
حصل الإطلاق!
لكن ليون تجمّد في مكانه.
لم يكن الإطلاق من الداخل!
**************************
أجفل فلاديمير وشريكه بما رأياه.
اخترقت رصاصة قلب باتريسيا لتسقط كمشهد في فيلم سينمائي نحو الأرض على ظهرها بلا حركة!
"من هناك؟!!." وحينها رأيا ليون في المدخل!
**************************
أطلق فلاديمير وشريكه نحو ليون الذي اختبأ سريعا خلف الحائط وهو يفكّر مجفلا.
وجّه مسدسه للداخل بعدها ليقوم بإصابة الشريك في صدره فسقط أرضا قبل أن يقوم بالقفز نحو الداخل متدحرجا ليتفادى الرصاص الذي أطلقه فلاديمير قبل أن ينهض ويوجّه مسدسه سريعا ويطلق ليردي فلاديمير أرضا!
نهض ليون لاهثا ونظر إليها..لا حركة!
نظر نحو باتريسيا التي كانت تنزف أرضا واقترب منها ببطء.
انحنى أرضا عندها وتحسّس نبضها.
كانت ميّتة!
نهض بعدها ووقف محلّلا الموقف.
"الرصاصة عبرت من خلفي بلا شك! لقد شعرت بالهواء السريع يعبر من جهتي.."
"من؟ ولماذا؟."
"الإطلاق هكذا يعني..بندقية!." ليسمع ليون صوت خطوات صاعدة الدرج الخارجي ولم يكن صاحبها مكترثا أنّ صوت خطواته مسموع!
أدار ليون نفسه وواجه الباب ليهتف.
"أظهر نفسك يا صاحب البندقية." وبعد لحظات برز من الباب مرتديا قميصا أسود على بنطال أسود بطوله الفارع وشعره البني.
كان يضع سيجارة مشتعلة في فمه ويضع البندقية على كتفه.
وقف شينكاي عند الباب ليتواجه ليون وشينكاي لأول مرة.
الفصل السادس:
كان الموقف أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة فعليا!
كان شينكاي يقف تماما أمام الباب بينما ليون في منتصف الغرفة أمام جثة باتريسيا.
كان شينكاي يدخّن بينما التقت أعينهما.
"ماذا تفعل هنا؟." قال شينكاي بهدوء "من أنت؟."
"لماذا قتلت المرأة؟." أجاب ليون متجاهلا إجابة سؤال شينكاي "أنت هدفت لقتلها وفعلتها."
"قتلتها؟ لماذا تقول هذا؟ لقد كان هدف الإطلاق ربما هو العميل المقتول هنا.." وأشار نحو فلاديمير " أو ربما كان أنت." وابتسم شينكاي.
"هذا غير صحيح أبدا." قال ليون وهو يغمض عينيه للحظات "الرصاصة عبرت بجواري حين تحركت نحو الداخل مما يعني أنّ نيّة الإطلاق كانت سابقة لتحرّكي وهكذا لن أكون المستهدف." وفتح عينيه وسكت للحظات.
"شعر أحمر.." قال شينكاي لنفسه.
"مثل شعر ليسّا."
"وأنت لم تكن تهدف لقتل الرجل كما تقول أيضا." فضيّق شينكاي عينيه.
"الشخص الذي يستعمل بندقية ويطلق من مسافة كتلك لا يمكن أن يخطىء ببساطة بين شخصين ويصيب طرفا غير الطرف الذي كان يهدف لإصابته."
"لماذا؟ ربما تحرك المستهدف فجأة أو تحرك المقتول فجأة باتجاه خاطىء."
"هذا لم يحصل هنا. كان هناك مسافة بينهما وبالتالي هدفك هو قتلها هي." لتلتقي أعينهما مجددا بينما دخّن شينكاي.
"واستهدافك لها هو أمر حقير يا عميل ال سي آي إيه." ليجفل شينكاي.
"بندقية. دقّة في الإطلاق وهدوء مستفز..كانت صفات سمعتها من شخص أعرفه عن شخص في السي آي إيه ذكي وبارع.." وابتسم ليون.
"أليس هذا صحيحا..شينكاي؟." ليجفل شينكاي أكثر قبل أن يبتسم.
"آه. ليون دافيدسون." فرفع ليون حاجبا.
"منذ أن رأيت شعرك الأحمر الذي يشابه لون شعر أختي كان شيء في ذاكرتي يخبرني شيئا ما. نعم، سمعت عن شخص بذات لون الشعر يمتلك قدرم مميزة على الاستنتاج. بالحكم على الموقف وحقيقة أنّ العميلة عادت من ذلك البلد وأنت هنا..إذن.." وابتسم أكثر "أنت هو ليون دافيدسون لا محالة."
"هذا جيّد إذن. هذا يسهّل الكلام أكثر." قال ليون
"انتهى الأمر هنا فلا يوجد شيء لتسهيله."
"لماذا قتلت المرأة؟." فنظر شينكاي إليه فقط.
"هل لأنّك صدّقت حقا أنّها عميلة روسية؟." فضيّق شينكاي عينيه.
"أليس كذلك؟."
"دعني أخبرك إذن أنّك مخطىء في الواقع."
"مخطىء؟."
"نعم. ما قالته تلك المرأة عن أنّها عميلة روسية وأنّها ستخبر العميل الروسي بمعلومات كانت محاولة منها للخروج من الموقف من دون خسارة وحصولها على ثقة الروس لا أكثر."
"لذلك تصرفت تصرفا غريبا في الواقع."
"تصرف غريب؟."
"لقد كان هناك صمت بسيط مع هزّ غريب للرأس حين قالت جملتها.."
"أنا..عميلة روسية." وأغمض ليون عينيه.
"الجملة في الواقع قالتها بالانجليزية وفعل كهذا من عميل استخباراتي لا يمكن تجاهله لذلك حاولت تحليله."
"صمت وهزّ رأس؟ هل تهذي بالضبط؟."
"حين قمت بتحليله أردت التحقق من معلومات حول المرأة لذلك راسلت صديقي وسألته سؤالا لكن دعني أجيب سؤالك.."
"المرأة تعذّرت أنّها لم تقتل العميلة التي استدعتها أنّها تعتقد أنّ هناك من هو موجود في المكان غيرهم. في الواقع حين نزلت من السيارة فور وصولنا هنا شعرت أنّها شعرت بوجودي حين نظرت للخلف لكن أنا في ذات الوقت كنت أشعر بوجود شخص ما في المكان.."
"أعتقد أنّ المرأة كانت تتحدث عنّي لكنّ هذا ما جعلها تقوم بتصرفها الغريب. فجملتها مع الحديث عن إعطاء معلومات للروس عن ال سي آي إيه كانت لتطمين الروس بينما هزّ رأسها والتوقف البسيط في جملتها كانت رسالة للشخص الذي اعتقدت بوجوده واعتقدت أنّه زميلها في الاستخبارات الأمريكية!." فانتظر شينكاي بينما كان يدخّن.
"سألت صديقي عن المرأة. والداها وخلافه وكانت إجابته.." ونظر نحو شينكاي.
"قال لي أنّ والدها روسي و..كان قبطانا لسفن متعددة ولم يكن عميلا." ليجفل شينكاي فجأة بينما سقطت السيجارة من فمه أرضا.
"يبدو لي بأنّك أدركتها الآن."
"طريقة هزّ الرأس الغريبة التي كانت مع بداية جملتها وحين التوقف ومع إكمالها كانت.." داس شينكاي السيجارة ليطفئها.
"هزّة طويلة بطيئة، ثمّ هزّة سريعة، ثمّ ثلاث هزّات طويلة ثم توقف بسيط ثم آخر واحدة طويلة..نعم.."
"قبطان..هزّ الرأس بهذه الطريقة.."
"شفرة مورس!."
الفصل السابع:
"نعم! شفرة مورس التي كانت تستعمل لنقل الرسائل وخصوصا الاستغاثة في السفن وحتى الطائرات وتستعمل للتواصل والتشفير الخاص بالرسائل. هي شفرة عبارة عن نقاط وشرطات بحيث تكون الشرطة أطول بثلاث مرات من النقطة.." وسكت قليلا.
"نعم. يمكن اعتبار الهزّة السريعة نقطة والهزّات الطويلة شرطة.."
"وعندها بتحويل الرسالة المشفّرة وربطها مع الجملة التي قالتها..فإنّ شفرة مورس تتحول للأحرف هكذا.."
"الهزّة الطويلة متبوعة بهزّة قصيرة تعني حرف ال N."
"وثلاث هزّات متتابعة طويلة تعني ال O."
"ثم هزّة طويلة أخرى وتعني ال T."
"لقد تعمّدت التوقف بين الثلاث هزّات الطويلة مع الهزة الأخيرة لتقول أنّ هناك حرف آخر سيستعمل."
"والآن..فلنقل جملتها مع الهزات."
“I am a Russian Agent.”
“NOT.”
"لم يكن بإمكانها وضع الهزّات فقط حين توقفت قليلا بين أنا وعميلة لأنّه في النهاية سيطول التوقف عن الكلام ويبدو مشبوها جدا في الواقع لذلك حتى مع خلطها الهزات مع الجملة في بدايتها والتوقف ومواصلتها فهناك معنى واحد فقط.."
“I am NOT a Russian agent!.”
كان شينكاي يقف مندهشا بينما واصل ليون.
"كانت رسالتها للشخص الذي اعتقدت بوجوده وأنّه زميلها!."
نظر شينكاي حوله وهو يفكّر.
"إنّه فعلا كما قال إدوارد من قبل.." وتذكّر الأمر.
"العميل الاستخباراتي يجب أن يتمتع بردّ فعل هادىء وسريع ودقة متناهية في الإطلاق. تماما كشينكاي." كان يتحدث لبعض العملاء الجدد بوجود شينكاي الذي تفاجأ من كلامه.
وحين غادر العملاء الجدد قال شينكاي:
"منذ متى تقوم بمدحي؟."
"لا تفرح كثيرا." فنظر شينكاي إليه.
"أنت أفضل عميل هنا لكنّك لست الأفضل عالميا." فانتظر شينكاي.
"هناك رجل في مثل سنّك أو أصغر يمتلك عقلا لا يضاهيه أحد وبالمناسبة شعره أحمر كشعر أختيك."
عاد شينكاي من التذكر ونظر نحو ليون ثم ابتسم.
"سأعترف لك. رأيتها تفعل هذا لكن لم أفكّر في معنى خلفه." ثم أخرج سيجارة وأشعلها ووضعها في فمه.
"لكن هذا لا يغيّر شيئا بالنسبة لي. كادت تقوم بإعطاء معلومات حساسة من أجل إنقاذ نفسها."
"لذلك..لا يوجد أي خطأ فيما حصل..لقد انتهى الأمر." وأدار نفسه.
"لم ينته الأمر." فتوقف في مكانه لكن لم يدر نفسه.
"لقد أتيت هنا لأنّ المرأة تمّ اختطافها من بلدي وكانت مهمّتي العودة بها إلى هناك لكنّك منعت هذا..ليس ليون من يقتل أحدهم أمامه ويسمح لقاتله بالمغادرة."
فاستدار شينكاي وقال:
"من قتل العميلين هنا يتحدث عن القتل؟." لكنّه رأى ليون يحرّك يده الممسكة بالمسدس.
كانت يد ليون الممسكة بالمسدس موجّهة نحو الأسفل ليبدأ برفعها للأعلى مترددا لكن..
كان الشخص الأبرز في الإطلاق قد اتّخذ خطوته السريعة..فبينما تردد ليون بعض الشيء في خطوته كان شينكاي قد حرّك يده الممسكة بالبندقية ووجّهها نحو ليون الذي حين رأى الأمر تحرك لكن..
كان شينكاي قد أطلق!
كان الهدوء السابق مرعبا جدا لمن يقف منتظرا..قطع صوت الرصاصة كل هذا الهدوء لكن..
كان على شينكاي الاندهاش مجددا.
الفصل الثامن:
وقف شينكاي في مكانه وصوت الريح التي أصبحت أقوى يرتفع. كان مذهولا لكنّه من النوع الذي لا يظهر هذا.
سبب ذهوله كان ما رآه.
لقد وجّه البندقية بسرعة نحو ليون وأطلق النار لكنّ ليون المتردد تصرف سريعا. عبرت الرصاصة بجوار وجه ليون الذي تفاداها بتحريك وجهه بسرعة!
"قد يكون هذا مستحيلا عمليا ونظريا.." قال شينكاي لنفسه.
"لو كانت رصاصة من مسدس لكان الأمر ممكنا..لكن..."
"من بندقية! وفعلها أيضا.." ليبتسم.
"هذا الرجل.." وحينها انقلب الطاولة.
شاهد شينكاي ليون يوجّه المسدس نحوه ولم يكن بإمكانه التصرف.
أطلق ليون ليصيب شينكاي الذي سقط أرضا.
***********************
كان فرانك جالسا متوترا على كرسي مكتبه. نعم.
لقد أحبّها! هو كان يعتقد مثل ليون بأنّ أسوأ ما يمكن أن يقع فيه رجال الاستخبارات هو الوقوع في حبّ امرأة من فريق استخباراتي خارجي!
لكنّه لم يكترث.
"ليون..أعتمد عليك." تمتم وهو غير مستعد لما سيعلم به لاحقا.
************************
أصابت رصاصة ليون خدّ شينكاي الأيمن وسقط على إثرها جالسا على الأرض. حين رفع رأسه وحاول النهوض كان ليون يقف أمامه مباشرة ويوجّه مسدسه نحو وجهه.
"لا تحاول التصرف بأيّ تصرّف أرعن شينكاي." قال ليون بوجه جادّ بينما لم يعلّق شينكاي ولم يحاول القيام بأيّ حركة.
"حسنا حسنا..هذا أمر غير متوقع!." أجفل ليون ونظر نحو الباب حيث برز الصوت من هناك.
ثوان لاحقة..دخل رجل متبوعا بفريق كامل المستودع.
**********************
كان رجلا بطول ليون يمتلك شعرا أشقرا وسكسوكة ذهبية. وقف مع فريق خلفه وهو يرتدي بدلة بنيّة اللون.
"هذه أول مرة أرى فيها شينكاي يتعرض للهزيمة." ونظر نحو شينكاي الذي لم يظهر أيّة تعابير.
"من أنت؟!." هتف ليون.
"إدوارد. رئيس ال سي آي إيه يا ليون دافيدسون."
"إدوارد هاه.." قال ليون لنفسه "الذي تحدث عنه فرانك."
"لا تهمّني على أيّ حال فأنا ماض فيما سأقوم به وهو اعتقال رجلك هذا."
"أنت فعلا مثل شعرك قد تكون بركانا أحيانا." لكنّ إدوارد تفاجأ أنّ شينكاي مدّ قدمه وضرب بها ليون فأخلّ توازنه قبل أن ينهض سريعا ويقوم بلكم ليون أسفل ذقنه لكمة قوية جعلته يرتدّ للخلف ثم أراد المواصلة بينما دار المكان بليون قليلا.
ليسمع الاثنان صوت رصاصة قوي.
"توقفا!." صرخ إدوارد ليتوقف شينكاي بينما حكّ ليون مكان الضربة.
"ها قد ظهر من استطاع استفزازك كليّا أخيرا، شينكاي." قال إدوارد لنفسه.
"أتفهّم تماما ما تحاول قوله ليون لكن.." ليخرج شينكاي سيجارة ويقوم بإشعالها ووضعها في فمه.
"في الواقع شينكاي لم يكن قراره خطأ 100%."
"ماذا تعني؟." قال ليون بينما أخرج منديلا ومسح الدم الذي سال من فمه جرّاء الضربة.
"كان استنتاجك أنّ باتريسيا ليست عميلة روسية صحيحا لكن في الواقع تلك المرأة ليست عميلة لنا أيضا."
"ما معنى هذا؟."
"باتريسيا من أن غادر فرانك قبل عدّة شهور من هنا غادرت بعدها لوقوعها في حبّه ومنذ لحظتها لم تقم بإعطائنا تقاريرا ولم تكن تتواصل معنا أصلا مما يجعلها في نظر أيّ استخبارات.." وسكت.
"خائنة." قال ليون.
"بالضبط! وبغضّ النظر عمّا سعت إليه اليوم ففي النهاية رسالتها يمكن تفسيرها أيضا.."
"ليس إنقاذ نفسها من الروس فقط بل إنقاذ نفسها منكم لاعتقادكم أنّها لم تتواصل معكم وتتحالف مع الروس أيضا." قال ليون بينما دخّن شينكاي فقط.
"بالضبط."
تنهّد ليون بعدها وقال:
"حسنا. لكن لديّ شرط واحد."
"شرط؟." قال إدوارد متفاجئا بينما نظر شينكاي نحو ليون.
"المرأة سآخذ جثتها معي."
ابتسم إدوارد وقال:
"لا مانع لديّ في هذا."
************************
بعد ساعتين كان ليون جالسا داخل الطائرة الخاصة التي أعدّها له إدوارد لتقلّه هو وجثة باتريسيا.
كانوا قد أخبروا فرانك بما حصل فأصبح مستعدا للأمر.
نظر ليون من النافذة بينما كان يسترجع آخر ما تحدث به مع إدوارد وشينكاي أمام مدخل مبنى الاستخبارات.
"لكن لقد كسرت القاعدة التي تؤمن بها وعليه كان بإمكاننا التصرف بطريقة أخرى معك." قال إدوارد بينما وقف الثلاثة أمام المدخل. كان ليون في المنتصف وعلى يمينه إدوارد وعلى يساره شينكاي يدخّن.
"قاعدة؟." قال ليون.
"لا تحبّ أن يتدخل أحد في بلدك كما سمعت عنك وتدخلت هنا."
"المرأة تمّ اختطافها من بلدي." قال بهدوء فابتسم إدوارد.
"حسنا. هو منطق لا بأس به في الواقع."
"على أي حال ليون.." ونظر إليه "عودة آمنة وأرسل تحياتي لصديقي فرانك." فأومأ ليون فقط بينما دخل إدوارد من المدخل.
التقت أعين ليون وشينكاي لكن لم يتكلما بشيء وسار ليون نحو المروحية الخاصة وصعدها بينما شاهد الجثة ملفوفة على الأرض.
نظر ليون من النافذة نحو الخارج وفكّر فقط في أمر فرانك حاليا.
الفصل التاسع:
في اليوم التالي وتحديدا عند الثانية عشر ظهرا كان ليون يقف على يمين فرانك في المقبرة حيث دفن فرانك باتريسيا.
كان الاثنان يرتديان بدلة سوداء اللون.
بعد ربع ساعة كانا يسيران سوية بصمت خارج المقبرة بينما كان الطقس صحوا ومعتدلا.
"أعتذر فرانك..لم أستطع إعادتها بطريقة أفضل." وتوقف ليون ليتوقف فرانك وينظر إليه.
"لا عليك ليون. لقد قمت بالركض خلفها بينما لم أقم أنا بفعل شيء! هذا يكفي أصلا." وابتسم.
"ستعثر على أخرى قريبا. لكن فلتكن من خارج الاستخبارات." وسار ليون مبتعدا دون انتظار تعليق من فرانك الذي ابتسم فقط.
لم يكن ليون يدرك في حينها أنّه من سيقع في شيء مثل هذا لاحقا مع كريس!